لدينا حقيقة عالمية لم تحظ بنقاش كاف عموماً وهي أنه من الطبيعي تماماً أن تحلم أو تتخيل نفسك مع أناس آخرين حتى لو كنت سعيداً جداً ضمن علاقة يكاد قلبك فيها يخرج من صدرك فرحاً كلما رأيت ضحكة شريكك على إحدى نكاتك الساذجة. بالتأكيد، لا يعني ذلك أنك تريد التصرف بناءً على تلك الاندفاعات، إذ تبدو العلاقة المفتوحة فكرة سيئة لأسباب مختلفة، لكن في بعض الحالات المقتصرة على القليل من الأشخاص، فإن الاستمرار بها مع رضا الشريك فكرة رائعة حقاً.
ما هي العلاقة غير الأحادية؟
تشير العـلاقة غيـر الأحاديـة (Non-monogamy) إلى تلك التي تسمح بانخراط الناس ضمن ارتباط جنسي و/ أو علاقة عاطفية مع أفراد آخرين بجانب شريكهم الأساسي.
تتضمن العلاقات غير الأحادية أولئك الذين يريدون اكتشاف جوانب متعددة من توجهاتهم الجنسية. أو من لايشعرون أنه من الطبيعي تقديم الحب بشكله الغرامي لشخص واحد.
لحسن حظ من يهتمون بالسعي وراء هذا النوع من العلاقات، تزداد الرؤية السائدة لأنواع العلاقات التي تتجاوز فكرة الشريك الأحادي، والتي تدخل العلاقة المفتوحة ضمن نطاقها.
ترتفع، وبشكل واضح، درجة تقبل العديد من الناس فكرة ممارسة الجنس مع أكثر من شخص خلال حياتهم «كلمة للأبد مدة زمنية طويلة بالفعل». لكن معرفة أن هناك علاقات مفتوحة ليس كافياً عندما يتعلق الأمر فيما إذا كانت مناسبة لك أم لا.
لكل علاقة مواطن قوة وضعف؛ أي ليس هناك طريقة متحايلة واحدة تكشف فيما إذا كانت العلاقة المفتوحة جيدة إليك ولشريكك. لكن، هناك علامات وتلميحات قد تشير إلى احتمالية انهيار أو ازدهار العلاقة المفتوحة بعد الانخراط فيها.
أسباب منطقية للدخول في علاقة مفتوحة
فيما يلي بعض الإشارات التي تنبئ بصواب أو خطأ الدخول في علاقة مفتوحة.
كلاكما مهتم حقاً بالعلاقة غير الأحادية
تقول ستيفاني ويب (Stephanie Webb) الحاصلة على درجة دكتوراه في علم النفس، ومؤسسة منصة Unscripted Relationships التعليمية أن السؤال الذي يطرحه عليها كثيرون هو: “كيف يمكنني إقناع شريكي بالموافقة على العلاقة المفتوحة؟”. وتضيف أن هذا الطرح خاطئ تماماً، إذ تقول: “أنت لا تجعلهم يقتنعون” .
يعني هذا الأسلوب ضمنياً أن أحد الشريكين مهتم بعلاقة مفتوحة ويحاول ثني إرادة الآخر. وهو بالتأكيد ليس ديناميكة علاقة صحية فعالة للانخراط في علاقة غير أحادية (أو بشكل عام فقط).
تقول ويب: “لا يريد عديد من الناس الدخول في علاقة مفتوحة وإجبار (الشريك) ليس طريقة لمقاربتها على الإطلاق”. وتكمل: “بدلاً من ذلك، يمكن زيادة الاهتمام ولكن دون إرغام، أما إذا رسم الشريك حدوداً للعلاقة ويريد أن يكون شريكك فقط لأن ذلك هو المتوقع منذ بداية علاقتكما، عليك احترام رغبته أو يجب إنهاء العلاقة”.
يشير هذا القول إلى أن هناك فرقاً كبيراً بين الشريك الذي يوضح أنه لن يرغب نهائياً في أي شكل من أشكال العلاقة المفتوحة والشريك المهتم ولكن قد يحتاج إلى وقت لفهم كيفية تجلي هذه العلاقة.
تقول عالمة الجنس السريرية رودا ليبسكومب (Rhoda Lipscomb) الحاصلة على درجة الدكتوراه: “المخاوف وعدم الأمان بشأن نوع جديد من نمط العلاقة أمر عادي”. إن المرور بهذه المشاعر عند التفكير في فتح علاقة لا تعني أنها فكرة سيئة عموماً.
وتضيف: “يمكن أن يساعد هذا الزوجين كثيراً طالما أنهما قادران على التواصل بشكل جيد حول ما تعنيه المخاوف والمضي قدماً بوتيرة تناسبهما معاً”. يقودنا ما سبق إلى النقطة التالية.
الاستعداد للتواصل مع الشريك بأقصى جهد
لا تبدأ العلاقة المفتوحة الصحية بعد حديث واحد. تقول ويب: “يستغرق فتح العلاقة الكثير من الوقت والعمل”. يتطلب الخوض الصحيح في هذه العلاقة الجديدة سلسلة من المحادثات الجارية التي تناقش أنت وشريكك فيها ما تتطلع للوصول إليه من ديناميكية العلاقة الجديدة إلى جانب أي قواعد تحتاج إلى اتباعها لتحقيق ذلك.
ربما، ولكي يشعر كلاكما بالرضا والأمان في علاقتكما الجديدة، لا يمكن لأي منكما أن ينام خارج المنزل، اللعب مع الأصدقاء، إخبار بعضكما بالتفاصيل عن محاولاتكما، ممارسة الجنس مع أشخاص آخرين دون وسائل حماية أو داخل منزلكما.
ناقشا الحدود العاطفية أيضاً، هل كلاكما مهتم فقط بإجراء اتصالات جنسية مع أشخاص آخرين؟ أو هل أنت موافق على تعدد الشركاء والذي يسمح بالاتصالات العاطفية وحتى حب الآخرين أيضاً؟ التأكد من موافقتكما على هذه الأنواع من الحدود أمر أساسي.
تقوم علاقتك حالياً على الصدق والثقة
أجمع الخبراء المذكورون هنا على شيء واحد واضح تماماً: العلاقات المفتوحة الناجحة يمكن أن تتطلب مزيداً من الصدق والثقة في شريكك أكثر من العلاقات الأحادية.
تقول ليبسكومب أنه وعندما يكون لدى الزوجين هذا الأساس، من الصعب جداً أن تُلحق العلاقة غير الأحادية الضرر بالرابط بينهما. لكن، دون هذه الثقة أو الصدق من السهل جداً أن تفاقم العلاقة المفتوحة مشكلات علاقتكم الحالية أو تخلق مشكلات جديدة. على سبيل المثال، إذا كنت لا تثق بشريكك كثيراً، فهل تصدقه عندما يقول أنه سيستعمل وسائل الحماية دائماً؟
إذا كنت تشعر أنك لا تستطيع أن تكون صادقاً معه، هل يمكنك مشاركة نقاط ضعفك في العلاقة المفتوحة. ما هي الطريقة الوحيدة الحقيقية التي يمكنك من خلالها طمأنة تلك المخاوف؟
من الضروري أن يشعر كل منكما بالراحة في مناقشة الأسئلة والمخاوف التي قد تكون لديك حتى لو كنت متوتراً بعض الشيء. وإلا يمكن أن تنهار علاقتك المفتوحة بسرعة كبيرة.
لديك أنت وشريكك رغبات جنسية غير متطابقة أو بعض المشكلات
وفقاً لعالم النفس السريري كيليفرن بوميرانز (Kelifern Pomeranz): “لدى بعض الأشخاص شريك لا يهتم بإقامة علاقة جنسية ولكنه لا يزال يرغب في اتصال عاطفي”. قد يحدث هذا عندما يكون أحد الشريكين في مكان ما على طول الطيف اللاجنسي أو يتناول الأدوية التي تقلل من الرغبة الجنسية أو يشعر بتوتر في العمل يمنعه من الرغبة في ممارسة الجنس كثيراً أو لأي سبب وجيه آخر.
أيضاً، إذا كان أحدكما يرغب بتجربة شيء مختلف من حيث ممارسة الجنس والآخر غير مهتم على الإطلاق، فإن السماح له بممارسة هذا الاختلاف مع الآخرين يمكن أن يكون حلاً للمشكلة.
لا تزال هذه الأنواع من المواقف تتطلب الصدق والثقة والتواصل الشامل وهي غير قابلة للتفاوض في أي علاقة جيدة وخاصة العلاقات المفتوحة.
أنت في علاقة مختلطة التوجه
إذا كنت في علاقة ذات توجهات مختلطة، قد تعرف بالفعل هذا المصطلح الخاص. لكن، للتوضيح: العلاقة ذات التوجه المختلط (mixed-orientation relationship) تعني أن الشركاء فيها لديهم توجهات جنسية مختلفة.
لنفترض أنك أدركت أنك ثنائي الميول الجنسية أثناء وجودك في علاقة ملتزمة مع شخص من الجنس الآخر. قد ترغب في استكشاف انجذابك إلى نفس الجنس ولكن تحب شريكك بشدة ولا تريد الانفصال.
يقول بوميرانز أن الأزواج في هذه الحالة يدمجون أحياناً توجهاتهم الجنسية المختلفة عند صياغة قواعد العلاقة المفتوحة مثل الموافقة على أن يشعر شخص ما بحرية التواصل مع أشخاص من نفس جنسه ولكن ليس من نفس جنس شريكه.
علامات تشير إلى أن العلاقة المفتوحة ليست أفضل خيار
فيما يلي بعض الأسباب التي قد لا تجعل من العلاقة المفتوحة خياراً موفقاً.
الدخول في علاقة مفتوحة كردّ مباشر على الخيانة
من أسوأ الأشياء التي تفعلها بعد أن يخونك الشريك هو جعل علاقتكما مفتوحة على الفور، هذا لا يعني أنه لا يمكنك ذلك إذا كان أحدكم قد خان الآخر في الماضي. ولكن توجد هنا مشكلة ثقة تبرز مرة أخرى: يحتاج كلاكما إلى وقت للعمل على حل مشكلة الخيانة قبل إدخال أي شخص آخر في هذا المزيج حتى لو كان الأمر واضحاً ومكشوفاً.
تقول ويب: “تتطلب العلاقات المفتوحة بجميع أنواعها الثقة، المعرفة، الموافقة والجهد العاطفي (وأحياناً الجسدي والروحي)”. وتكمل: ” تكسر الخيانة الثقة، وبدء علاقة مفتوحة عندما يحدث هذا النوع من الصدمة ليس مستحيلاً، لكنه لا يهيئ أي شخص للنجاح أيضاً. أوصي بالعمل على إعادة بناء العلاقة ثم الاقتراب من جعلها مفتوحة على أساس الثقة”.
علاقتك على وشك الانتهاء بالفعل
إن توسيع دائرة علاقة ما في محاولة يائسة لدرء الانفصال ليس فكرة رائعة. فمن دون الرابط القوي والصحي الضروري لنجاح علاقة مفتوحة، قد يدفعك طرح فكرة العلاقة غير الأحادية إلى حافة الانهيار. الأشخاص الذين يحاولون إنشاء علاقة مفتوحة كفرصة أخيرة لتجنب الانفصال، هم في الواقع يخطون نحو الانفصال بذلك.
تقول ليبسكومب: “ليس لدى هؤلاء الأشخاص علاقة قوية مع الشريك ويريدون شخصاً ما، أي شخص، غير الشريك الأساسي.” لكن ربما يكون الأطفال، الخوف مما ستقوله عائلاتهم، تجنب المشاكل، القلق من إيذاء شريكهم أو وصمة العار الاجتماعية للطلاق من أسباب بقائهم سوية.
قد تبدو العلاقة المفتوحة حلاً وسطاً مثالياً في هذه الحالات. لكنها لن تعمل كضماد لعلاج مشكلات العلاقة الأساسية أو تكون المنقذ لها.
لا يستطيع أحدكما أو كلاكما تحمل الغيرة
من المفاهيم الخاطئة أن الأشخاص في العلاقات المفتوحة الناجحة لا يشعرون بالغيرة أبداً. الفرق هو معرفتهم أن الغيرة يمكن أن تحدث ويحترمون الحدود بينهما في محاولة لتجنبها. ويتعاملون معها بطريقة صحية إذا ظهرت على أي حال.
لا شيء من هذا ممكن دون الصدق والثقة والتواصل، إذ يسمح هذا المزيج الأساسي بقول شيء من قبيل: “مرحباً، لا أعرف ما هو شعوري بالضبط. لكن نار الغيرة تستعر داخلي عندما أعرف أنك ترين ذلك الرجل”. أيضاً، يسمح لشريكك بقبول هذا النوع من العبارات بحبّ وعاطفة وطمأنتك عند الضرورة. قد تظهر مشكلات إلى جانب الغيرة عندما تكون في علاقة مفتوحة، تماماً كما لو كانت في علاقة أحادية.
خلاصة القول كما يقول بوميرانز: “يجب أن يكون الشركاء قادرين على الاستماع لبعضهم بعضاً بأسلوب تعاطف وليس دفاع. والتعبير عن رغباتهم، احتياجاتهم وأنفسهم بصدق وتحمل المسؤولية عن أفعالهم”.
اقرأ أيضأً: العلاقة العاطفية متعددة الأطراف، السلبيات والإيجابيات
اقرأ أيضأً: تعدد العلاقات العاطفية، حقائق وأفكار مغلوطة عنها ونصائح مهمة
اقرأ أيضاً: هل أنتما زوجين تبحثان عن شريك ثالث؟
المصدر: Five Signs an Open Relationship Could Be Right for You (and 3 That It’s Probably Not)
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم