وحشية رجال الشرطة، تعريفها وأسبابها

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

تشير وحشية الشرطة (police brutality) إلى الاستخدام المفرط للقوة من قبل أحد رجال الشرطة ضد ضحية أو أكثر، والتي يُعتقد أنها الحد المطلوب للحفاظ على الحياة أو تجنب الإصابة بضرر ما أو للسيطرة على الموقف.

وفق تقرير صادر عن وزارة العدل الأمريكية عام 2018، واجه حوالي 61.5 مليون شخص رجال الشرطة خلال العام السابق للاستبيان. لكن تعرض 2% منهم فقط للتهديدات أو التعنيف. أي لا يتضمن العنف معظم المواجهات بين الشعب والشرطة.

من الجدير بالذكر أن ما يقارب نصف المواجهات في هذا الاستبيان مرتبطة بحوادث المرور ولم يتضمن التقرير سلوك الشرطة أثناء الاحتجاجات كفئة مصنفة بالتقرير.

سبب وحشية رجال الشرطة

من المهم فهم عوامل وحشية رجال الشرطة للتمكن من حل المشكلة. في الحقيقة هناك العديد من العوامل المختلفة المساهمة في ذلك ولا تقتصر جميعها على شخصية الشرطي الذي تصرف بقسوة. لكن يمكن رؤية كل حدث أو كل فرد منهم من زاوية أو منظور نفسي لمساعدتنا في إدراك حلٍّ للمشكلة.

عوامل وحشية رجال الشرطة على المستوى الفردي

يمكن أن تفهم وحشية الشرطة على أنها أفعال نشأت من شرطي مخالف للقانون. لكن إليك بعض الأمثلة عن عوامل وحشية رجال الشرطة على المستوى الفردي.

قد تلعب الصحة النفسية للشرطي المعتدي دوراً كبيراً في تصرفاته، وجدت إحدى الدراسات عام 2019، ميل رجال الشرطة الذين أبلغوا عن مشاركتهم في ممارسات تعسفية إلى امتلاكهم مستويات أعلى من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

من المحتمل تعرض رجال الشرطة المصابين باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) نتيجة الضغوطات والصدمات المتعلقة بالعمل، لرد فعل مفاجئ ومخيف بشكل متزايد، والميل نحو الشك والقلق، وظهور السلوك العدواني.

تزيد هذه الصفات من احتمالية المبالغة في رد فعلهم واستخدام القوة المميتة رغم عدم الضرورة لذلك. لكن من المحتمل أيضاً أن تتسبب مشاركتهم في استخدام القوة المُفرِطة في شعورهم بالذنب الشديد والضرر المعنوي المؤدي بدوره إلى ظهور أعراض PTSD.

افترض بعض الباحثون أن السيكُوباتِيَّة (psychopathy)، تدعى أيضاً باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع (ADP). وقد تكون منتشرة لدى رجال الشرطة أكثر من عامة الشعب.

قد يستجيب الفرد بإظهار صفات مثل “هيمنة الشجاعة” أو “قسوة القلب” ضمن مواقف يشعر بها بالخطر أو حالات مشحونة بالعواطف. إلا أنها أيضاً من المحتمل أن تدفع الفرد للاستخدام المُفرِط للقوة أو الشعور بعدم الحاجة إلى اتباع القواعد.

مع ذلك إن البحث في هذه النظرية محدود، ومن المستبعد أن يفسر اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع (ADP)_ألا وهو اضطراب نادر_معظم حالات وحشية الشرطة.

قد تزيد المشكلات الشخصية مثل، مشكلات العلاقات أو ضغوطات الحياة التي يتعرض لها الشرطة من احتمال استخدامهم القوة المُفرِطة.

عوامل وحشية رجال الشرطة على المستوى تنظيمي

ما هي عوامل وحشية رجال الشرطة على المستوى التنظيمي؟ قد تتضمن عوامل وحشية رجال الشرطة السياسات المتبعة من قبل قسم الشرطة أو بيئة العمل العامة.

إذا وضع قسم الشرطة حدوداً لاستخدام القوة التي تسمح لعناصر الشرطة استخدام صلاحياتهم (بمعنى أخر، حدود غامضة جداً أو متساهلة جداً.) عندها من المرجح ازدياد استخدامهم القوة المُفرِطة.

علاوةً على ذلك، في حال كانت البيئة العامة لقسم الشرطة لا تعاقب أو تلوم العناصر على استخدامهم المفرط للقوة. يعني ذلك أنها جزء مقبول من التوصيف الوظيفي الخاص بهم.

تظهِر قاعدة بيانات “إطلاق النار من قبل الشرطة” وفق صحيفة واشنطن بوست (Washington Post)، أن إطلاق النار من قبل الشرطة أسفر عن قتل ما يقارب 1000 شخص خلال عام. على الرغم من اتهام 110 شرطي فقط منذ عام 2005 بجرائم القتل أو تهمة القتل غير المتعمد لم تتم إدانة سوى 42 منهم.

بعبارة أخرى، أصبح الاستخدام المفرط للقوة مشرَّعاً بسبب استخدام الجميع لها، ولم ينبس أي أحد ببنت شفة بخصوص ذلك.

على الرغم من أنه في حال ألحق أحد المدنيين الضرر بفرد آخر باستخدام نفس المستوى من القوة في نفس المواقف التي يتعرض لها الشرطة، فإنها تعد انتهاكاً للقانون. نظراً للحصانة الممنوحة من الصعب مقاضاة ضباط الشرطة لسوء تصرفهم أو تجاوزاتهم.

أمثلة عن وحشية الشرطة

من المفيد النظر إلى بعض الأمثلة البارزة في الآونة الأخيرة لفهم وحشية رجال الشرطة. إليك بعض الحالات المعروفة والقضايا المُلِمَّة بهذا الصدد.

تاير نيكولز (Tyre Nichols)

في السابع من كانون الثاني/ يناير عام 2023، تم إيقاف تاير نيكولز البالغ من العمر 29 عاماً من ذوي البشرة السوداء في مدينة ممفيس في ولاية تينيسي تحت مزاعم القيادة المتهورة. إذ ضربه خمسة من رجال الشرطة ذوي البشرة السوداء ضرباً مبرحاً ونتيجة الإصابات التي لَحِقت به، توفى بعد ثلاثة أيام من الحادثة. [السبب ليس عنصري]

تضمنت التهم الموجهة لرجال الشرطة القتل من الدرجة الثانية والخطف.

بعد نشر لقطات تم تصويرها في 27 من كانون الثاني/ يناير اشتد غضب الشعب واعتبرها العديد أحد أبشع أعمال عنف الشرطة التي شوهدت على الإطلاق.

بريونا تايلور (Breonna Taylor)

  في 13 آذار/مارس عام 2020، قُتلت بريونا تايلور البالغة من العمر 26 عاماً من ذوي البشرة السوداء بعد إطلاق النار عليها من قبل رجال الشرطة في شقتها في لويزفيل، ولاية كنتاكي. كانت وفاتها بسبب أمر تفتيش نفذه رجال الشرطة ذوي البشرة البيضاء من قسم شرطة مترو لويزفيل.

بدأت المداهمة بوقت قصير بعد منتصف الليل، إذ اعتقد كينيث والكر (Kenneth Walker) صديق تايلور أن ضباط الشرطة كانوا متسلّلين إلى الشقة. فأطلق رصاصة تحذير نحوهم وأصابت أحد رجال الشرطة في ساقه، في المقابل أطلق رجال الشرطة 32 رصاصة أسفرت عن مقتل بريونا تايلور وعدم إصابة والكر بأذية جسدية.

وافق المركز المالي في مدينة لويزفيل”the City of Louisville” على دفع مبلغ 12 مليون دولار لعائلة تايلور وعدم توجيه التُهم لرجال الشرطة الثلاثة المتورطين في وفاتها. لكن أدت الحادثة إلى نشوب احتجاجات لاحقة في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

جورج فلويد (George Floyd)

في 25 أيار/مايو قُتل جورج فلويد البالغ من العمر 46 عاماً من ذوي البشرة السوداء في مينيابوليس، ولاية مينيسوتا بعد اعتقاله من قبل رجال الشرطة لاستخدامه 20 دولار من العملة المزورة.

خلال الاعتقال أثبت ضابط الشرطة السابق ديريك شوفين (Derek Chauvin) وهو “القاتل المُدان حالياً” ركبته على عنق فلويد بينما كان مقيَّد اليدين، مستلقياً على وجهه.

منع ضباط الشرطة الآخرين المارة من محاولات التدخل. علماً أن فلويد توسل لإطلاق سراحه قبل وفاته قائلاً أنه لم يعد باستطاعته التنفس وأنه على وشك الموت.

كشف تشريح جثة فلويد أن وفاته ناجمة عما اقترفه ضباط الشرطة. وأصبح الحادث بأكمله علنياً بعد نشر مقطع فيديو صَوره أحد المارة واندلعت احتجاجات عالميّة بسبب هذه الواقعة. 

رغم أن هذه الأحداث وقعت عام 2020، إلا أن وحشية الشرطة كانت ولا زالت تسبب مشكلة منذ عقود مضت.

فيما يلي حوادث حصلت عام 2014، في بداية حركة “Black Lives Matter” التي سلطت بدورها الضوء على وحشية الشرطة الأمر الذي جعل هذا الموضوع يتصدر مقدمة الخطاب الشعبي.

دونتر هاملتون (Dontre Hamilton)

في 30 من نيسان/أبريل عام 2014، قُتل دونتر هاملتون بعد إطلاق النار عليه 14 مرة من قبل ضابط شرطة في حديقة ميلووكي. إذ اتصل موظفوا ستاربكس بالشرطة للتأكد من سلامة هاملتون بعد رؤيته نائماً على مقعدٍ في الحديقة. بدأ الشرطي كريستوفر ماني (Christopher Manney) الذي استجاب للمكالمة الهاتفية “بتفتيش غير لائق.” كما وصفه لاحقاً رئيس الشرطة إدوارد فلين (Edward Flynn). وعندما استيقظ هاملتون، بدأ يعاني.

استخدم فريق دفاع عن الشرطي لاحقاً تشخيص هاملتون السابق بانفصام الشخصية للإشارة إلى مدى خطورته. لكن برّر فلين طرده لماني بسبب تجاهله سياسة القسم وتحريضه على القتل.

إريك غارنر (Eric Garner)

في 17 من تموز/يوليو 2014، قُتل إريك غارنر في نيويورك بعد أن خنقه ضابط شرطة من ذوي البشرة البيضاء بشكل غير قانوني. قال غارنر حينها: “لا يمكنني التنفس” 11 مرة في أثناء الضغط عليه. لم يتَهم الضابط المتورط دانيال بانتاليو (Daniel Pantaleo) بارتكابه الجريمة. لكن أثارت وفاة غارنر الاحتجاجات وكانت عبارة “لا يمكنني التنفس” شعاراً للاحتجاجات.

جون كروفورد الثالث (John Crawford III)

في الخامس من آب/أغسطس عام 2014، قُتل جون كروفورد الثالث بعد إطلاق رجال الشرطة النار عليه في متجر وول مارت في مدينة بيفركريك، أوهايو. كان جون يحمل مسدس هوائي (مسدس خرز)، أعلن المتجر عرضه للبيع. ولم تنشب أي مواجهة بينهم، ولم توجه التُّهم إلى رجال الشرطة المتورطين.

هذه بعض الأمثلة التي تشير إلى أن الاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة يؤدي إلى الموت.

أسباب تحول العنصرية إلى عنف

تشير العنصرية إلى الانحياز ضد شخص أو مجموعة من الأشخاص بسبب عرقهم أو سلالتهم. فيما يلي بعض عوامل تحول العنصرية إلى استخدام مفرط للقوة أو العنف بين رجال الشرطة.

انتشار الوفيات نتيجة وحشية الشرطة 

أظهرت الأبحاث اختلاف أسباب التعرض للقتل نتيجة الاستخدام المُفرِط للقوة من قبل رجال الشرطة باختلاف انتماء الأفراد لجماعة عرقية أو سلالة معينة.

يتعرض الرجال والنساء خصوصاً من ذوي البشرة السوداء، الرجال والنساء الأمريكيين من أصل هندي أو من سكان ألاسكا الأصليين، أو الرجال من أمريكا اللاتينية إلى خطر أكبر للوفاة بسبب عنف الشرطة مقارنة بنظرائهم من ذوي البشرة البيضاء.

في المقابل تكون احتمالية تعرض النساء من أمريكيا اللاتينية، رجال ونساء من أصل آسيوي أو من جزر المحيط الهادئ إلى خطر أقل للموت إثر عنف الشرطة مقارنة بنظرائهم من ذوي البشرة البيضاء.

تشير احتمالات العمر الإجمالية لمدى الحياة إلى 1 من أصل 2000 للرجال و1 من أصل 33000 للنساء.

بالمجمل يشير الخطر الأعلى للرجال من ذوي البشرة السوداء الذين تعرضوا لاحتمال واحد من من أصل 1000 احتمال من احتمالات الموت على يد ضباط الشرطة على مدار حياتهم.

التنميط العنصري (Racial Profiling)

يشرح التنميط العنصري سبب ظاهرة تعرض الرجال من ذوي البشرة السوداء والأقليات الأخرى للموت نتيجة الاستخدام المُفرِط للقوة من قبل الشرطة مقارنة بنظرائهم من ذوي البشرة البيضاء.

يشير التنميط العنصري إلى افتراض شعور الذنب على أساس العرق أو السلالة. وهي مشكلة تؤثر في الغالب على الأفراد ممن لديهم خطر أعلى للموت نتيجة وحشية الشرطة.

على سبيل المثال، قد يستخدم رجال الشرطة الصور النمطية في محاولة تحديد المشتبه بهم في جريمة ما. أو أنهم ينظرون إلى فئة عرقية معينة (الرجال من ذوي البشرة السوداء.) أنهم أكثر عدوانية أو يشكلون خطراً أكبر عند مواجهتهم.

كيفية الحد من وحشية الشرطة

تتوفر العديد من الخطوات المختلفة التي يمكن اتخاذها للحد من خطر هذه الظاهرة انطلاقاً من الناحية التنظيمية والنفسية.

في عام 2014، وَقَّع الرئيس باراك أوباما على طلب تعيين فرقة عمل معنية بالشرطة في القرن 21. ووضع فريق العمل قائمة من التوصيات مثل تحسين التدريب والتعليم وتقليل التنمر العنصري بين ضباط وأقسام الشرطة. وأيضاً تحسين التدريب على التدخل في الأزمات وتعزيز التوعية الثقافية وكذلك التعاطف مع الآخرين.

التدريب على التحيّز الضمني

التدريب على التحيّز الضمني (Implicit Bias Training) هو أسلوب تعامل رجال الشرطة مع تحيّزات اللاوعي التي قد لا يدركونها حتى. أي عندما يتم تنشيط هذه الانحيازات قد يتعاملون مع الحالة بشكل مغاير عما لو اختلف بتفاصيل معينة. على سبيل المثال، فرد من ذوي البشرة البيضاء أو السوداء. أو شخص يقود سيارة BMW بدلاً من شاحنة البيك آب من الطراز القديم.

منطلق هذا التدريب هو مساعدة رجال الشرطة على فهم أن الجميع ينشأ مع فكرة الانحيازات اللاواعية حتى لو لم يكونوا على دراية بذلك. يكمن الهدف منها اكتساب رجال الشرطة الوعي لانحيازاتهم ليتمكنوا من ضبطها في الحدث.

يُعد ذلك فعالاً أكثر من وصف رجال الشرطة بالعنصريين، كما يعتقد أغلبهم عدم انتمائهم لهذا التصنيف. بالأحرى يتخذ هذا النهج موقفاً يشير إلى حاجة كل ضباط الشرطة للتدريب. 

إذ تكمُن الفكرة وراء التدريب على التحيّز الضمني على أن من يمكنهم ضبط انحيازهم سيكونوا أكثر أماناً وفعاليّة وأنصافاً في دورهم كضباط شرطة. مع ذلك تتوافر دراسات قليلة بشأن فعاليّة تدريب الشرطة على التحيّز الضمني.

نظرت دراسة واحدة فقط عام 2020، في تأثير السلوكيات على العالم الحقيقي. بينما يبدو التدريب على التحيّز الضمني لإغناء معرفة رجال الشرطة بمفهوم التحيّز الضمني وتشجيعهم على التصرف دون انحياز. ووجدت الدراسة عدم ظهور أثر واضح متعلق بـالتباينات العرقية والإثنية عند استخدام نفوذ الشرطة.

بعبارة أخرى، لا يكفي التدريب على الانحياز الضمني لتغيير السلوك.

أساليب أفضل للتوظيف 

الطريقة الوحيدة لتقليل خطر وحشية الشرطة هي توظيف أفراد لديهم احتمال أقل ليصبحوا عنيفين على رأس عملهم. قد يساعد علم نفس الشخصية في اتخاذ هذه القرارات، كما التقييمات المستخدمة للتنبؤ بكيفية استجابة الأفراد مستقبلاً للأحداث المجهدة والتنبؤ بسلوكهم في أثناء العمل.

قد تكون تقييمات الشخصية أيضاً وسيلة لتحقيق المساواة مع الأقليات، إذ أنها طريقة غير انحيازيّة لتحديد الشخص الأنسب للوظيفة.

تحسين الإجراءات التأديبية والإشرافية 

مع افترض أن ضابط شرطة استخدم القوة بشكل مفرط أو مميت ولا يترتب على ذلك أي عقوبة. في تلك الحالة تكون فحوى الرسالة إلى باقي الأقسام أن سلوكه مقبول.

يعد الإشراف المناسب لتحديد تصرفات الشرطة غير الملائمة قبل خروجها عن السيطرة. وأيضاً تحديد الإجراءات التأديبية التي تفيد بإيصال فكرة أن السلوك غير مقبول، ضرورياً لتحديد وتوبيخ ضباط الشرطة الذين من المرجح استخدامهم للقوة بشكل مبالغ فيه أو مييت.

وسوف تردع مثل هذه الإجراءات أيضاً ضباط الشرطة الأخرين من التصرف بنفس الطريقة وتضبط كافة التوقعات السلوكية لضباط الشرطة في القسم.

بعبارة أخرى يجب أن تكون أقسام الشرطة قدوة يحتذى بها، انطلاقاً من فرض القانون على ضباط الشرطة بنفس الطريقة لو كانت في التعامل مع المدنيين.

تقديم الدعم الصحي النفسي لضباط الشرطة 

عندما يتمكن ضباط الشرطة من ضبط عواطفهم بشكل أكبر عند التعرض للضغط وفهم مشاعرهم وتحقيق التواصل الجيد مع الأخرين رغم حالات شديدة التوتر، تزيد قدرتهم على تخفيف السيناريوهات المعقدة بدلاً من الاستجابة بالقوة المُفرِطة.

بعبارة أخرى، هناك نقطة تحول يبدأ عندها استخدام القوة المُفرِطة حينها يمكن تخفيض المستوى عند تلقي رجال الشرطة الدعم الصحي النفسي المناسب الذي يحتاجون إليه.

بالإضافة إلى ذلك، قد يكون اضطراب ما بعد الصدمة PTSD أحد عوامل الخطر لاستخدام القوة بشكل مبالغ فيه أو مميت. إذ يعد تقديم الدعم السريع والكافي لضباط الشرطة الذين يعانون من الاضطراب ضرورياً لمنع استخدام القوة المبالغ فيها.

يبدأ ذلك بتقديم تمويل مناسب لدعم الصحة النفسية لدى ضباط الشرطة. وأيضاً تقليل وصمة العار وتشجيعهم على التقدم في حال معاناتهم من مشكلات في الصحة العقلية.

من وجهة نظر المجتمع عموماً، لا تزال الصحة النفسية محاطة بهالة العار لذلك من المهم جداً أن يشعر ضباط الشرطة أن التحدث بالمواضيع المتعلقة بمعاناتهم من مشكلات نفسية أمر مقبول وعادي.

يجب خلق حالة مريحة تمكن ضباط الشرطة من التحدث فيها بحثاً عن دعم. ويجب على أولئك الداعمين تسهيل الوصول إليهم عند الحاجة القصوى لذلك، بدلاً من العزلة بسبب صدماتهم أو توترهم أو عدم قدرتهم على ضبط عواطفهم.

يعني ذلك أيضاً أنه يجب تدريب قسم الشرطة للتعرف على أعراض PTSD كي يتمكنوا من التدخل حينها وعلاج الاضطراب وتقديم الدعم في حال لم يدرك أي فرد منهم إصابته به.

تحسين العلاقة بين الشرطة والمجتمع 

من المهم تحسين العلاقة بين قيم الشرطة والمجتمع سعياً لتقليل القوة المبالغ فيها والمميتة. خصوصاً المجتمع الذي يضم أفراد من ذوي البشرة السوداء حيث أنهم الأكثر تضرراً من وحشية الشرطة.

ويمكن أن يكون على بشكل برامج أو مبادرات تضع ضباط الشرطة في المجتمع ضمن دور مساعد أو تعليمي بدلاً من دور شرطي.

قد يعني أيضاً عمل قسم الشرطة مع المجتمع أو المشاركة في المسيرات أو التجمعات لإظهار مدى وعيهم وتفهمهم.

وقد شوهد ذلك عندما اختار بعض أقسام الشرطة المشاركة في احتجاجات “حياة السود مهمة” والمسيرات والركوع تقديماً للدعم بدلاً من اتخاذ موقف قتالي.

عندما يبدأ رجال الشرطة والشعب رؤية بعضهم كأفراد بدل من جماعات تثير الخوف، أو إلقاء الصور النمطية على بعضهم حينها يبدأ التغيير الحقيقي.

إجراء الأبحاث

بالإضافة إلى الإجراءات المذكورة أعلاه من المهم أيضاً الاستمرار في مواصلة البحث لفهم منظور علم النفس وراء وحشية الشرطة.

ومعرفة الكامن من الأسباب وإيجاد أجوبة للأسئلة التالية: ما العوامل الشخصية التي من المرجح أن ترتبط بالاستخدام المُفرِط للقوة؟ مـا هي الاضطرابات النفسية التي تظهر أعلى ارتباط مسبب لاستخدام القوة المُفرِطة المؤدية للموت؟ ما أشكال التدريب المساعدة أكثر لتقليل الانحياز الضمني وتحسين الحالة؟

يعد البحث المستمر حول هذه الموضوعات وغيرها حَجَر الأساس للتقدم نحو الأفضل وتحسين استخدام القوة المُفرِطة لدى ضباط الشرطة وتأثيرها غير المكافئ على الأقليات العرقية.

إيقاف تمويل أقسام الشرطة 

ماذا عن أسلوب إيقاف تمويل أقسام الشرطة الذي تم استخدامه بمثابة حلّ لوحشية الشرطة؟

يعني إيقاف تمويل الشرطة سحب الأموال المقدمة لتمويل قسم الشرطة وإرسالها للاستثمار في المجتمعات التي لا تزال تعاني من الصراعات والتي يحدث بها معظم إساءات الشرطة. 

تشابه هذه الفكرة كثيراً فكرة توجيه الأموال نحو الوقاية من المشكلات بدلاً من التعامل معها بعد وقعوها. على الرغم من أنها ليست حلاً بسيطاً لكن هناك استحقاق يتم تحصيله عند تمويل البرامج والمجتمعات التي تكافح وتعاني بدلاً من وضع المزيد من الأشخاص خلف القضبان.

الخلاصة 

إن الخطوة الأولى لحل المشكلة هي فهم علم النفس وراء وحشية الشرطة. لسوء الحظ، فإن الوضع بطبيعته يحتاج إلى إصلاح بالكامل بدءاً من الأنظمة الحكومية وكيفية تخصيص تمويلها.

عندما يتم توفير تدريب وتعليم أفضل لضباط الشرطة وتقديم دعم أفضل في موضوع الصحة العقلية، حينها ستكون حصيلة النتائج أفضل.

من الجدير بالذكر أيضاً أنه في حين تبدو هذه المشكلات الأبرز في المملكة المتحدة. هناك أيضاً دول أخرى تعاني من توترات عرقية خاصة بها (على سبيل المثال، في كندا وأستراليا هناك توتر بين الحكومة والسكان الأصليين).

مع ذلك تكافح الولايات المتحدة أكثر من غيرها بسبب استخدام القوة المميتة على شكل عنف مسلح.

الدعم النفسي متاح في حال تعرضت أنت أو أي أحد لتأثير مباشر أو غير مباشر كمشاهدة العنف المرتبط بالشرطة. يرجى التواصل مع أخصائي صحة نفسية لأن الأعمال الوحشية التي يرتكبها رجال الشرطة قد تكون صادمة وأنت تستحق الرعاية والتفهم والدعم.

اقرأ أيضاً: سيكولوجيا الشرطة، دراسة مجال الشرطة من وجهة نظر علم النفس الشرعي

اقرأ أيضاً: العدوانية، أنواعها، أسبابها، آثارها وكيفية السيطرة عليها

اقرأ أيضاً: السلوك العدواني السلبي، أسبابه، آثاره وكيفية الاستجابة له

المصدر: Understanding What Police Brutality Is and Why It Occurs

تدقيق: هبة محمد

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: