يمكن لانسحاب المواد الأفيونية (Opioid Withdrawal) أو المعروف باسم (انسحاب الأفيونات) أن يتسبب بأعراض شديدة ولكن إذا تم اتباع خطة علاج صحيحة، ستكون تلك الأعراض قابلة للإدارة بشكل أسهل كما يمكن تفادي حصول متلازمة الانسحاب الأفيوني.
تعريف المواد الأفيونية: هي مسكنات للألم وتوصف أحياناً للأشخاص الذين يعانون من ألم شديد. إلا أن بعض الأشخاص الذين يتناولون هذه الأدوية عرضة للإصابة بما يعرف باضطراب تعاطي المواد الأفيونية (Opioid Use Disorder).
وفي حال كنت أحد هؤلاء الأشخاص فأنت تعي وتدرك تماماً مدى صعوبة التوقف عن تناول المواد الأفيونية. لكن الاستمرار في أخذ مواد كهذه أمر غير آمن إطلاقاً إذ قد يتسبب الاستخدام المطول بأحد ما يلي:
- مشاكل الصحة العقلية
- مشاكل طبية
- جرعة زائدة
- الموت
يعد اضطراب تعاطي المواد الأفيونية (OUD) أزمة خطيرة بشكل خاص في الولايات المتحدة، إذ يموت بمعدل خمسة أشخاص كل ساعة بسبب جرعة زائدة من المواد الأفيونية.
حتى لو كنت تعي أن الإقلاع عن تعاطي المواد الأفيونية هو الخيار الصحيح، ليس من السهل عليك اتخاذ الخطوة الأولى في سبيل مواجهة أعراض الانسحاب المحتملة. ولكن مع خطة العلاج الصحيحة يمكنك التخفيف من أعراض الانسحاب وذلك بتقليل جرعة المواد الأفيونية تدريجياً.
كما يمكن أن تساعد أدوية محددة تسمى أدوية لاضطراب استخدام المواد الأفيونية Medications for Opioid) Use Disorder MOUD) وذلك في حال كنت ممن يعانون من هذا الاضطراب.
مقارنة بين المواد الأفيونية (opioids) والأفيونات (opiates)
على الرغم من أنك قد تسمع الناس يستخدمون هاتين الكلمتين في ذات السياق ولتوصيف نفس المعنى إلا أنهما يشيران إلى أشياء مختلفة.
المواد الأفيونية (opioids): هي مواد أفيونية تأتي من الطبيعة (على وجه التحديد من نبات خشخاش الأفيون (opium poppy plant)، مثل الهيروين (heroin) والمورفين (morphine) والكوديين (codeine).
الأفيونات (opiates): فتشير إلى جميع المواد الأفيونية، وكذلك أي أفيونات مصنوعة من مزيج من المواد الطبيعية والكيميائية (شبه صناعية) أو من مواد كيميائية (اصطناعية) فقط.
ما هو انسحاب المواد الأفيونية؟
كما ذكرنا فإن المواد الأفيونية بطبيعتها عبارة عن مسكنات للألم قد يصفها طبيبك لتخفيف الألم الشديد وتشمل ما يلي:
- كودين (codeine)
- المورفين (morphine)
- أوكسيكودون (oxycodone)
- هيدروكودون (hydrocodone)
على الرغم من أن هذه المواد تعد آمنة للاستخدام قصير المدى، إلا أن تناولها لفترة طويلة قد يتسبب في زيادة تحمل جسمك للجرعة التي وُصفَت لك.
ثم في محاولة منك لتخفيف الألم ستلجأ للحصول على جرعة أكبر وفي نهاية الأمر ستصبح معتمداً بشكل كبير على الدواء لدرجة لا تمكنك من التوقف عن أخذه. إذ سوف يتفاعل جسدك مع ذلك الدواء وتشعر بالمرض الشديد. وهذا يسمى متلازمة الانسحاب الأفيوني والتي يمكن أن تكون مهددة للحياة إذا لم يتم علاجها بعناية.
وفقاً لإدارة الغذاء والدواء (Food and Drug Administration)، من الخاطئ التوقف فجأة عن تناول المواد الأفيونية. بدلاً من ذلك يجب أن تعمل مع طبيبك لوضع خطة يمكنك من خلالها التخفيف ببطء وتدريجياً من المواد الأفيونية وأيضاً الحصول على العلاج المناسب لمنع حصول متلازمة الانسحاب الأفيوني.
ما هي أعراض انسحاب المواد الأفيونية؟
إن أعراض انسحاب المواد الأفيونية (انسحاب الأفيونات) تؤثر تأثير جسدي وعقلي على الفرد. وفقاً لمقالة مراجعة أجريت عام 2019، تشمل أعراض انسحاب المواد الأفيونية على:
- فقدان الشهية وتقلصات في البطن.*
- ارتعاش الجسم.
- اتساع حدقة العين.
- الإفراط في الدموع.*
- سيلان الأنف.*
- معدل ضربات القلب سريع.
- الشعور بالحر والبرد.*
- أوجاع وآلام عامة.*
- قشعريرة.
- الأرق والقلق.*
- الغثيان
- أصوات هدير أو قرقرة في المعدة.
- التعرق.*
- القيء والإسهال.*
وبعض من الأعراض أعلاه المشار إليها برمز * يمكن قياسها بمقياس انسحاب الأفيون الذاتي Subjective) Opiate Withdrawal Scale) يرمز له ب (SOWS).
في حال كنت تعاني من أي من هذه الأعراض أثناء انسحاب المواد الأفيونية (انسحاب الأفيونات) يجب عليك مناقشة ذلك مع طبيبك. إذ يمكنه إجراء تعديلات على برنامج العلاج الخاص بك للمساعدة في تقليل الأعراض أثناء الانسحاب.
كيف يتم علاج انسحاب المواد الأفيونية؟
غالباً ما يتضمن علاج أعراض انسحاب المواد الأفيونية مزيجاً من:
- الدواء بما في ذلك أدوية اضطراب استخدام المواد الأفيونية (MOUD).
- تقديم المشورة.
- العلاج السلوكي.
يمكن أن يتضمن أيضاً الانضمام إلى مجموعة دعم .
وعلى اعتبار أن الانسحاب من المواد الأفيونية (انسحاب الأفيونات) أمر صعب، لا يجب أن تفعل ذلك بمفردك. بل يجب أن تعمل جنباً إلى جنب مع طبيبك لوضع خطة علاج مناسبة وأن تستمر في مقابلة فريق العلاج الخاص بك أثناء تقليل المواد الأفيونية.
وتذكر أن الخطة الجيدة ستكون بطيئة، إلا أنها ستساعدك كثيراً على تقليل الرغبة الشديدة في تناول المواد الأفيونية وتقليل أعراض الانسحاب.
نقلاً عن جمعية الطب النفسي الأمريكية (American Psychiatric Association) يجب أن تتضمن خطتك الآتي:
- التشخيص وخطة علاج فردية مصممة لك خصيصاً.
- الوصول إلى أدوية اضطراب استخدام المواد الأفيونية (MOUD) المعتمدة من إدارة الغذاء والدواء.
- العلاج السلوكي مع أخصائي الصحة العقلية.
- علاج الإدمان وأي حالات أخرى تعيش معها.
- خطة إدارة طويلة الأجل لمساعدتك على البقاء في حالة تعافي.
- خدمات دعم التعافي والتأهيل.
كما يمكن أن يتم إجراء الانسحاب من المواد الأفيونية في عدد من الأماكن المختلفة:
في المنزل: على الرغم من صعوبة الأمر هنا إذ أنه يجب أن يتم ببطء شديد. إلا أنه يسمح لك بالحصول على دعم كبير من الأصدقاء والعائلة المحيطين لك.
فـي مركز علاج: تم تصميم مراكز العلاج والمؤسسات المماثلة لمساعدة الناس على الانسحاب بأمان.
في مستشفى عادي: ويعتبر هذا ضرورياً في حال كنت تعاني من أعراض انسحاب شديدة.
هناك أيضاً عديد من مستويات العلاج المتاحة وذلك يتوقف على ما تحتاجه أنت وهي:
- علاج مكثف للمرضى الخارجيين.
- علاج المرضى الداخليين.
- المجتمعات العلاجية طويلة الأجل.
- تقديم المشورة للمرضى الخارجيين.
ما هي الأدوية المتاحة للمساعدة في علاج أعراض انسحاب المواد الأفيونية؟
يوجد في الوقت الحالي ثلاثة أدوية لاضطراب استخدام المواد الأفيونية (MOUD) والتي أقرت بها إدارة الغذاء والدواء. وقد تم تركيب هذة الأدوية لتقليل الرغبة الشديدة في تناول المواد الأفيونية وكذلك لتقليل أعراض الانسحاب من أجل المصابين باضطراب استخدام المواد الأفيونية. وهذه الأدوية هي:
البوبرينورفين (Buprenorphine): يحجب هذا الدواء آثار المواد الأفيونية. كما يلغي بشكل كامل أعراض الانسحاب أو يقللها، ويقلل من رغبة تناول المواد الأفيونية.
ميثادون (Methadone): يحجب هذا الدواء آثار المواد الأفيونية وقد يقلل من الشهوة للمواد الأفيونية.
نالتريكسون (Naltrexone): يمنعك هذا الدواء من تجربة الشعور بالنشوة (المرتفعة) الذي قد تخلقه المواد الأفيونية.
تأكد أن تناول هذه الأدوية لن يتسبب باستبدال إدمان المواد الأفيونية بإدمان آخر، بل إن تناولها سيقلل من احتمالية تناول جرعات زائدة من المواد الأفيونية أو التعرض لمشاكل طبية خطيرة أخرى. ويمكنهم أيضاً زيادة فرصك في التعافي الكامل من اضطراب تعاطي المواد الأفيونية وذلك وفقاً لما أظهرته بعض الأبحاث.
كما تشير بعض من الأبحاث أخرى إلى أن أفضل طريقة لمنع تكرار هذا الاضطراب هو الاستمرار في أخذ أحد هذه الأدوية على المدى الطويل.
إذا كنت مهتماً بإيقاف تناول أدوية انسحاب المواد الأفيونية، فيجب عليك القيام بذلك فقط بالتعاون الوثيق مع فريق العلاج الخاص بك.
إلى متى يستمر انسحاب المواد الأفيونية؟
يمكن أن تستمر المدة الزمنية التي قد يستغرقها الانسحاب من المواد الأفيونية (انسحاب الأفيونات) عدة أسابيع أو شهور، يعتمد مقدار الوقت على:
- كم من الوقت مضى على تناولك المواد الأفيونية
- ما هي كمية المواد الأفيونية التي تناولتها يومياً
- المكان الذي أنت فيه أثناء الانسحاب (المستشفى، مركز علاج المرضى الداخليين، في المنزل).
حتى خطط العلاج التي تتضمن استخدام أدوية العلاج من انسحاب المواد الأفيونية(انسحاب الأفيونات) ليس لها إطار زمني محدد، إذ سيعتمد طول الوقت بشكل أساسي على كيفية استجابتك للعلاج.
بعض المعلومات عن كل دواء
البوبرينورفين: ستحتاج أن تقلل تدريجياً من البوبرينورفين بمجرد التوقف عن تناول المواد الأفيونية، ستعاني من أعراض الانسحاب.إذا قمت بذلك بسرعالانسحاب وقد يستغرق عدة أشهر.
ميثادون: عندما تبدأ بأخذ الميثادون، سيزيد طبيبك الجرعة ببطء على مدار 3 أسابيع.
نالتريكسون: يمكنك التوقف عن تناول هذا الدواء دون الحاجة للتقليل تدريجياً من الجرعة ودون أي أعراض انسحاب.
تذكر أنه بمجرد عدم تناولك لأي مواد أفيونية، ستدخل مرحلة الانسحاب التي يمكن أن تستمر عدة أشهر ومن السهل جداً أن تعود لتناول المواد الأفيونية خلال هذا الوقت. إذ لن تشعر كما شعرت قبل أن تبدأ في تناول المواد الأفيونية وربما سيبقى هناك لديك رغبة شديدة في تناول الدواء.
لذا من أجل منع نفسك من العودة للاستخدام السيئ للمواد الأفيونية، يجب أن تستمر في خطة العلاج الخاصة بك والتي قد تتضمن العلاج السلوكي والعلاج بالكلام بالإضافة إلى أدوية معينة.
الخلاصة
عندما تتناول المواد الأفيونية لفترة طويلة من الوقت ستصبح مدمناً عليها بشكل كبير وقد يتسبب إيقافها فجأة في ظهور أعراض انسحاب شديدة (متلازمة الانسحاب الأفيوني) وقد تتوق أيضاً إلى المواد الأفيونية، مما سيدفعك إلى تناول الكثير من الجرعات الزائدة.
إذا كنت ترغب حقاً في التوقف عن تناول المواد الأفيونية، فإن أفضل شيء تفعله هو تحديد موعد مع الطبيب لإجراء تقييم كامل سواء قرر أنك مصاب باضطراب تعاطي المواد الأفيونية أم لا. سيساعدك طبيبك في إنشاء برنامج علاجي خاص بك وتفادي متلازمة الانسحاب الأفيوني.
كما سيتم تصميم خطة علاجية خلصة بك للمساعدة في تقليل الرغبة الشديدة لتناول المواد الأفيونية وأعراض الانسحاب ويمكن إجراء تعديلات عليها خلال مسيرة علاجك بناءً على ما تبديه من نتائج.
وتذكر من الممكن الإقلاع بنجاح عن المواد الأفيونية إذا اتبعت برنامج العلاج الشخصي الخاص بك.
اقرأ أيضاً: الإدمان ومراحل تطوره النفسية
اقـرأ أيضاً: نظام المكافأة في الدماغ، وعلاقته بالإدمان بشكل رئيسي
اقرأ أيضاً: طريقة الحد من الضرر، مبادئها واستراتيجياتها في علاج الإدمان
المصدر: What Are the Symptoms of Opioid Withdrawal?
تقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم