العقاقير المهلوسة أو المهلوسات (Psychedelic drugs) هي مواد مهلوسة تؤدي إلى تغيرات في التصور والأحاسيس والحالات المزاجية والإدراك؛ إذ تحمل تأثيرات مختلفة لا يمكن التنبؤ بها أو حتى تكون خطيرة للغاية. الآثار الجانبية للمهلوسات، إدمان المهلوسات, تأثير العقاقير المهلوسة على الدماغ, مخاطر.
نظراً لأن الآثار العلاجية للمهلوِسات لا تزال في مراحلها الأولى، من الصعب معرفة الفوائد المحتملة والمخاطر الناجمة عن هذه العقاقير من ناحية الصحة النفسية.
تشير الدلائل إلى أنَّه بشكل عام لا تسبب العقاقير المهلوسة الإدمان لكن قد تتطور إلى مرحلة التحمل، كما يمكن أن يُساء استخدامها.
سنناقش في هذه المقالة ما إذا كانت أي من العقاقير المهلوسة تشكل خطر الإدمان أو إساءة الاستخدام، وكيفية عملها. كما الإشارة إلى فوائدها المحتملة في علاج حالات الصحة النفسية، إلى جانب التطرق إلى مخاطرها الصحية المحتملة الأخرى.
هل تسبب العقاقير المهلوسة الإدمان؟
لا تسبب العقاقير المهلوسة الإدمان عموماً، مما يعني أنَّ أجسام مستخدميها لا يطلبونها، ولا يمارس الناس أي سلوكات قهرية للحصول عليها. كما أنَّهم لا يعانون من أعراض الانسحاب عند التوقف عن استخدامها. الآثار الجانبية للعقاقير المهلوسة.
على الرغم من ذلك، تشير الأبحاث المتعلقة باستخدام الكيتامين إلى أن بعض الناس يصلون إلى مرحلة الاعتماد على هذا الدواء المخدر. مما يؤدي إلى أعراض الانسحاب مثل الاكتئاب والرغبة الشديدة في تناوله عند التوقف عن استخدامه.
مرحلة التحمل عند استخدام المهلوسات
رغم عدم تسبب المهلوسات في الوصول إلى مرحلة الإدمان إلا أن بعضها يؤدي إلى مرحلة التحمل (الاستمرار في تناول جرعات عالية بغية الحصول على تأثيرات مماثلة). وهو أمر خطير للغاية نظراً لأن تأثيرات الدواء غير متوقعة.
كما يمكن أن ينشأ عن “ثنائي إيثيل أميد حمض الليسرجيك” (LSD) تحملاً يتقاطع مع تأثيرات غيره من العقاقير المهلوسة، بما في ذلك “فطر السيلوسيبين” (Psilocybin) ومخدر “مسكالين” (Mescaline). مما يعني أنَّه إذا تناول شخص عقار LSD فسينخفض تأثير عقار “فطر السيلوسيبين” في جسده.
تأثير العقاقير المهلوسة على الدماغ
تؤثر العقاقير المهلوسة في الدوائر العصبية في الدماغ التي تستخدم الناقل العصبي “السيروتونين (Serotonin)”، لا سيما تلك الموجودة في قشرة الفص الجبهي؛ إذ تسبب تغيرات في المزاج والتصور والإدراك.
تعمل العقاقير المهلوسة كناهض أو ناهض جزئي على مستقبلات “السيروتونين 5-هيدروكسي تريبتامين 2أ” (serotonin 5-hydroxytryptamine 2A) في الدماغ. وبالإضافة إلى تأثيرها على مستقبلات السيروتونين، تؤثر العقاقير المهلوسة أيضاً في مناطق الدماغ التي تلعب دوراً في تنظيم الاستجابات المتعلقة بالإثارة والتوتر.
أحد الأعراض الشائعة للمهلوسات هي الهلوسة البصرية، كما أيضاً يمكن لهذا الصنف من الدواء أن تسبب في تقوية وتعزيز عواطف الفرد مثل زيادة الشعور بالقلق والخوف.
أنواع العقاقير المهلوسة
- “ثنائي إيثيل أميد حمض الليسرجيك” (LSD): هذا العقار شفاف أو أبيض اللون ومصنوع من حمض الليسرجيك.
- “السيلوسيبين” (Psilocybin): توجد هذه المادة في أنواع معينة من الفطر المسبب للهلوسة.
- “المسكالين” (Mescaline): توجد هذه المادة في أنواع معينة من الصبار، بما في ذلك “البَيُّوت”.
- “ثنائي ميثيل تريبتامين” (DMT): وهو مخدر طبيعي موجود في المكسرات ولحاء أنواع معينة من الأشجار.
الأبحاث المتعلقة بالمهلوسات والصحة العقلية
أثارت الاستخدامات العلاجية للعقاقير المهلوسة الاهتمام في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ولكن توقف البحث في تأثيراتها بعد تطبيق قانون المواد الخاضعة للرقابة في عام 1970. إذ لا تزال العقاقير هذه مصنفة كأدوية من الجدول الأول، مما يعني أنَّ احتمال كبير لإساءة استخدامها.
ولكن، تجدد الاهتمام مؤخراً بفوائدها العلاجية؛ حيث تشير الأبحاث إلى أنَّ العقاقير المهلوسة قد تكون فعالة في علاج مجموعة متنوعة من الحالات، بما في ذلك:
- اضطرابات القلق: كشفت الدراسات عن أنَّ العقاقير المهلوسة قد تساعد في تخفيف أعراض القلق.
- الاكتئاب: تُظهر الأبحاث الجارية أنَّ العلاج باستخدام العقاقير المهلوسة تبشر بعلاج الاكتئاب واضطرابات المزاج الأخرى.
- اضطرابات تعاطي الكحول والمخدرات: تشير الأبحاث الحديثة إلى أنَّ العقاقير المهلوسة قد تفيد الأشخاص الذين يتعافون من اضطرابات تعاطي المخدرات.
- اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD): تشير الأبحاث إلى أنَّ عقار “ميثيلينيدايوكسيميثامفيتامين” (MDMA)، المعروف أيضاً باسم “إكستاسي” (Ecstasy) أو “مولي” (Molly)، قد يكون مفيداً للأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة المقاوم للعلاج. وعلى الرغم من أنَّ العقار هذا لا يُصنَّف ضمن العقاقير المهلوسة، إلا أنَّه يحمل نفس التأثيرات.
من الضروري الانتباه إلى أن المخدر المستخدم في الدراسات البحثية ليس نفسه المخدر الذي قد يشتريه المرء في الشوارع. على سبيل المثال، يتم أحياناً خلط المخدر غير المشروع مع مواد أخرى يمكن أن يكون تناولها خطيراً.
مثل الفنتانيل (fentanyl) وهي مادة خطيرة ممزوجة أحياناً بالمخدر، وتسبب الإدمان بشدة وواحدة من أكثر المواد شيوعاً التي تسبب الوفاة الناجمة عن جرعة زائدة من المخدرات. نظراً لعدم إمكانية رؤية أو تذوق أو شم الفنتانيل، فقد يحدق الخطر في حياة مستخدمي العقار بشكل غير مشروع.
الآثار الجانبية المحتملة للمهلوسات
على الرغم من أنَّ المهلوسات لا تسبب الإدمان، إلا أنَّها يمكن أن تؤدي إلى تأثيرات طويلة أو قصيرة الأمد؛ أي بعد فترة وجيزة من تناول العقار، يبدأ الناس في الشعور بالهلوسة حيث تظهر التأثيرات هذه في غضون 90 دقيقة من تناول العقار ويمكن أن تستمر لمدة تصل إلى 12 ساعة. بالإضافة إلى ذلك، قد يعاني الأشخاص أيضاً من آثار جانبية مختلفة مثل:
-
-
- آلام في البطن.
- الانفعال والغضب.
- الارتباك.
- الإسهال.
- الصداع.
- تغير معدل ضربات القلب.
- ارتفاع ضغط الدم.
- زيادة مشاعر الخوف أو القلق.
- الغثيان أو الإقياء.
- الارتعاش.
-
مع العلم أن الاستخدام غير المشروع للمهلوسات حتى لو كان لمرة واحدة فقط قد يؤدي أيضاً إلى أثار جانبية خطيرة طويلة الأمد. وتشير بعض الأبحاث إلى ذلك على أن بعض الأفراد قد أصيبوا بحالة طويلة الأمد مثل الذهان المستمر واضطراب الإدراك المستمر للهلوسة (HPPD).
مخاطر أخرى للمهلوسات
يمكن أن تكون تأثيرات العقاقير المهلوسة شديدة التغير وغير متوقعة؛ إذ يمكن أن تلعب عوامل، مثل العقار المستخدم والكمية التي يتم تناولها والمزاج والتوقعات والشخصية ومكان وزمان أخذ العقار، دوراً في الطريقة التي يؤثر من خلالها العقار فيمن يستخدمه.
في بعض الحالات، قد يواجه الأشخاص ما يُعرف بـ “الرحلة السيئة” (bad trip). حيث ينتابهم شعور شديد بالذعر وتراودهم أفكار مخيفة.
على الرغم من أنَّه من الممكن أخذ جرعة زائدة من المهلوسات، إلا أنَّه أمر نادر الحدوث. كما من غير المحتمل أن تؤدي الجرعة الزائدة إلى الوفاة.
قد يؤدي الخلط بين العقاقير المهلوسة والمواد الأخرى التي تؤثر في مستويات السيروتونين مثل إحتواء الوصفة الطبية على مثبطات أكسيداز أحادي الأمين (MAOIs) إلى زيادة خطر الإصابة ب”متلازمة السيروتونين” (Serotonin Syndrome). إذ تحدث الحالة هذه عندما يحتوي الجسم على الكثير من السيروتونين، مما يؤدي إلى أعراض، مثل تقلصات العضلات والارتباك والرعشة والغثيان وازدياد سرعة ضربات القلب. كما يمكن أن تؤدي إلى الحمى وانحلال العضلات وحدوث نوبات والموت.
الخلاصة
لا تسبب العقاقير المهلوسة الإدمان، لكن لا يعني هذا أنَّها آمنة أو خالية من التأثيرات الجانبية. وعلى الرغم من أنَّ العقاقير هذه تبشر بعلاج مختلف حالات الصحة النفسية، لكن لا ينبغي عليك استخدامها بمفردك لمثل هذه الأغراض.
إذا كنت مهتماً بالعلاج باستخدام المهلوسات، فأفضل حل هو المشاركة في تجربة بحثية جارية، وذلك بعد التشاور مع طبيبك ليحدد فيما إذا كان خياراً مناسباً أم لا.
اقـرأ أيضاً: المهلوِسات، تاريخ استخدامها، أنواعها وآثارها
اقرأ أيضـاً: الاعتماد الجسدي، الإدمان وتحمّل مسكنات الألم
اقـرأ أيضاً: تأثير عقار إكستاسي على الدماغ
المصدر: ?What Are Psychedelic Drugs
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم