إعادة الصياغة المعرفية، تقنياتها وفوائدها

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

إعادة الصياغة المعرفية (Cognitive Reframing) هي تقنية تُستخدم لتغيير ذهنية الفرد حتى يتمكن من النظر إلى موقف، شخص، أو علاقة من منظور مختلف قليلاً.

هذه العملية يمكنك القيام بها في المنزل وفي أي وقت تواجه فيه نمط تفكير مشوَّهاً. وقد يكون من المفيد أحياناً الحصول على مساعدة المعالج، خاصة إذا كنت عالقاً في نمط تفكير سلبي.

عندما تُستخدم هذه التقنية في بيئة علاجية وتمارَس بمساعدة المعالج النفسي، فإنها تُعرف باسم إعادة الهيكلة المعرفية (Cognitive Restructuring).

تكمن الفكرة الأساسية وراء إعادة الصياغة في أن الإطار الذي ينظر من خلاله الشخص إلى الموقف هو الذي يحدد وجهة نظره. فعندما يتحوّل هذا الإطار ويتبدل، يتغير المعنى ويتغير التفكير والسلوك معه أحياناً.

حتى نستوعب مفهوم إعادة الصياغة بطريقة أخرى؛ تخيل النظر من خلال إطار عدسة الكاميرا. إذ يمكن تقريب الصورة التي تظهر فيها أو جعلها تبدو بعيدة، ومن خلال تغيير طفيف لما يظهر في الكاميرا، يُنظر إلى الصورة وتُرى بشكل مختلف.

تقنيات إعادة الصياغة المعرفية

يمكن استخدام إعادة الصياغة لتغيير طريقة تفكير الناس، شعورهم وسلوكهم. إليك بعض الأمثلة على كيفية استخدام إعادة الصياغة في العلاج النفسي.

العلاج الأسري

تشكو كارلا بمرارة في جلسة علاج أسري من أن والدتها تتدخّل بشكل مفرط في حياتها، وتزعجها باستمرار بشأن ما يجب أن تفعله.

في محاولة لتغيير وجهة نظر كارلا السلبية عن والدتها، يقدم المعالج إعادة الصياغة هذه: “أليس ما تفعله والدتك نابعاً من حبها لك ورغبتها في تعليمك طرقاً للاعتناء بنفسك حتى تكوني مستعدة للعيش بمفردك من دونها ؟”

العلاج الفردي

يعاني أحد الأشخاص الذين يخضعون للعلاج الفردي مع تقبّل قيود الإصابة بمرض مزمن، فيحاول المعالج إعادة صياغة الطريقة التي ينظر بها هذا الشخص إلى مرضه بالقول، “هل يمكنك التفكير في مرضك على أنه تذكير داخلي لتعتني بصحتك طوال حياتك ؟”.

يشعر أحدهم بالاستياء لأنه لم يحصل على ترقية في العمل، فيسأله المعالج عن الأشياء الإيجابية التي يمكن أن يحملها عدم الترقية هذا. قد يلاحظ هذا الشخص أن الوظيفة الجديدة جلبت معها بعض الضغوطات الإضافية غير المرغوبة، وأنه قد يكون قادراً على العمل للوصول إلى دور آخر يناسب احتياجاته وأهدافه المهنية طويلة الأمد بشكل أفضل.

تشعر إحدى النساء بالانزعاج لأنها حصلت على مخالفة بسبب استخدامها الهاتف الخليوي لإرسال رسالة نصية أثناء القيادة،  فيتحدث المعالج معها عن مخاطر هذا الأمر، وتتمكّن في النهاية من رؤية أن المخالفة قد تساعد في ردعها عن الانخراط في سلوك خطير مرة أخرى في المستقبل.

بماذا يمكن أن تساعد إعادة الصياغة المعرفية؟

يمكن استخدام إعادة الهيكلة المعرفية لعلاج مجموعة متنوعة من الحالات، بما في ذلك:

 بالإضافة إلى الحالات الصحية النفسية، تبين أن إعادة الهيكلة المعرفية تساعد الناس على التعامل مع ما يلي :

بإيجاز، يمكن أن تكون إعادة الصياغة المعرفية مفيدة للأشخاص الذين يعانون من حالات صحية نفسية وفي تحسين الصحة النفسية بشكل عام، وقد يساعدك استخدام إعادة الصياغة المعرفية على أن تصبح أكثر إيجابية ومرونة في مواجهة تحديات الحياة.

فوائد إعادة الصياغة المعرفية

يمكن أن تكون إعادة الصياغة المعرفية، سواء مورست بشكل مستقل أو بمساعدة المعالج، طريقة مفيدة لتحويل المشكلات أو الأفكار السلبية إلى فرص من أجل التغيير والنمو.

في حين أن هذه التقنية تستخدم في العلاج النفسي غالباً، إلا أنها شيء يمكنك استخدامه في المنزل أيضاً. فمن خلال التدريب والممارسة، يمكنك تعلم تذكير نفسك بأن استنتاجك الأولي ليس سوى تفسير واحد محتمل للموقف. 

تغيير وجهة نظرك

من السهل التفكير بأن وجهة نظرك هي الطريقة الوحيدة لرؤية المشكلة. تعلمك إعادة الصياغة المعرفية أن تسأل نفسك أسئلة مثل، “هل هناك وجهة نظر ثانية حيال هذا الموقف ؟” أو “ما هي بعض الأسباب المحتملة الأخرى التي يمكن أن تحدث؟”

يمكن أن يساعدك تحديد البدائل في رؤية الأشياء من منظور آخر

التحقّق من صحة العواطف 

لا تحاول إنكار أو إبطال ما تشعر به، فإذا كنت تساعد طفلاً أو مراهقاً في إعادة صياغة موقف ما، تذكر أن تؤكد صدق مشاعره بالقول، “أعلم أنك متوتر لأنها لم تعاود الاتصال بك”.

“وأعلم أنه عندما أشعر بالتوتر، أتخيل دائماً أسوأ السيناريوهات، ولكن، في كثير من الأحيان، هذه الأشياء التي أتخيلها ليست صحيحة”.

إظهار التعاطف

قد تساعد نفسك أو طفلك أيضاً على البقاء قوياً نفسياً من خلال طرح سؤال “ماذا ستقول لصديق لديه هذه المشكلة ؟”، قد تجد أنه من المرجح أن تتحدث إلى الآخرين بطريقة أكثر لطفاً ورأفة من الطريقة التي تتحدث إلى نفسك من خلالها.

يجب أن يكون الهدف هو المساعدة في تطوير حديث ذاتي صحي. ففي النهاية، ستتعلم إدراك أن هناك العديد من وجهات النظر إزاء نفس الموقف.

بإيجاز يمكن أن تساعد إعادة الصياغة المعرفية في تغيير منظورك والتحقق من صحة مشاعرك، وتسمح لك بإظهار بعض التعاطف مع نفسك.

فعالية إعادة الصياغة المعرفية

أُجريت العديد من الدراسات حول الآثار العلاجية لإعادة الهيكلة وإعادة الصياغة المعرفية على المرضى. بالإضافة إلى فوائد إعادة الصياغة المعرفية لمقدمي الخدمات والرعاية من حيث الوقاية من الإرهاق. وفيما يلي بعض الأمثلة.

أُثبت أن إعادة الصياغة المعرفية هي تقنية فعالة للمساعدة في تخفيف القلق والاكتئاب وتحسين جودة الحياة خلال جائحة (كورونا / COVID-19).

وجدت دراسة أُجريت على الممارسين الذين عالجوا الأفراد المصابين باضطراب تعاطي المواد المخدرة أن إعادة الصياغة المعرفية ساعدتهم على الشعور بإرهاق أقل ونتائج علاجية أكبر.

وُجد أن إعادة الصياغة المعرفية تقلل القلق، الاكتئاب والتوتر وتعزز التواصل وجودة الحياة بشكل عام عند مقدمي الرعاية للأفراد المصابين بالخرف.

وجدت إحدى الدراسات التي أُجريت على الأشخاص المصابين بمرض نفسي واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) أن إعادة الهيكلة المعرفية قللت الأعراض وحسنت الأداء عندهم.

أظهرت دراسة أُجريت عام 2014 أن إعادة الهيكلة المعرفية قللت من عملية ما بعد الحدث (PEP)، أو الأفكار المنعكسة التي يواجهها الفرد بعد موقف اجتماعي معين. وذلك لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي.

أشياء يجب مراعاتها في إعادة الصياغة المعرفية

ضع في الحسبان أن ممارسة إعادة الصياغة المعرفية بمفردك تتطلب الوقت والجهد والصبر. وقد يكون من الصعب أن تكون صادقاً مع نفسك وتسلط الضوء على أنماط التفكير السلبية التي تعرقل طريقك بمفردك. لكن، عندما تعرف ما يجب أن تبحث عنه، يصبح الأمر أسهل.

تشمل بعض التشوهات المعرفية الشائعة، أو الميول وأنماط التفكير أو الإيمان التي يمكن أن تسبب أنماط التفكير السلبية ما يلي :

تفكير كل شيء أو لا شيء: رؤية المواقف بالحدود المطلقة.

اللوم: عزو المشاكل المعقدة إلى سبب واحد.

التهويل (التصور الكارثي): تصور أسوأ شيء يمكن أن يحدث دائماً في أي موقف.

تجاهل الإيجابية: غض النظر عن الأشياء الجيدة التي تحدث للفرد أو إهمالها.

الفلاتر العقلية: التركيز فقط على السلبيات وعدم التركيز أبداً على الإيجابيات.

بارات “يجب”: الشعور دائماً وكأنك فشلت في الارتقاء إلى مستوى التوقعات بشأن ما “يجب” فعله في الموقف.

ضع في اعتبارك ما إذا كان من الأفضل معالجة هذه التشوهات المعرفية بمفردك، أو العمل مع معالج لتحديد وتطوير استراتيجيات التأقلم. وخاصة إذا كنت تعاني من التفكير الانتحاري، فمن اللازم التحدث مع أخصائي في الصحة النفسية.

كيف تبدأ تقنية إعادة الصياغة المعرفية؟

إذا كنت مستعداً لتجربة إعادة الصياغة المعرفية، فابدأ بملاحظة أفكارك، وانتبه إلى أي تفكير سلبي أو مشوه. بعد ذلك، اعمل على تقييم الأدلة التي تدعم أو تعارض أفكارك، ولاحظ الأشياء التي قد تناقض تفسيرك وتأويلك للحدث. من المهم أيضاً العمل على أن تكون متعاطفاً مع ذاتك. 

يعد كل من الحديث الذاتي الإيجابي وممارسة الامتنان طريقتان يمكنك من خلالهما التحول إلى ذهنية أكثر إيجابية.

إذا كنت ترغب في تجربة إعادة الصياغة المعرفية بمساعدة معالج، فهناك بعض الخطوات التي يمكنك اتباعها للمساعدة للعثور على أفضل معالج يناسب احتياجاتك:

  • احصل على إحالة: تحدث إلى طبيبك لإحالتك إلى معالج نفسي.
  • وازن خياراتك: بما في ذلك ما إذا كنت تشعر براحة أكبر مع العلاج وجهاً لوجه أو عبر الإنترنت.
  • فكر بالأسباب التي أوصلتك إلى العلاج، وكن مستعداً للإجابة على أسئلة حول تاريخك الطبي والشخصي.

كيف تؤثر إعادة الصياغة على التشوهات المعرفية؟

تتحدى إعادة الصياغة الأفكار والمعتقدات السلبية التي تسبب الضيق والإجهاد، ومن خلال تعلم التعرف على التفكير المشوّه ثم العمل بفعالية لتغيير هذه الأفكار لتكون أكثر إيجابية وواقعية، يمكن للناس أن يشعروا بمرونة، قدرة على المقاومة وتفاؤل أكبر في مواجهة التوتر.

ما هي بعض الأمثلة التي تفيد فيها إعادة الصياغة المعرفية؟

في الحالات التي يشعر فيها الشخص بالحزن، يمكنه تغيير نظرته إلى الموقف حتى يتمكن من التركيز على الأشياء التي تسير على ما يرام.

عندما يعاني الناس من التوتر، يمكن أن تساعدهم إعادة الصياغة المعرفية في التركيز على جوانب الموقف التي يمكنهم التحكم فيها، بدلاً من أن يشعروا بالارتباك إزاء الأشياء التي لا يستطيعون تغييرها.

كيف تختلف إعادة الصياغة المعرفية عن إعادة الهيكلة المعرفية ؟

إعادة الصياغة هي استراتيجية يمكن للأشخاص استخدامها إما بمفردهم أو في العلاج النفسي للمساعدة في تعديل طريقة تفكيرهم وعقليتهم، وتنطوي غالباً على التركيز على أفكار أكثر إيجابية، ولكن يمكن أيضاً أن تتمحور حول تغيير التوقعات المبالغ بها لتكون أكثر واقعية.

أما إعادة الهيكلة المعرفية، من جهة أخرى، فهي نهج يُستخدم في بيئة علاجية بتحدى ويحارب الأفكار غير القابلة للتكيف أو غير العقلانية ويستبدلها.

كيف يمكن ممارسة إعادة الصياغة المعرفية؟

يمكنك ممارسة إعادة الصياغة المعرفية بأن تصبح أكثر وعياً بأفكارك وكيف تشكّل هذه الأفكار وجهة نظرك حول المواقف المختلفة وتقولبها. يمكن أن تكون بعض الممارسات مثل التأمل، أو اليقظة مفيدة في ذلك. 

أما الخطوة التالية فتتمثل بتغيير طريقة تفكيرك بوعي؛ فكّر في طرق أخرى تنظر من خلالها إلى المواقف. هل هناك أشياء لم تضعها في الحسبان ؟ هل هناك تفسيرات أخرى يجب أن تأخذها في عين الاعتبار ؟

بينما تعمل على تغيير طريقة تفكيرك، يمكن أن تكون بعض الاستراتيجيات مثل التصور، أو كتابة يوميات عن الأمور التي تشعر بالامتنان لها مفيدة أيضاَ.

اقرأ أيضاً: نظام المكافأة في الدماغ، وعلاقته بالإدمان بشكل رئيسي

اقرأ أيضاً: إعادة الصياغة المعرفية، كيف تقوم بإعادة صياغة المواقف لتقليل التوتر؟

المصدر: What Is Cognitive Reframing

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: