إن السبب الدقيق الكامن وراء اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) غير معروف. لكن يراود الباحثين الشكّ بوجود عوامل متعددة يمكن أن تلعب دوراً في تحديد ما إذا كان الشخص معرَّضاً للإصابة بهذا الاضطراب أم لا.
العوامل الجينية
سواءً تم تشخيصك مؤخراً باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، أو كنت تعاني منه منذ سنوات عدة، يبقى السؤال الأكثر تداولاً بين المراهقين: هل سيصاب أطفالي بهذا الاضطراب أيضاً؟ والجواب هو: “هذا يعتمد على عدة عوامل”.
يُعد اضطراب نقـص الانتباه وفرط النشاط اضطراباً وراثياً في المرتبة الأولى. إذ تقدَّر نسبة مساهمة العوامل الوراثية في هذا الاضطراب بأكثر من 70 بالمئة.
على الرغم من الارتباط الوثيق بين العوامل الجينية والإصابة بهذا الاضطراب، إلا أن هذا لا يعني أن الاضطراب سينتقل تلقائياً إلى أطفالك. ذلك لأن مجموع العوامل الجينية والبيئة معاً هو ما يحدد ما إذا كان طفلك سيصاب به أم لا.
يمكن أن يرث الأطفال الجينات المسؤولة عن هذا الاضطراب دون أن يكون نشطاً عندهم. على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات أن ثلث الآباء المصابين به نشأ لدى أطفالهم هذا الاضطراب.
إذا ورثت اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط من أحد والديك، فإن الأعراض لديهم أو أنواع، سواء كانت نقص الانتباه أو فرط النشاط أو كلاهما معاً، لن تؤثر على شكل الاضطراب المصاب به أنت.
إلى الوقت الحالي، وُجدت العديد من الجينات المرشحة لأن تكون السبب في اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط لدى العائلات المصابة بهذا الاضطراب.
لكن يشعر العلماء أنه لا يوجد جين محدد لذلك؛ بل تفاعُل العديد من هذه الجينات مع العوامل البيئية هو سبب ظهور أعراض اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط.
لا يرتبط هذا الاضطراب بجنس الفرد. بمعنى آخر، ليس حكراً على الرجال فقط وكذلك لا ينتقل من الآباء فقط إلى الأبناء. إذ يعتقد الناس أحياناً بأن “الآباء فقط يصابون به. وإذا لم يكن الأب مصاباً فإن الأطفال لن يصابوا به”، وهذا ليس دقيقاً.
على الرغم من أن هذا الاضطراب شائع بين الرجال أكثر من النساء، إلا أنه من المهم فَهمُ أن كلا الوالدين معرضان للإصابة بهذا الاضطراب.
التعرض للمواد السامة
يمكن أن يؤدي التعرض للرصاص (حتى بكميات قليلة) إلى الإصابة بـ فرط النشاط ونقص الانتباه.
يوجد الرصاص في أماكن عدة، مثل دهان المنازل المبنية قبل عام 1978 أو في وقود السيارات سابقاً.
التعرض للمواد المخدرة خلال المرحلة الجنينية
يمكن أن تلعب صحة الأم وعاداتها المتبعة خلال مرحلة الحمل دوراً في تطور اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط. إذ يؤدي عوز الغذاء والعدوى المرضية خلال هذه الفترة إلى تفاقم خطر الإصابة بهذا الاضطراب.
يوجد دليل أيضاً يقول بأن تعاطي المواد المخدرة خلال فترة الحمل يزيد خطر نشوء هذا الاضطراب عند الأطفال. إذ يُظهر البحث ما يلي:
التدخين: وجدت دراسة أجريت عام 2018 ونشرت في مجلة “طب الأطفال” علاقة قوية بين التدخين خلال الحمل واحتمال إصابة الطفل باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط.
وكان الخطر أكبر عند الأطفال الذين كانت أمهاتهم تدخنّ بشراهة. لم تستطع الدراسة الوصول إلى نتيجة نهائية بأن التدخين يسبب هذا الاضطراب. إلا أنها أشارت إلى وجود رابط بينهما.
تعاطي الأم للكحول: وجدت بعض الدراسات أن الأمهات اللواتي يسرفن في تناول الكحول خلال فترة الحمل أكثر عرضة لإنجاب أطفال مصابين باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط.
فيما وجدت دراسة أجريت عام 2018 أن ” تناول أربعة كؤوس على الأقل، أو التناول المنتظم لجرعات الكحول المنخفضة والمعتدلة أثناء الحمل مرتبط بزيادة احتمال إصابة الأطفال بهذا الاضطراب لاحقاً.”
لكن وجدت دراسة أخرى أجريت عام 2017 أن لا وجود لرابط بين تناول الأم للكحول والتشخيص السريري بهذا الاضطراب عند الأطفال. تشير هذه الدراسة إلى احتمال أن تتطور بعض أعراض هذا الاضطراب إذا كانت أمهاتهم يتناولنَ الكحول خلال فترة الحمل. لكن ذلك لا يؤهلهم بالضرورة للإصابة به.
بعض الأمراض التي يمكن أن تسبب اضطراب نقص الانتباه
يمكن لبعض الأمراض مثل التهاب السحايا والتهاب الدماغ أن تؤدي إلى مشاكل في التعلم والانتباه.
إذ تـُـبدي نسبة قليلة من العموم أعراض اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط نتيجة الضرر في الدماغ، مثل الأذيّات الدماغية المبكرة أو الصدمة أو أي عائق أمام التطور الطبيعي للدماغ.
أمور لا تسبب الإصابة باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط
مع استمرار إجراء الأبحاث المتعلقة بهذا الاضطراب فإننا لا نتعلم أسبابه فقط، بل الأمور التي لا تسبب الإصابة به أيضاً. على الرغم من الاعتقاد بأن الأمور التي ستذكر أدناه مساهمة في هذا الاضطراب أحياناً، إلا أن البحث كان واضحاً بهذا الشأن. وبيّـنت أنها لا تؤدي إلى الإصابة به. وهي:
- مشاهدة التلفاز
- الحمية الغذائية بما فيها التي تحتوي على كمية كبيرة من السكر
- اضطرابات الهرمونات (نقص الغدة الدرقية)
- إهمال الرعاية الأسرية
- ألعاب الفيديو والحاسوب
الخلاصة
من المرجح أن اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط ينشأ من عوامل متنوعة. فالشخص الذي لديه استعداد جيني، على سبيل المثال، يمكن أن يواجه عوامل بيئية تساهم أيضاً في تطور هذا الاضطراب.
اقرأ أيضاً: اضطراب السلوك عند الأطفال، أسبابه، تشخيصه وطريقة العلاج
اقرأ أيضاً: السلوك الداخلي السلبي عند الأطفال، أمثلة عنه وعوامل الخطر
المصدر: The Causes of Attention-Deficit Hyperactivity Disorder
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم
