الانحياز التأكيدي، تأثيره، أنواعه وكيفية التغلب عليه

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

الانحياز التأكيدي (confirmation bias) هو انحياز معرفي ينطوي على تفضيل المعلومات التي تؤكد معتقدات الشخص أو التحيزات الموجودة لديه سابقاً.

على سبيل المثال، تخيل أن أحدهم يعتقد أن الذين يستخدمون اليد اليسرى هم أكثر إبداعاً من أولئك الذين يستخدمون اليمنى. لذا عندما يصادف شخصاً أعسر ومبدع، فإنه يولي أهمية أكبر لهذا “الدليل” الذي يدعم ما يؤمن به بالفعل. حتى أنه قد يبحث عن دليل يدعم هذا الاعتقاد بشكل أكبر بينما يستبعد الأمثلة التي لا تدعمه.

تؤثر التحيزات التأكيدية على كيفية جمعنا للمعلومات، والأهم أنها تؤثر على كيفية تفسيرنا المعلومات واستدعائها عند الحاجة. على سبيل المثال، الأشخاص الذين يدعمون أو يعارضون قضية معينة لن يقتصر سعيهم فقط على الحصول على معلومات لدعمها، ولكنهم سوف يفسرون أيضاً القصص الإخبارية بطريقة تدعم أفكارهم الحالية، وأيضاً سوف يتذكرون التفاصيل بطريقة تعزز تلك المواقف. 

تاريخ الانحياز التأكيدي

لاحظ الفلاسفة والكتاب الفكرة وراء الانحياز التأكيدي منذ العصور القديمة.

في ستينيات القرن التاسع عشر، أجرى عالم النفس المعرفي بيتر واسون (Peter Wason) العديد من التجارب المعروفة باسم مهمة واسون لاكتشاف القواعد، أظهر خلالها أن الناس يميلون إلى البحث عن معلومات تؤكد معتقداتهم الحالية.

علامات الانحياز التأكيدي

عندما يتعلق الأمر بالانحياز التأكيدي، فغالباً تظهر علامات وقوع الشخص عن قصد أو دون قصد ضحية له. لسوء الحظ، يمكن أن يكون غير واضح تماماً ويصعب اكتشافه.

إليك بعض العلامات التي قد تساعدك في تحديد ما إذا كنت أنت أو أي شخص آخر يواجه هذا التحيز:

  • البحث فقط عن المعلومات التي تؤكد معتقداتك وتجاهل أو تشويه المعلومات التي لا تدعمها.
  • البحث عن دليل يؤكد ما تعتقد أنه صحيح بالفعل، بدلاً من أخذ جميع الأدلة المتاحة بعين الاعتبار.
  • الاعتماد على الصور النمطية أو التحيزات الشخصية عند تقييم المعلومات.
  • تذكر المعلومات التي تدعم وجهات نظرك بشكل انتقائي، والاستبعاد والإغفال عن المعلومات التي لا تدعم وجهات نظرك.
  • إبداء رد فعل عاطفي قوي تجاه المعلومات (الإيجابية أو السلبية) التي تؤكد معتقداتك، بينما لا تتأثر نسبياً بالمعلومات التي لا تؤكدها.

أنواع الانحياز التأكيدي

هناك عدة أنواع مختلفة من الانحياز التأكيدي التي يمكن أن تحدث، وأكثرها شيوعاً:

  • الانتباه المتحيز (Biased attention): يحدث عندما نركز بشكل انتقائي على المعلومات التي تؤكد وجهات نظرنا، بينما نتجاهل أو نستبعد تلك التي لا تؤكدها.
  • التفسير المتحيز (Biased interpretation): يحدث عندما نفسر المعلومات بطريقة تؤكد معتقداتنا بوعي تام لذلك.
  • الذاكرة المتحيزة (Biased memory): تحدث عندما نتذكر بشكل انتقائي المعلومات التي تدعم وجهات نظرنا، بينما ننسى أو نستبعد المعلومات المغايرة لذلك.

أمثلة على الانحياز التأكيدي

من المفيد جداً التفكير في بعض الأمثلة التي تبين لنا الطريقة التي يعمل بها الانحياز التأكيدي في الحياة اليومية، إذ أن ذلك سيمنحنا فكرة أفضل عن الآثار والتداعيات الذي قد يحدثها. التحيزات التأكيدية

تفسيرات القضايا الحالية

أحد الأمثلة الأكثر شيوعاً للانحياز التأكيدي هو كيفية البحث عن القصص الإخبارية أو تفسيرها. فنحن نميل إلى تصديق قصة ما إذا كانت تؤكد وجهات نظر موجودة مسبقاً لدينا، حتى لو كانت الأدلة المقدمة التي تدعمها متزعزعة أو غير مقنعة. التحيزات التأكيدية

على سبيل المثال، إذا دعمنا مرشحاً سياسياً معيناً، فمن المرجح أن نصدق القصص الإخبارية التي تعزز الصورة الإيجابية عنه، بينما نتجاهل القصص الحرجة.

لنأخذ بعين الاعتبار الجدل حول موضوع ضبط السلاح:

  • لنفترض أن سالي تدعم ضبط السلاح. وتبحث عن قصص إخبارية واستطلاعات آراء تؤكد على الحاجة إلى فرض قيود على ملكية السلاح. عندما تسمع قصصاً عن إطلاق النار في وسائل الإعلام، تفسرها بطريقة تدعم معتقداتها الحالية.
  • في المقابل، يعارض هنري بشدة ضبط السلاح لذا يبحث عن مصادر إخبارية تتماشى مع موقفه وعند مصادفته قصص إخبارية عن إطلاق النار، يفسرها بطريقة تدعم وجهة نظره الحالية. التحيزات التأكيدية

يملك هذين الشخصين آراء مختلفة جداً حول نفس الموضوع، ويستند تفسير ذلك إلى معتقدات متأصلة لدى كلٍ منها، وحتى لو قرآ ذات القصة، فإن تحيزهم هو الذي يشكل طريقة إدراكهم للتفاصيل، مما يزيد من تأكيد معتقداتهم.

العلاقات الشخصية

يمكن رؤية مثال آخر على الانحياز التأكيدي في الطريقة التي نختار بها الأصدقاء والشركاء. فمن المرجح أن ننجذب ونصادق الأشخاص الذين نتشارك معهم نفس المعتقدات والقيم، ويقل احتمال ارتباطنا بأولئك الذين لا يشاركوننا إياها.

يمكن أن يؤدي هذا إلى تأثير غرفة الصدى (echo chamber effect)، أي بما معناه أننا لا نسمع إلا المعلومات التي تؤكد وجهات نظرنا ولا تطعن آراءنا أبداً. أنواع تأثير الانحياز التأكيدي.

صناعة القرار

يؤدي الانحياز التأكيدي غالباً إلى اتخاذ قرارات سيئة. على سبيل المثال، إذا كنا مقتنعين بأن استثماراً معيناً جيد، عندها قد نتجاهل الإشارات التحذيرية التي تخالف ذلك الاعتقاد أو إذا كنا عازمين على الحصول على وظيفة في شركة معينة، فقد لا نفكر في فرص أخرى قد تكون أكثر ملاءمة لنا. التحيزات التأكيدية

تأثير الانحياز التأكيدي

يحدث الانحياز التأكيدي بسبب الطريقة الطبيعية لعمل الدماغ، لذا فإن القضاء عليه أمر مستحيل. ويُنظر إليه غالباً على أنه نزعة سلبية تضعف المنطق والقرارات، لكن ليس دائماً. أنواع تأثير الانحياز التأكيدي.

يمكن أن يؤثر الانحياز التأكيدي بشكل كبير على حياتنا سواءً بشكل إيجابي أو سلبي. من الناحية الإيجابية، يمكن أن يساعدنا على البقاء واثقين من معتقداتنا وقيمنا ويمنحنا إحساساً باليقين والأمان.

أما من الناحية السلبية، فإنه يمنعنا من النظر إلى المواقف بموضوعية ويمكن أن يؤثر على قراراتنا ويقودنا إلى اختيارات سيئة أو خاطئة.

على سبيل المثال خلال موسم الانتخابات، يبحث الناس عن معلومات إيجابية تعزز صورة مرشحيهم المفضلين. وسيبحثون أيضاً عن المعلومات التي من شأنها أن تضع المرشح المعارض في دائرة الشخص السيء.

هنا هم لم يبحثوا عن الحقائق الموضوعية، وفسروا المعلومات بطريقة تدعم فقط معتقداتهم الحالية، وتذكروا التفاصيل التي تدعم هذه المعتقدات، وبالتالي إضاعة معلومات مهمة. حتى أن هذه التفاصيل والحقائق قد تؤثر على قرارهم بشأن المرشح الذي يؤيدونه. أنواع تأثير الانحياز التأكيدي.

كيفية التغلب على الانحياز التأكيدي

هناك عدة طرق مختلفة يمكننا من خلالها محاولة التغلب على الانحياز التأكيدي:

  • كن على دراية بالعلامات التي قد تكون ضحية لها، يتضمن ذلك إدراك تحيزاتك الشخصية وكيف يمكن أن تؤثر على اتخاذك للقرار.
  • ضع في اعتبارك جميع الأدلة المتاحة، وليس الأدلة التي تؤكد وجهات نظرك فقط.
  • ابحث عن وجهات نظر مختلفة، خاصة من أولئك الذين لديهم آراء متعارضة عن آرائك.
  • كن على استعداد لتغيير رأيك في ضوء الأدلة الجديدة، حتى لو يعني ذلك تحديث أو حتى تغيير معتقداتك الحالية.

الخلاصة

لسوء الحظ، لدينا جميعاً انحياز تأكيدي بشكل أو بآخر. وحتى إذا اعتقدت أنك شخص منفتح للغاية وتراقب الحقائق فقط قبل التوصل إلى استنتاجات، فمن المحتمل أن ينطوي رأيك على بعض التحيز. ومن الصعب للغاية محاربة هذا الميل الطبيعي. أنواع تأثير الانحياز التأكيدي.

ومع ذلك، إذا أدركنا وجود الانحياز التأكيدي وتقبلنا حقيقة وجوده، فيمكننا بذل جهد للتعرف عليه، وذلك من خلال سعينا لنكون فضوليين بشأن وجهات النظر المعارضة والاستماع إلى ما يقوله الآخرون وإلى دوافعهم.

يمكن أن يساعدنا هذا في رؤية المشكلات والمعتقدات من منظور آخر بشكل أفضل، مع إدراكنا المستمر أننا ما زلنا بحاجة إلى التغلب على الانحـياز التأكيـدي المتأصل لدينا.

اقـرأ أيضاً: انحياز الإدراك المتأخر (Hindsight Bias)، كيف يؤثر على رؤيتنا للماضي وما هي أسبابه

اقرأ أيضـاً: انحياز الفاعل المراقب في علم النفس الاجتماعي، تعريفه، أسبابه وكيفية تجنبه

اقـرأ أيضاً: الانحياز الضمني، أسبابه، تأثيراته وكيفية الحد منه

المصدر: ?What Is the Confirmation Bias

تدقيق: هبة محمد
مراجعة: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم
خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: