التمسك بالمعتقدات، تعريفه، أسبابه وأمثلة عليه

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

التمسك بالمعتقدات (Belief Perseverance) هو ميل الفرد للاحتفاظ بمعتقداته والإصرار عليها رغم وجود أدلة تتعارض معها. نشهد هذا النوع من الميل مع جميع أنواع المعتقدات، بما في ذلك تلك المتعلقة بالذات والآخرين. بالإضافة إلى المعتقدات حول طريقة عمل العالم حولنا، بما في ذلك الأحكام المسبقة والقوالب النمطية.

التمسك بالمعتقدات هو ميل المرء إلى التشبث بمعتقداته حول أمر ما، حتى مع وجود معلومات وأدلة تدحضها. وله ثلاثة أنواع: الانطباعات الذاتية، الانطباعات الاجتماعية والنظريات الاجتماعية.

من الصعب التخلص تماماً من موضوع التمسك بالمعتقدات. لكن الوعي بوجود هذا الانحياز والتفكير في تفسيرات أخرى تدعم اعتقاداً مخالفاً يمكن أن يساعد في تقليله.

تعريف التمسك بالمعتقدات

إذا سبق وخضت نقاشاً حاولت فيه تغيير معتقد شخص ما استناداً على معرفتك لحقائق، فقط لجعله يرفض الأخذ بالاعتبار صحة المعلومات التي قدمتها من عدمها، فقد واجهت حالة من التمسك بالمعتقدات. 

يميل الناس بشكل طبيعي إلى التشبث بمعتقداتهم الموجودة مسبقاً لديهم، حتى عند تقديم معلومات جديدة تثبت أن هذه المعتقدات خاطئة.

بمعنى آخر، يصرّون على معتقداتهم. وهذا شيء نراه بانتظام اليوم في الجدالات التي تتناول مختلف المواضيع العالمية مثل تغير المناخ والعدالة الجنائية والهجرة. فبمجرد أن يتبنى شخص معتقداً ما، حتى لو كان الدليل الذي يدعمه ضعيفاً، يصبح من الصعب جداً تغييره.

إضافة إلى ذلك، لا تستند تلك المعتقدات بالضرورة إلى تجربة مباشرة، فقد تكون مكتسبة بطريقة غير مباشرة.

على سبيل المثال، تعتقد فتاة صغيرة أن جميع معلمي الرياضيات لئيمون، وذلك لأن شقيقها الأكبر أخبرها بذلك قبل أن تدخل إلى المدرسة. وبمجرد أن بدأت المدرسة، قابلت مدرس رياضيات لطيفاً، لكنها لم تتخلّ عن اعتقادها بأن معلمي الرياضيات لئيمون، واستبعدت المعلم اللطيف معتبرة إياه إما استثناءً للقاعدة أو أنه ببساطة يقضي يوماً سعيداً، لذا فهو لطيف.

يتم الخلط أحياناً بين التمسك بالمعتقدات والانحياز التأكيدي، إلا أنهما مفهومان مختلفان تماماً. فالانحياز التأكيدي (Confirmation Bias) هو انحياز يبحث فيه الناس عن المعلومات التي تدعم معتقداتهم المتصورة مسبقاً ويستذكرونها. في المقابل، فإن التشبث المعتقدات لا ينطوي على استخدام معلومات لتأكيد الاعتقاد، بل رفض المعلومات التي يمكن أن تدحضه.

أنواع التمسك بالمعتقدات

الانطباعات الذاتية: تنطوي على معتقدات عن الذات. يشمل ذلك كل شيء يتعلق بالفرد نفسه، ابتداءً من المعتقدات حول مظهره الخارجي وصورة جسده، إلى شخصيته ومهاراته الاجتماعية، وصولاً إلى ذكائه وقدراته.

على سبيل المثال، قد يكون الفرد نحيلاً وجذاباً ولكنه قد يعتقد أنه قبيح وسمين على الرغم من وجود أدلة كافية تنفي ذلك.

الانطباعات الاجتماعية: تنطوي على معتقدات حول أشخاص محددين آخرين، بما فيهم المقربون من الفرد، مثل الأم أو أعز الأصدقاء. بالإضافة إلى الأشخاص الذين يعرفهم فقط من خلال وسائل الإعلام، مثل ممثل أو مغني مشهور.

النظريات الاجتماعية: تتضمن معتقدات حول الطريقة التي يعمل بها العالم. يمكن أن تشمل النظريات الاجتماعية حول الطرق التي يفكر بها الناس ويتصرفون ويتفاعلون وفقها.

وتنطوي على الأفكار والقوالب النمطية المتعلقة بالمجموعات العرقية والإثنية، الجماعات الدينية، الأدوار الجندرية، التوجهات الجنسية، الطبقات الاقتصادية وحتى المهن المختلفة.

هذا النوع من التمسك بالمعتقدات هو المسؤول أيضاً عن المعتقدات حول القضايا السياسية والاجتماعية، بما في ذلك الأمن القومي والإجهاض والرعاية الصحية.

الأبحاث التي تناولت التمسك بالمعتقدات

أجريت العديد من الدراسات حول هذا الموضوع. وفي واحدة من أولى الدراسات، طلب الباحثون من مجموعة طلاب في المرحلة الثانوية والجامعية تصنيف مذكرات الانتحار فيما إذا كانت حقيقية أو مزيفة. وبعدها، تم إخبار كل مشارك فيما إذا كانت تصنيفاته دقيقة أم لا.

خلال الدراسة، تم إعلام المشاركين بأن النتائج التي تلقوها حول دقة التصنيفات الخاصة بهم مختلقة. ومع ذلك، استمر المشاركون في تصديق ما قيل لهم بداية. 

بالتالي، استمر أولئك الذين قيل لهم أنهم صنفوا الملاحظات بدقة في الاعتقاد بأنهم جيدون في الحكم على مذكرات الانتحار فيما إذا كانت حقيقية أو مجرد أوراق مزيفة، في حين اعتقد من قيل لهم أنهم صنفوا الملاحظات بشكل غير دقيق عكس ذلك.

في دراسة أخرى، تم تزويد المشاركين بدراستي حالة؛ أحدها تدعم وجود صلة بين المجازفة والنجاح كرجل إطفاء محترف، والأخرى لا تدعم ذلك، وأُخبر بعض المشاركين أن دراسات الحالة التي قرأوها خاطئة، في حين لم يعرف الآخرون بذلك.

بغض النظر، استمرت معتقدات المشاركين حول وجود علاقة بين المجازفة ومكافحة الحرائق، حتى عندما فقدت الأدلة مصداقيتها تماماً.

أسباب التمسك بالمعتقدات

بشكل عام، هناك ما يدفع الناس للحفاظ على معتقداتهم، خاصة إذا كانت تلك المعتقدات معقّدة للغاية ومدروسة. على سبيل المثال، في الدراسة الثانية المذكورة أعلاه، وجد الباحثون أن المشاركين الذين كتبوا تفسيراً للعلاقة المفترضة بين المجازفة ومكافحة الحرائق تشبثوا أكثر باعتقاد وجود هذه العلاقة عندما كانت تفسيراتهم أكثر تفصيلاً.

لذا، فإن مجرد تقديم تفسير لمعتقدات المرء قد يجعل هذا المعتقد أكثر رسوخاً، بغض النظر عن أي دليل يعاكسه. فحتى لو قيل للفرد أن هناك دليلاً يخالف اعتقاداً لديه لن يقتنع، لأن كل الأسباب التي أوصلته لهذا المعتقد لم يتم نقضها.

هناك العديد من العوامل النفسية التي تساعد في تفسير سبب التمسك بالمعتقدات.

استدلال الوفرة (availability heuristic)

إحدى العمليات التي تؤدي إلى تشبث المرء بمعتقداته هي استدلال الوفرة (availability heuristic)، والذي يستخدمه الناس لتحديد شكل حدث أو سلوك بناءً على مدى سهولة التفكير بأمثلة سابقة متعلقة بالموضوع ذاته.

مثلاً، إذا حكم شخص ما بشكل سلبي على قدرته على تقديم عرض تقديمي ناجح في العمل، فذلك يعود إلى حصر تفكيره في العروض التقديمية غير الناجحة التي قدمها في الماضي.

لكن، من المهم معرفة أن تقييم الفرد للحدث أو غيره من خلال استدلال الوفرة أمر شخصي ويعتمد على مدى قوة الذكرى المتعلقة بها.

الارتباط الوهمي (Illusory correlation)

يعتقد الشخص بوجود علاقة لا أساس لها بين متغيرين، ما يقوده إلى التمسك بمعتقداته. على سبيل المثال، ربما تعرض الفرد لتجربة سيئة مع أحد الباعة المراهقين في المتجر، وبناءً على تلك التجربة الوحيدة، يصمم على أن جميع المراهقين كسالى ووقحون.

في الواقع، لا علاقة بين الأمرين إطلاقاً، ولكن بسبب المثال السيء الذي شهده، فقد رسخت تلك الفكرة لديه وربطها بجميع المراهقين.

تشوهات البيانات (data distortions)

تحدث عندما يخلق المرء عن غير قصد فرصاً تؤكد معتقداته، بينما يتجاهل الأوقات التي دحضت تلك المعتقدات. لذا، إذا كان الفرد يعتقد أن جميع المراهقين كسالى ووقحون، سيتصرف بطريقة تشجع السلوك الكسول والوقح في كل مرة يصادف فيها موظفاً مراهقاً، وسينتهي به الأمر بتعزيز تلك الفكرة حول المراهقين متجاهلاً الحالات التي قابل فيها مراهقين نشيطين و ودودين.

التصدي لـ التمسك بالمعتقدات

من الصعب مجابهة التمسك بالمعتقدات والتشبث بها، ولكن هناك بعض الطرق للتخفيف منه. إدراك وجود هذا الأمر، والتعلم عنه أكثر والوعي لفكرة أننا جميعاً ننخرط فيه خطوة أولى للتغلب عليه.

إحدى التقنيات التي يمكن استخدامها لمكافحته هي التفسير المضاد، والذي يتضمن الطلب من الفرد شرح السبب الذي قد يجعل من الاعتقاد المعارض لاعتقاده صحيحاً.

اقرأ أيضاّ: الاعتقاد والإيمان، ما الفرق بينهما؟ وكيف تتشكل المعتقدات؟

اقرأ أيضاّ: الانحياز الضمني، أسبابه، تأثيراته وكيفية الحد منه

اقرأ أيضاّ: الانحيازات المعرفية، أسباب حدوثها وبعض الأنواع الشائعة

المصدر: What Is Belief Perseverance? Definition and Examples

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

Clear Filters
error: