الفرق الأساسي بين التوتر النفسي الجيد (Eustress) والتوتر النفسي السيء أو الضيق النفسي (Distress) هو أن الإيوستريس (التوتر الإيجابي) يحفز المشاعر الإيجابية في حين أن الضيق النفسي (الضائقة أو الضغط النفسي) هو نوع سلبي يؤدي إلى تكوين مشاعر سلبية.
ما هو التوتر النفسي؟
التوتـر النفسـي (Stress) هو استجابة فيزيولوجية طبيعية للجسم تنتج عن المحفزات التي تضع الشخص تحت ضغوطات هائلة وتُخرجه من حالة التوازن النفسي، هذه المحفزات يمكن أن تكون عبارة عن تغييرات أو ضغوطات خارجية أو داخلية.
الشعور بالتوتر النفسي هو عامل أساسي للبقاء والنجاة. منذ آلاف السنوات، كان الناس بحاجةٍ لهذه الاستجابة للبقاء على قيد الحياة ومحاربة المخاطر المحيطة بهم.
تسرع استجابة “المواجهة أو الهرب” من معدلات ضربات القلب وتزيد من ضغط الدم وسرعة التنفس وتعيق عملية الهضم كي تزود العضلات بالطاقة التي تحتاجها والذهن بالتركيز الكافي. تسمح لنا هذه السلسلة من التغيرات بالقتال أو الهرب بعيداً عن الخطر عندما نكون في مواقف عصيبة.
في وقتنا الحالي، يكون معظم التوتر النفسي الذي نُعاني منه ناجماً عن محفزات داخلية نفسية وعقلية.
عندما نشعر بالتهديد أو الخطر، عند اقتراب موعد الامتحان مثلاً أو عند زيادة المهام في العمل نبدأ بالشعور بالتوتر النفسي.
التوتر النفسي هو جزء حتمي من الحياة، لكن ولحسن الحظ التوتر ليس سيئاً دوماً. هناك نوعان أساسيان من التوتر النفسي وهما التوتر النفسي الجيد والضائقة أو التوتر النفسي السيء.
التوتر النفسي الجيد
وهو النوع المفيد والممتع والإيجابي من التوتر. التعرض إلى التوتر النفسي الجيد ليس أمراً سيئاً، فهذا الشكل الإيجابي من التوتر يُحفز ظهور مشاعر إيجابية عندما يبدو العامل المحفز على التوتر على أنه فرصة يمكن الاستفادة منها أو تحدٍ من السهل تجاوزه باستخدام مهارات التكيف.
يرتبط هذا التوتر النفسي الجيد بآثار إيجابية مثل تحسن الحالة النفسية والجسدية أيضاً.
الضائقة أوالتوتر النفسي السيء
على النقيض من الحالة الأولى، فهذا النوع مدمر وكريه وهو الجانب السلبي من التوتر النفسي.
تُحفز الضائقة خلق مشاعر سلبية وتظهر عندما يبدو سبب التوتر مصدراً محتملاً للأذى أو تهديداً لا يمكن تجاوزه. ترتبط الضائقة بمشاعر سلبية ووهن جسدي.
أصبحت كلمة الإجهاد أو التوتر اليوم تُستخدم تقريباً كمرادفٍ لكلمة الضائقة، أي نستخدم كلاً منهما لوصف حدثٍ عصيب أو للحديث عن الضغوطات التي نتعرض لها في حياتنا اليومية.
أمثلة عن التوتر النفسي الجيد والتوتر النفسي السيء
من الصعب تصنيف الضغوطات ضمن قوائم منصفة وموضوعية إلى ضغوطات إيجابية وأخرى سلبية، تختلف ردود الفعل على الضغوطات ذاتها من شخصٍ لآخر. سوف نٌعدد بعض الضغوطات والأحداث التي تسبب التوتر عادةً وردود الأفعال عليها.
أمثلة على أحداث تسبب التوتر النفسي الجيد
يرتبط هذا التوتر بأحداث ومواقف لطيفة وتجلب السرور لصاحبها، وهذه قائمة ببعض الأحداث التي يمكن أن تتسبب هذا التأثير الإيجابي.
- الزواج
- شراء منزل جديد
- الولادة
- البدء بعمل جديد
- زيارة أماكن جديدة
- شرح عرض تقديمي لزملائك
- الحصول على علاوة في العمل
- الحصول على الجوائز
- الاجتماع بالأصدقاء القدامى
- البدء بعمل تجاري
- تعلم هواية جديدة
- الذهاب في مغامرة
- تكوين صداقات جديدة
أمثلة على أحداث تسبب التوتر النفسي السيء
يرتبط الضيق بالمواقف المزعجة أو الأحداث المستقبلية، فيما يلي بعض الأمثلة على أحداث تسبب الشعور بالضيق.
- التعرض للتنمر
- الطلاق
- فسخ الخطبة أو إنهاء العلاقة
- مشاكل في العلاقات الشخصية
- وجود مشاكل بين زملاء العمل
- وفاة أحد الوالدين أو شخص تحبه
- عدم الالتزام بالموعد النهائي
- الشجار بين الأبوين
- الشجار مع صديق أو أحد أفراد العائلة
- مشكلات مالية
- الإفلاس
- الطرد من العمل
- مواجهة الكوارث الطبيعية
- مشاكل صحية حادة
- مقاضاة الشخص بسبب ارتكاب المخالفات
- التعرض للاعتداء أو الإساءة
- انتظار نتائج الاختبارات الطبية والتحاليل
- القلق بشأن إعادة تنظيم الوظائف أو مخاوف متعلقة بالعمل
العوامل المسببة لكلٍ من التوتر الإيجابي والسلبي
يتم غالباً تقييم تعرض الفرد إلى التوتر النفسي عبر تقييم نظرة الفرد للأحداث السلبية التي يمر بها، ويعتمد ما إن كان الحدث سوف يُسبب للشخص توتراً سلبياً أم إيجابياً على تفسيرنا لخصائص الحدث، هذا يتضمن شدته ومصدره ومدته الزمنية وإمكانية التحكم فيه والرغبة به بالإضافة إلى قدرات الشخص على التأقلم والتكيف.
أي يمكن أن يحمل الحدث ذاته تفسيرات مختلفة باختلاف الأشخاص، على سبيل المثال قد يشعر تلميذ ما بمشاعر التوتر الإيجابي عندما يتوجب عليه إجراء عرض تقديمي أمام مجموعة كبيرة من الأشخاص في حال كان يرى فيها فرصةً عظيمة كي يرى كل من في الفصل عمله وكان التلميذ مستعداً.
سوف يشعر هذا التلميذ بأنّ الموقف جيد وغير دائم، والأهم من ذلك أنّه سوف يعتقد بأنه قادر على التعامل معه.
ولكن في حال كان التلميذ يخاف من التحدث أمام الجمهور وكان من غير الممكن تجنب العرض التقديمي سوف يتحول الموقف إلى ضائقة ويشعر التلميذ بأنّ المشروع غير جيد وقد يخشى بأنه سوف يخطئ أثناء العرض تاركاً انطباعاً سيئاً لدى زملائه.
هذا الشخص سوف يرى الموقف على أنه غير قابل للسيطرة وغير مرغوب به وذو أثرٍ مستمر، كما سيعتقد أنّه غير قادرٍ على التعامل مع الموقف بشكلٍ جيد.
الفروقات بين التوتر النفسي الإيجابي والسلبي
يحدث التوتر النفسي بنوعيه عندما تتجاوز حجم الضغوطات النفسية تصور الشخص لقدرته على التعامل معها وعندما تحفز الضغوطات حدوث التوتر النفسي سواء كان ذلك إيجابياً أو سلبياً، يحاول الجسم التأقلم مع الموقف وإعادة الجسم للحالة الطبيعية بهدف حمايته من الأذى.
الفرق بين النوعين يكمن في طريقة الجسم في التكيف مع الحالات غير المرغوب بها.
فوائد التوتر النفسي الجيد
هذا النوع من التوتر النفسي يمكن أن يعود على الشخص بنتائج صحية وإيجابية وبناءة.
يختبر الشخص الذي يتعرض للتوتر الإيجابي حالة من الوعي للضغط والتحدي الذي يتعرض له، ويبدي اهتماماً متزايداً بالمهمة التي يتوجب عليه إتمامها؛ إذ يكون الشخص في حالة من التركيز وهي حالة يشعر من يدخلها أنه منغمس في التجربة التي سوف تغير صحته وكيانه.
يمكن أن تحفز مشاعر التوتر الإيجابي على التأقلم وتحسن قدرات التكيف لدى الأفراد، فهي تُساعد الشخص على تحقيق أهدافه الصعبة وتعزيز أدائه، كما أنها تقلل من الأثر السلبي للضيق عند حدوثه.
يرتبط التوتر الإيجابي بشكل عام بالمشاعر الإيجابية والتفاؤل وقوة الإرادة الذاتية والأمل. الحالة النفسية الإيجابية الناجمة عن الإجهاد هي أيضاً مؤشر مهم على الرضا عن الحياة والصحة.
الآثار السلبية للضائقة
لا يقلل التعرض للتوتر النفسي الزائد من أداء الشخص في المدرسة أو العمل وحسب، بل يحمل أثاراً ضارة على عقل الإنسان وجسده.
ولكن التوتر المزمن والمتكرر مضرٌ بشكل خاص، فيمكن أن يؤدي إلى ضمورٍ في الدماغ ويقلل من حجمه ويؤدي إلى تغيرات هيكلية تؤثر على استجابة الدماغ للتوتر والأفكار والذاكرة.
والتعرض للضائقة يقلل من قدرات الفرد على التكيف ويتسبب بحدوث مشكلات صحية أو عقلية أو تفاقمها في حال وجودها، كما يمكن أن يضعف من جهاز المناعة بشكل يجعل الشخص أكثر عرضةً للمرض واضطرابات المزاج.
لقد تم ربط شعور الضائقة مع أمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم والأمراض الالتهابية وحتى حالات الموت المفاجئ.
كيفية تحويل الضغط السلبي إلى الضغط الإيجابي
الإجهاد والضغوطات أمر لابد من وجوده في حياة أي كان، لكن ولحسن الحظ ليست كل حالات التوتر النفسي هي ضائقة. إضافة لذلك، يمكن تحويل الضائقة إلى توتر نفسي إيجابي إذا ما نظر الشخص للمواقف على أنها مجرد تحديات بدلاً من كونها عائقاً.
يمكن تنمية التوتر النفسي الإيجابي عندما يتم تعزيز المشاعر الإيجابية والأمل، مثلاً نجد أنّ الممرضات اللواتي يتمسكن بالأمل والإيجابية والشعور بالقيمة العالية يتمتعنّ بصحة نفسية وعقلية أكثر من الممرضات اللواتي يمتلكن مشاعر سلبية.
التمسك بالأمل يعني أنّ الشخص يؤمن بامتلاكه كلاً من القدرة والوسيلة لتحقيق أهدافه، ومن خلال الاعتماد على شبكات الدعم وتبني منظور إيجابي ومتفائل وإيجاد الهدف والشعور بالقيمة، يمكن تحويل الظروف الصعبة إلى طاقات إيجابية.
اقرأ أيضاً: كيف يخفف إمتلاكنا لـ الحيوانات الأليفة من التوتر؟
اقرأ أيضاً: استراتيجيات تخفيف التوتر الفعالة في حياتك
اقـرأ أيضاً: استراتيجيات لمدة خمس دقائق تساعد في تخفيف التوتر
المصدر: Eustress vs Distress Examples – Positive & Negative Types of Stressors
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم