أحد أهم الأشياء التي تخلق من خلالها الحياة التي تريدها هو أن تتعلم كيف تثق بنفسك. داخل كل منا بوصلة داخلية؛ واتباعها هو دائماً أفضل طريق نحو سعادة طويلة الأمد. مع ذلك، فإن العديد من الناس مرهونون بالشك بأنفسهم، لماذا؟ يتمحور جل هذا المقال حول الصدق مع نفسك في عالم حيث تحيط بك آراء الآخرين ومتطلباتهم، واكتساب الثقة بالنفس من جديد عندما تخفق أو تصاب بخيبة أمل.
إنّ تعلُّم كيفية الثقة بالنفس يبدأ بالبحث في أعماق داخلك. ليس من الأنانية أن تسعى وراء رغباتك وتكون سلطان نفسك؛ هو أمر جوهري للرضا في حياتك.
أسباب عدم الثقة بالنفس
تعني الثقة بالذات أن تكون صادقاً وصريحاً مع ذاتك على الدوام، وجوهرها السعي وراء حاجاتك وسلامتك، وهي أيضاً أن تعامل نفسك بحب وتعاطف بدلاً من الكفاح من أجل الوصول إلى المثالية. أنت تعلم؛ هناك في أعماقك، أنه يمكنك النجاة من الصعاب (وترفض الاستسلام لليأس).
تبدو الثقة بالنفس على شكل:
- وعي بأفكارك ومشاعرك.
- تعبير عن ذاتك بانفتاح وصدق.
- الالتزام بالمعايير والأخلاق والقيم الجوهرية الشخصية.
- معرفة متى عليك الاعتناء بنفسك أولاً.
- الإيمان بأنك قادر على تجاوز الأوقات العصيبة.
- السعي وراء أحلامك دون السماح للآخرين بالوقوف في طريقك.
إذا كان لديك مشاكل تتعلق بالثقة بالنفس، أنت لست وحدك. في الحقيقية، من الصعب تجنب حمل أعباء متراكمة كلما كبرنا. تكمن مهمتنا كأشخاص بالغين في فحص أفكارنا ومعتقداتنا المحدودة والتحقق منها.
متى تبدأ ثقتنا بقدراتنا ورغباتنا تتلاشى؟
إليك بعض الأمثلة:
إذا سمح لك والداك بالقيام بأشياء كثيرة كما يحلو لك وكانوا دائمي الاندفاع لحل أي مشكلة تواجهك، فقد تجد صعوبات في التعامل مع المسؤوليات كشخص بالغ وتشعر بالعجز أمام التحديات أو تستسلم عندما تتعقد الأمور.
أيضاً، إذا ترعرعت في بيئة يسودها “ذهنية الضحية”، ربما تتكيف مع الاعتقاد أن ظروف الحياة خارجة عن السيطرة. مثلاً “نحن فقراء جداً على دفع هذه التكاليف”، “النجاح ليس لنا بل هو حليف الآخرين” أو ربما قررت مسبقاً أن حلماً ما بعيد المنال حتى دون بذل أي جهد في محاولة تحقيقه.
أحد الأسباب الشائعة الأخرى لعدم ثقتك بنفسك هو تعرضك للتعييب أو التأنيب في الماضي؛ ربما سمعت عبارة مثل “على الأطفال أن يكونوا هادئين ومؤدبين”، إذا كنت تُعاقب على الدوام على تعبيرك عن احتياجاتك وأنت طفل، ستحمل معك عبء الذنب، الخزي، الخوف عندما تكبر.
على نطاق أوسع، يمارس كل من العائلة، المجتمع والمحيط حولك ضغطاً من ناحية ما يجب أن تكون عليه. قد يعتريك شعور مزعج أو حتى شعور بالخطر لمجرد تعبيرك الكامل عن نفسك، فتخفي ذلك بقناع مزيف وتمثل الدور الذي يرغبه من حولك.
يظهر الافتقار للثقة بالنفس بـ:
- الشعور وكأنك لست جيداً كفاية.
- القسوة على نفسك عندما تتعرض للانتقاد وتشعر بالذنب والعار.
- صعوبة اتخاذ القرارات وسؤال الآخرين بشكل مستمر للإرشاد والتوجيه.
- الخوف من اختيار خاطئ أو خذلان الآخرين.
- اتباع النصائح من سلطة خارجية حتى وإن كانت مؤذية لك.
- إخفاء ذاتك الأصلية والشعور بالخجل المفرط.
عندما لا تثق بنفسك، ينتهي بك الأمر وأنت تائه أمام ملايين الاتجاهات. لا تتوافق أفعالك مع ما يهمك حقاً، وقد ينشأ شقاق بين ما أنت عليه وكيف تتصرف.هنا تعلم أنك تحتاج إلى إعادة السيطرة على حياتك وتعلم كيف تثق بنفسك مجدداً.
كيف تثق بنفسك مجدداً: اثنتا عشرة استراتيجية لكسب الثقة بالنفس
تعني الثقة بالنفس تعزيز موقف قوي والثبات على مبادئك وإظهار ذاتك كاملة أمام نفسك والآخرين. عند اتباعك ما يلي من خطوات، سوف تتعلم مع الوقت كيف تثق بنفسك وتشجع الآخرين على أداء المثل:
1- ابدأ بالتعاطف مع الذات
هل يهيمن حديث الذات السلبي على أفكارك ويقوض من ثقتك بنفسك؟
جميعنا يتحدث مع ذاته في حوار داخلي، ويخبرك الصوت في أعماقك أن رؤيتك أو أحلامك غبية أو مستحيلة. عندما تقترف خطأ أو تقول أو تفعل شيئاً تندم عليه، يرتفع صوتك الداخلي تلقائياً‘ إذ لديه دائماً الكثير ليقوله؛ ولا شيء منه لطيف أو مفيد. إذاً، حان الوقت لتغيير الناقد الداخلي إلى صديق رحيم.
عندما تدخل في دوامة من أصوات الشك الذاتي والنقد، خذ وقتاً للرد كما تتحدث مع صديق مقرب. حاول ممارسة التعاطف اليقظ مع الذات، إذ يقودك لدعم نفسك والتحرر من المشاعر القاسية بدلاً من البقاء سجيناً لها.
عندما تلاحظ أنك تفكر في: “لا أثق بنفسي، أخاف أن أخطئ مجدداً”، أجب: “إنه مجرد خطأ، ماذا تحتاج لتجاوزه؟”.
2- امنح نفسك الإذن
إذا كنت لا تثق بنفسك لدرجة اتخاذ قرار مهم أو العمل فعلياً نحو تحقيق أحلامك، ابدأ بخطوات صغيرة وامنح نفسك الإذن للقيام بأمور تخصك أنت فقط كل يوم.
بالنسبة للبعض، قد تكون العناية الذاتية الأساسية الروتينية بمثابة نقلة نوعية. ففي كل مرة تقرر أن تسمع لحاجاتك وتلبيها، ستقوي ثقتك بنفسك؛ حتى لو كانت الطريقة بسيطة.
تقدم بخطى متأنية وصغيرة، فالأفعال اليومية ستصل بك إلى ما تصبو له:
- حدد حاجاتك: أكتب قائمة بما يمنحك شعوراً جيداً، سواءً بأخذ حمام طويل ساخن أو المشي في الحديقة؛ امنح نفسك وقتاً للقيام بهذه الأمور.
- صمم روتين عناية مناسب لك: ابدأ بممارسة عادة صغيرة بسيطة واحدة مثل المشي لمدة محددة، التمرين لمدة 20 دقيقة، تناول طعام صحي أو الخلود للنوم بشكل منتظم يومياً.
- مارس التأمل لمتابعة حالتك الداخلية: ابدأ بممارسة التأمل من 5-15 دقيقة كل يوم.
- قل “لا” لمن يستنزفون طاقتك: ابتعد عن “المشككين” و”محطمي الأحلام” في حياتك ومن يستنزفون طاقتك. فقط قل “لا” لما لا ترغب به وأفعل الأمور التي تنعشك وتزيد طاقتك.
- مارس تقنيات التهدئة للتعافي من ماضيك: عالج صدمات الماضي بمفردك أو بمساعدة معالج نفسي.
- استخدم التأكيدات وعدّ ما تملكه من نعم ودوّنها في يومياتك.
- حدد أوقات للقاء بالأشخاص الداعمين: ابحث عن شخص يمكنه متابعة تقدمك وتشجيعك خلال رحلة الثقة بالنفس، أو قابل مدرباً شخصياً لدعمك وتشجيعك، مجموعة من المرشدين، صديق داعم أو موجه وذلك بشكل دوري.
حتى تصل إلى الثقة الحقيقة بالنفس التي تأتي من شعور إيجابي حقيقي حيال نفسك، إبحث عن طرق تقدير لنفسك حتى لو لم تكن تشعر بذلك حتى الآن. ربما تجد من السهل إدخال عادات صحية ببطء للانتقال إلى مرحلة العناية الذاتية؛ لذا لا تقلق بشأن العادات السيئة الآن.
3- احتضن ضعفك
تقول عالمة النفس والباحثة برينيه براون (Brene Brown): “كي يحدث التآلف والتربط الكامل، علينا أن نسمح لأنفسنا بالظهور على حقيقتها لتُرى حقاً.”
وتضيف أن الناس ينظرون غالباً للضعف على أنه علامة عجز ووهن. لكن عندما تخفيه، فأنت تخفي حقيقتك معه. كما تقترح إعادة صياغة مفهوم “الضعف” بالنظر إليه على أنه عمل شجاع وليس معيباً. فعندما تسمح لنفسك بالشعور بالضعف، تقلل حذرك وبالتالي تعطي إشارة للآخرين أن يفعلوا المثل.
يبني إظهار حقيقتك وضعفك علاقات أقوى وروابط حقيقية، فنحن بطبيعتنا كمخلوقات اجتماعية نحتاج إلى التواصل للشعور بالأمان والثقة.
عندما لا تشعر بالحماية والأمان في المواقف الاجتماعية، ذكر نفسك أنه لا بأس بأن تكون على سجيتك. اخطُ خطوات بطيئة وصغيرة وجازف بأن تكون ضعيفاً. هكذا، تتعلم مع الوقت كيف تثق بنفسك مجدداً وستبدأ مشاعر انعدام الأمان بالتلاشي.
4- عزز حدودك الشخصية
إذا كنت لا تثق بنفسك، من المحتمل أن تواجه صعوبة في قول “لا” والوقوف بحزم عندما يتجاوز الناس حدودهم معك. ترسخ الحدود الشخصية طرقاً مقبولة للناس الآخرين من ناحية كيفية تعاملهم معك واستجابتك في حال تخطيهم تلك الحدود.
يساعدك ذلك في إرساء قواعد قوتك الشخصية ويضمن بقاء علاقاتك ضمن إطار من الاحترام والدعم والاهتمام المتبادلين.
كيف تضع الحدود الشخصية؟
هناك بعض الممارسات التي تساعدك في بناء الحدود في العلاقات وتساعدك في تعزيز الثقة بالنفس.
ممارسة الوعي الذاتي يعزز الثقة بالنفس
حدد احتياجاتك ورغباتك. ما الذي ترتاح له؟ مـا الذي يشعرك بالراحة؟ ما الذي يخيفك ويزعجك؟ مـا هي المواقف التي حدثت في حياتك وتسبب إثارة تلك العواطف؟
الاعتراف بأن أن احتياجاتك مهمة والإعراب بوضوح عن احتياجاتك للآخرين يساعدك في تعزيز ثقتك بنفسك، كما يمكنك التدرب على أسلوب تواصل حازم؛ أي حاول استخدام عبارات تحوي ضمير “أنا” بدلاً من لوم الآخرين.
يحتاج وضع الحدود وقتاً، فهي تتغير باستمرار، لذا لا تيأس في حال لم تسر الأمور بسلاسة، حافظ على تواصل واضح وسليم وتحلى بالصبر. تذكر أنك أنت المسؤول عن حياتك ويمكنك ترك ما يزعجك متى يحلو لك.
الإصغاء لأفكارك
عندما تريد معرفة نفسك أكثر، أنظر داخلك. قضاء وقت بمفردك يتيح أمامك مساحة للاستماع لأفكارك وعواطفك. تمنحك نشاطات مثل المشي لمسافات طويلة، التأمل والسباحة وقتاً للاستماع لما يدور في ذهنك، وربما تلاحظ مشاعر الشك الذاتي التي تحتاج إلى معالجتها.
أما إذا كنت لا تحبذ أن تكون وحيداً، حوّل ذلك الوقت إلى فرصة للترفيه عن نفسك؛ دللها ليوم كامل وعاملها بلطف أو غير قصة شعرك أو استحم بماء ساخن. افعل كل الأشياء التي تشعرك بالراحة والرضا لأجلك فقط.
عبر عن ذاتك الحقيقة
عندما لا يمكنك الوثوق بنفسك، تقول أشياء تعتقد أنها قد تنال إعجاب الأخرين، وبدلاً من أن ترتكز عند اتخاذ قراراتك على احتياجاتك أنت، تسمح للعوامل الخارجية بالتحكم في حياتك ويعلو صوت غيرك بدلاً من أن تعبر عن رأيك. تمنع هذه الرقابة الداخلية الآخرين من معرفة حقيقتك.
من المنطقي إخفاء أجزاء من نفسك خوفاً من الرفض أو النقد أو بسبب شعورك بعدم الأمان، إذ لا تريد أن يراك أحد ضعيفاً ولا الاعتراف بأنك اقترفت خطأ. لكن اختباءك خلف قناع مزيف يجعل الثقة بنفسك أمراً صعباً. (إذا رأيت أحداً ما ذو وجهين أي يقول شيئاً ويفعل عكسه: هل ستثق به؟)
المصداقية جزء مهم من الثقة بالنفس وتطوير علاقات صحية تدوم طويلاً. كلما ظهرت حقيقياً وصادقاً أكثر، كلما تعلمت المزيد عن نفسك وعلمت الآخرين عنك أكثر. تخلّ عن فكرة أن يحبك الجميع وتذكر: عندما تكون صادقاً وغير مزيف، ستجد الكثير حولك ممن يشبهونك حقيقة.
تنمية المصداقية الذاتية يساهم في تنمية الثقة بالنفس
مارس اليقظة الذهنية، تعلم أن تكون حاضراً بالكامل في اللحظة الحالية. سيساعدك هذا على التمسك بمبادئك حتى في المواقف اليومية وإبراز حضورك أمام الآخرين.
ابحث عن المواقف التي تسمح لك بأن تكون على طبيعتك. ابحث عن المجتمعات التي تدعم اهتماماتك وقيمك، وجد مساحات آمنة للانفتاح والاحتفاء بذاتك الأصيلة.
انظر ملياً في معتقدات أسرتك. هل الطريقة التي نشأت بها تتعارض مع نفسك الحقيقية؟ كيف يمكنك التغلب على هذه التناقضات؟
اعرف ما يهمك حقاً
يحدث الصراع الداخلي عندما لا تفهم أكثر مبادئك أهمية، إذ تزج التأثيرات الخارجية بك في متاهة، وينتهي الأمر باتخاذ قرارات بناءً على آراء الآخرين بدلاً من الاستماع إلى آرائك.
يأتي ثلاثة أرباع نجاح المرء من الداخل؛ من تلك الحكمة في الأعماق. أما الجزء الأصغر فيأتي من المدخلات الخارجية، أي ردود الفعل وتصورات الآخرين.
لكي تثق بنفسك، تحتاج إلى توضيح موقفك، خذ الوقت الكافي لتحديد القيم والمعتقدات الأساسية الخاصة بك. بعد تفحصها، يمكنك البدء في مطابقة أفعالك مع معتقداتك، هنا يتشكل لديك إحساس جلي بمن أنت وتعرف متى تقول “نعم” ومتى تبتعد. مع مرور الوقت، ستبدأ بالثقة بنفسك أكثر.
تخيل قصة نجاحك
ماذا يعني النجاح بالنسبة لك؟ أغمض عينيك وتخيل الحياة المثالية التي تتمناها، تخيلها مع التفاصيل. ما هو أكثر مظهر تتجلى من خلاله القوة الذاتية لديك؟ كيف تبدو تعابير وجهك؟
بماذا تشعر، بالقوة، السعادة أو الصحة؟ أم العكس تماماً؟ ما هو النشاط الجسدي الذي تجد نفسك فيه؟ الجري، رفع الأثقال، السباحة، ركوب الأمواج أم قيادة طائرة؟ استخدم مخيلتك
من هم الأشخاص الذين يحيطون بك؟ هل تتخيل نفسك مع شريك وأطفال أم مع شخص محبب محدد ضمن محيطك؟
تخيل رقماً لمبلغ مالي في حسابك البنكي. يعد التخيل أداة قوية؛ وحسب جيم كيري (Jim Carrey) وأوبرا وينفري (Oprah Winfrey) فقد كان التخيل جزءاً مهماً من نجاحهما. عندما تدرك مفهوم النجاح وما يعني لك بالضبط، تنير دربك نحو الأمام.
تقبل أنك لست مثالي
تعني المثالية رفض قبول أي شيء أقل من درجة الكمال عندما تحاول تحقيق أهدافك، وتعترض هذه الذهنية دربك من حيث الثقة بنفسك والمضي قدماً حين تقترف أي خطأ.
عندما يخطئ صاحب الذهنية المثالية، وهو أمر حتمي لا محالة، يميل للاستسلام والشعور بأنه فاشل تماماً، ويقسو على نفسه لأنه لا يترك مجالاً للخطأ؛ وهذا نوع من تخريب الذات، ويشل حركة الفرد، إذ تبدو المجازفة بالشعور بالفشل أمراً غير مقبول على الإطلاق بالنسبة له.
يبدأ التغلب على المثالية بتغيير عقليتك. تذكر أن الجميع يخطئ وأن رحلة الحياة تعني النمو والذي تأتي فقط من اقتراف الأخطاء والتعلم منها. بوسعك أن تحافظ على حبك لنفسك وثقتك بها حتى لو كانت تخطئ؛ انفض غبار هذه العقلية عنك.
إذا وجدت نفسك تدور في حلقة من الذنب والعار، ركز على مسامحة نفسك. قد يساعدك التحدث مع أخصائي أو مدرب في التغلب على المشاكل العميقة التي تحدث داخلك. ابدأ بالتخلص من هذا الشعور بخطوات بسيطة كل يوم.
اسمح لنفسك بارتكاب الخطأ، وخذ الأمور بجدية أقل مما كنت تفعل، وتذكر أنك لا تحتاج أن تكون مثالياً لتنعم براحة البال فقط كن أنت وأعط كل شيء حقه في حياتك.
ممارسة التواصل الحقيقي والصادق يعزز الثقة بالنفس
قد ينشأ الافتقار للثقة بالنفس من عمر مبكر، إذ يتوقع الأهل والمدرسون تصرفات وأقوال معينة من الأطفال. قد تتعلم ألا تتكلم وأن تفكر قبل التحدث ولا تشعر بالحرية التامة للتعبير عن نفسك.
البدء بالتواصل الصادق هو إحدى طرق إبطال بعض من هذه الحالات. حان الوقت لتطلق العنان لنفسك كي تتحدث بصدق.
انتبه إلى العواطف التي تظهر عند تفاعلك مع الآخرين. واسأل نفسك: كيف أشعر؟ هل أنا مستاء، غاضب، منزعج أو محبط حيال أمر ما؟ حدد ما تشعر به بدقة.
الآن أنظر إلى محرك هذه العواطف، لماذا تظهر؟ حاول أن تفهم سبب شعورك هذا.
عبر للشخص الآخر المعنيّ عن مشاعرك بصدق. الانتباه لمشاعرك وأفكارك القائمة هو اعتراف بوجودها في المقام الأول، بعدها ستجد أنه أصبح من السهل التواصل مع أحدهم بهدوء حول ما تشعر به بدلاً من تفجير عواطفك.
كشفت دراسة جديدة أجراها علماء النفس في جامعة كاليفورنيا أن التعبير عن مشاعرنا يجعل الحزن والغضب والألم أقل حدة، أي عندما تحدد المشاعر ومسبباتها، فإنك تخفف من رد الفعل.
استخدم نموذج الثقة (Trust Model)
قد يعاني الأشخاص ممن لا يثقون بأنفسهم أحياناً أوقاتاً عصيبة عند التعامل بصدق مع أنفسهم. هل الكذب على نفسك أو التنمر على ذاتك أو تجاهل المعلومات المهمة أمور مألوفة لك؟
بإلهام من عمل جوديث إي. غلاسر ( Judith E. Glaser ) المتعلق بالذكاء الحواري (Conversational Intelligence)، يمكن استخدام نموذج الثقة لدفع الشك الذاتي بعيداً والبدء برحلة الثقة بالنفس، إنه مصمم لبناء مهارات حوار صحية وفعالة مع الآخرين إلا أنها أيضاً ناجحة مع محادثة ذاتك.
عندما لا تثق بنفسك أثناء اتخاذ قرار ما، استجمع طاقتك أو قم بأفضل ما تستطيع القيام به وتحدث إلى ذاتك خلالها.
دون طريقتك ضمن قائمة وحدد النقاط التي تحتاج أن تكون فيها أكثر صدقاً، احتراماً وتفهماً لذاتك. إليك نموذج عن ذلك:
الشفافية (Transparency)
- الرغبة في أن تكون واضحاً أمام نفسك والآخرين.
- اسأل “لماذا” و “ماذا”.
- المشاركة مقابل التمنع.
- قمع الخوف مقابل خلقه.
الاحترام (Respect)
- انظر إلى قدرات الآخرين.
- افترض الأفضل.
- استخدم لغة وأفعالاً جديرين بالاحترام.
الفهم (Understand)
- استمع إلى حقيقة الآخر.
- كن واقعياً.
- انظر بقلب مفتوح.
النجاح المشترك (Shared success)
- شارك في خلق سيناريوهات الفوز ثم الفوز ثم الفوز.
- ضع استراتيجيات للنجاح المتبادل.
اختبار الافتراضات (Test Assumptions)
- قل الحقيقة.
- حاول ردم فجوات الواقع.
- أصغ جيداً حتى تردم هذه الفجوات.
- تجنب اختلاق الأشياء.
ثق بغريزتك (Trust your intuition)
قد يعرقل التفكير المفرط الثقة بالنفس، عندما تتخذ قراراً، قد يسبب التفكير الزائد الشك والتردد مما يؤدي إلى صراع وقلق داخليين.
تحتاج أحياناً إلى أن تنأى بنفسك قيلاً عن التفكير وتستمع إلى غريزتك وتصغي إلى ما يحاول جسدك إخبارك به حول الموقف. لا تسأل ماذا تعتقد بل ماذا تشعر؟
الشعور هو الخطوة الأولى على طريق التعافي. يمنحك جسدك الذكاء العاطفي مرشداً إياك كل يوم، وعندما تقمع مشاعرك الحقيقية يمكن أن تظهر بطرق غير صحية، وقد تنفّس عن غضبك أو حزنك من خلال سلوك مدمر للذات.
خذ الوقت الكافي للاستماع لحدسك وما يقوله لك من خلال ممارسة التأمل. ليس عليك معالجة كل عاطفة تشعر بها في جلسة واحدة، ولكن مع الوقت سوف تتعلم التناغم مع جسدك أكثر وتثق بما تقوله غريزته عند اتخاذ القرارات.
أسئلة متكررة حول الثقة بالنفس
إليك بعض الأسئلة المتكررة عن الثقة بالنفس والإجابة عنها.
1- كيف أعيد بناء ثقتي بنفسي؟
عندما يتعلق الأمر بالثقة، الصبر والتأني هما العنوان. تحلّ بالصبر واعتني بالثقة بنفسك. بمرور الوقت، سوف تطور ثقتك بنفسك، فقط امنح نفسك الوقت الكافي. وستساعدك الخطوات الصغيرة والأفعال اليومية البسيطة في بناء الثقة والاعتداد بالنفس، مثلتطوير روتين رعاية ذاتية وعادات صحية جيدة يومية، ـ التواصل مع نفسك بشكل منتظم، التصدي للناقد الداخلي بالتعاطف مع ذاتك وـ محاولة أن تكون صادقاً مع الآخرين وواضحاً فيما يتعلق بنقاط ضعفك.
يساعدك أيضاً التحدث إلى معالج أو مدرب قادر على مساعدتك في تحديد أحداث الماضي التي تؤثر عليك وكيف كنت تتكيف معها
2- ماذا يحدث عندما أثق بنفسي؟
لا تعني الثقة بالنفس أن تكون ضد الصدمات، ولا تتعلق بإلغاء الشك الذاتي تماماً. هي استرداد القوة التي استسلمت لمخاوفك، والنهوض بنفسك والاعتداد بها، إذ تبدأ بإضعاف سلطة تلك المخاوف وتقوية سلطتك الخاصة للمضي قدماً.
3- ماذا تعني الثقة بالنفس؟
الثقة بالنفس هي الالتزام بقيمك على الدوام، وتنمية موقف قوي في الحياة، اتباع مبادئك الخاصة وإثبات وجودك بين الآخرين. عندما تثق بنفسك، لا تكترث كثيراً لآراء الآخرين وتشعر بالراحة أكثر مع نفسك كما هي.
4- لماذا لا أثق بأحكامي وآرائي؟
عدم الثقة بالنفس يعني تكرار اتخاذ قرارات لا تتوافق مع معتقداتك الجوهرية وما تصبو إليه في الحياة. يحدث ذلك أحياناً عندما لا تحدد ما هي قيمك ومبادئك الأساسية. لا تستطيع كسر هذا النمط حتى تدركه في المقام الأول.
اقرأ أيضاً: الحديث مع الذات، أنواعه، أسبابه وفوائده
اقرأ أيضاً: الشعور بالفراغ، ماذا يعني وكيف تتعامل معه؟
اقرأ يضاً:
المصدر: How to Trust Yourself: Building True Self-Confidence
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم