يمكن تقسيم المشاكل السلوكية في مرحلة الطفولة والمراهقة إلى سلوك خارجي وسلوك داخلي، يعرّف السلوك الخارجي بأنه مشكلة سلوكية موجهة مباشرة للآخرين أو البيئة المجتمعية المحيطة، ويتصف بأنه نمط استجابة خاضع لسيطرة الفرد موجه نحو الخارج. إذاً ما هو السلوك الخارجي ذو الطابع العدواني؟
السلوكيات المخالفة للقواعد أو الأفعال التي تنتهك معايير المجتمع كالعدوان الجسدي والتمرد هي أمثلة للسلوك الخارجي، وينشأ هذا السلوك من العواطف الخارجية كالغضب أو العدائية.
عندما يتم إهمالها وعدم متابعتها وعلاجها، قد تؤدي المشاكل الخارجية الجسيمة عند الأطفال إلى اضطرابات سلوكية خارجية مثل اضطراب المتحدي المعارض أو اضطراب السلوك أو الاضطراب الانفجاري المتقطع لدى البالغين (intermittent explosive disorder).
مقارنة ما بين السلوك الخارجي والسلوك الداخلي
السلوك الخارجي ذو الطابع العدواني هو سلوك موجه نحو أطراف خارجية، بينما يكون السلوك الداخلي يكون موجهاً نحو داخل الفرد، تضم السلوكيات الداخلية الحزن، الخوف، الاكتئاب، الخزي، الخجل واضطرابات القلق.
تكون المشاكل ذات الطابع الخارجي ظاهرة وواضحة أمام الآخرين على الأرجح، تميل تلك الداخلية إلى أن تكون مستترة وفي أكثر الأحيان عابرة دون أن يلحظها أحد.
عندما يسعى الأبوان والمعلمون إلى التدخل المبكر في المشاكل السلوكية للطفل، فإنهم في أغلب الأحيان يصبون تركيزهم على معالجة السلوكيات ذات الطابع الخارجي وليس الداخلي.
لماذا تعد القضايا السلوكية إشكالية؟
الأطفال الذين تكون سلوكياتهم السلبية خارجية هم الأكثر عرضة لخطر ارتكاب جنح الأحداث والعنف. السلوك العدواني في مرحلة الطفولة المبكرة هو مؤشر قوي على الجريمة والسلوك المعادي للمجتمع عند البلوغ.
تشير الأبحاث والدراسات إلى أن نشوء المشكلات السلوكية الخارجية يعتمد على عمر الطفل، إذ قد تبدأ بالظهور في مرحلة الطفولة المبكرة أو المراهقة المبكرة.
إذا أظهر الأطفال العدوانيون باستمرار مستويات عالية من المشكلات ذات الطابع الخارجي، فإنهم معرضون لخطر التنمر، الكذب والمشاجرات في مرحلة الطفولة، بالإضافة إلى سلوكيات أكثر خطورة مثل معاملة الحيوانات بقسوة، التخريب والسلوك الإجرامي العدواني في مرحلة المراهقة.
يمكن أن تبدأ مشاكل السلوك الاجتماعي أيضاً خلال مرحلة المراهقة المبكرة لدى بعض الشباب، يكون هذا عادة نتيجة الاختلاط مع أقران منحرفين.
غالباً ما تترافق المستويات العالية من المشكلات الخارجية مع مستويات عالية من المشكلات الصحية النفسية، إذ ترتبط العديد من مشاكل السلوك بالفشل في المواقف الاجتماعية التي تسبب بدورها أعراض الاكتئاب لدى الأطفال.
أمثلة على السلوك الخارجي:
- نوبات الغضب.
- الضرب، الركل، العض ورمي الأشياء.
- العدوان اللفظي والتهجم العدائي.
- التخريب والتعدي على الأقارب.
- معارضة / تحدي الآخرين.
- الاندفاع / فرط النشاط.
- الكذب، السرقة والتنمر.
أسباب السلوك الخارجي
تتضمن أسباب المشاكل السلوكية تفاعلاً معقداً بين عوامل الخطر البيولوجية، الأسرية والبيئية.
جمع علماء النفس والباحثون الأسباب المعروفة وعوامل الخطر للسلوك الخارجي في مرحلة الطفولة بصعوبة بالغة.
يمكن تقسيم عوامل الخطورة إلى أربع مجموعات وهي: سمات الطفل، العوامل الأسرية، تأثير الأقران والبيئة.
سمات الطفل
لوحظ ارتباط مجموعة من سمات الطفل بمستويات عالية من المشاكل السلوكية منها:
- الشخصية الصعبة، الانفعالية والمعارضة.
- السلوك الاندفاعي والافتقار إلى ما يردعه.
- خلل في الوظيفة التنفيذية والانتباه.
- قلة الشعور بالندم، التعاطف أو الفهم العاطفي.
- وجود أم صغيرة العمر، التدخين، تعاطي الكحول والمخدرات أثناء فترة الحمل.
العوامل الأسرية
أثبتت الأبحاث أن هذه العوامل الأسرية قد تساهم في السلوك الخارجي عند الأطفال:
- إهمال الطفل من قبل الوالدين.
- افتقار المشاركة أو عدم مراقبة سلوك الطفل.
- التأديب القاسي والصارم والعداء الأبوي.
- تسلط الأهل على الطفل.
- السلوك المعادي للمجتمع، الجنوح، السلوك الإجرامي لدى الآباء البيولوجيين.
- المشاجرة بين الأبوين.
تأثير الأقران
قد تساهم العوامل الآتية في نشوء السلوك الخارجي عند الطفل:
- رفض الطفل من قبل أقرانه.
- التعرض المستمر للتنمر.
- الأصدقاء العدائيين والمنحرفين.
البيئة الخارجية أو الوسط الاجتماعي
لوحظ ارتباط الحالات الآتية بالسلوك الخارجي والمشاكل السلوكية:
- الحالة الاجتماعية الاقتصادية المنخفضة، والدخل الأسري القليل
- الثقافة العدائية السائدة في المجتمع أو البيئة المدرسية.
- الكثافة السكانية.
- ارتفاع معدلات الجريمة.
علاج السلوك الخارجي
فيما يلي بعض الطرق المختلفة التي أثبتت فعالية في علاج مشاكل السلوك.
تدريب الإدارة للأهل (PMT/Parent management training)
لوحظ أن تدريب الأهل على الإدارة هو طريقة فعالة في علاج السلوك المعارض، العدائي والمعادي للمجتمع لدى الأطفال.
في هذا الإجراء العلاجي، يتم تدريب الآباء على مساعدة الأطفال في تطوير السلوك البناء وتقليل السلوك المنحرف.
وفقاً للأبحاث والدراسات، تتأثر الاستجابة لتدريب الأهل غالباً بعوامل لا ترتبط مباشرة بالطفل، كالحالة الاجتماعية الاقتصادية وصحة الأم النفسية.
العلاج التفاعلي بين الطفل والأهل (Parent-child interaction therapy/ PCIT)
وهو برنامج متاح على نطاق واسع للآباء والأمهات الذين لديهم أطفال بين 2-7 سنوات يظهرون سلوكاً إشكالياً.
طُوّر تدريب الوالدين السلوكي بناءً على نظريات التعلم الاجتماعي والتعلق، وهو مصمم خصيصاً لتقليل السلوك الإشكالي وذلك من خلال تحسين مهارات التربية وتعزيز التفاعلات الإيجابية والتعلق الآمن.
التربية الإيجابية (Positive parenting)
التربية الإيجابية هي فلسفة تربوية تعزز التفاعلات الإيجابية والاحترام والتقدير المتبادلان لدى الأبوين، ويمكن للوالدين تعليم أطفالهم السلوك السليم باستخدام الانضباط والتأديب الإيجابي بدلاً من العقاب القاسي.
تميل التربية الإيجابية إلى أن تكوين سلوك أقل عداءً للمجتمع وتحسين قدرة التكيف الاجتماعي لدى الأطفال.
العلاج النفسي أو العلاج المعرفي السلوكي للسلوك الخارجي
تظهر الأبحاث أن العلاج النفسي للأطفال واحد من أفضل الطرق للتعامل مع المشكلات السلوكية والعاطفية.
يمكن أن يخفف العلاج من الإجهاد النفسي، يقلل من السلوك غير القابل للتكيف ويزيد القدرة على تحسين السلوك القادر على التكيف.
اقرأ أيضاً: تحليل السلوك في علم النفس، تاريخه، أنواعه، تقنياته وفوائده
اقرأ أيضاً: السلوك الخطر عند المراهقين وكيف يمكن للوالدين الحدّ منه؟
المصدر: How to Deal with Externalizing Behavior in Children
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم