الشعور بعدم التقدير، ما هو وكيف تتعامل معه؟

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

لابدّ أنه في مرحلة ما راودك ذلك الإحساس أو الشعور بعدم التقدير. عندما تغدو الحياة مرهقة، فإن ما يجعلنا نخوض ما يواجهنا من صعاب هو معرفة أن أحداً ما يقدرنا كما نحن. كيف تتعامل مع الشعور بعدم التقدير (عدم تقدير الذات)؟ وما أهمية التقدير في العلاقات؟

أحياناً نشعر بعدم التقدير في بعض المواقف، وتكمن المشكلة في أننا حين نشعر بعدم التقدير، يمكن أن تقل مشاعر تقدير الذات والإحساس بالمعنى والانتماء.

لا يمكننا توقع أن الآخرين سيشعرون دائماً بالتقدير لما نحن عليه أو ما نقوم به، لذا من المهم تعلم كيفية التأقلم والإدارة عندما لا نتلقى التقدير والحب الذي نحتاجهما.

في هذا المقال، نقدم لك بعض النصائح الصحية للتأقلم مع الشعور بأن أحداً لا يشعر بوجودك، بما فيها كيفية إيصال ما ترغبه وتحتاجه للآخرين وكيف تمنح نفسك الحب والرعاية دون شروط مسبقة بحيث تستطيع البدء في تقدير نفسك والتغلب على عدم تقدير الذات.

ماذا يعني الشعور بعدم التقدير؟

هو إحساس الفرد بأن وجوده أمر مسلم به من قبل الأشخاص المقربين منه أو الذين تربطه معهم علاقة جيدة. سنلقي نظرة، فيما يلي، على أهمية التقدير في العلاقات العاطفية، لكن يمكن أن يشعر الشخص بعدم التقدير في علاقات كثيرة خلال حياته، مثل العمل أو العائلة.

في العمل، يمكن أن يجعل الشعور بعدم التقدير من الحفاظ على التحفيز والاندفاع أمراً صعباً. إذا بذلت جهداً كبيراً في العمل على مشروع ما، ولم يعترف أحد به أو يثني عليك، يمكن أن تشعر أن جهودك أمر مفروغ منه.

في العائلة، يأتي الشعور بعدم التقدير عندما تكون متعاطفاً ولطيفاً مع أفرادها لكن دون شكر في المقابل. بالطبع، لا يقوم الفرد بما ينمّ عن لطف وتعاطف مع عائلته للحصول على شكر، لكن من الجميل أن يشعر بأنه موجود بكل تأكيد.

في العلاقات العاطفية، سواء كان الطرفان في علاقة جديدة أو متزوجان منذ 30 سنة، يمكن أن يكون الشعور بعدم التقدير محبطاً للغاية.

الشريك العاطفي هو شخص نتأثر بسهولة معه ونشعر بالحميمية بوجوده. لذا فإن إحساسنا بعدم التقدير من قبله لما نحن عليه يمكن أن يكون تجربة تبعث على العزلة والوحدة. في المقابل، تقودنا الوحدة إلى الشك باحترام ذاتنا وجدارتها ما يفاقم الشعور بعدم التقدير.

أهمية التقدير في العلاقات

يؤدي الإحساس بعدم تقدير الذات في أي نوع من العلاقات، سواء العاطفية أو غيرها، إلى مشاعر الاستياء. إذ تشعر وكأنك من المسلمات بالنسبة للشخص المعني. وإذا لم تتحدثا عن هذا الشعور سوية، من المرجح أن تتطور داخلك مشاعر سلبية تجاهه.

يشكل التواصل الصادق أمراً جوهرياً عندما يحدث ذلك، نظراً لأن كبت أو إخفاء مشاعرك الحقيقية يمكن أن يؤدي إلى سلوكيات سلبية – عدوانية وحانقة تجاهه.

إذ يمكن أن تتوقف عن محاولة التواصل معه دون قصد، تعامله ببرود أو تحاول أن تنتقم منه بإلقاء تعليقات سيئة أو الشجار على أشياء تافهة.

على الرغم من أن الشعور بعدم التقدير محبط للفرد، من المهم أن تتواصل مع نفسك بانتظام وتتأكد من عدم السماح لهذا الشعور أن يسيطر على تصرفاتك. ومن المهم أيضاً تذكر أنك تمتلك السيطرة وحرية الاختيار في حياتك.

فالخيار بين يديك، إما أن تسمح للازدراء والغضب أن يهيمنا ويؤثرا على علاقتك بهذا الشخص، أو أن تتقبل ما يشعره تجاهك بكل رحابة صدر وعقل منفتح وتتخذ خطوات صحية وإيجابية في هذا الصدد.

أهمية التقدير في العلاقات الاجتماعية

وفقاً لدراسة أجريت عام 2008 تناولت أهمية دور التقدير في العلاقات الاجتماعية، يلعب التقدير دوراً قوياً في صحة ونجاح العلاقات.

عندما نظهر التقدير للشريك، نشعر في نهاية المطاف بمشاعر إيجابية تجاهه ونجد أن الحديث عن مشاكل العلاقة أكثر سهولة ودون خوف.

“نشعر بالبهجة عندما نجد شخصاً يكنُّ لنا التقدير بقدر ما نكنه لذاتنا، ويميزنا عن الآخرين من البشر، بطريقة مختلفة عن طريقتنا في تمييز ذاتنا.”

آدم سميث

فيمابيّنت دراسة أخرى أن التقدير هو عامل جوهري في العلاقات الزوجية الدائمة والمرضية.

كيف تتعامل مع الشعور بعدم التقدير؟

فيما يلي بعض الأشياء المهمة التي يمكن اعتبارها عندما لا تشعر بالتقدير الذي تؤمن أنك تستحقه والتي ستساعدك في اتباع أساليب ناضجة تهدف إلى النمو تجاه المواقف التي تواجهك. وفي الحفاظ على صحة نفسية وعاطفية بوجه هذا الشعور الصعب.

تحديد ما تحتاجه لتشعر بالتقدير

هناك العديد من النواحي التي يشعر المرء فيها بعدم التقدير. لذا من المفيد تحديد ما يعني ذلك الشعور تماماً بالنسبة لك في الموقف الحالي.

في أي مجال من الحياة تشعر بعدم التقدير؟ في العمل؟ أو في المنزل؟ هل تشعر بأنك لا تحصل على ما تستحقه من حب وعاطفة؟

بمجرد تحديد ما تريد وتحتاج في العلاقات والحياة بشكل عام، سيصبح من السهل جداً التواصل والحديث مع الشريك بشكل صحي وصادق في أي من الأشياء المهمة لكما.

تواصل مع الشريك

بدلاً من الأمل بأن يفهم شريكك التلميحات أو أن يتعلم التخاطر الذهني، تفهّم أن التواصل أمر أساسي لعلاقة صحية. عندما تواجهكما مشاكل فيما يتعلق بالشعور بعدم التقدير، يجب أن تتحلى بالشجاعة الكافية لإخبار الشريك بما يختلج صدرك من مشاعر.

اللباقة في النقاش مهمة بالتأكيد؛ لن يفيد الصراخ وتوجيهه الاتهامات للآخر مثل” أنت لا تلاحظ وجودي أبداً!” أو “يجب أن تقدرني أكثر!”. فأفضل طريقة للتعامل مع مشاكل العلاقات، أيّ منها، هو التواصل مع الطرف الآخر بصدق واستخدام ضمير أنا

فبدلاً من قول ” أنت لا تقدرني، يمكنك القول أنا لا أشعر بالتقدير.” وبدلاً من قول “أنت لا تهتم لأمري” يمكنك قول ” أنا لا أشعر بالاهتمام مؤخراً”.

للعبارات التي تحمل ضمير “أنا” سحر خاص يفتح أمامك مجالات واسعة تستطيع عبرها الإسهاب في التعبير عما تشعر به.

لا داعي لأن تبالغ في الشرح، ولست ملزماً بتبرير ما تشعر به. لكن القدرة على الاستفاضة فيما يتعلق بسبب شعورك بعدم التقدير عندما تتحدث عنه مع الشريك من أجله أن يساعدكما على مقاربة المشاكل كفريق، بدلاً من طرفين متعارضين من الدفاع والهجوم.

تعلم تقدير نفسك

من الرائع الشعور بأن هناك من يكنّ لنا التقدير لما نحن عليه ولأي شيء نفعله. لكن لا يمكننا أن نتوقع أن يظهر الآخرون لنا ذلك دائماً. هو أمر مذهل عندما نشعر به لكن يمكن أن يقود إلى الشعور بالخيبة في حال تكرار توقّعه.

لن يقدرك البعض بالمقدار الذي ترغبه، ويعود ذلك ببساطة أحياناً إلى ظروف ومشاكل الحياة التي يعيشونها والتي تلهيهم عن ذلك.

لذا، إذا كنت لا تشعر بالتقدير الذي تعتقد أنك تستحقه من شخص ما، لا تنسى أن تنمّي وتطور بعض التقدير لنفسك. 

بالتأكيد، من الجميل أن يعترف ويثمّن الآخرون جهودنا وحتى وجودنا. لكن عندما نمنح الآخرين سلطة تأثير سلوكهم على طريقة شعورنا، فإننا بذلك نتخلى عن الكثير من استقلالية عواطفنا وإدارتنا لحياتنا.

تعلُّم كيف نقدر ذاتنا هو فعل حب للذات يمكنه أن يساعدنا في الحفاظ على إطار ذهني إيجابي موجه نحو النمو.

تقدير الآخرين

ليكن هذا الشعور الصعب بمثابة رؤيا أعمق حيال طريقة إحساس الآخرين بذات الشعور. تصبح أي مشاعر صعبة أو شاقة أسهل في إدارتها بشكل كبير عندما تتيح لنفسك اختبارها كاملة بدلاً من القيام بأفعال إيجابية لمساعدة الآخرين على التوقف عن الشعور بهذه الطريقة.

إذاً، إذا كنت تشعر بعدم التقدير هذه الأيام، حاول إظهار التقدير للآخرين. هل لديك زميل يعمل بجد دون أن يلحظه أحد؟ دعه يعلم أنك تثمن عالياً جهده هذا.

هل يشعر أحد أفراد عائلتك بالإحباط؟ أخبره بأنك تقدّره وتعلم قيمته تماماً. هل شريكك العاطفي متعب ويشعر بخيبة أمل مؤخراً؟ امنحه التعاطف وذكّره بمقدار حبك له واهتمامك به.

قد ننسى في بعض الأوقات كم يعني لنا الشريك وكم هو رائع بالنسبة لنا. فكر بأول لقاء وبمقدار البهجة والفرحة التي غمرتك لمجرد وجوده حولك، وبروعة الشعور والحب الذي اجتاحك عندما نظرت إليه ببساطة.

لقد شعرت على الأرجح بامتنان كبير للقاء هذا الشخص الرائع. ينبع هذا الامتنان من حقيقة أن هذا الشخص من الممكن ألا يكون في حياتك. فتشعر بأنك محظوظ لأنك التقيت به وبالامتنان لوجوده .

الامتنان هو مطلب وشرط أساسي للتقدير، إذ يمنح فوائد للفرد على نطاق أوسع. لذا فالامتنان يستحق العمل على تنميته داخلنا، حتى في حال لم تشعر أنت بالتقدير.

أظهرت الأبحاث أن الأفعال والتعبير عن الامتنان من شخص لآخر يزيدان من احتمال شعور الطرف الآخر بالامتنان والتقدير للطرف الأول.

إظهار الامتنان والتقدير للشريك يجعله أكثر ميلاً لإظهار ذلك أيضاً لك، إلى أن يغدو ذلك حلقة من الفائدة المشتركة والإيجابية.

ضبط وإدارة التوقعات

المواجهة ليست سهلة دائماً، ففي بعض الأوقات نفضل البقاء صامتين إزاء ما يعكر صفونا على المخاطرة في خوض نقاش وجدال مع الشريك أو إزعاجه. ربما نتمنى بصمت أن يكون الشريك قادراً على قراءة ما يدور في ذهننا دون أن نتكبد عناء إخباره بحقيقة شعورنا.

لكن توقع أن يكون شخص ما، حتى الشريك، قادراً على قراءة أفكارنا، معرفة ما يختلج صدورنا من مشاعر. وما يمكن فعله بالضبط لإصلاح المشكلة هو أمر غير واقعي بشكل كبير وغير صحي تماماً.

صحة التوقعات والعلاقات

إذا كنت تتوقع أن شخصاً ما بإمكانه معرفة كيف تشعر ومتى تشعر بعدم التقدير بالضبط ولا تقوم بأي شيء سوى انتظار أن يكتشف ذلك من تلقاء نفسه، فلن تكون علاقتكما سوية علاقة صحية.

حتى وإن كانت هذه الطريقة تؤتي ثمارها مع الطرف الآخر، تبقى تلك الديناميكية في العلاقات غير صحية. حتى تلك العلاقات الأكثر انسجاماً تقتضي تواصلاً منفتحاً وصادقاً وتأكيداً للعلاقة. 

على المدى الطويل، من الأفضل أن تتواصل مع الشريك وتتأكد مما يفكر به أو يعتقده، وسؤاله عن شعوره وأن تكون صريحاً حيال ما تشعر به أنت أيضاً. توصلا إلى اتفاق حول طريقة دعم كل منكما الآخر وحاول أن تبقيه بعيداً عن التخمينات غير الضرورية في العلاقة.

لا تشعر بالخوف من قول “لا”

الحياة والأشخاص ليسوا مثاليين، إذ يعمدون من حين لآخر، حتى نحن أيضاً في الحقيقة، إلى اعتبار الآخرين من المسلمات في حياتهم. فعندما يكون الآخر شخصاً جيداً بالنسبة لنا، يمكن أن نصل إلى مرحلة نتوقع الخير دائماً منه وننسى أن نظهر التقدير والامتنان له.

إذا كنت تشعر بعدم التقدير لما تهتم به وتبذل جهوداً إزاءه، حاول أن تتراجع قليلاً عندما تكون على وشك تخطّي المعقول في علاقتك مع الآخر وما تقدمه له.

لا تتركه عالقاً إذا كان يعتمد عليك بصدق في أمر ما، لكن حاول أن تقول لا من وقت لآخر لتبين له أنك غير قادر على تقديم ما يحتاج إليه دائماً. عندما تبدأ بقول لا، يقدر الآخرون كلمة “نعم” بشكل أكبر.

اهتم بصحتك النفسية

عندما تشعر عميقاً بعدم التقدير، قلة الأهمية وأن الطرف الآخر  يشعر بوجودك بالكاد، لن تكون العلاقة حينها هي من تعاني فقط. فهذه المشاعر لها تأثير ضار على صحتك النفسية. إذ تجعلنا نشعر بالوحدة وعدم الجدارة، وأننا لا نستحق التقدير في المقام الأول. 

إذا أخذنا هذا الأمر بشكل موضوعي ومحايد، يبدو أنه صعب المنال، لكن هذه المشاعر يمكن أن تكون خبيثة، إذ تتغلغل داخلنا بشكل بطيء عبر السنوات وتجعلنا نشعر بأننا مكروهون وبعدم التقدير ويصبح هذا الشعور في النهاية هو الصورة التي نكونها عن ذاتنا.

هل يجب الحديث مع معالج نفسي؟

إذا كنت تشعر fعدم تقدير الذات الذي يجعلك تحسّ بالسوء إزاء حياتك، عندها من الحكمة التماس المساعدة من أخصائي صحة نفسية مؤهل. 

بإمكان الاستشاري أو المعالج المرخص تقديم النصيحة المختصة المستنيرة فيما يتعلق بالتأقلم والتعامل مع مشاعر عدم التقدير.

مع دعم الأخصائي، يمكنك استكشاف معنى التقدير ونقص التقدير بالنسبة لك كشخص مميز بشكل آمن. إضافة إلى استكشاف الأوقات التي يكون فيها شعور عدم التقدير حاضراً ويؤثر عليك، واكتساب نظرة ثاقبة إزاء تجاربك السابقة وكيف تؤثر عليك اليوم.

يمكن أن يساعدك المختص في العمل على تقدير الذات والإحساس بالجدارة لمساعدتك في الحفاظ على صحتك النفسية والعاطفية في حال وجدت نفسك في علاقة غير صحية، وتقديم العون لك في تعلم قول لا ووضع حدود صحية، سليمة وثابتة حول وقتك وطاقتك بطريقة تحد من صرف وقت زائد في التفكير المفرط حيال افتقار التقدير والامتنان من الآخر.

خلاصة

لا يحبذ أحد الشعور بعدم التقدير، لكن في الحقيقة أننا حين نربط صحتنا العاطفية بإذا كان الآخرون يظهرون لنا التقدير أم لا، نشعر بالإحباط والخيبة أحياناً.

الإحساس بالتقدير أمر عظيم خاصة في العلاقات الاجتماعية المقربة، لكن ما يهم أكثر هو أن تتعلم كيف تحب وتقدر نفسك في البداية وقبل كل شيء.

اقرأ أيضاً: الشعور بالفراغ، ماذا يعني وكيف تتعامل معه؟

اقـرأ أيضاً: كيف تتوقف عن كونك شديد الحساسيّة وتأخذ الأمور على محمل شخصي

اقرأ أيضاً: الشعور باليأس، إليك تسعة أشياء تفعلها لتتخلص منه

المصدر: feeling unappreciated

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: