دليل موجز للعار السام خلال مرحلة الطفولة الذي لم تتم معالجته

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

العار الضار أو ما يدعى العار السام (toxic shame) هو أحد أكثر المشاعر المدمرة شيوعاً التي يمكن أن يختبرها الشخص. يشير المصطلح في جوهره إلى شعور مزمن أو حالة عاطفية تغمرها مشاعر الحزن وعدم القيمة والدونية والعيوب بصورة أساسية. وقد يترافق بمشاعر الذنب السام أحياناً.

يطلق عليه شعور سام لأنه مجحف جداً بحق الذات. وهناك أيضاً ما يسمى بالعار الصحيح وهو أن تقوم بفعل خاطئ أخلاقياً كالاعتداء على الآخرين مثلاً.

أصل العار السام

يستمد العار السام أو السلبي جذوره بشكل أساسي من الصدمة. والصدمة كلمة لا يوليها الكثير من الناس تفكيراً عميقاً أو يقتصر مفهومها لديهم بشيء متطرف، مثل العظام المكسورة أو الاعتداء الجنسي الشديد.

هذه الأشياء مؤلمة للغاية بالفعل، لكن هناك الكثير من التجارب المؤلمة الأخرى التي لا يعي الناس بأنها فعلاً تعد صدمة.

ولهذا السبب بالذات يجد الكثير صعوبة في فهم أن بعض الأشياء مثل الإهمال في مرحلة الطفولة يُعد شكلاً من أشكال الإساءة والصدمة.

غالباً ما يختبر الفرد الصدمة خلال فترة طفولته ومراهقته. في تلك المرحلة يتكرر حدوث الصدمة دون علاج مناسب لها من يجعلها تترك ندباً. لذلك يجد الشخص نفسه مرهوناً بالشعور بالخجل بشكل روتيني. في حين لا وجود لشيء يجعله يشعر بالعار فعلياً أو شيء بسيط جداً.

وبالنسبة للعار السَّام على وجه التحديد، فإنه يتطور بالدرجة الأولى نتيجةً للعار الذي يسببه مقدمي الرعاية الأساسيين أو الأشخاص المهمين في حياة الفرد بشكل مستمر أو حتى روتيني، أو نتيجةً للعقوبات التي يفرضونها إما بشكل سلبي أو إيجابي.

هكذا تنغرس تلك الكلمات والسلوكيات المؤذية وغير الصحيحة في عقل الفرد وتصبح مفهومه حول ماهية شخصيته وذاته.

معتقدات حول مشاعر العار السام والحالات العاطفية المرتبطة به

تتمثل بعض المعتقدات الشائعة التي قد تتواجد لدى الشخص الذي يعاني من العار السام (العار الضار) بما يلي:

أنا غير محبوب، أنا غير مهم، كل شيء هو خطأي، ليس باستطاعتي فعل أي شيء على نحو صحيح، أنا لا أستحق أشياء جيدة، كنت طفلاً سيئاً، أستحق أن أعامل بهذه الطريقة، أنا شخص سيء، احتياجاتي ورغباتي غير مهمة، لا أحد يحبني، لا أستطيع أن أكون على طبيعتي أمام الآخرين، يجب أن أخفي مشاعري وأفكاري الحقيقية، أنا لست جيد بما فيه الكفاية.

ومن الشائع أن يعاني الشخص المليء بالعار من القلق المزمن وتدني احترام الذات. إذ يتعامل البعض مع ذلك بطريقة سيئة من خلال إيذاء أو عدم الاعتناء بأنفسهم، في حين يؤذي البعض الآخر الناس حولهم ويصبحون معاديين للمجتمع ونرجسيين للغاية.

من الشائع أن يترافق العار السام بالذنب السام، إذ يشعر الشخص بالمسؤولية غير العادلة والذنب. وهنا لا يقتصر شعوره على العار وحسب بل يترافق مع الشعور بالذنب تجاه أشياء ليس مسؤولاً عنها فعلياً أو حتى قد يشعر بالمسؤولية تجاه مشاعر الآخرين نفسها. وعندها يراوده شعور الخجل والذنب إذا كان من حوله غير سعداء خاصةً إذا كان الأمر يتعلق به بطريقة أو بأخرى.

يفتقر الأشخاص ممن يغمرهم العار إلى الإحساس بالذات وتهيمن نفسهم الزائفة عليهم بالكامل وهي مزيج من تقنيات وآليات التكيف التي طوروها للتعامل مع صدماتهم التي لم يتم حلها.

كما كتب Darius Cikanavicius في كتاب التنمية البشرية والصدمات (Development and Trauma):

غالباً ما يتطور هذا الطمس المبكر للذات إلى ممارسة داخلية تؤدي إلى محو الذات في النهاية أو إلى العديد من المشاكل العاطفية الأخرى مثل عدم القدرة على تسمية المشاعر أو الشعور بالذنب أو الخزي بشأن الشعور بالعاطفة أو الخدر العام المحيط بالعاطفة.

سلوكيات العار السامة

  • الافتقار إلى حب الذات بشكل صحي: كما ذكرنا فإن الشخص يعاني عادةً من تدني احترام الذات وكراهية الذات العلنية أو السرية. لذا فإن هذه العوامل تتجلى بوضوح في ضعف الرعاية الذاتية وإيذاء النفس ونقص التعاطف وعدم كفاية المهارات الاجتماعية والعديد من الأمور الأخرى.
  • الفراغ: يشعر الشخص بالفراغ المزمن والوحدة ونقص الدافع أي فقط لا يريد فعل شيء ولا يملك أي هدف يسعى لأجله. السبب الوحيد لقيامه بشيء ما هو مجرد تشتيت نفسه عن ما يشعر.
  • الكمال: الكثير من الأشخاص الذين يعانون من العار السَّام مثاليون للغاية والسبب في ذلك يعود بسبب خضوعهم خلال طفولتهم لمعايير غير واقعية وبسبب معاقبتهم وشعورهم بالخزي والعار عند عدم الالتزام بتلك المعايير.
  • النرجسية: هناك بعض الأشخاص يطورون تخيلات عظيمة حول كيف سيصبحون أغنياء ومشاهير وأقوياء ويغزون العالم، معتقدين أن ذلك سيجعل من المشاعر المؤلمة تتلاشى. لكن هذا لن يحدث حتى وإن تحققت تخيلاتهم بالفعل.
  • علاقات غير صحية: يعيش كثير من الأشخاص ممن يعانون من العار السام (العار الضار) ضمن علاقات غير صحية. وذلك لأنهم لا يعرفون كيف تبدو العلاقة الصحية أو حتى أنهم غير قادرين على بناء علاقة صحية والحفاظ عليها.

يكتفون عادةً بعلاقة جيدة إلى حد ما، حيث كلا الطرفان غير سعيدان ولكنهما ضعيفان للغاية للسعي وراء السعادة الحقيقية وذلك بالطبع يعود لاعتقادهم بأنهم لا يستحقون أي شيء جيد. 

تعد العلاقة طريقة لائقة للتعامل مع كل المشاعر المؤلمة وغير المحتملة التي تظهر عندما يكون الشخص وحيداً.

  • القابلية للتلاعب: نظراً لسيطرة الشعور بالعار السَّام وبالذنب والوحدة وعدم الكفاية. يمكن للمتلاعبين الضغط على نقاط الضعف تلك لجعل الشخص يشعر بطريقة مؤلمة. وبعد ذلك سيفعل ما يريده المتلاعبون على أمل التخلص من تلك المشاعر المؤلمة.

    مثلاً إليك بعض الأشياء التي يقولها المسيئون والمتلاعبون: لماذا تؤذيني؟ ألا تريد أن تكون جزءاً منا بدلاً من أن تكون خاسراً وحيداً؟ أخيراً سيجعلك هذا المنتج تبدو جميلاً. كل هذا خطؤك.

خلاصة حول العار السام

يؤدي تعرض الأطفال لصدمة ما إلى شعورهم بالخزي والعار وإن لم يتم تحديد مصدر ذاك العار أو معالجته، سينمو الطفل ليصبح بالغاً يعاني من عار مزمن.

يرتبط العار السام (العار الضار) ارتباط وثيق بالحالات والمعتقدات العاطفية الأخرى، بما في ذلك تدني احترام الذات وكراهية الذات والشعور بالذنب المزمن والغضب الذي لم يتم معالجته وعدم الشعور بالرضا الكافي.

هذه الحالات العقلية ستؤدي بكل تأكيد إلى سلوك غير صحي. بما في ذلك التصرف بغرابة وإيذاء الآخرين والشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين وطمس الذات وإقامة علاقات سامة وسوء الرعاية الذاتية ووضع حدود شخصية ضارة وفرط الحساسية تجاه نظرة الآخرين لهم. وهم عرضة للتلاعب والاستغلال والعديد من السلوكيات الأخرى.

كل هذه المشاعر المؤلمة وغير المعالجة تنتمي في الواقع إلى إطار بيئة طفولتهم. حيث تعرضوا للأذى والانتهاك في البداية، لكنهم حالياً غير قادرين على إقامة هذا الارتباط وحله. لذلك يتعاملون مع مشاعرهم بالطرق التي تعلموها، كإيذاء أنفسهم أو الآخرين بشكل متعمد أو سيء للغاية أو الأمران معاً.

اقرأ أيضاً: الصمت الانتقائي عند الأطفال، أعراضه، تشخيصه، أسبابه وعلاجه

اقرأ أيضاً: نوبات الغضب عند الأطفال، علاماتها وكيف تساعد طفلك على تجاوزها؟

اقرأ أيضاً: معلومات مهمة عن المشاعر يجب معرفتها

المصدر: A Brief Guide to Unprocessed Childhood Toxic Shame

تدقيق: هبة محمد

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: