You do not have permission to view this result. العجز المكتسب، ما هو، كيف يحدث وما تأثيراته على الصحة النفسية | Obstan - أوبستان

العجز المكتسب، ما هو، كيف يحدث وما تأثيراته على الصحة النفسية

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

عندما نواجه أحداثاً سيئة، نعتقد بأننا سنقوم بكل ما هو لازم لتغيير الموقف. أظهرت الدراسات التي تناولت ما يُعرف باسم العجز المكتسب (العجز المتعلم) أن الفرد عندما يشعر وكأنه لا يملك السيطرة على ما يجري، فإنه يميل ببساطة إلى الاستسلام وتقبل قدره. إذاً ما هي أعراض العجز المكتسب؟ وهل يحدث العجز المكتسب عند الأطفال؟

ما هو العجز المكتسب؟

يحدث العجز المكتسب أو المتعلم (Learned helplessness) عندما يخضع حيوان ما بشكل متكرر إلى مثير منفر لا يمكنه الهروب منه.

في نهاية المطاف، سيتوقف عن محاولة تجنب المثير ويتصرف وكأنه عاجز تماماً عن تغيير الموقف. حتى إذا سنحت له فرص الهروب، سيمنع هذا العجـز المكتسب اتخاذ أي إجراء.

في حين أن هذا المفهوم يرتبط بشكل وثيق بسيكولوجيا الحيوانات وسلوكها، إلا أنه يمكن أن ينطبق على مواقف عدة تنطوي على البشر.

عندما يشعر الناس بفقدان السيطرة على ظروفهم، يمكن أن يبدؤوا بالتصرف بطريقة تنم عن العجز، ويؤدي هذا التقاعس إلى صرف النظر والتغاضي عن فرص الراحة والتغيير.

اكتشاف العجز المكتسب 

اكتُشف العجـز المكتسب (العجز المتعلم) بالصدفة من قبل عالمي النفس مارتن سيلغمان (Martin Seligman) وستيفن إف ماير (Steven F. Maier). راقبا بداية السلوك العاجز لدى الكلاب التي خضعت للإشراط الكلاسيكي المتضمن توقع التعرّض لصدمة كهربائية عند سماع نغمة معينة.

فيما بعد، تم وضع الكلاب في صندوق مخصص للتجربة يحتوي على حجرتين منفصلتين بحاجز منخفض العلو. كانت الأرضية مكهربة من جهة واحدة فقط.

لم تحاول الكلاب التي خضعت مسبقاً للإشراط الكلاسيكي الهروب، على الرغم من أن تجنب الصدمة الكهربائية لا يتطلب سوى القفز فوق الحاجز المنخفض.

للتحري أكثر عن هذه الظاهرة، ابتكر الباحثون بعد ذلك تجربة أخرى في المجموعة الأولى، تم تقييد الكلاب بأحزمة لفترة من الوقت ثم تحريرها بعد ذلك.

في المجموعة الثانية، تم تقييد الكلاب بنفس الأحزمة وتعريضها لصدمات كهربائية يمكن تجنبها بالضغط على لوح بواسطة أنوفهم. 

في المجموعة الثالثة، تلقت الكلاب نفس الصدمة الكهربائية كما في المجموعة الأولى، باستثناء أن هذه الكلاب لم تكن قادرة على التحكم بالصدمة. بدت الصدمات بالنسبة لكلاب المجموعة الثالثة عشوائية تماماً وخارجة عن نطاق سيطرتهم.

تم وضع الكلاب بعد ذلك في صندوق التجربة. تعلم كلاب المجموعة الأولى والثانية بسرعة أن القفز فوق الحاجز يخلصهم من الصدمات الكهربائية. أما كلاب المجموعة الثالثة لم يحاولوا أبداً الهروب من الصدمة.

اعتماداً على تجربتهم السابقة، طور الكلاب توقعاً في أذهانهم يفيد بأن لا شيء يمكنهم فعله يمنع الصدمات أو يخلصهم منها.

العجز المكتسب عند البشر

ظهر العجز المكتسـب لدى العديد من أنواع الحيوانات، إلا أن تأثيره يمكن أن نراه لدى الإنسان أيضاً.

كمثال، سوف يبدأ الطفل ضعيف الأداء في اختبارات وفروض مادة الرياضيات بالشعور بشكل سريع أن لا شيء يفعله يمكن أن يؤثر على أدائه في هذه المادة. عندما يواجه أي نوع من الاختبارات المتعلقة بالرياضيات فيما بعد، يمكن أن يشعر بإحساس بالعجز.

تم ربط العجز المكتسـب باضطرابات نفسية عديدة ومختلفة، إذ يمكن أن يفاقم العجـز المكتسب القلق، الرهاب، الخجل والعزلة.

على سبيل المثال، يمكن أن ينتاب المرأة التي تشعر بالخجل في المواقف الاجتماعية شعور بأن لا يوجد شيء يمكنها القيام به للتغلب على الأعراض.

يمكن أن يقود هذا الإحساس بأن الأعراض ليست ضمن نطاق سيطرتها المباشرة إلى توقفها عن محاولة الانخراط في المواقف الاجتماعية، وبالتالي تجعل من خجلها أكثر وضوحاً.

لكن وجد الباحثون أن العجـز المكتسب لا يمكن تعميمه دائماً على كل المواقف والبيئات. فالطفل الذي يعاني من العجـز المكتسب (العجز المتعلم) بما يتعلق بمادة الرياضيات لن يعاني بالضرورة من ذات العجز عندما يستخدم العمليات الحسابية في الواقع.

في حالات أخرى، يمكن أن يختبر الناس العجـز المكتسب والذي يعمم على نطاق واسع من المواقف المختلفة.

العجز المكتسـب عند الأطفال

ينشأ العجز المكتسـب أحيانآ في مرحلة الطفولة ويمكن أن يساهم مقدمو الرعاية غير الموثوقين أو المسؤولين في تطور هذه المشاعر. من الممكن أن يبدأ العجـز المكتسب في مراحل مبكرة من الحياة.

على سبيل المثال، يُظهر الأطفال الذين نشؤوا في بيئات مؤسساتية أعراض العجـز المكتسب أحياناً حتى في سن الرضاعة. عندما يحتاج الطفل المساعدة ولا يأتي أحد لمساعدته، يمكن أن يجعله يشعر أن لا شيء يفعله سوف يغير الوضع. 

التعرض المتكرر للتجارب التي تعزز مشاعر العجز والخيبة هذه يمكن أن تؤدي إلى شعور الفرد بأنه لا يمكن فعل أي شيء لتغيير المشاكل التي تواجهه في مرحلة البلوغ.

أعراض العجز المكتسب عند الأطفال

تتعدد أعراض العجز المكتسب عند الأطفال، إلا أن أكثر الأعراض شيوعاً تتمثل في:

  • الفشل في طلب المساعدة
  • الإحباط
  • الاستسلام
  • انخفاض الجهد المبذول
  • السلبية والخنوع
  • افتقار الدافع
  • المماطلة

يمكن أن يؤدي العجز المكتسـب (العجز المتعلم) أيضاً إلى القلق، الاكتئاب أو كليهما. عندما يشعر الأطفال بأنهم لا يمتلكون السيطرة على أحداث الماضي التي مرت في حياتهم، يتعلمون توقع أن أحداث المستقبل سوف تكون كذلك تماماً.

نظراً لاعتقادهم بأن لا شيء يمكن فعله سيغير النتائج أبداً، سيفكر الأطفال الصغار أنه لا يجب عليهم حتى تحمل أعباء المحاولة.

يمكن أن تقود الصراعات الأكاديمية إلى مشاعر العجز المكتسـب؛ فالطفل الذي يبذل مجهوداً ليُبلي حسناً لكن دون جدوى يمكن أن ينتهي به الأمر وهو يشعر بأنه فاقد للسيطرة على تحصيله أو أدائه. وبما أن لا شيء يبدو نافعاً، سيتوقف عن المحاولة وسيتأثر تحصيله ودرجاته بشكل أكبر. 

يمكن أن تؤثر مثل هذه المشكلات على مناح أخرى من الحياة أيضاً. فالأداء الضعيف في المدرسة ربما يؤدي به إلى الشعور بأن لا شيء يقوم به صائب أو مفيد، وبالتالي قد يفقد الدافع للمحاولة في مجالات أخرى من حياته أيضاً.

العجز المكتسـب والصحة النفسية

يمكن أن يساهم العجز المكتسـب أيضاً في تطور مشاعر القلق وأن يؤثر على بدء، حدة واستمرار حالات نفسية مثل اضطراب القلق المعمم.

عندما تعاني القلق المزمن، يمكن أن تفقد الأمل بالنهاية في الوصول إلى الراحة نظراً لأن مشاعر القلق تبدو حتمية ولا مفر منها ولا يمكن علاجها.

بسبب ذلك، يمكن أن يرفض الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية نفسية مثل القلق أو الاكتئاب العلاج الدوائي أو النفسي الذي قد يخفف من الأعراض.

مع تقدم الإنسان في العمر، يصبح العجز المكتسب (العجز المتعلم) شبيهاً بالحلقة المفرغة. عند مواجهة المشكلات مثل القلق والاكتئاب، يمكن أن يشعر الناس بأن لا شيء يمكن فعله يخفف من مشاعرهم هذه.

يُخفق الناس بعد ذلك في البحث عن خيارات يمكنها مساعدتهم؛ ما يساهم في تفاقم مشاعر العجز والقلق

تفسير العجز المكتسب

إذاً، ما الذي يفسر سبب تطوير بعض الأشخاص للعجز المكتسب دون البعض الآخر؟ ولماذا هي محددة لبعض المواقف وعالمية لغيرها؟

الإسناد أو الأنماط التفسيرية /Explanatory style (السمة النفسية التي تشير إلى الطريقة التي يفسر بها الشخص لنفسه سبب مواجهته لحدث معين، إما إيجابي أو سلبي) يمكن أن تلعب دوراً مهماً أيضاً  في تحديد طريقة تأثر الأشخاص بالعجز المكتسب.

تقترح وجهة النظر هذه أن الأسلوب الفردي المميز في تفسير الأحداث يساعد على تحديد فيما إذا كان هذا الشخص سينشأ لديه العجز المكتسب أم لا.

يرتبط النمط التفسيري المتشائم برجحان أكبر لصالح المعاناة من العجز المكتسب، إذ يميل أصحاب هذا النمط إلى رؤية الأحداث السلبية على أنها حتمية ولا مفر منها ولا يمكن تجنبها وإلى تحمل مسؤولية هذه الأحداث.

التغلب على العجز المكتسب 

يقترح الباحثون أنه يمكن التقليل من العجز المكتسب (العجز المتعلم) بنجاح خاصة إذا حدث التدخل خلال مراحل العجز الأولى. يمكن الحد أيضاً من العجز المكتسب طويل الأمد على الرغم أنه يتطلب جهداً لمدة أطول من الزمن.

يمكن أن يكون العلاج النفسي مفيداً في تقليل أعراض العجز المكتسب، إذ يعد العلاج المعرفي السلوكي شكلاً من العلاج النفسي الذي يمكن أن يساعد في التغلب على الأفكار وأنماط السلوك التي تساهم في العجز المكتسب.

يهدف العلاج المعرفي السلوكي إلى مساعدة المرضى في تحديد أنماط السلوك السلبية واستبدالها بأخرى أكثر تفاؤلاً وعقلانية. تنطوي هذه العملية أحياناً على تحليل ما تفكر به بعناية وحذر وتحدي الأفكار المتشائمة بفاعلية، ومحاربة أنماط التفكير السلبية.

بينت إحدى الدراسات التي أجريت على الحيوانات أن ممارسة التمارين الرياضية يمكن أن يساعد في تقليل أعراض العجز المكتسب.

خلاصة

يمكن أن يؤثر العجز المكتسب على الصحة النفسية والعافية بشكل عميق، إذ يكون الأشخاص الذين يعانون من العجز المكتسب أكثر عرضة للمعاناة من أعراض الاكتئاب، ارتفاع مستويات التوتر وانخفاض الدافع للاهتمام بصحتهم الجسدية.

لا يستجيب الجميع للتجارب الحياتية المختلفة بنفس الطريقة، إذ يميل بعض الناس إلى تطوير العجز المكتسب في مواجهة الأحداث الخارجة عن سيطرتهم أكثر من غيرهم ويعزى السبب أحياناً إلى عوامل بيولوجية وفيزيولوجية. على سبيل المثال، يكون الأطفال الذين تربوا ضمن أسرة ضعيفة أكثر عرضة للمعاناة من العجز المكتسب.

إذا شعرت أن العجز المكتسب ربما يؤثر سلباً على حياتك وصحتك، خذ بالاعتبار التحدث إلى طبيبك حول الخطوات التي يمكنك اتخاذها لعلاج هذا النوع من التفكير.

يمكن أن يؤدي التقييم الإضافي إلى تشخيص وعلاج أكثر دقة؛ ما يساعدك على استبدال أنماط التفكير السلبية بأخرى أكثر إيجابية. يتيح لك مثل هذا العلاج فرصة استبدال مشاعر العجز المكتسب بإحساس التفاؤل المكتسب عوضاً عنها.

اقرأ أيضاً: ما هو الإشراط الفعال وكيف يعمل؟

اقرأ أيضاً: انطفاء السلوك في علم النفس، أسبابه، متى يحدث والعوامل المؤثرة عليه

المصدر: What Is Learned Helplessness

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: