عندما نفكر في العلاج، فإن العلاج بالكلام هو أول ما يتبادر إلى الذهن بشكل عام، لكن ومن ناحية أخرى، فإن العلاج التجريبي، كما يوحي الاسم، هو شكل من أشكال العلاج الذي ينطوي على الانغماس بنفسك في تجربة معينة.
يستخدم هذا الشكل من العلاج أدوات مثل لعب الأدوار، الدراما النفسية، الموسيقى، الشعر، الفنون والحرف اليدوية، صنع الاكسسوارات اليدوية، التفاعلات مع الحيوانات، والرحلات الخارجية.
“يتميز العلاج التجريبيّ (Experiential Therapy) بتأكيده على الفعل، إذ تكمن أهمية الأفعال بانخراط الشخص بها جسدياً والوصول إلى العناصر النفسية التي لا يمكنه الوصول إليها بطريقة أخرى. وقد يكون الفعل أيضاً مقدمة نحو التغيير؛ من خلال التصرف بطريقة جديدة، يمكن للشخص أن يفكر بأسلوب جديد”.
سابرينا رومانوف، دكتورة في علم النفس وعالمة متخصصة في علم النفس السريري في مدينة نيويورك
أنواع العلاج التجريبي
هناك عدة أنواع من العلاج التجريبي، وتحدد الدكتورة رومانوف بعض الأنواع كما يلي:
- العلاج بالدراما: المعروف أيضاً باسم الدراما النفسية، وهو الشكل الأكثر شيوعاً من العلاج التجريبي. ويشمل إعادة تمثيل أو خلق المواقف المثيرة للنزاعات في بيئة آمنة لمساعدة الفرد على الإفراج عن أية مشاعر سلبية أو مكبوتة مرتبطة بذلك الموقف.
- العلاج بالموسيقى: يستخدم العلاج بالموسيقى المشاركة مع الموسيقى لخلق تغييرات إيجابية في العواطف والأفكار والسلوك.
- العلاج بالفن: يستخدم العلاج بالفن العمليات والأدوات الفنية الإبداعية لمساعدة الفرد على التعامل مع الصراعات كي يصبح أكثر وعياً بنفسه، وتشمل الأدوات في العلاج بالفن الرسم والنحت.
- العلاج باللعب: يتمحور هذا النوع من العلاج، الذي يُستخدم عادة مع الأطفال، حول اللعب العلاجي للعمل على الصعوبات النفسية التي قد لا يتمكن الأطفال من التعبير عنها بالكلمات.
- العلاج في الهواء الطلق: يشمل العلاج في الهواء الطلق العلاج في البرية وعلاج المغامرة. فهو يجمع بين الرحلات البرية، نشاطات المغامرة، وجلسات العلاج.
- العلاج بمساعدة الحيوانات: يمكن أن يكون التفاعل مع الحيوانات ورعايتها نمطاً علاجياً. وقد تشمل جلسات العلاج بمساعدة الحيوانات حيوانات مثل الكلاب والخيول.
تقنيات العلاج التجريبي
قد تختلف التقنيات المستخدمة اعتماداً على نوع العلاج التجريبي. تقول رومانوف: “ربّما تكون الدراما النفسية هي النهج الذي يربطه معظم الناس بالعلاج التجريبي. فهي تنطوي على إعادة خلق مواقف حرجة من علاقات الماضي والحاضر بهدف العمل على نتائج علاجية محددة على شكل دراما.”
وتصف رومانوف مثالاً على هذه التقنية كما يلي: في الدراما النفسية، يطور الشخص حادثة مرت بحياته لتصبح مسرحية. وقد تعود هذه الحادثة إلى سنوات عديدة حيث تجلب الدراما النفسية تلك الحادثة إلى هنا حيث يتمكن الفرد من التعامل معها بنشاط.
تعطي الدراما النفسية الفرد فرصة للعب الدور وإعادة تمثيل الموقف في مكان آمن. وتخلق مساحة بين الخيال والواقع، ما يسمح للشخص بتطوير طرق جديدة أكثر تكيّفاً للاستجابة للموقف.
كما تسمح هذه الطريقة للشخص بالتوقف قليلاً في منتصف الموقف من أجل معالجة ما حدث للتو. وعادة ما يتم تزويد المشاركين بحدود واضحة بين الخيال والواقع، على سبيل المثال، يمكن استخدام منطقة أو سجادة لتمييز “المسرح”.
بماذا يساعد العلاج التجريبي؟
فيما يلي بعض الحالات الصحية النفسية التي يمكن للعلاج التجريبيّ أن يساعد في علاجها:
- إدارة الغضب
- القلق
- اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط
- الاضطرابات السلوكية
- السلوكيات القهرية
- الاكتئاب
- اضطرابات الأكل
- الحزن
- اضطرابات المزاج
- الرُّهاب
- العلاقات والنزاعات العائلية
- الإجهاد
- تعاطي المواد المخدرة
- الصدمة
فوائد العلاج التجريبي
فيما يلي بعض فوائد العلاج التجريبي:
الحل الظرفيّ: يمكن أن يساعدك العلاج التجريبي في استكشاف أو إعادة خلق مواقف صادمة أو نزاعية من الماضي وفهم استجابتك لها. بالإضافة الى ذلك، قد يساعدك على إطلاق العنان للمشاعر السلبية التي تخفيها والتحرر منها أو معالجتها وتعزيز الشفاء.
المعالجة العاطفية: كما تقول رومانوف: “قد تشتد العاطفة في هذا النوع من العلاج، الذي قد يكون فريداً من نوعه و يسمح بمعالجة عاطفية أكثر تعمقاً”.
تقليل التجنب والتهرّب: قد تميل إلى تجنب الأفكار أو الأشخاص أو الأماكن أو المحادثات المتعلقة بالمواقف الصعبة التي اختبرتها، وقد يساعد العلاج على مواجهتها والحد من تجنبها.
المنظورات المتغيرة: تتيح لك الدراما النفسية أن تختبر وضعك من منظور الآخرين ذوي الصلة بالموقف، فهي تساعدك على فهم وجهة نظرهم ودوافعهم. ومع مرور الوقت، قد يؤدي العلاج إلى القبول، والغفران، والحب.
التعبير الإبداعي: قد تساعدك الأشكال الإبداعية من العلاج التجريبي مثل العلاج بالموسيقى والعلاج بالفن والعلاج بالدراما على التعبير عن نفسك بشكل إبداعي.
فعاليّة العلاج التجريبي
تقول رومانوف أن هذا النوع من العلاج فعال في ظروف معينة على الرغم من أنه ليس مناسباً للجميع وتحدد بعض العوامل التي تساهم في فعاليته:
- التعبير عن الاحتياجات والتصورات السلبية كخطوة محورية في التغيير.
- مراحل المعالجة العاطفية المتقدمة التي يمر بها الناس، والتي يمكن أن تشمل الغضب الحازم، التهدئة الذاتية، الأذى والحزن.
- فكرة أن “العاطفة تُغيّر الشعور”، إذ أن العاطفة الناتجة في هذا النوع من العلاج تغير كيف يشعر الشخص تجاه حدث أو صراع في حياته.
أشياء يجب أخذها في الاعتبار
تقول رومانوف أن هذا الشكل من العلاج قد لا يكون ملائماً للأشخاص الذين يعانون من ضعف الإدراك، أو غير القادرين جسدياً حتى يشاركوا في العلاج، أو الذين يعانون من أعراض الذهان.
قد ينطوي العلاج التجريبيّ على قدر كبير من الشدة، إذ تقول رومانوف:” قبل أن تقوم بذلك، من المستحسن أن تشاهد أشرطة فيديو لجلسات عادية حتى تتمكن من تكوين توقعات دقيقة لما يتضمنه هذا العلاج واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن مشاركتك”.
كيفية البدء بالعلاج التجريبي
إذا كنت تفضل نوعاً معيناً من العلاج التجريبيّ، مثل العلاج بالفن أو العلاج بمساعدة الحيوانات. على سبيل المثال، ابحث عن معالج مرخص يتمتع بالتدريب والخبرة في هذا الشكل من العلاج.
وبما أن العلاج التجريبي قد يكون مؤثراً ومكثفاً، فمن المهم العمل مع شخص يمكنك الوثوق به وتطوير علاقة علاجية قوية معه. بالإضافة إلى التحقق من مؤهلات المعالج، يجب التأكد من شعورك بالأمان والراحة في العمل معه.
خلاصة
العلاج التجريبي هو شكل غامر ومؤثر من أشكال العلاج العملي الذي يستخدم أدوات وطرائق تعبيرية. يمكنه أن يساعدك على استكشاف الحالات الصعبة، معالجة مشاعرك، ورؤية الأمور من منظور مختلف، كما يمكن أن يعزز التعبير الإبداعي لديك.
اقرأ أيضاً: العلاج الأسري الاستراتيجي
المصدر: ?What Is Experiential Therapy
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم