يتضمن العلاج بالسيلوسيبين (Psilocybin Therapy)، المعروف أيضاً باسم العلاج بمساعدة السيلوسيبين، استخدام مركب مخدر يعود أصله لنوع معين من الفطر في بيئة علاجية.
يُعرف فطر السيلوسيبين بالعامية باسم “الفطر السحري”، وقد استخدم منذ آلاف السنين كأداة روحية وطبيّة بين السكان الأصليين.
ماهية جلسة العلاج بالسيلوسيبين
يتضمن العلاج بالسيلوسيبين تناول المريض مادة السيلوسيبين الكيميائية تحت رعاية المعالج. وهكذا يسير المريض في رحلة معالجة نفسية بالمواد المخدرة ضمن هذه البيئة الآمنة والخاضعة للمراقبة ويسهل المعالج تجربة هذه العملية.
تستمر الجلسة من ست إلى ثماني ساعات وهي المدة الكاملة لتأثيرات العقار. رغم أنه في بعض الحالات قد يستخدم المرضى المادة المخدرة أكثر من مرة. إذ أن المعيار العام هو حدوث رحلة المخدر مرة واحدة مع استمرار العلاج المعياري بالكلام بعد ذلك.
الهدف من العلاج بالسيلوسيبين هو التأثير على العوائق العاطفية والمشاكل طويلة المدى بطريقة مناسبة من خلال استغلال رحلة المخدر. بدلاً من قضاء شهور أو سنوات في العلاج بالكلام الذي تظهر فوائده ببطء.
دعونا نلقي نظرة أعمق على العلاج بالسيلوسيبين تشمل من يمكنه استخدامه (المرشح لذلك) وما هي الفوائد والمخاطر وكيف تعرف ما إذا كان مناسباً لك أم لا.
تاريخ العلاج بالسيلوسيبين
قد تبدو فكرة استخدام عقار مخدر للعلاج بالنسبة للكثيرين وكأنها ثقافة معاكسة أو متطرفة، ذلك ليس الحال على الإطلاق!.
تتم دراسة العلاج بالسيلوسيبين واستخدامه من قبل المؤسسات الطبية الشرعية العليا مثل جونز هوبكنز. كانت جامعة جون هوبكنز أول من حصل على الموافقة التنظيمية لأبحاث المخدر عام 2000. بعد عقود من حظر البحث والعلاج من قبل حكومة الولايات المتحدة منذ 1970.
نشرت أول ورقة بحثية من قبل جونز هوبكينز حول التأثير الإيجابي طويل المدى لاستخدام السيلوسيبين عام 2006 في دراسة علاجية.
منذ ذلك الحين، تم نشر العشرات من الدراسات والمقالات الأكاديمية. وكان الموضوع الأساسي هو أن العلاج يؤثر تأثيراً إيجابياً قوياً وطويل الأمد على المرضى الذين يعانون حالات مختلفة.
تلقت جامعة هوبكنز عام 2021 موافقة فيدرالية لأبحاث العلاج المخدر والتي كانت ضمن إطار زمني مماثل لبعض الولايات التي بدأت في إلغاء تجريمها. حالياً تم تشريعه في أكثر من عشر ولايات كي يتمتع السيلوسيبين بصلاحيات قانونية أكثر.
من المهم ملاحظة أن إلغاء تجريم واستخدام هذه المادة قد تمحور حول قيمتها العلاجية وأكثر الأماكن التي تسمح باستخدامها، والسماح بها في البيئات العلاجية فقط.
الأشخاص الذين يستفيدون من العلاج بالسيلوسيبين
يُستخدَم العلاج بالسيلوسيبين عموماً في معالجة من يعانون من مشاكل قد تكون مقاومة للعلاجات التقليدية. فيما يلي بعض الأشخاص الذين ثبتت استفادتهم من العلاج بالسيلوسيبين.
مرضى الأمراض المزمنة
بالنسبة للأشخاص المصابين بالسرطان المهدد للحياة، فقد تبين أن جرعة واحدة من السيلوسيبين تقلل بشكل كبير الاكتئاب والقلق، واستمرت آثاره على المدى طويل مع استمرار 60% إلى 80% من المجموعة بالشعور بتحسن تلك الأعراض على مدى ستة أشهر لاحقاً.
أظهرت دراسة أخرى أجريت على مرضى السرطان أن أكثر من 80% استمروا في الشعور بالتحسن على مدى ستة أشهر بعد العلاج بجرعة واحدة. وأفادوا بتحسن في سلوكياتهم ومواقفهم إزاء الحياة وحالتهم المزاجية وإحساسهم بالروحانية، فضلاً عن انخفاض اكتئابهم وقلقهم ومشاعر الرهبة أو اليأس من مرضهم.
المصابون بالاكتئاب والقلق
قد يشكل كل من الاكتئاب والقلق حالات خطيرة ومنهكة تجعل الناس غير قادرين على ممارسة حياتهم اليومية العادية.
بالنسبة للمرضى الذين كان اكتئابهم مقاوماً للعلاج سابقاً، لم تكن نتائج الدراسات واسعة. لكن أظهرت إحدى الدراسات أن 13 مريضاً من أصل 20 قد شهدوا تحسناً وهدأت الحالة عند 4 منهم.
فيما يتعلق بالمرضى الذين يعانون من القلق، أفاد التحليل التلوي لعشرات الدراسات أن 65% من المرضى يعانون بشكل عام من قلق أقل بعد العلاج بالسيلوسيبين.
من الواضح أن العلاج بالسيلوسيبين قادر على تقليل أعراض الاكتئاب والقلق.
مرضى اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)
يمكن أن تستمر أعراض اضطراب ما بعد الصدمة لسنوات بعد حدث صادم ويمكن أن تعطل كافة جوانب الحياة.
دُرس السيلوسيبين للاستخدام في علاج مرضى هذا الاضطراب مع نتائج إيجابية. وتمت دراسة الأدوية المخدرة الأخرى مثل MDMA والكيتامين لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة.
استخدامات أخرى
نشرت دراسات استكشفت استخدامات العلاج بالسيلوسيبين لحالات مثل إدمان المخدرات والإقلاع عن التدخين ومرض الزهايمر وأكثر من ذلك.
فوائد العلاج بالسيلوسيبين
أظهرت الدراسات أن: “السيلوسيبين يؤدي إلى تغيرات مهمة في ديناميكيات الدماغ والاتصال الوظيفي (FC) بين مناطق الدماغ”. قد يساعد هذا في تفسير سبب نتائج الاستخدام المذهلة، ولماذا تدوم آثاره أكثر من أشكال العلاج الأخرى.
بناءً على الدراسات المختلفة الواردة في هذه المقالة، تتضمن فوائد العلاج بالسيلوسيبين ما يلي:
- تقليل معدلات الاكتئاب
- التعافي من الاكتئاب المزمن
- انخفاض مستويات القلق
- تحسين المزاج
- خوف أقل من المستقبل
- زيادة الشعور بالروحانية والتواصل
- تحسين مستوى العيش
فعالية العلاج بالسيلوسيبين
لا يُعد أي شكل من أشكال العلاج بمثابة الدواء الشافي، ويكون هناك دائماً بعض الأشخاص ممن يتفاعلون بشكل مختلف مع علاج معين مقارنة بغيرهم.
بناءً على الدراسات التي تمت مراجعتها في هذه المقالة، من الشائع أن يلاحظ حوالي ثلثي الأشخاص ممن يتلقون العلاج بالسيلوسيبين نتائج إيجابية واضحة ودائمة. وهذا يشمل الأشخاص الذين يعانون من حالات قاومت العلاج سابقاً.
نظراً لأن الدراسات تم تمويلها فقط على مدار العقدين الماضيين ولم يتم تمويلها إلا من قبل حكومة الولايات المتحدة في السنتين أو ثلاث سنوات المنصرمة، فلا يزال هناك حاجة كبيرة للمزيد من الأبحاث.
أمور مهمة يجب اعتبارها
نظراً لأن السيلوسيبين مادة ذات تأثير نفسي، فمن المهم أن تكون على اطلاع كامل قبل التفكير في استخدامه. ويجب أن يتم ذلك دائماً مع وجود معالج معتمد وأخصائي في استخدام هذا النوع العلاجي.
قد يكون هناك احتمال للإدمان
على الرغم من أن السيلوسيبين لا يُعد بشكل عام عقاراً مدمناً، إلا أن من يعانون مشاكل تعاطي المخدرات لا يزالوا منجذبين لتناول المواد المخدرة مجدداً خارج إطارهم السريري.
هذا موضوع محير لأن العقار قد تمت دراسته في علاج بعض مشكلات تعاطي المخدرات لذلك من الحكمة مناقشة هذا الأمر باستفاضة مع طبيبك.
قد يؤدي إلى مشاعر غير مريحة
حتى لو حصلت على نتائج إيجابية من العلاج، فقد لا تكون تجربة ممتعة تماماً. لهذا السبب من المهم أن يسهّل أحد ما الأمر ممن يستطيع مساعدتك في حال ساءت الأمور.
من المهم أن تدرك أنه من أجل المضي قدماً في المراحل المؤلمة من حياتك، فمن المحتمل أن تواجهها وجهاً لوجه ضمن الجلسة. قد يكون ذلك مخيفاً وغير مريح في أفضل الأوقات، فما بالك وأنت تحت تأثير المخدر.
يجب أن يتوخى مرضى مشاكل القلب حذرهم في هذا العلاج
كانت هناك بعض الأسئلة حول ما إذا كان السيلوسيبين قد يسبب مشاكل قلبية معينة، لكن لا يوجد دليل واضح على ذلك. إذا كنت تعاني من أية مشاكل قلبية أو طبية، استشر طبيبك قبل التفكير في استخدامه.
كيف تبدأ العلاج بالسيلوسيبين؟
يعتمد أمر بدء العلاج بالسيلوسيبين على إذا كان متاحاً في منطقتك أم لا وإذا تمت دراسته بالقرب منك أم لا.
أفضل مكسب لك هو البحث عن العلاج في منطقتك لمعرفة ما إذا كانت هناك استخدامات علاجية قانونية مسموح بها أو إذا كانت هناك حالياً أي دراسات بحثية يمكن أن تكون جزءاً منها.
من المهم جداً أنه إذا كنت ترغب في استخدام هذه المادة علاجياً أن تبحث فقط عن أشخاص مدربين تدريباً مهنياً على استخدامها في الدراسات السريرية.
هذا يعني أنه لا يمكنك إجراء العلاج بالسيلوسيبين عبر الإنترنت، ويجب ألا تثق بأي طبيب ممارس ليس معالجاً أو طبيباً سريرياً معتمداً.
خيارات أخرى
نظراً لأنه لا يزال علاجاً تجريبياً، فمن المحتمل ألا يتم التفكير في العلاج بالسيلوسيبين حتى يتم تجربة المزيد من العلاجات التقليدية. وبسبب ذلك، سيكون أي شكل آخر من أشكال العلاج أفضل للبدء تقريباً.
إذا لم تكن قد خضعت للعلاج مطلقاً، ففكر في بدء العلاج بالكلام. أما بالنسبة لأولئك الذين أتموا العلاج سابقاً ولم يحقق النتائج المرجوة، هناك علاجات نفسية أخرى يشترك فيها الجسم مثل:
- العلاج الجسدي: الذي يستخدم اتصال العقل والجسم في محاولة إحداث تغيير طويل الأمد.
- EMDR: الذي يستخدم حركات العين لإعادة صياغة الأحداث الصادمة الماضية في حياة الفرد إلى أفكار جديدة عنها.
خلاصة
نظراً لأن العلاج بالسيلوسيبين جديد نسبياً ولا يزال قيد الدراسة، فقد يصعب الوصول إليه في منطقتك. إذا كنت تهتم به حقاً، ابقَ على اطلاع بالأمور التي تخص وضعه القانوني في المكان الذي تعيش فيه حتى يتاح أمامك خيار تجربته عندما يسهل الوصول إليه.
لكن في هذه الأثناء، لا تنتظر حتى تبدأ العلاج لأنه يمكن أن يفيدك في أي وقت، وحتى إذا لم تكن نتائجه عميقة مثل الأدوية المخدرة، إلا أنه لا يزال مفيداً للغاية.
اقرأ أيضاً: العلاج البديل، تقنياته، فوائده وفعاليته
المصدر: ? What Is Psilocybin Therapy
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم