يحسن تغيير طريقة النوم أنماط النوم غير الطبيعية بشكل واضح، وتشير الدراسات إلى أن مشاكل النوم يمكن أن تؤثر تأثيراً كبيراً في الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب أو المعرضون لخطر الإصابة به.
قبل الحديث عن تأثير عادات النوم في اضطـراب ثنائي القطـب، سنلقي نظرة على الجانب الآخر؛ أي كيف يؤثر اضطراب ثنائي القطب في النوم؟
اضطراب ثنائي القطب، الاكتئاب ومشاكل النوم
تعد اضطرابات النوم شائعة جداً عند المصابين باضطـراب ثنائي القطـب وتلعب دوراً مهماً في دورة الاضطـراب.
الأرق (Insomnia)
لا يعني الأرق صعوبة الخلود إلى النوم فقط، بل يتضمن أيضاً مشاكل في النوم المتواصل أو الحصول على القليل جداً من النوم. اضطرابات النوم والهوس التأقلم مع اضطراب ثنائي القطب النوم غير المنتظم.
يشيع الأرق في العديد من الحالات الصحية الجسدية والنفسية؛ أما عند المصابين باضطراب ثنائي القطب، فيمكن أن يؤدي الهوس والهوس الخفيف إلى الأرق. وعندئذ يكون الهدف هو علاج الحالة الكامنة وراء الأرق؛ أي الهوس والهوس الخفيف الناجمين عن اضطراب ثنائي القطب.
متلازمة طور النوم المتأخر (Delayed sleep phase syndrome)
هي اضطراب في الإيقاع اليومي (الساعة البيولوجية) للجسم قد يكون مرتبطاً بالاكتئاب وغيره من المشاكل الصحية النفسية. لكنه أكثر وضوحاً في مرحلة المراهقة.
النوم غير المنتظم (جدول الاستيقاظ)
عندما يعاني المصابون باضطـراب ثنائـي القطـب من قلة النـوم، فإنّ دورة النوم غير المنتظمة قد تتداخل بصورة كبيرة مع العلاج المناسب للاضطراب. إذ يركز العلاج على معالجة السبب الذي يُبقي هؤلاء المرضى مستيقظين طوال الليل.
الكوابيس
يمكن أن تؤثر الأحلام الحية (vivid dreams) والكوابيس والذعر خلال الليل في المصابين باضطراب ثنائي القطب أيضاً.
على غرار الأرق، تهدف المعالجة هنا إلى علاج اضطراب ثنائي القطب الكامن وراء ما سبق بأفضل طريقة ممكنة. اضطرابات النوم والهوس التأقلم مع اضطراب ثنائي القطب النوم غير المنتظم.
من الواضح أنّ اضطـراب ثنائي القطب يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات في النوم. لكن ماذا عن المقلب الآخر؟ أي هل يمكن أن تشارك اضطرابات النوم بصورة جزئية أو كلية في اضطـراب ثنائي القطـب عند الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة به؟
النوم كعامل مسبب للهوس في اضطراب ثنائي القطب
قد تشعر بالدهشة عند معرفة أن النوم القليل ليس مجرد عرض من أعراض الهوس. بل يمكن أن تؤدي فترات النوم القصيرة إلى نوبات هوس ونوبات هوس خفيف.
وجدت الدراسات أن 25% إلى 65% من المصابين باضطراب ثنائي القطب ممن كانت لديهم نوبات هوس قد عانوا من اضطراب الإيقاع الاجتماعي (Social rhythm disruption) قبل النوبات.
يؤثر اضطراب الإيقاع الاجتماعي في دورة النوم والاستيقاظ. إما بشكل بسيط كأن يبقى الشخص مستيقظاً إلى وقت متأخر من أجل مشاهدة فيلم على التلفاز أو الغوص في محادثة ممتعة عبر الإنترنت. أو بشكل خطير كأن يكون غير قادر على النوم نتيجة إصابة أحد أفراد عائلته بمرض عضال أو موته.
تقول الدكتورة “إيلين فرانك” (Ellen Frank)، التي توسعت في دراسة هذه المشكلات: “لأسباب لم نعرفها بعد، يبدو أن المصابين باضطراب ثنائي القطب لديهم آليات ساعة داخلية أكثر دقة”.
هل يمكن أن تؤدي اضطرابات النوم إلى اضطراب ثنائي القطب فعلاً؟
يرى بعض العلماء أن سبب ارتفاع معدل حدوث اضطراب ثنائي القطب في العصر الحديث هو تطور الإضاءة الاصطناعية الساطعة. ففي سالف الأيام، كانت الشمس تنظم دورات النوم والاستيقاظ لدى الناس.
وقد غير الضوء الاصطناعي ذلك بصورة كاملة وزاد احتمال الإصابة باضطراب ثنائي القطب عند الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي لهذه الحالة.
وفي حين أن العلاقة السببية لم تُثبَت، فقد ربط الباحثون اضطرابات النوم عند المصابين باضطراب ثنائي القطب بالتغييرات في البنية الدقيقة للمادة البيضاء في الدماغ.
التأقلم مع اضطراب ثنائي القطب
تتساوى أهمية علاج مشاكل النوم التي يسببها اضطراب ثنائي القطب مع أهمية علاج اضطرابات النوم التي تزيد اضطراب ثنائي القطب سوءاً.
إذا كان الشخص يعاني من الأرق، فإنّ النوم الصحي والجيد أمر حاسم وضروري عندئذ.
يوصي الخبراء في هذه الحالة بما يلي:
- توحيد وقت النوم والاستيقاظ يومياً.
- تجنب القيلولة؛ خاصة في وقت متأخر من بعد الظهر، وإذا كان لا بدّ منها، فيمكن أن تكون لمدة ساعة واحدة.
- استخدام غرفة النوم للنوم والجنس فقط.
- تجنب الوجبات الدسمة قبل الذهاب إلى النوم ببضع ساعات.
في حال عدم التمكن من النوم بعد مدة محددة (على سبيل المثال 15 دقيقة)، يفضل النهوض من السرير والقيام بشيء ما. لكن من الضروري الاستيقاظ في الموعد المحدد الصباح التالي حتى لو كان مقدار النوم أقل من سبع ساعات. اضطرابات النوم والهوس التأقلم مع اضطراب ثنائي القطب النوم غير المنتظم.
أما إذا كان الفرد يعاني من فرط النوم (hypersomnia)، فيجب تقليل أوقات نومه تدريجياً باستخدام المنبه. إذ أشارت دراسات سابقة إلى أن تعديل دورة النوم والاستيقاظ وتغييرها بشكل جذري يحمل معه فائدة خاصة لعلاج اضطراب ثنائي القطب ذو التقلب السريع المقاوم للعلاج (treatment-resistant rapid cycling bipolar disorder).
قد يبدأ مثل هذا العلاج بحجب الضوء والصوت بشكل كامل لمدة تصل إلى 14 ساعة كل ليلة مع تقليل مدة الحجب تدريجياً فور استقرار مزاج المريض. ويمكن أن تلعب العلاجات النفسية والأدوية دوراً مهماً في تحسين عادات النوم أيضاً، وبالتالي أعراض اضطراب ثنائي القطب. اضطرابات النوم والهوس التأقلم مع اضطراب ثنائي القطب النوم غير المنتظم.
مشاركة العائلة في عادات النـوم
يشير الأطباء إلى ضرورة إشراك أفراد الأسرة في الجهود المبذولة لتنظيم دورة النـوم والاستيقاظ لدى المصابين باضطـراب ثنائـي القطـب. إذ يجب تعليمهم بما يخص الحساسية تجاه التغيرات في الروتين اليومي لديهم.
يعتبر هذا الوعي أمراً حاسماً، إذ يمكن أن يدفع تصرف الشريك بحسن نية بالمصاب للتعرض إلى نوبة هوس. كأن يقول له: “أعلم أن الحفلة ستستمر طوال الليل ولكن هل يمكن أن نغادر؟”.
ومن المفيد أيضاً أن يعلم أفراد الأسرة علامات بداية النوبة سواء كانت نوبة هوس، هوس خفيف أو نوبة اكتئابية. وأن يكونوا مستعدين للتدخل قبل أن يصبح تقلب المزاج نوبة هوس كاملة.
في الختام
إذا كنت أو أحد أفراد عائلتك يعاني من أي نوع من اضطراب المزاج، فانتبه إلى نمط النوم والاستيقاظ لدى الشخص المعني. اضطرابات النوم والهوس التأقلم مع اضطراب ثنائي القطب النوم غير المنتظم.
وإذا لاحظت وجود أرق، نوم مفرط، نوم غير جيد، نقص الحاجة للنوم أو كليهما، فيجب إبلاغ الطبيب بهذا الأمر على الفور. إضافة إلى أنّ علاج اضطراب النوم سيقدم مساعدة كبيرة في علاج اضطراب المزاج أيضاً.
اقـرأ أيضاً: أنواع الاضطراب ثنائي القطب
اقرأ أيضـاً: الفرق بين الهوس والهوس الخفيف في اضطراب ثنائي القطب
اقـرأ أيضاً: أدوية اضطراب ثنائي القطب وفعاليتها العلاجية
