الوسواس القهري البيدوفيلي (POCD) هو شكل من أشكال اضطراب الوسواس القهري مرتبط بأفكار دخيلة وغير مرغوبة تبعث على الخوف من إلحاق الأذى بالطفل.
وهو مختلف تماماً عن اشتهاء الأطفال (بيدوفيليا)، إذ لا ينجذب المصابون بهذا الاضطراب إلى الأطفال. بل على العكس تماماً فهم يهتمون بشكل كبير بعدم أذية الأطفال ما يجعل اضطرابهم هذا مستقراً في ذلك الخوف. لكن هناك العديد من العلاجات الفعالة لهذه الحالة النفسية.
تعد الأفكار الدخيلة أمراً عادياً. على سبيل المثال: هل تساءلت وأنت تنتظر القطار، “ماذا لو قفزت أمامه؟” أو ربما لمست مقبض الباب ذات مرة وفكرت. “ماذا لو أصبت بمرض معد ما؟”.
إذا كنت من ضمن الـ 94% من الناس، فهناك احتمال أنك عانيت من فكرة دخيلة واحدة على الأقل خلال الأشهر الثلاث المنصرمة. لكنك تجاهلتها وأمضيت بقية يومك بشكل طبيعي.
لكنك إذا كنت مثل 1-2% من الناس المصابين باضطراب الوسواس القهري (OCD) فمن المحتمل أنك لاحظت أن لتلك الأفكار الدخيلة الاستجابة التالية. “لا بد أن هذا يعني شيئاً ما يتعلق بي ويجب عليّ فعل ما بوسعي للتأكد أن الشيء السيء لن يحدث مطلقاً”. ويمكن أن يكون هذا الهاجس قد خرب بقية يومك.
بالنسبة لبعض الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب فإن وجود هاجس أو فكرة واحدة من هذه الأفكار الدخيلة يمكن أن يجعلهم يشعرون بأن احتمال حدوث ما يفكرون به من خطر في ازدياد. مثل تصور أن أحد أحبائهم قد تعرض لحادث سيارة ربما يعني أنه من المرجح تحقق ذلك. أو بأنهم يريدوا أن يتعرض له بسبب تلك الهواجس التي راودتهم.
في حالة اضطراب الوسواس القهري (OCD)، تميل الأفكار الدخيلة إلى الاستقرار في أكثر مخاوف الشخص سوءاً. مثل الأفكار التي تتعلق بأذى شخص ما.
على سبيل المثال، يمكن أن تراود بعض الأشخاص مخاوف بأنهم سيصدمون شخصاً آخر دون قصد. ما يدفعهم إلى التأكد بشكل متكرر وقهري من زجاج نافذة الرؤية الخلفي أو التوقف عن القيادة بشكل مطلق.
خصائص اضطراب الوسواس القهري البيدوفيلي
تتعلق الأفكار الأخرى الدخيلة في اضطراب الوسواس القهري باحتمال انجذاب الشخص جنسياً للأطفال. بخلاف اضطراب اشتهاء الأطفال (pedophilia) أي المشاعر أو الرغبات الجنسية تجاه الأطفال.
فبالنسبة للشخص المصاب باضطراب الوسواس القهري، تثير هذه الأفكار رد فعل عاطفياً سلبياً قوياً كـ الخوف أو الاشمئزاز أو الخزي.
يشار إلى مثل هذه المخاوف عادة بـ الميل الجنسي للأطفال في اضطراب الوسواس القهري (POCD). حيث يتساءل الأشخاص المصابون به بشكل مستمر في سرهم، إذا ما كانوا مولعين بالأطفال فعلاً أو كانوا سيؤذون الأطفال. ويبحثون على الدوام عن دليل لتأكيد أو نفي ذلك.
في حين يستمتع الأشخاص غير المصابين باضطراب الوسواس القهري برفاهية الشعور بالثقة بالأشياء معظم الأوقات. إلا أن المصابين به يمكن أن يخلقوا شكوكاً حول أي شيء تقريباً.
على سبيل المثال، يمكن أن تتساءل الجدة المصابة باضطراب الوسواس القهري البيدوفيلي (POCD) وهي تقوم بتبديل حفاضات حفيدها أو حفيدتها. “هل قمت بلمسه بشكل غير لائق دون قصد؟”. أو “هل أحسست بالإثارة الجنسية تجاهه؟” وتقوم بفحص جسدها بحثاً عن علامات لتتأكد تأكداً تاماً من أنها لم تكن كما ظنت.
بعض الأعراض الشائعة
يمكن أن يبذل الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب أيضاً جهوداً في سبيل ضمان أنهم في موقع أو مكان حيث لا يمكنهم أذية الأطفال فيه. وذلك بسبب خوفهم الشديد من احتمال قيامهم بذلك.
فالرجل الذي يخاف من فكرة أن يُثار جنسياً عند رؤية الأطفال ربما يتجاهل كل الإعلانات التلفزيونية حتى لا يشاهد بالصدفة إعلان حفاضات. ويمكن أن يتجنب حتى استخدام الإنترنت نهائياً لكي لا يظهر أمامه محتوى غير قانوني يشمل على أطفال فيه.
من جهة أخرى، يمكن أن تشعر الأم التي أنجبت حديثاً بالخوف من احتمال أن تتحرش بطفلها. فتفضل ألا تبقى وحيدة في غرفة واحدة معه، وتطلب من قريب لها أن يبقى دائماً موجوداً لتطمئن أكثر.
من الواضح أن هذه الجهود المبذولة للشعور بالطمأنينة والتأكيد يمكن أن تكون مدمرة بشكل كبير. ويمكن أن تسبب عذاباً عاطفياً ووجدانياً للشخص المصاب باضطراب الوسواس القهري.
تستمر هذه المخاوف بالرغم من عدم وجود دليل منطقي على وجود اضطراب الولع بالأطفال أو أي ميول جنسية تجاه الأطفال. في الحقيقة يميل اضطراب الوسواس القهري إلى الاستقرار في الأشياء الأكثر قيمة أو الثمينة في حياة الشخص. الأشياء التي تمثل مصدر الخوف والقلق له.
بالنسبة للعديد من الآباء والأمهات الحديثين، يغدو طفلهم فجأة أهم شيء في حياتهم. لذا فليس غريباً أن يكون اضطراب الوسواس القهري مستقراً في خوفهم بأنهم سيلحقون الأذى بطفلهم.
بالرغم من أن اضطراب الوسواس القهري البيدوفيلي (POCD) يمكن أن يؤثر على أي شخص بغض النظر عن الجندر (النوع الاجتماعي) أو العمر. إلا أن النساء أكثر عرضة بشكل خاص للإصابة به عند الحمل.
تقدر الأمهات الحديثات اللواتي يعانين من اضطراب الوسواس القهري المرتبط بفترة ما قبل وبعد الولادة بنسبة 3-5% واللواتي يعانين من اكتئاب ما بعد الولادة بنسبة 13%.
لا يعد اضطراب الوسواس القهري البيدوفيلي تشخيصاً بحد ذاته، لكنه يندرج ضمن فئة واسعة من اضطراب الوسواس القهري. فالأشخاص الذين يعانون من الأفكار الدخيلة المتعلقة باشتهاء الأطفال يواجهون أحياناً أفكاراً دخيلة أخرى لهذا الاضطراب أيضاً، مثل مخاوف من التلوث والتشدد الديني.
علاج اضطراب الوسواس القهري البيدوفيلي (POCD)
الخبر السار هو أنه إذا كنت تعاني من الوسواس القهري المتعلق بالميل للأطفال. أو أي عدد آخر من الأفكار المتطفلة والدخيلة، فهناك طرق مساعدة فعالة.
يعد العلاج بالتعرض ومنع الاستجابة (ERP) شكلاً محدداً من أشكال العلاج السلوكي المعرفي (CBT) المصمم لمساعدة الفرد على مواجهة الأفكار الدخيلة دون السماح لها بالسيطرة على حياته.
ويمكن أن يتيح علاج التعرض ومنع الاستجابة للأشخاص الذين يعانون من الوسواس القهري حرية الاستمتاع بتربية أطفالهم حديثي الولادة. أو إيجاد قيمة في تعليم أطفال المدارس أو السير بحرية في متجر البقالة دون الاضطرار إلى المغادرة عندما يدخل طفل مع والديه.
اقرأ أيضاً: علاج اضطراب الوسواس القهري (OCD) وكيفية التأقلم معه
المصدر: What People Should Understand About “Pedophilia OCD
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم