يتضمن الاكتئاب غالباً الآلام العاطفية بالتزامن مع الأعراض الجسدية وهي: التعب، الأوجاع، مشاكل الجهاز الهضمي، وهذا على سبيل المثال بلا حصرٍ كليّ. فإذا كنت تعاني من أعراض الاكتئاب، ولاحظت بعض تساقط الشعر، قد تتساءل إن كان هذا مجرد علامة بسيطة أو أحد أعراض الاكتئاب.
في الوقت الذي عجز فيه الخبراء عن العثور على دليل يشير إلى أن الاكتئاب سبب مباشر لتساقطِ الشعر، قد يكون الاكتئاب سبب غير مباشر في ضعفه وتلفه.
وبالطبع، يمكن أن تؤدي الزيادة المفاجئة والكبيرة في تساقطِ الشعر إلى خلق مصدر جديد للتوتر بكل سهولة، أو حتى زيادة الإحباط بالفعل.
فيما يلي، سوف نعطي كامل المعلومات عن العلاقة بين تساقطِ الشعرِ والاكتئاب، ونستكشف الأسباب الشائعة الأخرى لتساقطِ الشعرِ، كما سنقدم بعض الإرشادات للمعالجة.
كيف يمكن لـ الاكتئاب أن يلعب دوراً في تساقط الشعر
وجد الخبراء بعض الأدلة التي تشير إلى أن بعض حالات الاكتئاب قد تكون مرتبطة بتساقطِ الشعرِ.
فقد اكتشفت دراسة أُجرِيت عام 2012 عن الروابط المُحتَملة بين تساقط الشعر وحالات الاكتئاب لدى 157 امرأة من مختلف الأعمار يبحثن عن حل للعلاج في عيادات الأمراض الجلدية.
في التجربة، طرح الباحثون بعض الأسئلة حول مايلي:
- طبيعة الشعر.
- لون الشعر.
- طريقة غسل الشعر بالشامبو، طريقة تمشيطه وتسريحه، ومواعيد صبغه.
- الأدوية الحالية.
- الظروف الصحية الأساسية المرتبطة بتساقط الشعر.
- أعراض وحالات الاكتئاب.
- العلاقات الشخصية.
ومن بين النساء اللواتي تمت مقابلتهن، قالت نسبة 54 في المائة من النساء إنهن عانين من تساقطِ الشعرِ.
في حين أن %29 من النساء قد صرَّحن عن عارضين أو أكثر من أعراض الاكتئاب.
كما إن %38 من النساء اللاتي يعانين من تساقط الشعر كان لديهن على الأقل عارضان رئيسيان للاكتئاب منهم:
- الإحباط المستمر والشعور بالحزن .
- قلة الاهتمام والتمتع بالأنشطة المنتظمة والحياة اليومية.
- التعب وانخفاض الطاقة.
لاحظ المؤسسين للدراسة أيضاً أن النساء في عمر العشرينات والثلاثينيات كنّ أكثر عرضة لكل من الاكتئاب وتساقطِ الشعرِ.
إلا إن الدراسة لم تحدد أن الاكتئاب هو المسبب الأساسي في تساقطِ الشعرِ، كما لم يستبعد الباحثون جميع الأسباب الطبية المحتملة لتساقط الشعر.
مع ذلك، أشارت النتائج إلى أن التغيرات في الحالة المزاجية مثل الاكتئاب قد تكون مرتبطة بتساقطِ الشعرِ.
دور الضغط النفسي في تساقط الشعر
يعد التوتر والضغط النفسي سبب معروف لضعف وهشاشة الشعر. في الواقع، يمكن أن يلعب التوتر دوراً في ثلاثة أنواع مختلفة من تساقطِ الشعرِ:
- تساقط الشعر الكربي.
- نتف الشعر، أو اضطراب شد الشعر.
- داء الثعلبة.
بالتأكيد إن الاكتئاب والتوتر لا يتشابهان، لكن من المؤكَّد أيضاً أن التوتر والإجهاد يقد يسببا الإصابة بالاكتئاب طبعاً.
فالتغيرات الحياتية المفاجئة وغير المرغوبة، والتحديات المستمرة في الحياة يمكن أن تزيد من توترك وقلقك.
وقد تشمل محفزات التوتر ما يلي
- الطلاق.
- فقدان الوظيفة.
- وفاة أحد أفراد الأسرة.
- ضغوط العمل.
- مشاكل العلاقات أو الأسرة.
- الحالات الصحية المزمنة أو الخطيرة.
إذا وجدت صعوبة في تجاوز وحل هذه المشاكل والضغوطات، قد يزداد الألم والحزن العاطفي، ويؤدي في النهاية إلى الاكتئاب.
لاحظ مؤلفو الدراسة أعلاه أيضاً أن النساء اللواتي أبلغن عن تساقط الشعر كن أكثر عرضة ليس فقط لأعراض الاكتئاب، ولكن أيضاً لمشاكل العلاقات، والتي غالباً ما تكون مصدراً مهماً للتوتر.
كما يلاحظ عدّة من الأشخاص زيادةً في تساقطِ الشعرِ بعد بضعة أسابيع أو أشهر من الولادة، حيث يعتبر تساقطُ الشعرِ عرضاً شائعاً جداً بعد الولادة وفقاً للأكاديمية الأمريكية للأمراض الجلدية.
لكن من المُرجَّح أن يبدأ شعركِ في النمو بمعدله الطبيعي في غضون عدة أشهر إلى سنة بعد الولادة.
مع ذلك، بغض النظر عن شعوركِ بالفرح والسعادة في ولادة طفلكِ الجديد، يمكن أن تكون الولادة حدثاً مرهقاً في الحياة بالتأكيد.
وقد تتساءلين أيضاً عما إذا كان الاكتئاب يلعب دوراً في تساقط الشعر بحال ملاحظة اكتئاب ما بعد الولادة.
إذا كنتِ تعانين من ضغوط مألوفة أثناء مواجهتكِ حالة اكتئاب حديثي الولادة أو اكتئاب ما بعد الولادة، بإمكان الطبيب النفسي أن يقدم المساعدة لكِ في الحصول على العناية التامة.
ماذا عن أثر حبوب منع الحمل في تساقط الشعر؟
بعض الأشخاص الذين يستخدمون وسائل هرمونية لمنع الحمل يبلِغون عن حالات الاكتئاب.
فإذا بدأتِ تشعرين بالاكتئاب خلال فترة تناولكِ حبوب منع الحمل، يمكنكِ التحدث مع طبيبكِ المعالج حول إيقاف الحبوب للمساعدة على تحسين حالتك المزاجية.
فبينما يتكيف جسمك مع حدوث تغير في الهرمونات، يمكن ملاحظة بعض التساقط في شعرك أو تلفه.
في حين أنه ليس من السهل دائماً أن نحدد السبب الفعلي لتساقطِ الشعرِ، لكن ممكن أن يكون وجود خلل في الهرمونات هو العامل المسؤول هنا، وعادةً ما تكون هذه الحالة مؤقتة من حالات تساقط الشعر.
مضادات الاكتئاب ودورها في تساقط الشعر
بالإضافة إلى ما سبق، تشير بعض الأبحاث الحديثة إلى أن بعض مضادات الاكتئاب قد تزيد من احتمالية تساقط شعرك.
إذ دققت دراسة مكثفة لعام 2018 (موثوقة) في بيانات مدتها 8 سنوات من إجمالي 1,025,140 مستخدماً جديداً لمضادات الاكتئاب المتنوعة.
وتضمنت هذه الأدوية مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، ومثبطات امتصاص السيروتونين-النوربينفرين (SNRIs).
بالإضافة إلى البوبروبيون، وهو نوع جديد من مضادات الاكتئاب ويُعرَف بإسم مثبطات امتصاص النوربينفرين والدوبامين (NDRI).
كما ارتبط عنصر البوبروبيون (Wellbutrin،Aplenzin) بأعلى المخاطر التي تسبب تساقط الشعر.
من جهة أخرى، ظهر أن الباروكستين (Paxil،Pexeva) أقل خطراً لتساقطِ الشعرِ.
ذكرت هذه الدراسة أيضاً أنه تم وصف دواء السيرترالين (زولوفت) في كثيرٍ من الأحيان أكثر من بقية مضادات الاكتئاب الأخرى. وهذه النتيجة جديرة بالملاحظة بسبب وجود عدد قليل من دراسات هذه الحالة.
وتتضمن دراسات أُجرِيت منذ عام 2016 و 2015 و 2005 (دراسات موثوقة) أنها قد وجدت أدلة تشير إلى أن مضادات الاكتئاب قد تسبب أيضاً تساقط الشعر.
بالإضافة إلى ذلك، أشارت دراسة حالة منذ عام 2013 إلى أن دواء فلوكستين (بروزاك) وسيرترالين وباروكستين جميعها أسباب مرتبطة بتساقطِ الشعرِ.
كما يلاحظ الباحثون أنه ليس بالضرورة أن يكون تساقط الشعر أثراً شائعاً من الآثار الجانبية الشائعة لأدوية الاكتئاب.
ومع ذلك، قد تكون الأدوية عاملاً يستحق التفكير فيه، خاصةً عندما تستبعد بعض الأسباب الأخرى.
أسباب أخرى مُحتمَلة لتساقط الشعر
يمكن أن يكون لتساقط الشعر عدة أسباب أخرى، وتشمل الأسباب الشائعة والواجب مراعاتها ما يلي:
- عوارض الصلع الوراثي، والذي يمكن أن يصيب الأشخاص لكلا الجنسين.
- مرحلة الشيخوخة.
- التغيرات الهرمونية المتعلقة بالحمل أو سن اليأس.
- التوتر أو الصدمات، متضمنة حالات المرض أو الجراحة.
- داء القوباء الحلقية.
- داء الصدفية.
- بعض أنواع الأدوية.
- خسارة الوزن.
- نقص في التغذية.
- تسريحات الشعر المشدودة.
ويمكن أن تسبب بعض أمراض الغدة الدرقية ومنها قصور الغدة الدرقية في تساقط الشعر أيضاً، فمع قصور الغدة الدرقية، يتم إنتاج هرمونات أقل مما ينبغي.
إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى أعراض مماثلة لأعراض الاكتئاب، وتتضمن مايلي:
- فقدان الطاقة والنشاط
- زيادة الوزن
- الشعور بالتعب
- وجود مشكلة في معالجة أو تذكر المعلومات.
بإختصار، في الوقت الذي من الممكن أن تكون مصاباً فيه بحالة الغدة الدرقية أو الاكتئاب، فقد تعاني أيضاً من تساقط الشعر وأعراض مشابهة للاكتئاب، وهي بسبب قصور الغدة الدرقية.
متى يستلزم الأمر رؤية الطبيب؟
في الواقع، من الأفضل أن تتحدث دائماً مع طبيب الأمراض الجلدية أو غيره من اختصاصي الرعاية الصحية حول أي تساقط للشعر قد يقلقك.
وحتى لو كانت لديك أعراض الاكتئاب، فإن تساقطَ الشعرِ غالباً ماقد يكون من أسباب أخرى أيضاً، وبدون العلاج المناسب، لن يتوقف.
ونظراً لأن هذه المشكلة تسبب التوتر بشكل كبير وتعد عاملاً مساعداً في الشعور بالإحباط، قد يكون تساقط الشعر المستمر هو الذي يغذي مشاعر الاكتئاب، وليس العكس.
ومن الأفضل لك أن تتواصل مع معالج مختص إذا لاحظت الأعراض التالية:
- انتفاخ في الشكل الجسم أو تغيرات في الوزن.
- وجود مشاكل في الذاكرة والتفكير.
- الشعور بالتعب.
- مشاكل النوم.
- الأرق، التوتر الزائد، أو التهيج.
- هشاشة الأظافر أو الشعر.
- جفاف أو ترقق الجلد.
- ضعف العضلات.
- بقع من الجلد المتهيج أو المتقشر، خاصة على فروة رأسك.
- ملاحظة تساقط الشعر في جميع أنحاء جسمك.
- إيجاد حِزَم من الشعر على وسادتك أو في بالوعة حمامك أو الفرشاة أو المشط.
- وجود بقع صلعاء في شعرك أو جسمك.
إيجاد الدعم النفسي المساعد
من نواحي أخرى، قد يكون تساقط الشعر المتواصل والذي لا يمكنك تتبع أسبابه المرتبطة بمشكلة في صحة الجسم، السبب الأساسي لتساقطِ الشعرِ في الصحة العقلية.
فإذا كنت تعتقد أن تساقط شعرك مرتبط بأعراض الصحة العقلية مثل الاكتئاب أو التوتر أو القلق، فإن التواصل مع اختصاصي الصحة العقلية يعد خطوة جيدة للقيام بها.
يمكن للمعالج النفسي أن يساعدك فيما يلي:
- تقديم الدعم مع العمل في معالجة الاضطراب العاطفي.
- تعليم استراتيجيات صحية لمواجهة الاكتئاب.
- تقديم إرشادات حول ممارسات الرعاية الذاتية، والتي يمكن أن تساعد في تخفيف بعض الأعراض مثل تساقط الشعر.
في بعض الحالات، قد يساعدك طبيبك النفسي أيضاً في تحديد ومعالجة الأعراض المحددة التي قد يكون لها علاقة بتساقط الشعر، وعلى سبيل المثال الحالات التالية:
- لقد لاحظت إنك فقدت بعض الوزن، وهذا لأنك لا تملك الطاقة الكافية لتناول وجبات منتظمة.
- خلَقَت مشاعرك الاكتئاب بسبب مرورك بتجربة انفصال عاطفي مفاجئ (وطويل بشكل مؤذي ومؤلم).
- وجود مخاوف تتعلق بالبحث عن عمل بعد أن فقدت وظيفتك، مما يجعلك تشعر بالقلق واليأس.
يمكن لأي ضغوط إضافية أو مستمرة في حياتك المساهمة في الإصابة بالاكتئاب.
لكن بالنسبة لتساقط الشعر تبعاً لحالات الصحة العقلية، فسوف يتحسن عموماً بإعتماد النوع الصحيح من الدعم والعلاج.
ومن الجيد أن تتواصل فوراً مع اختصاصي عندما تواجه مايلي:
- تشعر بالاكتئاب في أيام أكثر من غيرها.
- تلاحظ التغييرات في علاقاتك أو مهامك اليومية.
- تجد صعوبة في المشاركة في أنشطة العناية الذاتية أو أداء مهامك ومسؤولياتك اليومية.
- تظهر لديك عادة تحفزك لنتف شعرك ورموشك وحاجبيك.
- لديك أفكار بالانتحار أو إيذاء نفسك.
أم إنك قد قمت بالفعل بالحصول على علاجك من الاكتئاب؟ حيث إذا كنت لاحظت تحسناً في حالة الاكتئاب لديك، إذاً يكون تساقط شعرك مرتبطاً بشيء آخر تماماً.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن زيادة تساقط الشعر تعني اللجوء لمعالجك أو اختصاصي الرعاية الصحية الخاص بك، لكي تتمكن من استكشاف طرق بديلة للعلاج.
وإذا كنت تتناول مضاداً للاكتئاب ذو دور في تساقط الشعر، فقد يكون من الممكن تخفيف جرعة الدواء، أو أخذ دواء مختلف تماماً.
فقط تأكد من أن تتناول أدويتك بحسب التوجيهات، حتى يخبرك طبيبك أو معالجك النفسي عكس ذلك.
نتيجة الدراسات حول تساقط الشعر
لم تجد الأبحاث بعد دعماً قاطعاً لإعتبار الاكتئاب سبباً مباشراً لتساقط الشعر.
ومع ذلك، فإن الاكتئاب والتوتر والحالات الأخرى للصحة العقلية غالباً ما يكون لها تأثير صحي على المدى البعيد.
حيث يتفق العديد من الخبراء على أن الحالات النفسية والاضطراب العاطفي قد يلعب دوراً في هشاشة وتلف الشعر.
مع ذلك، فإن مشكلة تساقط الشعر المرتبطة بالتوترعادةً لا تدوم مدى الحياة.
لذلك، يمكن أن يساعد الحصول على علاج للتخلص من الاكتئاب في تحسين صحة الشعر ونموه، مع فائدة تحسين الصحة والشعور بالسعادة.
اقرأ أيضاً: تأثير الاكتئاب على الجنس والنشوة الجنسية، والأعراض المحتمل مواجهتها
