سيكولوجيا المماطلة، لماذا يؤجل الناس المهام الضرورية إلى اللحظة الأخيرة؟

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

يحبذ الأمريكيون الاعتقاد بأنهم أفراد نشيطون وقادرون ممن يصطادون الفرص ويحلون المشاكل. هل تعتقد أن هذا التصور عن الذات دقيق أو أن الأمريكيين كـ “ثقافة” يميلون إلى المماطلة وتأجيل الأشياء إلى آخر لحظة؟

يقول الدكتور جوزيف فيراري (Joseph Ferrari)، بروفيسور في علم النفس، إحدى العبارات المفضلة لدي تقول “كل شخص فينا يماطل، لكن ليس الكل مماطلاً”. يؤجل الجميع المهام، لكن نتائج بحثي تشير إلى أن 20 بالمئة من الرجال والنساء في أمريكا مصابون بالمماطلة المزمنة. فهم يؤجلون في منازلهم، عملهم وعلاقاتهم.

سيكولوجيا المماطلة، هل المماطلة أسلوب حياة؟

يجعل هؤلاء العشرون بالمئة من المماطلة أسلوب حياة لهم. لذا هم يماطلون عند تقديم ضرائب الدخل الخاصة بهم بالطبع. نحن أمة من “الفاعلين” لكننا أيضاً ننحدر من أمم صناعية، أي أشخاص من “المنتظرين”.

لنضع نسبة العشرين بالمئة في الاعتبار، هي نسبة تعلو عدد الأشخاص الذين تم تشخيصهم بالاكتئاب السريري أو الرهاب، وهما حالتان يعلم الكثير من الناس عنهما.

ضمن الولايات المتحدة الأمريكية، قمنا بإجراء دراسة في الشمال الشرقي، الجنوب الشرقي، الشمال الغربي والجنوب الغربي.

كان حجم العينة صغيراً، إلا أننا وجدنا معدلات مماطلة مزمنة أعلى في الشمال الغربي- كاليفورنيا الشمالية، واشنطن، أوريغون – مقارنة بالمناطق الأخرى من البلاد. مرة أخرى، كانت عينة صغيرة الحجم، إلا أن ما انطوت عليه من نتائج كانت مثيرة للدهشة والإعجاب.

يركز الأشخاص غير المماطلون على المهام التي يجب إتمامها. ويتمتعون بهوية شخصية أقوى ويهتمون بشكل أقل بما يطلق عليه علماء النفس اسم “التقدير الاجتماعي”؛ كيف ينظر إلينا الآخرون، المعاكس لـ “تقدير الذات” والذي يعني كيف نشعر تجاه أنفسنا.

هل ساعدت التكنولوجيا الحديثة الفورية في خفض المماطلة لدينا أو أنها غذّت ميل الناس للتأجيل؟

إنها نقطة مهمة، يقول الدكتور فيراري، لقد سمعنا أن التكنولوجيا اليوم جعلت من المماطلة أمراً أسهل.

حسناً، عام 2006، هاتفني مراسل وسألني عن رأيي بـ زر الـ “الغفوة” والذي عمره أكثر من خمسين سنة. زر الغفوة هو واحد من أوائل التكنولوجيا المصممة لمنحنا المزيد من الوقت، لكننا لم نكسب شيئاً؛ لا زلنا نؤجل.

يمكن أن تساعد التكنولوجيا اليوم في عدم المماطلة إذا ما استخدمناها بحكمة. ليس علينا تصفح الشبكة العنكبوتية لساعات بحثاً عما يتعلق بالمهمات. إذ بإمكاننا الحصول على أنظمة تجعلنا نتوقف عن العمل بعد 10 دقائق (ننجز المهمة).

لا يتوجب أن تكون أجهزة بلاكبيري بين أيدينا طوال الوقت. استعمل التكنولوجيا كأداة لا كوسيلة للمماطلة والتأجيل.

ما هي الفروق الشخصية بين الأشخاص الذين يغوصون في كل الأشياء ويقومون بإتمامها وبين أولئك الذين يبحثون عن أي سبب للتهرب من إنجاز المهمات؟

بينما لا تعتبر المماطلة اضطراباً بحد ذاتها، إلا أنها علامة على مشاكل أخرى يمكن أن تصبح اضطرابات حقيقية في حال لم تتم مواجهتها. لذا لا بد من التعرف على سيكولوجيا المماطلة.

يقول الدكتور فيراري بأنه إذا وجدت أنك تماطل أحياناً كثيرة، وفي جميع مجالات حياتك كما ذكر سابقاً، إذاً فهذه مشكلة.

وجدنا بعض الروابط بين المماطلة المزمنة ومشاكل الشخصية مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، الميول العدوانية السلبية، الانتقام، اضطراب الوسواس القهري ومناح أخرى من الحياة.

لكن دعنا نتذكر أنه في حين يؤجل كل منا مهمة عرضية، فإن الشخص الذي يقوم بذلك بشكل اعتيادي، مترافق بأعذار مقبولة، هو من يعاني من مشاكل يجب معالجتها.

نحن لا ننظر إلى المماطلة على أنها مشكلة خطيرة، لكن كميول شائع باتجاه الكسل والتباطؤ. لكننا أظهرنا في بحثنا أنها أكثر من ذلك بكثير.

بالنسبة لأولئك المصابين بالمماطلة المزمنة، ليست القضية قضية إدارة الوقت، بل نمط حياة غير قادر على التكيف.

كيفية التخلص من المماطلـة المزمنة

يقول الدكتور فيراري، دعوني أقدم اقتراحاً واحداً يركز على عائدات الضرائب:

تفتح معظم مكاتب البريد في الولايات المتحدة أبوابها حتى وقت متأخر في الخامس عشر من نيسان. ما هو الخطأ في هذا؟

نحن نحشد الأشخاص الذين يماطلون. أعتقد أن لدينا أولويات في الكواليس. يجب أن نحتفي بالشخص الذي يقدم الطلب في الخامس عشر من شباط أو آذار.

في الحقيقة، إذا كنا نرغب في تحفيز الدولة من خلال المصادر، فيجب أن تكون هناك حوافز لتقديم الطلبات في وقت مبكر.

ربما، يكون هناك تخفيض، 3 بالمئة على سبيل الافتراض، من المبلغ المستحق لأولئك الذين قدموا في الخامس عشر من شباط.

تحصل الحكومة على أموالها قبل شهرين ويوفر المتقدم بعض النقود. بدلاً من ذلك، نعاقب المتقدمين بعد الخامس عشر من نيسان. ونكافئ من ينجزها في وقت مبكر.

هل هناك خط فاصل بين المماطلة والتفكير بالشيء بشكل كاف قبل الغوص فيه؟

بعبارة أخرى، عند محاربة سيكولوجيا المماطلة، هل نعرّض التفكير العميق للخطر؟ يقول الدكتور فيراري، ركزنا في البحث على العديد من الجوانب وكانت إحداها التردد، الانتظار المتعمد لاتخاذ القرار. إذ استكشفنا لماذا يجد بعض الناس صعوبة في اتخاذ القرارات.

بالتأكيد، جمع المصادر والمعلومات هو خطوة مثمرة ومفيدة، لكن يبدو بعض الناس غير قادرين على اتخاذ القرارات، هؤلاء هم المماطلون الخطرون، إذ يتركون الآخرين يقررون نيابة عنهم، لذا فلا لوم عليهم في الفشل.

لا تعني المماطلة الانتظار وهي أكثر من مجرد تأجيل؛ هي قرار بعدم الفعل. من المفيد والمساعد جداً أن نجمع المعلومات بهدف اتخاذ قرار مستنير، ولكن عندما يستمر الفرد ببساطة في الجمع بعيداً عن نطاق المصادر الملائمة، هنا يصبح شخصاً متردداً، و يؤتي الانتظار بنتائج عكسية عليه.

سيكولوجيا المماطلة،  لماذا يؤجل الناس المهام الضرورية إلى اللحظة الأخيرة؟لنحيا الآن ونتمتع بحياتنا، ولا ندع الخوف أو انعدام الأمان سبباً في التأجيل والمماطلة.

اقرأ أيضاً: التثليث في علم النفس، علاماته، تأثيراته، أمثلة عنه وكيف تتعامل معه؟

اقرأ أيضاً: نظرية المقارنة الاجتماعية، كيف تؤثر المقارنات على نظرتنا لأنفسنا؟

اقرأ أيضاً: معلومات مهمة عن المشاعر يجب معرفتها

المصدر: Psychology of Procrastination

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: