تشكل صعوبات التعلم جانباً محبطاً من الحياة بالنسبة للعديد من الأطفال والمراهقين. هناك خمسة أنواع من صـعوبات التعلم المحددة هي عسر الحساب، عسر الكتابة، عسر القراءة، اضطراب اللغة الشفوية وصـعوبات التعلم المتعلقة بالإشارات غير اللفظية.
لكن، يمكن أن يختلط الأمر كثيراً بين هذه الاختلافات في معالجة المعـلومات وبين الحالات الصحية النفسية، وقد تخفي صـعوبات التعلم المشاكل الصحية النفسية أو تترافق معها أو تساهم في حدوثها.
أما عن النتيجة، كما تقول الطبيبة النفسية أليكساندرا كرونيتش ( Aleksandra Krunic ) ومؤسس مركز الطب النفسي السريري للأطفال والكبار في هنتنغتون/نيويورك: لا يحصل الأطفال على المساعدة التي يحتاجونها من أي جانب. مما يؤدي إلى سنوات من الصراع التي قد تمتد إلى مرحلة البلوغ.
تقول الدكتورة كرونيتش أيضاً أن صعوبات التعلم لا توجد من فراغ. وكما كل الأشياء المتعلقة بصحة طفلك، “قبل الاستمرار في مراقبة أية مشاكل نفسية. علينا أن نفهم ما يحدث معه من الناحية التطورية؛ ويتضمن ذلك صعوبات التعلم”.
ما هي صعوبات التعلم؟
وفقاً للمركز الوطني الإحصائي التابع للتعليم (NCES)، تُعد صعوبات التعلم المحددة (SLD) اضطراباً في واحدة أو أكثر من العمليات العقلية الأساسية المرتبطة بفهم اللغة أو استخدامها. والتي يمكن أن تؤدي إلى صعوبات في السمع، التفكير، التحدث، القراءة، الكتابة، التهجئة أو القيام بالعمليات الحسابية.
صعـوبات التعلم شائعة بين الأطفال والمراهقين. بناءً على ما أفادته الـ NCES، فمن بين السبعة ملايين طالب يتلقون خدمات التعـليم الخاص في المدارس الحكومية الأمريكية، يعاني 33% منهم صعوبات تعلم محددة.
من المهم إدراك أن صـعوبة التعلم ليست نفسها نقص الذكاء أو الدافع. في الواقع، قد يكون الطفل ذكياً جداً أو مُجدّاً ولكن نظراً لأن دماغه يعالج الكلمات أو الأرقام أو الإشارات المرئية بشكل مختلف. فقد يشكل التعلم تحدياً له.
من المهم أيضاً معرفة أن صعوبات التعلم ليست السبب الوحيد الذي قد يجعل الطفل يواجه مشاكل في التعلم.
على سبيل المثال، يمكن أن يسبب اعتلال السمع (مثل الصمم) وضعف البصر (مثل العمى) والخلل في الكلام (مثل التلعثم) والإعاقة الذهنية (مثل متلازمة داون) تحديات في التعلم، لكنها تختلف عن أسباب وأنواع صعوبات التعلم المحددة.
أنواع صعوبات التعلم
قد تكون على دراية بالفعل بعُسر القراءة، وهو صعوبة في التعلم تؤثر على مهارات القراءة والمعالجة المرتكزة على اللغة.
ولكن في الحقيقة هناك خمسة أنواع من صعوبات التعلم المحددة (SLD) يجب أن تعرفها، وفقاً لجمعية صعوبات التعلم الأمريكية (LDAA).
عسر الحساب (Dyscalculia)
قد يعاني الأطفال المصابون بعسر الحساب صعوبة في العد، تعلم الأرقام، فهم حقائق أو رموز الرياضيات أو تحديد الوقت.
عسر الكتابة (Dysgraphia)
ينتج عن عسر الكتابة صعوبات في الكتابة باليد، وقد يكون من الصعب قراءة كتابة الأطفال. أو قد تكون المسافات بين الكلمات قليلة جداً أو غريبة الحجم. ومن الممكن أن يجد الأطفال المصابون بعسر الكتابة أيضاً صعوبة في الكتابة والتفكير في نفس الوقت.
عسر القراءة (Dyslexia)
يمكن أن تؤثر صعوبة التعلم المرتكزة على اللغة على طلاقة القراءة. أو إلى مدى يمكن أن يقرأ الطفل المصاب، وعلى القراءة والفهم بشكل جيد أو إلى أي مدى يمكنه فهم ما يقرأه.
قد يعاني الأطفال المصابون بعُسر القراءة صعوبة في التهجئة والكتابة وفهم الصوتيات أو الأصوات الصادرة عن الحروف والكلمات.
اضطراب اللغة الشفوية أو الكتابية والعجز في فهم قراءة محددة
قد يواجه الأطفال المصابون باضطراب التعلم هذا صعوبة في استخدام الدلالات، معاني الكلمات، التركيب النحوي أو كيف يغير ترتيب الكلمات المعنى.
صعوبات التعلم المتعلقة بالإشارات غير اللفظية
يواجه الأطفال ممن لديهم صعوبات في التعلم غير اللفظي، يرمز إليه بـ (NLD أو NVLD)، صعوبة في تفسير الإشارات غير اللفظية مثل تعابير الوجه ولغة الجسد.
قد يكون لديهم أيضاً مهارات بصرية مكانية أو اجتماعية ضعيفة ولكن مهارات لفظية أو لغوية لا بأس بها.
صعوبات التعلم والاضطرابات المرتبطة بها
من المحتمل أن يعاني الطفل من صعوبة في التعلم ونوع مختلف من الاضطرابات الصحية في نفس الوقت؛ هذا ما يعرف باسم الاعتلال المشترك.
قد يصعب أيضاً على الشخص العادي التمييز بين صعوبة التعلم واضطراب الصحة النفسية مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD).
تقول الدكتورة كرونيتش: “في كثير من الأحيان قد يعاني الطفل من اضطرابات تعلم غير مشخصة والتي تظهر بطريقة يعتقد بها أي شخص أنها مرض أو مشكلة نفسية”.
اضطراب نقص الانتباه وفرط نشاط (ADHD)
يعاني الأطفال المصابون باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط من مشاكل في الحفاظ على التركيز. ما يزيد عن 45% من الأطفال المصابين باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط يعانون أيضاً من صعوبة في التعلم، وذلك وفقاً لدراسة نُشرت في مجلة صعوبات التعلم.
اضطراب التآزر الحركي (Dyspraxia)
يمكن أن يسبب هذا الاضطراب مشاكل في التحكم بالعضلات والتنسيق، وأن يؤثر على المهارات الحركية الإجمالية. مثل الحفاظ على التوازن وكذلك المهارات الحركية الدقيقة، مثل استخدام اليدين للإمساك بالأشياء.
يترافق غالباً وجود اضطراب التآزر الحركي مع عسر القراءة أو عسر الحساب أو نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، وفقاً لـ جمعية صعوبات التعلم الأمريكية (LDAA).
الوظيفة التنفيذية
القدرة على التخطيط والتنظيم وفهم المفاهيم وإدارة الوقت واتخاذ القرارات كلها جوانب من الوظيفة التنفيذية. يعاني الأطفال الذين لديهم صعوبات التعلم أو اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط من مشاكل في الوظيفة التنفيذية أيضاً.
صعوبة التعلم والمشكلات الصحية النفسية
تختلف صـعوبة التعلم عن مشاكل الصحة النفسية، ولكن يمكن أن تكون مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بها. وبالنسبة للأطفال والكبار على حد سواء، فإن التأخير في تحديد صـعوبة التعلم يمكن أن يزيد من مخاطر القلق والاكتئاب.
وفقاً للدكتورة كرونيتش: “يمكن أن ينشأ عند الطفل إحساس بالنقص لأن كل جهوده الأكاديمية لا تحقق أية نتائج”.
في بعض الحالات، قد يستوعب الطفل هذا الشعور بالفشل ما يؤدي إلى الاكتئاب. الخبر السار، كما تقول كرونتيتش: “سوف تظهر العديد من حالات الاكتئاب الخفيفة بشكل واضح في حال عولجت أية مشاكل كامنة وراء التعلم”.
في حالات أخرى، قد يتخلى الطفل عن هذا الشعور بالفشل من خلال التغيب عن المدرسة أو تعاطي المخدرات أو الكحول. بالطبع، يمكن لهذه السلوكيات المدمرة أن تجعل التعلم أكثر صعوبة حتى.
إذا اكتشفت أية مشاكل تتعلق بصحة طفلك النفسية أو أخبرك ابنك المراهق أنه يواجه وقتاً عصيباً في المدرسة. عندها تحقق من طبيب الرعاية الأولية أو طبيب الصحة النفسية.
كيف يمكن أن تساعد الأدوية في صعوبات التعلم؟
قد يساعد الدواء اعتماداً على حالة طفلك طالما أنه موصى به بشكل مناسب ومن قبل الطبيب الذي اعتاد العمل مع الفئة العمرية لطفلك، كما تقول الدكتورة كرونيتش. فالطبيب المتخصص في طب الأطفال مثلاً، سيكون الأفضل لفهم صحة الطفل وحالته.
تقول الدكتورة كرونيتش: “إن أدوية اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط لها فعالية ممتازة”. من خلال مساعدة طفلك على تحسين مشكلة التركيز المتعلقة باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، ستساعده على الاستفادة من أية خدمات تعليمية خاصة بصـعوبات التعلم.
كما تقول أنه وبالمثل، إذا أصيب طفلك بالاكتئاب أو القلق فإن علاجهما يمكن أن يساعده على الشعور بالتحسن وقبول الدعم الأكاديمي.
إذا أوصى الطبيب السريري لطفلك بأدوية نفسية، اسأل عما إذا كان بإمكان اختبار الوراثة الدوائية الخاص بعلم الصيدلة الجيني (PGx) أي دراسة دور الجينوم في الاستجابة للأدوية، مساعدتك في ذلك.
احصل على إرشادات حول العلاج الصحي النفسي مدى الحياة. صُمم اختبار الجينوم الرائد في علم الوراثة الدوائية أو ما يسمى الفحص الجيني لمساعدة طبيبك على رسم خطة العلاج الخاصة بك بناءً على ملفك الجيني.
اقرأ أيضاً: تأخر النطق عند الأطفال، علاماته، أسبابه وعلاجه
اقرأ أيضاً: القلق عند الأطفال، الأعراض، الأنواع والعلاج
اقرأ أيضاً: التوحد عند الأطفال، أعراضه، أسبابه ونصائح للوالدين
المصدر: How Learning Disabilities Can Affect Your Child’s Mental Health
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم