الأقران هم مجموعة من الناس المحيطين بك ويشكلون جزءاً من الشريحة الاجتماعية التي تعيش فيها، ومنه يقصد بضغط الأقران هو التأثير الأشخاص من نفس المحيط الاجتماعي بين بعضهم بعضاً مثل الرغبة عن شيء ما أو الرغبة به.
يستخدم مصطلح ضغط الأقران عادةً لوصف سلوكيات غير مقبولة أو غير مرغوب فيها اجتماعياً، مثل شرب الكحول أو تعاطي المخدرات.
لكن في المقابل ورغم أن ضغط الأقران لا يستخدم عادة لوصف السلوكيات المرغوبة اجتماعياً، مثل ممارسة الرياضة أو الدراسة، إلا أن ضغط الأقران قد يكون له تأثير إيجابي في بعض الحالات.
أنواع ضغط الأقران
في الحقيقة قد يكون لضغط الأقران أثر إيجابي أو سلبي، فمن الممكن لشخصٍ ما أو لمجموعةٍ من الأشخاص التأثير على شخصٍ آخر بأحد الشكلين.
تستخدم المصطلحات الستة التالية غالباً لوصف أشكال مختلفة من ضغوطات الأقران التي قد يتعرض لها الشخص.
الفرق بين الضغط اللفظي والمعنوي (غير اللفظي)
أحد أنواع ضغط الأقران هو ضغط الأقران اللفظي، فعندما يؤثر شخص ما لفظياً على شخص آخر للقيام بشيء ما. على سبيل المثال قد يقنع مراهق ما صديقه بتدخين سيجارة بقوله، “هيا، سيجارة واحدة لن تضر بصحتك”.
بالمقابل، فإن ضغط الأقران المعنوي هو عندما لا يحاول أحد أقرانك التأثير بك بالكلام. ولكن هناك معياراً موجوداً وضعته المجموعة للتصرف بطريقة معينة.
حتى لو لم يخبر أحد ذلك المراهق بتدخين سيجارة في المثال أعلاه، فقد لا يزال المراهق يشعر بضغط أقرانه للمشاركة في النشاط لأنه يرى الجميع يفعلون الأمر ذاته.
الفرق بين الضغط المباشر والضغط غير المباشر
ضغط الأقران المباشر هو أحد أنواع ضغط الأقران أيضاً، وهو عندما يستخدم الشخص كلمات أو إشارات لإقناع شخص ما بالقيام بشيء ما، في المثال المذكور أعلاه قد يعطي المراهق صديقه سيجارة لتدخينها فهذا مثالٌ على ضغط الأقران المباشر لأن المراهق الذي سيعطيه صديقه السيجارة يجب أن يقرر على الفور كيف سيستجيب.
أما في حال ضغط الأقران غير المباشر، فلا أحد سيؤثر بك ولكن البيئة المحيطة بك قد تؤثر عليك للقيام بشيء ما في هذه الحال.
مثلاً: إذا كنت قد حضرت حفلة يحتسي بها جميع الحاضرين المشروبات الكحولية، فقد تشعر بالضغط كي تشرب حتى لو لم يطلب منك أحد ذلك.
الفرق بين الضغط السلبي والضغط الإيجابي
من أنواع ضغط الأقران أيضاً ضغط الأقران الإيجابي، وهو عندما يتأثر الشخص بالآخرين للانخراط في سلوك مفيد أو مثمر كعمل خيري تطوعي أو ممارسة الرياضة.
أما ضغط الأقران السلبي هو التأثير الذي قد يواجه الشخص للقيام بأمر قد لا يقوم به عادةً أو لا يريد القيام به كوسيلة للتأقلم مع المجتمع المحيط. في أغلب الأحيان يواجه الأفراد ضغطاً سلبياً من الأقران لإقناعهم بشرب الكحول أو تعاطي المخدرات أو ممارسة الجنس.
أمثلة على ضغط الأقران
بعد أن تعرفنا على أنواع ضغط الأقران سنتعرف الآن على بعض الأمثلة التي قد نواجهها في حياتنا.
ضغط الأقران يجعل الناس يفعلون أشياء لم يكونوا ليفعلوها في الوضع الطبيعي وذلك للتأقلم مع المحيط.
فيما يلي مجموعة من الأمور التي قد يضغط الأقران على شخص ما للقيام بها:
- التصرف بقسوة (شائع بين الرجال بشكل أساسي).
- التنمر على الآخرين.
- تعاطي المخدرات.
- ارتداء الملابس بطريقة معينة.
- تعاطي الكحول والمخدرات.
- الانخراط في أعمال تخريب وشغب أو أنشطة إجرامية أخرى.
- ممارسة الجنس.
- القتال البدني.
- حصر الاختلاط الاجتماعي بمجموعة معينة.
قد يؤدي ضغط الأقران أو رغبة المراهقين أو المراهقات في إبهار أقرانهم إلى كسر حاجز الخوف من القيام بمخاطرة. وفقاً للمعهد الوطني لتعاطي المخدرات للأطفال فقد يؤدي السلوك المحفوف بالمخاطر المتزامن مع تعاطي المخدرات أو الكحول أو كلاهما إلى ما يلي:
- الحوادث.
- الإدمان.
- حالات التسمم بالكحول أو المخدرات.
- الاختناق.
- القيادة تحت تأثير (الكحول أو المخدرات الأخرى).
- حالات الجرعة المفرطة.
- الأمراض المنقولة جنسياً.
ضغط الأقران والإدمان السلوكي
يمكن أن يشعر الناس أيضاً بضغط داخلي للمشاركة في الأنشطة والسلوكيات التي يعتقدون أن أقرانهم يقومون بها، مما قد يعرضهم لخطر الإدمان السلوكي التالي:
- الإدمان على الطعام.
- الإدمان على القمار.
- الإدمان على تصفح الإنترنت.
- الإدمان على ممارسة الجنس.
- الإدمان على الذهاب للتسوق.
- الإدمان على ألعاب الفيديو.
بالنسبة للمراهقين، نادراً ما قد يشعر الآباء بالقلق تجاه ضغط الأقران الذي قد يواجهه أطفالهم للمشاركة في التمارين الرياضية. إذ تعتبر من السلوكيات الاجتماعية الصحية، وهذا أمرٌ جيد طالما أن التمرين أو الرياضة لا تصبح طريقة غير صحية للتأقلم مع المجتمع المحيط ومفرطة لدرجة أنها قد تؤثر سلباً على صحتهم أو أنها خطيرة (كما هو الحال في الرياضات الخطرة).
قد يتحول الضغط الإيجابي من الأقران إلى ضغط سلبي إذا كان يؤدي بالشخص إلى الإفراط في تحديد هويته مع الرياضة. مثلاً وضع الأولوية للتمرين والمنافسة قبل كل شيء آخر.
وإذا بالغوا في ممارسة الرياضة، فقد يصابون بإدمان التمارين الرياضية مما يجعلهم يهملون فروضهم المدرسية وأنشطتهم الاجتماعية. وفي نهاية المطاف سوف يستخدمون التمرين والمنافسة في الرياضة كمنفذ رئيسي للتعامل مع ضغوط الحياة كما قد يؤدي ذلك أيضاً إلى العديد من العواقب الصحية.
أمثلة على التأثير الإيجابي للأقران
من الشائع أن نسمع الكثير عن الآثار السلبية المحتملة لضغط الأقران، لكن في الحقيقة قد يكون الضغط من الأقران إيجابياً، مثلاً قد يضغط صديقان ضغطاً إيجابياً على بعضهما بعضاً للذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية معاً وإظهار استمرارية الإحساس بالمسؤولية بأهداف اللياقة البدنية الخاصة بهما.
يمكن للمراهقين الذين يتطوعون في مجتمعهم أن يحافظوا على تحفيز بعضهم مع بعض للمشاركة بأي نشاط جماعي، وقد تؤدي هذه المشاركة لتشكيل قدوة وقد يصبح المراهقون في هذه الحالة مثالاً للقدوة الفعالة في المجتمع.
يمكنك أيضاً الضغط بشكل إيجابي على الآخرين من خلال الطريقة التي تتعامل بها مع المواقف. مثلاً إذا كان صديقك ينتقد شخصاً آخر بطريقة مؤذية يمكنك قول: “في الواقع، قد يكون من الضار جداً انتقاد أجساد الناس بهذه الطريقة”.
في المقابل، قد يعيد صديقك النظر في انتقاد الأشخاص بناء على مظهرهم، ببساطة من خلال الالتزام بقيمك الخاصة ومشاركتها مع صديق، يمكنك الضغط عليه بشكل إيجابي للتفكير قبل الإدلاء بتعليق سلبي.
الفرق بين تأثير الوالدين وتأثير الأقران
رغم قلق الآباء على أطفالهم بشأن تأثير أقرانهم، قد يكون للوالدين أيضاً تأثير قوي في تعرض الأطفال لضغط الأقران السلبي.
بدلاً من القلق بشأن ما قد ينتج عن علاقته بمحيطه، سيكون من الأفضل للوالدين التركيز على خلق بيئة منزلية إيجابية وداعمة بهذه الطريقة حتى لو تعرض طفلك لضغط الأقران للقيام بشيء لا يريد القيام به، فإنه سوف يكون مرتاحاً إذ تحدث معك بخصوص ذلك.
قد يساعد التنظيم الذاتي العاطفي الجيد بنمذجة الدور طفلك على التمسك بقيمه الخاصة عندما يتعلق الأمر بضغط الأقران يتضمن التنظيم الذاتي القدرة على التحكم في الأفكار والمشاعر والسلوكيات من أجل إدارة السلوك الحالي وتحقيق الأهداف طويلة الأمد.
سيعلم هذا طفلك طرقاً إيجابية لتجاوز العقبات والتعامل مع المشاعر المزعجة، بدلاً من محاولة الهروب من خلال القيام بأشياء تناسب محيطه.
يمكن للأهل تقديم الدعم لأولادهم ووضع حدود مناسبة لما قد يتعرضوا له من ضغط الأقران وتجنب المخاطر من خلال:
- إبعاد أطفالك عن أي حفل يتضمن تعاطي الكحول والمخدرات
- تقديم معلومات متوازنة وصادقة لأطفالك عن قضايا صحية مجتمعية كتعاطي الكحول والمخدرات.
- ابق مشاركاً في حياتك أطفالك فأنت أحد أكبر العوامل المؤثرة فيهم ويستمعون لآرائك عندما تتحدث.
- التأكيد على أهمية التفكير قبل القيام بأي أمر مثلاً علم المراهقين أن يسألوا أنفسهم أسئلة كالتالي: هل يمكن أن يؤذيني هذا العمل أو أنه قد يؤذي شخصاً آخر؟ هل سيعرض ذلك صحتي أو سلامتي للخطر؟ هل هو قانوني؟ ما هي العواقب طويلة الأجل على صحتي وأسرتي وتعليمي ومستقبلي.
ضغط الأقران بعد الطفولة
يتعرض المراهقون بشكل خاص لضغط الأقران لأنهم في هذه المرحلة من مراحل النمو يسعون أن يكونوا مستقلين بأنفسهم. لكنهم لم يؤسسوا بعد قيمهم الخاصة ولم يدركوا العلاقات الإنسانية أو عواقب سلوكهم بالشكل الصحيح.
كما أنهم يسعون إلى أن يكونوا مقبولين من المجتمع المحيط وهم أكثر استعداداً للانخراط في سلوكيات ضد حكمهم الأفضل ليتم تقبلهم في هذا المجتمع.
ومع هذا، قد يتعرض البالغون لضغط الأقران أيضاً، مثل شرب كميات كبيرة من الكحول لأن أصدقاءهم يقومون بذلك أو أنهم ينجزون أعمالهم المكتبية في البيت أمام عائلاتهم لأنهم ينافسون زملائهم في العمل للحصول على ترقية أو منصب في عملهم.
خلاصة القول: إن إدراك تأثير الأقران والتعامل معه بعناية سيؤدي إلى تجارب صحية وسعيدة فهو عملية تستمر مدى الحياة.
كيفية التعامل مع ضغط الأقران
قد يكون التعامل مع ضغط الأقران أمراً صعباً، لكن فيما يلي بعض الطرق للمساعدة في معالجته.
خذ وقتك دوماً وفكر جيداً
بدلاً من الموافقة بسرعة على القيام بشيء لا تريد فعله، فكر بتروٍ وخذ نفساً عميقاً. أي إذا كان شخص ما ينتظر إجابتك، أخبره أنك بحاجة إلى بعض الوقت للتفكير في الأمر؛ لأنه من الأسهل مقاومة الضغط عندما تضع بعض الوقت والمساحة بينك وبين الموقف.
النظر في أسبابك الخاصة
عندما تواجه خياراً، اسأل نفسك لماذا قد تريد فعل ذلك، إذا كنت تريد فعل ذلك لأن جميع أصدقائك يفعلون نفس الأمر وكنت خائفاً من أنهم سينفرون منك إذا لم تنضم إليهم، فقد ترغب في إعادة النظر في الأمر مرة أخرى.
أنت تستحق أن تحيط نفسك بأشخاص داعمين يحترمون قراراتك وليس بالأشخاص الذين يضغطون عليك للقيام بشيء لا يبدو لك صحيحاً أو منطقياً.
وضع الحدود
قد يكون قول كلمة “لا” أمراً صعباً ولكن من الضروري وضع حدود صحية في العلاقات. إذا ضغط عليك شخص ما باستمرار للقيام بشيء ما، يمكنك محاولة إخباره بطريقة أفضل كيف يؤثر عليك.
على سبيل المثال بإمكانك قول: “أشعر بالانزعاج عندما تقدم لي سيجارة وأنت تعرف أنني لا أدخن لا يمكنني الاستمرار في قضاء الوقت معك إذا لم تحترم قراراتي”.
تقديم بديل
قد يضغط عليك أحد أصدقائك لأنه يريد ببساطة قضاء المزيد من الوقت معك أو التواصل معك، لكنه لا يعرف كيف يعبر لك عن ذلك.
فمثلاً قد يضغط عليك أصدقاؤك للذهاب إلى البار والتقاط بعض الصور ولكنك لا تشرب الكحول، يمكنك في الحال أن تقترح عليهم أن تنزلوا المقهى أو يمكنك وضع خطة للذهاب في نزهة أو الذهاب إلى السينما في المرة القادمة التي تتسكع فيها معهم؛ بهذه الطريقة تلبي احتياجات كلا الطرفين بأسلوب نافع متبادل لكما.
اقرأ أيضاً: نظرية المقارنة الاجتماعية، كيف تؤثر المقارنات على نظرتنا لأنفسنا؟
اقرأ أيضاً: الحديث الذاتي الإيجابي للأطفال، أهميته وكيفية تعليمه للأطفال
اقرأ أيضاً: العلاقة بين الأهل والطفل، أهميتها وطرق تقويتها
المصدر: ?What Is Peer Pressure
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم