يشير علاج إدمان الجنس إلى الإجراءات النفسية والدوائية المستخدمة لضبط العلاقة المفرطة مع الجنس. في حين أن إدمان الجنس لم يحصل بعد على طابع الاعتراف الرسمي كسلوك إدماني، إلا أنه تم الاعتراف به كتحدّ سلوكي قد يتطلب الضبط الملائم.
قد يسعى الشخص إلى هذا العلاج لضبط التخيلات أو الاهتمامات أو السلوكيات الجنسية الوسواسية التي تؤثر على حياته اليومية وأدائه.
تقنيات علاج إدمان الجنس
كما هو الحال مع السلوكيات القهرية مثل المقامرة والاكتناز، فإن الشخص الذي يتعامل مع الإدمان الجنسي ليس لديه إلا سيطرة قليلة أو معدومة على الإلحاحات التي قد تباغته وتستحوذ على تفكيره خلال فترة النهار. و تتطلب هذه الدوافع غالباً تلبيتها بغض النظر عما إذا كان ذلك ملائما أم لا.
يمكن للمرء أن يتبع تقنيات العلاج التالية للسيطرة على إدمان الجنس:
العلاج السلوكي المعرفي (CBT)
العلاج السلوكي المعرفي هو تقنية علاجية تساعد الأفراد في التعرف على أنماط التفكير أو السلوكيات الخطرة وتغييرها. يكون لهذه الأنماط والسلوكيات آثار ضارة على الصحة غالباً، ما يجعل التحكم بها أمراً مهماً.
في إدمان الجنس، يساعد العلاج السلوكي المعرفي على تحديد المسببات التي قد تشجع السلوكيات الجنسية السيئة وتبديلها بأنماط تفكير، سلوكيات ومواقف أكثر صحة و إفادة تجاه الجنس.
قد يساعد هذا العلاج أيضاً في تحديد الحالات المختلفة التي تحفز على النشاط الجنسي. مثل فترات الاسترخاء أو الملل. بعد تحديدها، يمكن طرح أفعال غير جنسية عند مواجهة محفزات مماثلة.
العلاج النفسي الديناميكي
تؤكد هذه التقنية على التفكير والتأمل الذاتي والفحص لفهم أسباب الصعوبات العاطفية التي يواجهها الفرد. ويعزز العلاج النفسي الديناميكي فهماً أفضل للأفكار والمشاعر والعواطف والمواقف التي يتكون منها السلوك.
هذا يعني استكشاف الدوافع التي تشكل سلوكيات غير صحيّة تجاه الجنس.
سيساعد هذا الشكل من العلاج في إبراز الخجل، الخوف أو الغضب الذي يحث الشخص على النظر إلى الأفعال الجنسية على أنها وسائل ضرورية للتخفيف منها.
العلاج بالتعرض
من الناحية المثالية، يعمل العلاج بالتعرض على تعريف المريض بموضوع مخاوفه بهدف إدارتها بشكل أفضل. مع إدمان الجنس، قد يتطلب ذلك القيام بأشياء مختلفة قليلاً.
فبدلاً من وضع شخص مصاب بهذا الإدمان في اندفاع كامل للمحفزات، فإن تعديل البيئات التي عادةً ما تبدأ منها المحفزات الجنسية يمكن أن يحقق التغيير.
قد يشمل ذلك بناء مقاومة ثابتة للمواد الإباحية عن طريق فصل الإنترنت لفترات طويلة أو تجنب المواقع الإباحية أثناء استخدام الإنترنت.
العلاج التحفيزي المعزز
يساعد الجهد المشترك بين المعالج والمريض ضمن هذا العلاج في إيجاد المريض مصدر إلهام يحثه باتجاه العمل على معالجة المشاكل المتعلقة بالجنس. غالباً ما يكون هذا النهج هو المفضل لأنه يسمح بسهولة تحديدَ الأهداف لسلوك أكثر سلامة تجاه الجنس.
العلاج الأسري
في الأيام الجيدة، يعد التنقل والغوص في الجوانب المعقدة لإدمان الجنس وظيفة صعبة بما فيه الكفاية. ويمكن أن تزداد هذه العملية تعقيداً عندما يبحث المرء عن العلاج دون تعاون كامل أو معرفة كاملة لأفراد الأسرة.
يمكن للوالدين والأشقاء أن يكونوا حلفاء عند التغلب على الإدمان من خلال إشراك أفراد الأسرة في عملية التعافي.
قد يساعد العلاج أيضاً في تبسيط العملية الصعبة إلى حد ما المتعلقة بتواصل الأفكار والمشاعر مع بعضهم البعض أثناء مرحلة التغلب على الإدمان.
علاج الأزواج
قد يكون العيش مع شريك يعاني إدمان الجنس أمراً صعباً بشكل لايوصف. وبعيداً عن مشاعر النقص التي قد يتسبب فيها ذلك، فإن العلاقة الحميمة والثقة في العلاقة يخفقان لا محالة.
يمكن أن يساعد علاج الأزواج في قيادة الطرق الصعبة للتعافي من الإدمان والتواصل وتحسين العلاقة الحميمة.
العلاج الدوائي لإدمان الجنس
بالإضافة إلى العلاج النفسي، قد تساعد فئات مختلفة من الأدوية في علاج إدمان الجنس وتشمل الآتي.
مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)
يُستخدم هذا الدواء بشكل شائع كمضاد للاكتئاب. ويعمل عن طريق زيادة كمية السيروتونين (مثبت مزاج) في الدماغ.
للمساعدة في إدارة الدوافع والسلوكيات الجنسية، قد يفيد تناول هذا الدواء في السيطرة على الرغبة الشديدة والهوس بالسلوكيات الجنسية.
ومع ذلك يُعتقد أنه يعمل بشكل أكثر فاعلية في الحالات التي يتزامن فيها إدمان الجنس مع اضطرابات نفسية. مثل الاكتئاب أو القلق أو اضطرابات الوسواس القهري الأخرى.
النالتريكسون (Naltrexone)
بنفس الطريقة يمكن لهذا الدواء معالجة الرغبة الشديدة والنشوة المرتبطة باضطراب تعاطي الكحول والمواد الأفيونية. وقد يساعد النالتريكسون أيضاً في السيطرة على الأحاسيس المماثلة المرتبطة بإدمان الجنس.
تترافق المعالجة بالأدوية لإدمان الجنس مع العديد من الإيجابيات، إذ يمكن أن تقلل من الرغبة في السلوكيات الجنسية غير المُتحكم بها، دون تقليل دافع العادات الجنسية الصحية. قد يقلل هذا الدواء أيضاً من الرغبة الجنسية المرتبطة بالإدمان والاستمناء والاهتمامات بالمواد الإباحية.
على الرغم من ذلك، فإن العقاقير الدوائية لا تقدم سوى فوائد قصيرة المدى لإدمان الجنس وتكون أكثر فاعلية عند اقترانها بالعلاج النفسي.
بماذا يمكن أن يساعد علاج إدمان الجنس؟
ينقسم إدمان الجنس أو السلوك الجنسي القهري إلى سلوكيات جنسية خارج المألوف وتدعى بارافيليا (Paraphilia) و سلوكيات لا علاقة لها بالـ بارافيليا (غير شاذة).
تشير السلوكيات الجنسية الشاذة (paraphilic behaviors) إلى السلوكيات الجنسية التي تنحرف عن القاعدة، بما في ذلك أفعال مثل:
- جماع الموتى
- السمفوروفيليا (الإثارة عند تنظيم مشاهدة مأساة)
- كرونوفيليا (الميل الجنسي نحو المسنين)
- اليوروفيليا ( استخدام البول كعنصر من عناصر اللعب المثيرة أثناء ممارسة الجنس)
تشير السلوكيات غير الشاذة إلى الانخراط المفرط بأفعال جنسية أكثر شيوعاً كـ:
- الاستنماء
- استدراج البغايا
- زيارة نوادي التعري
- الانخراط في علاقات جنسية متعددة
يمكن أن يساعد علاج إدمان الجنس في وضع هذه السلوكيات تحت السيطرة وتعليم إجراءات مختلفة للسيطرة على الدوافع الجنسية غير الصحية مع تشجيع السلوكيات المستمرة تجاه الجنس.
فوائد علاج إدمان الجنس
بالنسبة لأي شخص يعاني من مشاهدة المحتويات الإباحية بشكل قهري والانخراط في أفعال جنسية غير تقليدية والمشاركة في علاقات جنسية بشكل مبالغ فيه وغيرها من علامات إدمان الجنس، يُنصح عادة بالحصول على المساعدة من خلال العلاج؛ وذلك لأن العلاج من إدمان الجنس يتميز بالفوائد التالية:
- يساعد على تحديد محفزات وخصائص إدمان الجنس.
- يمكن أن يساعد في تطوير آليات التأقلم الصحية تجاه المثيرات الجنسية.
- يعلم كيفية اتخاذ التدابير المناسبة للتغلب على الهوس بالجنس.
- يمكن أن يشجع أيضاً على التواصل الصحي بين الأزواج وأفراد الأسرة والسيطرة على الحالة تماماً.
فعالية علاج إدمان الجنس
على الرغم من أن العلاج من إدمان الجنس هو اقتراح شائع لعلاج السلوكيات الجنسية المبالغ فيها، إلا أنه لا يوجد سوى القليل من البيانات التي تدعم فعاليته.
ومع ذلك، نظراً لأن علاج إدمان الجنس يعتمد غالباً على تقنيات موثوقة مثل العلاج السلوكي المعرفي والعلاج النفسي الديناميكي اللذين يركزان على علاج العادات الوسواسية القهرية، يمكن ملاحظة التغييرات الإيجابية في أولئك الذين يبحثون عن مساعدة مختصة لحالتهم.
ولكن بينما أثبت علاج إدمان الجنس فوائده في علاج هذه الحالة، فإن عدم وجود بيانات موثوقة يجعل من الصعب تحديد مدى نجاح هذا العلاج في مواجهة انتكاس السلوكيات الجنسية غير الصحية.
أشياء يجب أخذها بعين الاعتبار
عند البحث عن علاج لإدارة إدمان الجنس، من المهم إبقاء التوقعات تحت السيطرة. مثل الأشكال الأخرى من العلاج الفردي ، قد يحتاج المرء إلى جلسات متكررة لتحقيق تطور في السلوك الجنسي.
من المهم وجود الثقة والتي قد تكون صعبة عند النظر في طبيعة المحادثة المتعلقة بالجنس. ومع ذلك، فإن المناقشات الصريحة ضرورية لإحداث التقدم من المواقف غير الصحية إلى الأكثر صحية منها تجاه الجنس.
كيف تبدأ علاج إدمان الجنس؟
بالنسبة لأي شخص يبحث عن علاج من إدمان الجنس، فإن الوصول إلى أخصائي مؤهل هو الخطوة الأولى عادة؛ وذلك من خلال إحالتك إليه أو إيجاده من الدلائل عبر الإنترنت.
بعد العثور على المعالج المناسب، يمكنك مناقشة تحديات وأهداف العلاج في الاستشارة الأولى، إذا ثبت أن الاستشارة الأولى مع المختص ملائمة بشكل كاف، فقد يبدأ علاج إدمان الجنس بشكل جدي.
إذا كانت الجلسات تفوق القدرة على تحملها أكثر من اللازم، فيمكن التفكير في العلاج الجماعي عبر الإنترنت والاستشارات الخاصة بالأزواج والعلاجات الأخرى عبر الإنترنت.
اقرأ أيضاً: علاج المعالجة المعرفية، تقنياته، فوائده وفعاليته
المصدر: What Is Sex Addiction Therapy
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم