من المؤسف معرفة أن علاج اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) غير متوفر، لكن يمكن التعامل والسيطرة على الأعراض بنجاح.
عند اتباع العلاج المناسب، يمكن التنبؤ بوجود تحسن الأداء في المدرسة أو العمل إضافة إلى تحسن العلاقات الاجتماعية والثقة بالنفس و مستوى تقدير الذات أيضاً.
على الرغم من أن علاج هذا الاضطراب يتضمن أحياناً وصف العقاقير الدوائية، إلا أنه ليس العلاج الوحيد المتاح. فالعلاج النفسي وأماكن الرعاية الخاصة والتدريب على المهارات الاجتماعية وتغيير نمط الحياة يمكن أن تساعد أيضاً في تقليل الأعراض الحاصلة.
في الحقيقة، وجدت الأبحاث أن أكثر طرق العلاج نجاعة، هي مجموع التدخلات الدوائية والسلوكية معاً.
العلاج الدوائي
يُعد العلاج الدوائي العلاج الأكثر شيوعاً لاضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط. إذا تم وصف الدواء لك أو لطفلك، فمن المهم مراقبة الأعراض والإبلاغ عن أي آثار جانبية يمكن أن تحدث. إذ يستطيع طبيبك، عند إخباره بهذه المعلومات، تغيير الأدوية الموصوفة حتى يتم التوصل إلى الجرعة العلاجية المناسبة.
صنفا الدواء الأساسيان في علاج هذا الاضطراب هما المنشطات والمثبطات.
المنشطات
من الممكن أن يبدو وصف الأدوية المنشطة لشخص يعاني من فرط النشاط أمراً غير منطقي. لكن، تعمل المنشطات على خفض فرط الحركة والاندفاع ورفع مستوى الانتباه.
تتضمن بعض المنشطات الشائعة ما يلي:
- أدرال (amphetamine and dextroamphetamine)
- كونسيرتا وهو الإصدار الموسع لميثيل الفيناز(methylphenidate)
- ديكسيدرين (dextroamphetamine)
- دينيفال XR (amphetamine)
- فوكالين (dexmethylphenidate)
- ميتا دايت (methylphenidate hydrochloride)
- ريتالين (methylphenidate)
المثبطات
بينما تُعد المنشطات الخيار الدوائي الأول الموصوف لعلاج اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، إلا أنه وفي بعض الأوقات يمكن وصف المثبطات بدلاً عنها؛ إذ يتم اختيارها عندما يعاني الطفل من آثار جانبية سلبية للأدوية المنشطة أو في حال وجود مخاوف بشأن سوء استخدام المنشطات.
وفي بعض الأحيان يمكن أن يصف الطبيب كلا الدوائين معاً (المثبطات والمنشطات).
أمثلة عن هذه المثبطات:
- الستراتيرا (atomoxetine)
- ويلبوترين bupropion hydrochloride) XL)
- جوانفاكين (Intuniv)
- كلونيدين (Catapres)
- كيلبري (viloxazine)
الاستراتيجيات السلوكية
تلعب البيئة دوراً كبيراً في تنظيم أعراض هذا الاضطراب، إذ يمكن أن تؤدي البيئة غير المنظمة وغير الهادفة إلى تفاقم الأعراض. في المقابل، يمكن أن تساعد البيئة المنظمة والمضمونة بشكل كبير في تنظيم هذه الأعراض.
فيما يلي بعض الاستراتيجيات السلوكية التي تفيد الأطفال والبالغين المصابين باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط:
- العمل على أساس روتين معين: إن وجود روتين ثابت وبسيط ويجري وفق التوقعات خلال اليوم له دور كبير في أداء المهام دون أدنى قلق أو هلع إزاء النتيجة. ويحدد الروتين الصحي على مدار اليوم (صباحاً وظهراً ومساءً) الخطوات الضرورية واللازمة لإنجاز المهام المطلوبة.
- إنشاء قوائم مرجعية للمهام: يمكن كتابة القوائم المرجعية لأي عملية متعددة المهام قد تبدو معقدة أو مجهدة. إذ تكون بمثابة مُساعدٍ للذاكرة وتقدم العون للمريض للشعور بالتنظيم. كأن تلصق قائمة مرجعية على الباب تحتوي على المهام التي تريدها أنت أو طفلك خلال اليوم.
- استخدام المؤقت: وذلك لمساعدة المريض على الانتباه للواجبات المدرسية أو مشاريع العمل. إذ يمكن ضبط المؤقت لمدة 15 دقيقة (إشارة إلى الوقت المخصص للتركيز على المهمة المطلوبة)، وعندما يرن جرس المؤقت، استرح قليلاً ثم أعِد ضبطه مجدداً.
- ضبط المنبه: يمكن ضبط المنبه للتذكير بموعد تناول الدواء أو مغادرة المنزل. تمثل هذه الطريقة دفعاً للأمام لأنها تقلل من حاجة الشخص للآخرين من أجل تذكيره بمهامه.
- رسم مخططات تفصيلية: إذا كان هناك عمل أو مهمة يجب إنجازها خلال اليوم، ضع مخططاً بأيام الأسبوع. وكلما قمت بعمل ما، تنظيف أسنانك مثلاً، ضع إشارة معينة تدل على أنك قمت بذلك العمل. يجد الأطفال والبالغون هذا الأمر بمثابة مكافأة لهم ويعمل عمل المُذكّر والمحفز لأداء المهمة.
- وضع خطط عمل للمهام: يساعد وضع خطة عمل في معرفة الوقت وما هو مخطط له خلال اليوم، ويحدد المواعيد النهائية للإنجاز، مثل الوقت الذي يجب أن تسلم فيه الواجب.
تدريب الوالدين
يشعر بعض الأهل بـ “الفشل” نوعاً معاً إذا احتاجوا للتدريب على التعامل مع طفلهم المصاب بهذا الاضطراب، ولكن هذا ليس صحيحاً؛ إذ يقدم تدريب الوالدين لأطفال مصابين بالاضطراب المهارات اللازمة لضبط سلوك أطفالهم في المنزل.
يمنح تدريب الأهل الدعم العاطفي إضافة إلى تعليم تقنيات خاصة في التأديب والانضباط، التي أُثبتت فعاليتها في تقليل مشاكل السلوك عند الأطفال المصابين باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط. إذ يتعلم الأهل وضع قواعد واضحة ويتبَعونها بعواقب ثابتة ويخلقون نوعاً من التنظيم ليوم طفلهم.
يتعلم الوالدان أيضاً استراتيجيات تعديل السلوك مثل طريقة استخدام نُظم المكافأة لدفع الأطفال للقيام بواجباتهم المنزلية والدراسية، إضافة إلى تعلّمهم كيفية تطبيق العقوبات الطبيعية والمنطقية بأسلوب فعال.
التدريب على المهارات الاجتماعية
يمكن أن تسبب المهارات الاجتماعية مشاكل للأشخاص المصابين باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط وذلك لأن الأعراض المرافقة له يمكن أن تؤدي إلى سلوكيات فظة، مثل عدم الانتباه إلى الإشارات والتلميحات غير اللفظية ومقاطعة الآخرين أثناء الحديث أو الشرود أثناء تكلم الآخرين معهم أو تجاوز الحدود الجسدية (المساحة الشخصية) للآخرين من خلال الجلوس أو الوقوف بالقرب منهم بشكل مبالغ به.
لا يقوم المصاب بهذا الاضطراب بأي من السلوكيات السابقة عن عمد، ويدرك أفراد عائلته وأصدقاؤه هذا الأمر. لكن بذلك يصعب تكوين أصدقاء أو النجاح في العمل أو الخروج في مواعيد غرامية دون تطوير مهارات اجتماعية جديدة.
يمكن أن يكون التدريب على المهارات الاجتماعية جزءاً من العلاج المعرفي السلوكي (CBT). إذ يمكن إجراء العلاج إما ضمن مجموعة أو بشكل فردي أو يمكن لمدرّب خاص بهذا الاضطراب أن يُعلّم المهارات الاجتماعية المطلوبة.
الاستشارة والعلاج النفسي
وجدت الأبحاث أن العلاج المعرفي السلوكي فعّال للأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب، إذ يساعد في تطوير طرق جديدة للسلوك. الأهم من ذلك، أن هذا العلاج يمكن له مساعدة الشخص فيما يتعلق بشعوره بالعار وتدني تقدير الذات واللذان يؤثران عليه.
يساعد التعاون مع مستشار ومعالج نفسي على معالجة المشاكل الناجمة عن التعايش مع اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، بما فيها فقدان الوظيفة والمشاكل في العلاقات الاجتماعية، ويمكن أن يساعد أيضاً الأشخاص الذين يعانون من الحالات النفسية المرافقة لهذا الاضطراب مثل الاكتئاب والقلق.
من المفيد جداً التحدث مع أخصائي رعاية صحية مطّلع على هذا الاضطراب بغية إيجاد أفضل وسائل وطرق التأقلم المناسبة لك.
التدريب
يساعد وجود التنظيم في حياتك على ضبط الأعراض. لكن من الصعب تأسيس روتينٍ ثابت ومتّسق والوصول إلى التنظيم إذا كان الشخص مصاباً باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط.
يمكن أن يكون المدرّب المختص هو المسؤول عندما تحاول خلق مثل هذا التنظيم لحياتك. ويمكن أن يساعدك أنت أو طفلك أيضاً في وضع الأهداف وتطوير عادات جديدة وتعلم مهارات جديدة والعمل لدمج هذه الأمور في حياتك.
يمكن أن يكون المدرب بمثابة “البديل الجسدي” أو [مايعرف باسم الدوبلير في الوسط الفني]، أي الشخص الذي يرافقك على الدوام عندما تقوم بأداء مهمة صعبة.
يصارع الكثير من المصابين بهذا الاضطراب مع إنجاز المهام المملّة الإجبارية أو المتعددة مثل الواجبات المدرسية أو لملمة الأشياء المبعثرة أو دفع الضرائب. إذ يمكن أن يماطلوا في البدء أو أن يحيدوا عن المسار المطلوب لأداء المهمة أو تركها قبل إتمامها.
يجلس “البديل الجسدي” في الغرفة ذاتها معك خلال أدائك لهذه المهام. ويساعد حضوره الجسدي في الحفاظ على تركيزك على المهمة ويقلل من القلق الذي يمكن أن تشعر به.
مجموعات الدعم
تُوفّر مجموعات الدعم التعليم، الدعم العاطفي والتشجيع لذوي الأطفال المصابين بهذا الاضطراب وللمصابين به أيضاً، إذ يشكل وجودك مع أشخاص يفهمون ما تعانيه، دون أدنى حاجة منك لشرح ذلك، راحة كبيرة وطمأنينة وشعوراً أكبر بالانتماء.
تُعد مجموعات الدعم أيضاً مكاناً رائعاً لمعرفة مصادر المساعدة في منطقتك، مثل طبيب مطّلع بشكل جيد على اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، و يمكن أن يتواجد محاضرون في مجموعات الدعم، وفي بعض الأوقات يمكنك مشاركة تجربتك مع الآخرين ضمن هذه المجموعات.
الرعاية الخاصة بمرضى الـ ADHD
عند تشخيص الفرد بإصابته باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، يؤهله ذلك للحصول على التسهيلات الخاصة برعاية مرضى هذا الاضطراب؛ يعني هذا أن الطفل يمكنه تلقّي مثل هذه التسهيلات في المدرسة ويمكن للبالغين الحصول عليها أيضاً في مكان عملهم.
يشعر بعض الأشخاص بالخجل من طلب الحصول على هذه التسهيلات الخاصة بهم، لأنهم لا يريدون لفت انتباه الآخرين لهم أو لأنهم يشعرون بإثارة القلق والفوضى بطلبهم هذا. لكن وجدت أماكن الرعاية الخاصة والتسهيلات لتكون داعماً لهؤلاء المرضى، إذ تخلق وسطاً مساعدة للمريض يمكنه من خلاله تحصيل أفضل درجات ممكنة وأفضل أداء في العمل.
تتضمن التسهيلات الطلابية المساعدة في كتابة الملاحظات خلال الحصة الدراسية وتسجيل المحاضرات وإمكانية تقديم الاختبارات في غرف هادئة.
تتضمن التسهيلات في العمل ارتداء سماعات تمنع سماع الضوضاء أو توفير ساعات عمل أكثر مرونة، ومن الممكن وضع لافتة “الرجاء عدم الإزعاج” حتى لو لم يكن ذلك من ضمن سياسة المكتب. قد يساعد في ذلك التحدث إلى المدير أو أي شخص آخر معنيّ كمدير الموارد البشرية.
تغييرات في نمط الحياة
يمكن أن يساعد تغيير نمط حياة الفرد كاتباع نظام غذائي صحي أو ممارسة التمارين الرياضية على تخفيف أعراض اضطراب الـ ADHD.
تكمن الطريقة المثلى لدمج هذه التغييرات في حياتك في جعلها تغييرات ممتعة قدر المستطاع؛ كون التحفيز يشكل جزءاً كبيراً من هذا الاضطراب. على سبيل المثال، قم باختيار تمرين ممتع ولا يشبه أي شيء آخر ضمن قائمة المهام الأخرى التي يجب القيام بها.
التثقيف
يشكل تعلم كل ما يخص هذا الاضطراب قدر الإمكان سواء ماهيته أو آلية تأثيره عليك أو على طفلك أهم جزء من عملية العلاج.
وتشكل صعوبات تنظيم الانتباه والاندفاعات وفرط النشاط جوهر أعراض هذا الاضطراب. لكن، ما هو الدور الذي تلعبه هذه الأمور في حياتك أو حياة طفلك؟
على سبيل المثال، هل يعاني طفلك من أحلام اليقظة ولا يتبع التعليمات أو هل هو مندفع جداً ومن المحتمل أن يجتاز الشارع دون النظر يميناً وشمالاً؟ عندما تكون دقيقاً فيما يتعلق بالمشاكل الكبرى لهذا الاضطراب، فإن ذلك يساعدك على الخوض في خيارات العلاج المختلفة.
لحسن الحظ، تتوفر الآن معلومات عن هذا الاضطراب أكثر مما مضى، إذ يمكنك التعلم من المواقع الالكترونية والكتب والمدوّنات الصوتية.
فكر في حضور جلسات محلية أو مؤتمرات دولية مثل المؤتمر السنوي للأطفال والبالغين المصابين باضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه (CHADD)، وتذكّر دائماً ضرورة النقاش المفتوح مع الأطباء.
طرق تكميلية من أجل علاج اضطراب نقص الانتباه
هناك العديد من العلاجات المكملة والتي تمت دراستها لعلاج اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط. لم يتوضّح أن أحداً منها أكثر فعالية من العلاج التقليدي. لذلك من الضروري مناقشة الطريقة مع طبيبك الخاص ومع أخصائي الصحة النفسية قبل البدء بأي منها.
من الأمثلة على العلاجات المكملة:
- أحماض أوميغا 3 الدهنية
- شبة الجنكة بيلوبا (تستخدم للعلاج في الطب الصيني التقليدي)
- الميلاتونين
- عشبة القديس جون
- الإبر الصينية
- اليوغا وعلاجات التأمل
- تقنية الارتجاع العصبي
خلاصة
يجب أن يتم تخصيص خطة العلاج الخاصة بك لتتناسب مع احتياجاتك وأسلوب حياتك، ومن المهم مراقبة الأعراض ومدى تحسنها لتستطيع الاستمرار في البحث عن استراتيجيات وعلاجات تساعدك في التعايش بشكل جيد مع هذا الاضطراب.
اقرأ أيضاً: تربية الأطفال المصابين باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة
اقـرأ أيضاً: العلاج الطبيعي لاضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط في المنزل
اقرأ أيضاً: أسباب اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط
المصدر: How Is ADHD Treated for Children and Adults
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم