اضطراب طيف التوحد (ASD / Autism Spectrum Disorder) هو حالة سلوكية يصعب تشخيصها أو قد يتم تشخيصها في وقت لاحق من الحياة. صعوبة التشخيص هذه تجعل العلاج أمراً صعباً أيضاً خاصةً عند اشتداد حدة العلامات والأعراض.
لا يوجد في الوقت الراهن علاج لاضطراب طيف التوحـد (ASD). لكن تتعدد العلاجات التي تمنع هذه الحالة من عرقلة الوظائف اليومية للمصابين بها.
بالإضافة إلى أن التشخيص والعلاج المبكرين لهما تأثير إيجابي كبير من ناحية تحسين سلوكيات المصابين بالتوحد في وقت لاحق من حياتهم.
يؤثر اضطراب طيف التوحـد (ASD) بشكل مختلف على الأشخاص. لذا فقد تتفاوت العلامات والأعراض من شخص لآخر، وبالتالي فإن خطط العلاج تكون مخصصة لتتناسب مع احتياجات كل فرد.
هناك العديد من أنواع العلاج المتوفرة للمصابين بالتوحـد وتندرج إلى حد كبير ضمن فئتين رئيسيتين هما العلاج النفسي والعلاج الدوائي.
العلاج النفسي لـ التوحد
يمكن استخدام أساليب متعددة من العلاج النفسي لعلاج اضطراب طيف التوحـد (ASD). لذلك يوصي مقدم الرعاية الصحية باتباع برنامج علاج منظم ودقيق للنماذج المختلفة من العلاج النفسي. ومنها:
تحليل السلوك التطبيقي (ABA)
يُعد تحليل السلوك التطبيقي (ABA) أحد أكثر الأساليب المستخدمة لعلاج اضطراب طيف التوحـد(ASD). ويتم باستخدام نظام المكافأة لتشجيع السلوكيات الإيجابية وردع السلوكيات السلبية للمصابين بالاضطراب. إضافة إلى تعليمهم مهارات اجتماعية وكيفية تطبيقها في الظروف المناسبة.
توجد عدة طرق لتحليل السلوكي التطبيقي (ABA) وتتضمن:
- التدخل السلوكي المكثف المبكر (EIBI)، أحد أشكال التحليل السلوكي التطبيقي الفعالة جداً للأطفال الصغار والتي يتم استخدامها عادةً مع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات.
- التدريب التجريبي المنفصل (DTT)، أحد أشكال التحليل السلوكي التطبيقي حيث يتم تقسيم الدروس التعليمية إلى خطوات أصغر مع وجود مكافآت على السلوكيات الإيجابية والتي تطبق في كل خطوة.
- نموذج دنفر للتدخل المبكرة (ESDM)، هو أسلوب مثالي للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و48 شهراً، إذ يعمل أهل أو المسؤولين عن الطفل المصاب بالتوحد مع المعالج مستخدمين أنشطة اللعب لتعليمهم المهارات الاجتماعية واللغوية.
- تدريب الاستجابة المحورية (PRT)، يركز هذا التدريب على تطوير لغة الطفل ونشاطه ومهاراته الاجتماعية. يهدف البرنامج إلى مساعدة الطفل على زيادة تحفيزه للتعلم ومراقبة سلوكياته والتواصل السليم مع الآخرين.
علاج النطق عند مرضى التوحد
يعاني العديد من المصابين باضطراب طيف التوحـد من تحسين مهاراتهم الاجتماعية، إذ قد يتواصلون إما بشكل انتقائي أو غير لفظي تماماً.
علاج النطق مهم لمساعدتهم في تطوير هذه المهارات. يتم تعيين أخصائي علم أمراض النطق واللغة لمساعدة الأشخاص المصابين بالتوحـد وتعزيز مهارات الاتصال لديهم.
استخدام تقنيات التكنولوجيا المساعدة
تستخدم التكنولوجيا المساعدة أجهزة مثل الأجهزة اللوحية الإلكترونية للمساعدة في تعليم المصابين بالتوحـد كيفية التواصل مع الآخرين. أحد أكثر البرامج شيوعاً هو نظام التواصل بتبادل الصور (PECS) الذي يستخدم الرموز والصور لتعليم مهارات التواصل.
العلاج الجسدي
يركز العلاج الجسدي على المهارات الحركية للمصاب باضطراب طيف التوحد. إإذ يساعد هذا العلاج على تحسين المهارات مثل التنسيق الحركي والتوازن والمشي والجلوس بشكل مريح.
العلاج المهني
يركز العلاج المهني على تعليم المصابين بالتوحد العيش باستقلالية قدر المستطاع. إذ يعاني العديد من المصابين بالتوحد من نقص حاد في المهارات الاجتماعية مما يجعلهم يعتمدون على العائلة والأصدقاء في مهام معينة، مثل طلب الطعام أو ارتداء الملابس.
يهدف هذا العلاج إلى تزويد المصاب بالتوحد بالمهارات اللازمة لعيش حياة طبيعية نسبياً بأقل قدر من الاضطرابات في أدائه اليومي.
العلاج الدوائي
وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على بعض الأدوية للمساعدة في تخفيف أعراض اضطراب طيف التوحد. يتم وصف هذه الأدوية غالباً إلى جانب العلاج النفسي الروتيني. تستهدف الأدوية بعض الأعراض السلوكية المدمرة الناتجة عن اضطراب طيف التوحد مثل العدوانية وإيذاء النفس.
أكثر الأدوية التالية التي يتم وصفها هي:
ريسبيريدون (Risperidone)
كان الريسبيريدون أول دواء تمت الموافقة عليه من قبل إدارة الغذاء والدواء لعلاج اضطراب طيف التوحد، يتم وصفه عادةً للأطفال والمراهقين للمساعدة على تخفيف نوبات الغضب العنيفة والسلوكيات العدوانية وإيذاء النفس.
وجد الباحثون أن الـ”ريسبيريدون” يفيد في تقليل السلوكيات المدمرة (المخرّبة) بمقدار النصف عند الأطفال وفقاً للدراسة التي أجريت لهم عام 2005 والتي تناولت فعالية هذا الدواء مع مرضى طيف التوحد.
أريبيريبازول (Aripiprazole)
يستخدم أريبيبرازول في المقام الأول لعلاج الانفعال والهيجان لدى كل من الأطفال والمراهقين المصابين باضطراب طيف التوحد.
في دراسة أجريت عام 2010 حول فعالية هذا الدواء في علاج الانفعال المفرط لدى الأطفال والمراهقين المصابين بالتوحد؛ وجد الباحثون أن هذا الدواء فعال ولا سيما مع الأعراض المرتبطة بنوبات الغضب.
العلاج الدوائي البديل التكميلي (CAM) والعلاج الدوائي دون وصفة طبية (OTC)
أجريت بعض الأبحاث حول خيارات العلاج البديلة خارج نطاق العلاج النفسي والأدوية الخاصة بالتوحد.
هناك العديد من الأدوية البديلة التي تستخدم عادة مع الأشخاص المصابين باضطراب طيف التوحد(ASD) على الرغم من أنه لا توجد دراسة تُظهر أي من هذه العلاجات فعال وأي منها يمكن اعتباره ضاراً في بعض الحالات.
العلاج بالاستخلاب (Chelation Therapy)
ينطوي هذا العلاج على إزالة المعادن الثقيلة مثل الرصاص من الجسم لعلاج اضطراب طيف التوحد، إلا أنه علاج مؤذ.
وجدت مراجعة الدراسات حول فعالية العلاج بالاستخلاب التي أجريت عام 2015، أن المخاطر تفوق الفوائد بكثير، إذ أفادت بعض التقارير عن حدوث قصور كلوي ونقص الكالسيوم في الدم وحتى الموت.
علاج التوحد الغذائي
يعتقد عددٌ من الباحثين أن إجراء تغييرات في النظام الغذائي يمكن أن يساعد في علاج أعراض اضطراب طيف التوحد(ASD)، على سبيل المثال، وفقاً لوجة نظرهم فإن حساسية الطعام أو نقص عناصر غذائية معينة والفيتامينات في النظام الغذائي للطفل يمكن أن تسبب بعض أعراض اضطراب طيف التوحد.
ذكر بعض الأهالي أنهم لاحظوا تغييرات إيجابية عند قيامهم بتغيير النظام الغذائي لأطفالهم. ومع ذلك وجدت مراجعة 19 دراسة أجريت عام 2017 حول فعالية العلاجات الغذائية للأطفال المصابين بالتوحد، وجدت أن أدلة قليلة جداً تدعم فكرة أن إجراء تغييرات في النظام الغذائي يمكنها تخفيف أعراض اضطراب طيف التوحد (ASD).
كما يقال، الحفاظ على نظام غذائي صحي ومتوازن أمر هام لراحة الفرد عموماً، ما ينطبق أيضاً على الشخص المصاب بالتوحد.
كيف تجعل العلاج أكثر فعالية؟
على الرغم من عدم وجود علاج لاضطراب طيف التوحد وفقاً لخطة علاج صحيحة. إلا أن الشخص المصاب بالتوحد يمكنه أن يعيش حياة طبيعية نسبياً.
لضمان فعالية العلاج، من المهم الحفاظ على نمط حياة صحي، فاتّباع نظام غذائي متوازن وممارسة التمارين الرياضة بانتظام والحصول على قسط كافٍ من النوم أمر بالغ الأهمية.
اقرأ أيضاً: هل يمكن استخدام ألعاب الفيديو لتهدئة مرضى الفصام (انفصام الشخصية)؟
تدقيق: رهام شلغين
تحرير: جعفر ملحم