علاج حل المشكلات (Problem-solving therapy) هو شكل من أشكال العلاج يوفر للمرضى أدوات لتحديد وحل المشكلات التي تنشأ عن ضغوط الحياة سواءً الكبيرة أو الصغيرة منها، ويهدف إلى تحسين جودة حياتك عموماً وتقليل التأثير السلبي للأمراض النفسية والجسدية.
يمكن اعتماد علاج حل المشكلات لمعالجة الاكتئاب من بين حالات أخرى، بإشراف الطبيب أو أخصائي الصحة النفسية ويمكن دمجه مع أساليب العلاج الأخرى.
على ماذا يرتكز علاج حـل المشكلات؟
يرتكز علاج حل المشكلات على نموذج يأخذ بالاعتبار أهمية حل المشكلات في الحياة الواقعية. بعبارة أخرى، إن سر ضبط تأثير أحداث الحياة المجهدة هو معرفة كيفية معالجة المشكلات عند ظهورها.
يعد علاج حل المشكلات ذا طابع عملي واضح في منهجه ويهتم بالحاضر فقط بدلاً من نبش الماضي.
يمكن إجراء هذا النوع من العلاج بشكل فردي أو جماعي ويمكن تقديمه وجهاً لوجهه أو عبر الإنترنت بواساطة خدمات الصحة عن بُعد. يمكن أن تتراوح مدة الجلسات من 30 دقيقة إلى ساعتين.
هناك مكونان رئيسيان من المكونات التي تشكل إطار علاج حل المشكلات. وهما تطبيق توجه إيجابي لحل المشكلات في حياتك، أي رؤية الأشياء من جانبها المشرق واحتضان الكفاءة الذاتية وقبول فكرة أن وجود المشكلات جزء طبيعي من الحياة.
واستخدام مهارات حل المشكلات، وهي سلوكيات تعتمد عليها لاجتياز الصراع حتى خلال الأوقات الصعبة والمجهدة، يتضمن ذلك مهارات مثل:
- معرفة كيفية تحديد مشكلة ما
- تحديد المشكلة بطريقة ناجعة
- محاولة فهم وإدراك المشكلة بشكل أعمق
- تحديد الأهداف المتعلقة بالمشكلة
- إيجاد حلول بديلة ومبدعة للمشكلة
- اختيار أفضل مسار عمل
- تنفيذ الاختيار الذي اخترته
- تقييم النتيجة لتحديد الخطوات التالية
يدور علاج حل المشكلات حول تدريبك على التأقلم مع حياتك لتبدأ برؤية المشكلات على أنها تحديات يمكن حلها بدلاً من كونها عقبة لا يمكن تخطيها في وجه تقدمك، ويعني أيضاً أنك ستتعرف على السلوك المطلوب للمشاركة في تقنيات فعالة لحل المشكلات.
تقنيات عـلاج حل المشكلات
تتضمن إحدى تقنيات حل المشكلات، والتي تدعى حل المشكلات بخطة ممنهجة، اتباع سلسلة من الخطوات لإصلاح المشكلات بطريقة صحية وبناءة:
تعريف المشكلة وصياغتها: تتضمن هذه الخطوة تحديد مشكلة الحياة الواقعية التي تحتاج إلى حل وصياغتها بطريقة تسمح لك بإيجاد حلول ممكنة.
خلق حلول بديلة: تتضمن هذه المرحلة التوصل إلى حلول محتملة مختلفة للمشكلة المطروحة. الهدف في هذه الخطوة هو طرح جميع الأفكار حول خيارات معالجة ضغوط الحياة بطريقة إبداعية ربما لم تفكر فيها من قبل.
استراتيجيات صنع القرار: تتضمن هذه المرحلة مناقشة الاستراتيجيات المختلفة لصنع القرارات وكذلك تحديد العقبات التي قد تعترض طريق حل المشكلة المطروحة.
تنفيذ الحل والتحقق منه: تتضمن هذه المرحلة تنفيذ الحل المختار ثم التحقق من فعاليته في معالجة المشكلة.
تتضمن الأساليب الأخرى التي قد يطرحها معالجك ما يلي:
القيام بمهام متعددة لحل المشكلات: والتي تساعدك على تعلم التفكير بوضوح وحل المشكلات بشكل فعال حتى في أوقات التوتر.
استراتيجية توقف، تمهل، فكر، تصرف (SSTA): تهدف إلى تشجيعك على أن تصبح أكثر وعياً عاطفياً عند مواجهة مشكلة عصيبة.
التفكير والتصورات الصحية: يعلمك كيفية تتبنى وتحتضن المزيد من الحديث الذاتي الإيجابي أثناء حل المشكلات.
فوائد عـلاج حل المشكلات
إحدى فوائد علاج حل المشكلات هي معالجة المشكلات المتعلقة بضغوط الحياة والتركيز على مساعدتك في إيجاد حلول لمشاكل ملموسة. يمكن تطبيق هذا النهج على المشاكل المرتبطة بمجموعة متنوعة من الأعراض النفسية والجسدية. قد يساعد في معالجة المشكلات الصحية النفسية مثل:
- القلق
- الإجهاد المزمن الناتج عن تراكم المشكلات البسيطة
- المضاعفات المرتبطة بإصابات الدماغ الرضحية (TBI)
- الاكتئاب
- الإجهاد العاطفي
- اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)
- المشاكل المصاحبة للأمراض المزمنة كالسرطان أو أمراض القلب أو السكري
- إيذاء النفس ومشاعر اليأس
- تعاطي العقاقير المخدرة
- التفكير الانتحاري
هذا النوع من العلاج مفيد أيضاً في التعامل مع مشاكل معينة في الحياة مثل:
- وفاة أحد أفراد الأسرة
- عدم الرضا في العمل
- الطلاق
- ضغوطات الحياة اليومية
- المشاكل العائلية
- الصعوبات المالية
- فقدان الوظيفة
- مشاكل في العلاقات
يقدم طبيبك أو أخصائي الرعاية الصحية النفسية المشورة لتحديد مدى فعالية حل المشكلات لوضعك الخاص. بشكل عام، إذا كنت تعاني من مشاكل محددة وملموسة والتي تواجه صعوبة في إيجاد حلول لها، فقد يكون العلاج بهذا النهج (علاج حل المشكلات) مفيداً لك.
فوائد عـلاج حل المشكلات
يمكن أن تكون المهارات المكتسبة في عـلاج حل المشكلات مفيدة في ضبط كافة مجالات حياتك وتتضمن:
- القدرة على تحديد عوامل التوتر المثيرة لمشاعرك السلبية (مثل الحزن والغضب…إلخ)
- الثقة في قدرتك على التعامل مع المشاكل التي تواجهها
- اتباع أسلوب ممنهج في كيفية التعامل مع مشاكل الحياة
- امتلاك مجموعة أدوات من الاستراتيجيات لحل المشكلات التي تواجهها
- زيادة الثقة لإيجاد حلول إبداعية
- معرفة كيفية تحديد العوائق المانعة لتقدمك
- معرفة كيفية ضبط العواطف عند ظهورها
- تقليل التجنب والهروب من المشاكل وزيادة الدوافع للتحرك والتغيير
- القدرة على تقبل مشاكل الحياة التي لا يمكن حلها
- القدرة على اتخاذ قرارات فعالة
- تطوير قدرة التحمل والصبر وذلك بإدراك أن ليس كل المشاكل لها “حل سريع”
فعالية عـلاج حل المشكلات
تم تطوير هذا النوع من العلاج في البداية لمساعدة الأشخاص على محاربة الإجهاد من خلال حل المشكلة بشكل صحيح، وتم تبنيه لاحقاً لمعالجة الاكتئاب السريري على وجه التحديد. فيما تتناول الكثير من الأبحاث اليوم المتعلقة بعلاج حـل المشكلات فعاليته في علاج الاكتئاب.
ثبت أن علاج حل المشكلات يساعد في علاج الاكتئاب لدى:
- الراشدين
- مقدمي الرعاية
- الأشخاص الذين يعانون من أمراض خطيرة مثل سرطان الثدي
أظهر علاج حـل المشكلات فعاليته أيضاً كعلاج مختصر للاكتئاب، إذ يقدم فوائده خلال مدة قصيرة تتراوح بين 6-8 جلسات مع معالج أو أخصائي رعاية صحية آخر، مما قد يجعله خياراً جيداً لشخص غير قادر على الالتزام بعلاج أطول للاكتئاب.
معلومات مهمة في عـلاج حل المشكلات
عـلاج حل المشكلات غير مناسب للجميع. إذ قد لا يكون فعالاً في معالجة المشاكل التي ليس لها حلول واضحة مثل البحث عن معنى أو هدف في الحياة. يهدف علاج حل المشكلات أيضاً إلى علاج مشاكل معينة وليس العادات العامة أو أنماط التفكير.
من المهم أيضاً تذكر أن علاج حل المشكلات ليس علاجاً أولياً أو أساسياً للاضطرابات النفسية. إذا كنت تعاني من أعراض مرض نفسي خطير مثل اضطراب ثنائي القطب أو الفصام، فقد تحتاج إلى علاج إضافي بأساليب مرتكزة على الأدلة خاصة بحالتك ومخاوفك.
أفضل ما يستهدفه علاج حل المشكلات هو من يعاني من مشكلة نفسية أو جسدية يتم علاجهما بشكل منفصل، إذ يعاني أيضاً مشكلات حياتية ترافق تلك المشكلة التي لم تعالج بعد.
على سبيل المثال، قد يساعدك هذا العلاج إذا كنت غير قادر على تنظيف منزلك أو دفع فواتيرك بسبب اكتئابك أو إذا كان تشخيص السرطان يتعارض مع جودة حياتك.
كيف تبدأ علاج حل المشكلات؟
قد يوصي طبيبك بمعالجين في منطقتك يستخدمون هذا النهج أو يقدمونه كجزء من مهنتهم. إذا لم يكن أحد خياراتك هو تلقي علاج لحل المشكلات من طبيب أو أخصائي رعاية صحية نفسي، فيمكنك أيضاً التفكير في تنفيذ استراتيجية مساعدة ذاتية باستخدام دليل عمل مصمم لمساعدتك على تعلم مهارات حل المشكلات بنفسك.
يشرح معالجك خلال جلستك الأولى طريقة عمله ومنهجيته، وقد يطلب منك تحديد المشكلة التي تواجهها حالياً ومن المحتمل أن تناقش معه أهدافك من العلاج.
قد يكون علاج حل المشكلات تدخلاً إيجابياً قصير المدى يركز على حل مشكلة معينة في حياتك. إذا كنت بحاجة إلى مساعدة أكثر بشأن مشكلة تؤثر بشكل كبير على عدة جوانب من حياتك، فيمكن أن يصبح خياراً علاجياً طويل المدى.
اقرأ أيضاً: علاج المعالجة المعرفية، تقنياته، فوائده وفعاليته
المصدر: ?What Is Problem-Solving Therapy
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم
