يتبع علم النفس التجريبي (Experimental psychology) المناهج العلمية للإجابة على الأسئلة المتعلقة بالعوامل التي تؤثر في تصرفات الناس وأفكارهم من خلال البحث في العقل والسلوك، إذ يقوم علماؤه بإجراء التجـارب لمعرفة المزيد حول سبب قيام الأشخاص بأشياء معينة.
لمحة عامة عن علم النفس التجريبي
لماذا يفعل الناس الأشياء التي يفعلونها؟ ما العوامل التي تؤثر على كيفية تطور الشخصية؟ وكيف تساهم سلوكياتنا وتجاربنا في تكوين شخصيتنا؟
كل ما سبق مجرد أمثلة قليلة على الأسئلة التي يحاول علماء النفس استكشافها، إذ تسمح الأساليب التجريبية للباحثين بإنشاء فرضيات واختبارها بشكل عملي. ومن خلال وضع مثل هذه الأسئلة ودراستها، يمكنهم تطوير نظريات تمكّنهم من وصف السلوكيات البشرية، تفسيرها، التنبؤ بها وحتى تغييرها.
أهمية مناهج علم النفس التجريبي.
على سبيل المثال، قد يستخدم الباحثون أساليب تجريبية للكشف عن أسباب انخراط الأشخاص في سلوكيات غير صحية. ومن خلال معرفة المزيد عن الأسباب الكامنة وراء حدوث هذه السلوكيات، يمكن للباحثين بعد ذلك البحث عن طرق فعالة لمساعدة الأشخاص في تجنب هذه التصرفات أو استبدال الخيارات غير الصحية بأخرى أكثر فائدة.
أهمية علـم النفـس التجريبـي
بالرغم من ضرورة اتباع الطلاب لدروس في علـم النفـس التجريبـي خلال المرحلة الجامعية والدراسات العليا، فإنه يمكن اعتبار هذه المادة منهجية أكثر من كونها أحد مجالات علـم النفـس.
يستخدم الأشخاص في العديد من المجالات الفرعية لعلم النفس هذه التقنيات لإجراء أبحاث حول كل شيء بدءاً من التطور في مرحلة الطفولة وصولاً إلى القضايا الاجتماعية.
أهمية مناهج علم النفس التجريبي.
يُعتبر علم النفس التجريبي مهماً، إذ تلعب نتائجه دوراً حاسماً في فهمنا لكل من العقل والسلوك البشري.
من خلال فهم أفضل لدوافع الأفراد، يمكن لعلـماء النفـس وغيرهم من أخصائيي الصحة النفسية استكشاف أساليب جديدة لعلاج الاضطرابات والأمراض النفسية، والتي تشكل غالباً موضوعات أبحاث علم النفس التجريبي.
مناهج علم النفس التجريبي
نظراً لشدة تعقيد العقل، يشكل التحري عن العوامل العديدة التي تساهم في كيفية تفكيرنا وتصرفاتنا وشعورنا مهمة صعبة.
يستخدم علـماء علـم النفـس التجريبـي مجموعة متنوعة من أساليب وأدوات البحث المختلفة للبحث في السلوك البشري. وتشمل الطرق المتبعة في حقل علـم النفـس التجريبـي كلاً من التجـارب ودراسات الحالة والأبحاث ذات الصلة بالإضافة إلى المراقبات الطبيعية.
التجارب
تشكل التجارب المعيار الأساسي للأبحاث النفسية. في بعض الحالات، يمكن لعلـماء النفـس إجراء تجـارب لتحديد ما إذا كانت هناك علاقة سببية بين المتغيرات المختلفة.
أهمية مناهج علم النفس التجريبي.
تتضمن مبادئ إجراء تجربة نفسية ما يلي:
- توزيع المشاركين ضمن مجموعات بشكل عشوائي.
- تحديد المتغيرات بشكل عملي.
- تطوير فرضية.
- التلاعب بالمتغيرات المستقلة.
- قياس المتغيرات التابعة.
أحد الأمثلة على أبحاث علم النفس التجريبي هو إجراء دراسة لمعرفة ما إذا كان الحرمان من النوم يسبب ضعف الأداء في اختبار القيادة. يمكن للقائم على التجربة التحكم في المتغيرات الأخرى التي قد تؤثر على النتيجة، وتغيير مقدار النوم الذي يحصل عليه المشاركون في الليلة السابقة.
بعد ذلك، يخضع جميع المشاركين لاختبار القيادة نفسه عبر جهاز محاكاة أو من خلال دورة تدريبية خاضعة للتحكم. ومن خلال تحليل النتائج، يمكن للباحثين تحديد ما إذا أدت تبدلات المتغير المستقل (كمية النوم) إلى اختلافات في المتغير التابع (الأداء في اختبار القيادة).
دراسات الحالة
تسمح دراسة الحالة (Case Study) للباحثين بدراسة فرد أو مجموعة من الأفراد بشكل معمق. إذ يجمع الباحث كل جزء ممكن من البيانات وغالباً ما يستمر في متابعة الشخص أو المجموعة على مدار فترة زمنية وفي حزمة متنوعة من المواقف. كما يقوم أيضاً بجمع معلومات مفصلة حول خلفية المشاركين في التجربة؛ بما في ذلك تاريخ العائلة، التعليم، العمل والحياة الاجتماعية.
أهمية مناهج علم النفس التجريبي.
يتم اللجوء إلى مثل هذه الدراسات عند عدم إمكانية إجراء الاختبار غالباً. على سبيل المثال، قد يقوم أحد العلماء بإجراء دراسة حالة عندما يكون لدى الشخص المعني تجربة فريدة أو نادرة لا يمكن تكرارها في المختبر
الدراسات الارتباطية
تمثل الدراسات الارتباطية (Correlational Research) إحدى طرق علـم النفـس التجريبـي التي تتيح للباحثين النظر في العلاقات بين المتغيرات المختلفة. على سبيل المثال، قد يلاحظ عالم النفس أنه ومع زيادة أحد المتغيرات يميل الآخر إلى الانخفاض.
على الرغم من أن مثل هذه الدراسات يمكن أن تنظر في العلاقات، فلا يمكن استخدامها للدلالة على العلاقات السببية. تقول القاعدة الذهبية أن الارتباط لا يساوي السببية.
المراقبات الطبيعية
تمنح المراقبات الطبيعية (Naturalistic Observations) للباحثين فرصة مشاهدة الناس في بيئاتهم الطبيعية. وتظهر فائدة هذا المنهج التجريبي بشكل خاص في الحالات التي يعتقد فيها الباحثون أن بيئة المختبر قد تؤثر على سلوكيات المشارك دون مبرر.
وظيفة علماء علم النفس التجريبي
يعمل علماء علـم النفـس التجريبـي في مجموعة واسعة من البيئات، بما في ذلك الكليات، الجامعات، مراكز البحوث والشركات الحكومية والخاصة. يقوم بعض هؤلاء المتخصصين بتدريس الأساليب التجريبية للطلاب، بينما يقوم آخرون بإجراء أبحاث حول العمليات المعرفية، سلوك الحيوان، علم الأعصاب، الشخصية ومجالات أخرى ذات صلة.
يقوم الأشخاص الذين يعملون في الأوساط الأكاديمية بإعطاء دورات علـم النفـس غالباً بالإضافة إلى إجراء الأبحاث ونشر نتائجهم في المجلات المتخصصة، ويعمل علماء علـم النفـس التجريبـي الآخرون مع الشركات لاكتشاف طرق تجعل الموظفين أكثر إنتاجية أو تخلق مكان عمل أكثر أماناً، وهو مجال تخصص يُعرف باسم علـم نفـس العوامل البشرية (Human Factors Psychology).
أمثلة على أبحاث علم النفس التجريبي
تتضمن بعض المواضيع التي يمكن استكشافها في أبحاث علم النفس التجريبي كيفية تأثير الموسيقى على التحفيز، تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية وما إذا كان لون معين يغير أفكار الشخص أو مدى إدراكه.
تاريخ علم النفس التجريبي
من أجل فهم كيف وصل علم النفس التجريبي إلى ما هو عليه اليوم، قد يكون من المفيد النظر إلى كيفية نشوئه.
علم النفس هو علم حديث العهد نسبياً ظهر في أواخر القرن التاسع عشر. في حين أنه بدأ كجزء من الفلسفة وعلم الأحياء، فقد أصبح، وبشكل رسمي، مجالاً للدراسة بحد ذاته عندما أسس فيلهلم فونت (Wilhelm Wundt)، وهو من أوائل علماء النفس، أول مختبر مخصص لدراسة علم النفس التجريبي.
أحداث هامة ساهمت في نشوء علم النفس التجريبي
تشمل بعض الأحداث الهامة التي ساعدت في نشوء مجال علم النفس التجريبي:
- 1874: نشر فيلهلم فونت أول كتاب مدرسي في علم النفس التجريبي تحت عنوان “Grundzüge der physiologischen Psychologie/ مبادئ علم النفس الفيزيولوجي”. بينما.
- 1875: افتتح ويليام جيمس (William James) مختبراً لعلم النفس في الولايات المتحدة، إذ تم إنشاؤه ليكون مكاناً لعرض ما تم تدريسه بدلاً من إجراء الأبحاث التجريبية الأصلية. بينما.
- 1879: تم إنشاء أول مختبر لعلـم النفـس التجريبـي في لايبزيغ في ألمانيا، إذ يعود تاريخ علم النفس التجريبي الحديث إلى إنشاء أول مختبر لعلـم النفـس على يد عالم النفـس الرائد فيلهلم فونت في أواخر القرن التاسع عشر. بينما.
- 1883: افتتح جي. ستانلي هول (G. Stanley Hall) أول مختبر لعلـم النفـس التجريبـي في الولايات المتحدة في جامعة جون هوبكنز. بينما.
- 1885: نشر هيرمان إيبنغهاوس (Herman Ebbinghaus) كتابه الشهير “Über das Gedächtnis/في الذاكرة”، والذي تُرجم لاحقاً إلى الإنجليزية تحت عنوان “Memory: A Contribution to Experimental Psychology/ الذاكرة: مساهمة في علم النفس التجريبي”، وصف فيه تجارب التعلـم والذاكرة التي أجراها على نفسه. بينما.
- 1887: نشر جورج تروبال لاد (George Truball Ladd) كتابه المدرسي “Elements of Physiological Psychology/ عناصر علم النفس الفيزيولوجي”، وهو أول كتاب أمريكي يتضمن قدراً كبيراً من المعلومات عن علم النفس التجريبي. بينما.
أحداث شكلت عاملاً مهماً في نشوء علم النفس التجريبي
- 1890: نشر ويليام جيمس (William James) كتابه “The Principles of Psychology/ مبادئ علم النفس”.
- 1891: أنشأت ماري ويتون كالكينز (Mary Whiton Calkins) مختبراً لعلـم النفـس التجريبـي في كلية ويليسلي لتصبح أول امرأة تؤسس مختبراً لعلمـ النـفـس. بينما.
- 1920: أجرى جون بي واتسون (John B. Watson) و روزالي راينر (Rosalie Rayner) تجربة ألبرت الصغير المشهورة في الوقت الراهن، والتي أظهرا فيها أن ردود الفعل العاطفية يمكن أن تكون مشروطة بشكل تقليدي لدى الناس. بينما.
- 1929: نُشر كتاب إدوين بورينج “A History of Experimental Psychology/تاريخ علـم النفـس التجريبـي”. كان إدوين بورينج (Edwin Boring) عالماً نفسياً تجريبياً مؤثراً، إذ كرس جهوده لاستخدام الأساليب التجريبية في أبحاث علم النفس. بينما.
- 1955: نشر لي كرونباخ (Lee Cronbach) كتاب “الصلاحية في الاختبارات النفسية/Construct Validity in Psychological Tests” إذ أدى إلى انتشار استخدامها في الدراسات النفسية. بينما.
- 1958: نشر هاري هارلو (Harry Harlow) كتاب “The Nature of Love/طبيعة الحب” الذي وصف فيه تجاربه مع قرود الريسوس حول التعلق والحب. بينما.
- 1961: أجرى ألبرت باندورا (Albert Bandura) تجربته الشهيرة على دمية بوبو والتي أظهرت تأثير عملية الملاحظة على السلوك العدواني.
مجالات استخدام علم النفس التجريبي
في حين يُعتقد أحياناً أن علـم النفـس التجريـبي هو فرع منفصل أو حقل فرعي من علـم النفـس، فإنه يعتمد على استخدام الأساليب التجريبية على نطاق واسع في جميع مجالات علـم النفـس. بينما.
يستخدم أخصائيو علم النفس التطوري أساليب تجريبية لدراسة كيفية نمو الأشخاص خلال مرحلة الطفولة وعلى مدى الحياة.
مجالات علم النفس التجريبي.
كما يستخدم أخصائيو علم النفس الاجتماعي تقنيات تجريبية لدراسة كيفية تأثر الأشخاص بالمجموعات.
ويعتمد أخصائيو علم نفس الصحة على التجارب والأبحاث لفهم العوامل التي تساهم في الصحة والمرض بشكل أفضل. بينما.
خلاصة
يساعدنا المنهج التجريبي في علم النفس في معرفة المزيد عن كيفية تفكير الناس ولماذا يتصرفون بطريقة دون أخرى. بينما. مجالات علم النفس التجريبي
أهمية مناهج علم النفس التجريبي.
يمكن لعلمـاء علـم النفـس التجريبـي البحث في مجموعة متنوعة من المواضيع باستخدام العديد من الوسائل التجريبية المختلفة. وكل منها يساهم في مدى معرفتنا بالعقل والسلوك البشري. بينما.
اقـرأ أيضاً: مقدمة إلى مناهج البحث في علم النفس
اقرأ أيضـاً: التحليل الإحصائي الشامل, أهميته, استخداماته وأهدفه
اقـرأ أيضاً: البحث التطبيقي في علم النفس, آلية عمله, استخداماته وأمثلة عنه