بعد الانتظار (ربما دون صبر!) لمدة 9 أشهر، جاءت اللحظة: ها هو طفلك هنا أخيراً! والآن بعد أن حضنته بين ذراعيك، دخلت رسمياً في فترة حديثي الولادة (neonatal period) وهي الأسابيع الأربعة الأولى بعد الولادة. سنخاطب في هذا المقال الأم كونها هي الشخص الأول الذي يرعى الطفل حديث الولادة، لكن بعض النصائح موجهة للأب أيضاً؛ فهي تفيد مقدم الرعاية أياً كان.

ما هي فترة حديثي الولادة؟ كم من الوقت ستستمر ؟ وماذا تتوقعين فيها ؟ لا تقلقي، الإجابة فيما يلي..

ما هي فترة حديثي الولادة؟

هي أول 28 يوماً -الأسابيع الأربعة الأولى بعد الولادة – من حياة الطفل بغض النظر عما إذا كان قد ولد مبكراً، أو متأخراً، أو في وقته الصحيح المتوقع.

ماذا يحدث خلال هذا الوقت؟ تعتبر الأيام الـ 28 الأولى بعد الولادة وقتاً مهماً للنمو والتطور السريع. إذ تمهد هذه الأيام أيضاً المرحلة المقبلة فيما يتعلق بأنماط تغذية طفلك ونومه.

فبينما هي فترة التواصل والنمو، إلا أنها أيضاً فترة من الحذر. ويُكتشف خلالها العديد من المشاكل الخلقية، إن وجدت، مع خطر الإصابة بالعدوى. لذلك من المهم تقديم رعاية صحيحة لحديثي الولادة.

أسبوع الولادة الأول

إذا أنجبتي في مستشفى، فستقضين جزءاً على الأقل من هذا الأسبوع تحت رعاية الممرضات والأطباء هناك، وسيفحص الأخصائيون الطبيون المولود الجديد بعناية وقد يجرون عدداً من الاختبارات والفحوصات لتقييم صحته في الأيام القليلة الأولى بعد الولادة مثل:

• فحص السمع: يُجرَى فحص السمع لحديثي الولادة قبل مغادرة الطفل المستشفى أو مركز الولادة، وهو يختبر سمع طفلك.

• تحاليل الدم: تؤخذ بضع قطرات من الدم عن طريق وخز كعب الطفل، وترسَل العينة إلى المختبر لتحديد ما إذا كان يعاني من إحدى الحالات الصحية النادرة والخطيرة.

• فحص الأكسجين: يُثبّت أثناء هذا الاختبار غير المؤلم جهاز يسمى مقياس التأكسج النبضي بذراع طفلك وقدميه لقياس كمية الأكسجين في دمه. إذ يساعد هذا الاختبار الأطباء في معرفة ما إذا كان طفلك يعاني من عيب خلقي في القلب.

الأسبوع الأول من الحياة هو أسبوع النوم والتغذية، ومن المتوقع أن ينام الأطفال حديثي الولادة من 14 إلى 17 ساعة في اليوم. ولكن للأسف، قد لا يكون هذا متى ما تريدينه، لأنهم سيحتاجون إلى الطعام كل 2 إلى 4 ساعات حتى يعودوا إلى وزنهم عند الولادة.

وتذكري، “النوم على الظهر”: ضعي طفلك دائماً مستلقياً على ظهره عند النوم. وتأكدي من أنه على سطح ثابت بدون بطانيات أو وسائد.

بمجرد مغادرتك المستشفى، يمكنك أيضاً السماح لطفلك بقضاء فترات قصيرة من الوقت على بطنه أثناء استيقاظه من خلال تركه يرتاح على صدرك أو على بطانية على سطح مستو مع وجود شخص ما معه. فهذا الوقت على البطن مهم لمساعدة طفلك على تقوية عضلات رأسه، ورقبته، وجسمه العلوي مما يهيئه للزحف.

بعض التغييرات التي تحدث خلال هذه الفترة

من الشائع أن يفقد الأطفال وزنهم في الأيام القليلة الأولى بعد الولادة مباشرة. وسيراقب طبيب طفلك هذا الأمر عن كثب للتأكد من أن وزنه لا ينخفض أكثر من 10 في المائة عن وزنه عند الولادة.

هناك بعض التغييرات التي تحدث في جسمه خلال الساعات والأيام القليلة الأولى من حياته. إذ يأخذ طفلك أنفاسه الأولى عندما يتم تثبيت الحبل السري، بعد الولادة مباشرة. وتبدأ رئتاه في العمل لأول مرة وتصريف السوائل منها.

وتطرأ تغيرات على قلبه بحيث يتدفق الدم الغني بالأكسجين إلى الرئتين، وتبدأ كليتاه في تصفية الدم والجهاز الهضمي في العمل عن طريق التخلص من مادة سميكة، تسمى العقي، والتي تبطّن الجهاز الهضمي أثناء وجود الطفل في الرحم.

قد يكون جلد طفلك رقيقاً أو مقشراً أو مغطى بالشعر الناعم. إذ سيبدأ في التغير خلال الفترة المبكرة من الولادة الحديثة.

ستحتاجين إلى اصطحاب طفلك لزيارة الطبيب أو غيره من أخصائيي الرعاية الصحية خلال الأسبوع الأول في المنزل – حوالي 3 إلى 5 أيام من بداية حياته – كأول زيارة لرعايته.

فإذا كنت الوالدة البيولوجية، فمن المحتمل أن يتحدث طبيب طفلك معك أيضاً عن شعورك والتكيف مع كونك والدة جديدة، وإذا كنت بحاجة إلى أي دعم في هذا الوقت، فسيقدّم لك ذلك.

أسبوع فترة الوليد الثاني

عندما يستقر طفلك في دورة ثابتة من النوم والأكل كل 2 إلى 3 ساعات، يجب أن يعود طفلك إلى وزنه عند الولادة بحلول نهاية الأسبوع الثاني. هذا معلم مثير! إذ يعني عادةً أنه يمكنك التوقف عن إيقاظه للرضاعة كل بضع ساعات أثناء الليل، ورغم ذلك، فربما سيستيقظ كثيراً بمفرده. وإذا كنت ترضعينه رضاعة طبيعية، فقد يظل شعورك جديداً وصعباً، وقد تؤلمك حلمتاك أيضاً. يمكن للقاء استشاري الرضاعة أن يساعد في أي مشاكل في الرضاعة.

وإذا كنت تستعملين الحليب الصناعي، فناقشي أي مخاوف مع طبيب الأطفال الخاص بطفلك، وإذا كان طفلك قد خضع لعملية ختان، فمن المحتمل أن يتعافى في هذا الأسبوع.

اتصلي بطبيبك أو أخصائي رعاية صحية آخر إذا لاحظتي انخفاضاً في عدد المرات التي يبلل فيها طفلك الحفاظة. أو إذا بدا أنه غير مهتم بشرب بالطعام (الحليب) لعدة مرات متتالية، فيمكن أن تكون هذه علامة على المرض، أو مشكلة تغذية تحتاج إلى معالجة.

أسبوع فترة الوليد الثالث

قد يبدأ طفلك الصغير بالنمو السريع في هذا الأسبوع مما يجعله يتغذى على نحو متكرر، وهذا من شأنه أن يجعل الرضاعة والنوم غير منتظمين، وقد تلاحظين أيضاً أن طفلك يحاول رفع رأسه، فمن المهم الاستمرار أو زيادة وقت اللعب على البطن معه، فهذا يساعد في بناء قوة العضلات ويجب ممارسته عدة مرات كل يوم. من المحتمل أن يسقط جذع الحبل السري لطفلك هذا الأسبوع أثناء التعافي، إذا لم يحدث ذلك قبلاً.

أسبوع فترة الوليد الرابع

بحلول الأسبوع الرابع، قد يبدو طفلك الصغير أكثر يقظة وتعبيراً مع استمرار تطور سمعه وبصره، وقد تجدين أنت وطفلك الروتين الملائم مع قرب نهاية هذا الأسبوع، وقد تشعرين حتى بأنك قادرة على البدء في تحديد المعنى الكامن وراء بعض صرخاته. 

مع ذلك، لا تقلقي إذا لم يكن هذا هو الحال الآن، إذ يمكن أن تؤثر العديد من العوامل على مشاعرك والعلاقة التي تكوّنينها مع طفلك.

مع قرب نهاية الشهر الأول، يحين الوقت لزيارة أخرى إلى طبيب الأطفال الخاص من أجل الفحص، ومن المحتمل أن تناقشا جدول تطعيم طفلك. حيث يمكن أن يكون قد طُعّم في المستشفى بأول تطعيم له، التهاب الكبد B، وستبدأ المجموعة التالية من التطعيمات عندما يكون عمره بين ستة أسابيع وشهرين.

ما هي المشاكل التي قد تحدث خلال فترة حديثي الولادة؟

تتضمن بعض المضاعفات التي يمكن أن تظهر خلال فترة حديثي الولادة (خلال الأسابيع الأربعة الأولى بعد الولادة) ما يلي:

• عيوب خلقية.
• إصابات الولادة.
• اليرقان.
• فقدان الوزن.
• مشاكل التغذية.
• مخاوف الرضاعة.
• انرباط اللسان أو الشفتين.
• انخفاض سكر الدم.
• مشاكل عصبية.

يعد الشهر الأول بعد ولادة الطفل هو الأكثر خطورة. وفقاً لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، توفي 2.4 مليون رضيع في الشهر الأول من العمر في جميع أنحاء العالم في عام 2019.

بالإضافة إلى ذلك، حدثت 75% من وفيات الأطفال حديثي الولادة في الأسبوع الأول، مع وفاة ما يقرب من مليون طفل حديث الولادة في أول 24 ساعة. وهذا هو السبب في أهمية زيارات رعاية الطفل أثناء فترة حديثي الولادة.

أُنجزَ الكثير لتقليل عدد وفيات الرضع في جميع أنحاء العالم، ولا سيما في فترة حديثي الولادة. إن معرفة أنواع المضاعفات التي يمكن أن تنشأ وتلقي الرعاية الطبية العاجلة أمران حيويان في هذا الصدد.

ما يحدث معكِ كأمّ

إذا كنتِ أنتِ الأم، فسوف يتعافى جسمك في الشهر الأول من أي مضاعفات تتعلق بألم الولادة. وستلاحظين أيضاً مجموعة من التحولات الهرمونية والتي يمكن أن تجعلك تشعرين بالكثير من العواطف.

يمكن أن تختلف الأمور التي تسبب الانزعاج بعد الولادة، ولكن من المتوقع حدوث ألم في الرحم وإفرازات مهبلية، إذ يعود الرحم إلى حجمه قبل الحمل. فإذا أجريت ولادة قيصرية، لا يجب أن ترفعي أي شيء أثقل من طفلك خلال هذا الوقت، ومن المهم الامتناع عن وضع أي شيء في المهبل حتى تحصلي على موافقة طبيبك، ويكون هذا عادة حوالي 6 إلى 8 أسابيع بعد الولادة. 

قد تشعر الأمهات غير البيولوجية أيضاً بمجموعة من المشاعر خلال فترة حديثي الولادة. إذ قد يجدن أنفسهن يتأقلمن مع جدول نوم جديد، ويطعمن الطفل، ويغيرن الحفاضات أيضاً.

قد يجدن أنفسهن يكافحن من أجل تكوين رابط مع الطفل أو يعانين من بعض أعراض الاكتئاب أيضاً؛ كل هذا طبيعي، والعلاج متوفر ويمكنه مساعدتك.

 تواصلي مع طبيبك للحصول على المساعدة إذا بدأت هذه المشاعر تؤثر في وظائف حياتك اليومية.

خلاصة

يشكل منح عائلتك فرداً جديداً تحولاً كبيراً في حياة الجميع! إذ يمر طفلك الصغير بفترة نمو مكثف في فترة الولادة الحديثة، وهي الأسابيع الأربعة الأولى بعد ولادته؛ هي فترة حرجة في حياته. لذا من المهم إخطار الطبيب فوراً إذا كانت هناك أية مخاوف صحية، ومن المهم اتباع هذه النصائح لرعاية حديثي الولادة.

لكن تذكري أن صحتك مهمة أيضاً ومن من الضروري أن تعتني بنفسك وتطلبي المساعدة في حال وجود أية مخاوف جسدية أو عاطفية قد تطرأ خلال هذه المرحلة.

اقرأ أيضاً :القلق أثناء الحمل، أسبابه، علاجه وكيفية التخلص منه

اقـرأ أيضاً: البلوغ عند الأطفال، متى يصبح الطفل بالغاً وفقاً لذويه والقانون والعلم؟

اقرأ أيضاً: مخاطر التدخين قبل وأثناء فترة الحمل 

المصدر: The Neonatal Period: A Guide to the First 4 Weeks

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم