تتغير أعراض اضطراب نقص الانتباه و فرط النشاط عادةً في مرحلة البلوغ، إذ يصبح فرط النشاط أقلّ وضوحاً، ويستطيع البالغ البقاء هادئاً نسبياً بالرغم من الشعور الداخلي بعدم الراحة.
في المقابل، تستمر أعراض هذا الاضطراب المتعلقة بنقص الانتباه، لكن يغدو البالغون أكثر قدرةً على التحكم بالبيئة المحيطة والظروف من حولهم عادةً، إذ بإمكانهم تشكيل نمط حياة يلائم ما يواجهونه من أعراض.
على سبيل المثال، يحرص الكثير من هؤلاء الأشخاص على اختيار مهنة لا تتطلب الجلوس خلف المكتب لوقت طويل. إذ يمكن أن يعملوا في المشفى؛ ما يتطلّب المشي، أو في مجال المبيعات عبر التنقل بالسيارة. في المقابل، لا تتوفر هذه الحرية في الاختيار للأطفال في المدرسة، لذلك تبدو أعراض هذا الاضطراب في مرحلة الطفولة أكثر سوءاً من مرحلة المراهقة.
عند الأطفال، تسبب أعراض هذا الاضطراب عادةً مشاكل في المدرسة، مثل تحصيل الدرجات المنخفض أو الوقوع في مشاكل نتيجة سلوكهم المخرّب.
عند البالغين، يمكن أن تسبب الأعراض مشاكل مختلفة مثل فقدان الوظيفة والإفلاس ومشاكل زوجية والإدمان. لذا من المهم جداً معرفة وإدراك هذه الأعراض وبالتالي اللجوء إلى طلب المساعدة.
معايير تشخيص اضطراب نقـص الانتباه عند البالغين
وفقاً للنسخة الخامسة للدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية، يتم تشخيص الفرد باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط إذا استوفى المعايير التالية:
ظهور الأعراض منذ الطفولة: من الممكن ألا يتم التشخيص في الطفولة، لكن لا بد من وجود دليل أن الشخص لديه مشكلةٌ في الانتباه والسيطرة على النفس قبل عمر الـ 12 عام.
ظـهور الأعراض في عدة مواقف: يواجه الفرد بشكل مستمر مشاكل واضحة مع أعراض نقص الانتباه و/أو فرط النشاط أو أحدهما خلال موقف مهمّ أو أكثر. على سبيل المثال، في المنزل، المدرسة أو في العمل.
تؤثر الأعراض على الأداء: تُخفّض الأعراض من جودة حياة الفرد الاجتماعية والأكاديمية و/ أو المهنية .
ظهـور خمسة أو أكثر من الأعراض: حدد الدليل 18 عَرَضاً لهذا الاضطراب؛ تتعلق تسعة منها بنقص الانتباه والتسعة الأخرى تتعلق بفرط النشاط. إذ يمكن التشخيص بهذا الاضطراب إذا ظهرت خمسةٌ من الأعراض المحددة بعد عمر الـ 17 عام.
استبعاد الأسباب الأخرى المحتملة: في بعض الأوقات تظهر أعراضٌ مشابهة لهذا الاضطراب نتيجة حالة نفسية أخرى مثل اضطراب ثنائي القطب أو اضطرابات النوم.
قبل التشخيص الدقيق باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط يحتاج الطبيب إلى استبعاد جميع الأسباب الأخرى المحتملة التي يمكن أن تؤدي لظهور أعراض هذا الاضطراب.
أعراض اضطراب نقـص الانتباه وفرط النشاط عند الفتيات والنساء
تكون الفتيات أكثر عرضة للإصابة بنقص الانتباه المرتبط بهذا الاضطراب والذي يمكن عدم ملاحظته أو تشخيصه أحيانا. إذ من الممكن الانتباه للفتى مفرط الحركة بسهولة أكثر من الانتباه لفتاةٍ هادئة ومبتهجة.
إذا كانت الفتاة تعاني من فرط النشاط والاندفاع فيمكن وصفها بأنها “مسترجلة أو متشبّهة بالصبيان” لأنها أكثر نشاطاً بدنياً من قريناتها من الفتيات. ويمكن أن تكون كثيرة الكلام أيضاً وتقاطع الآخرين بشكل متهور خلال حديثهم. ونتيجة ذلك، يصعب عليها تكوين صداقات مع غيرها من الفتيات.
على عكس ظهور الأعراض عند الفتيان، تُعزى أعراض هذا الاضطراب عند الفتيات إلى شخصيتها. على سبيل المثال، يمكن أن يُنظر إلى فتاة ما بأنها “ملكة الدراما” أو “مسترجلة” أو “ثرثارة”.
يكمن أحد فوائد التشخيص المبكّر بهذا الاضطراب عند الفتيات في تغيير وحَرف الوصمة والذنب التي تسببها لها الأعراض الحاصلة. وبالتالي تحرّر هؤلاء الفتيات من الألقاب التي وُسمنَ بها.
تكون هؤلاء الفتيات أكثر عرضة للإصابة باضطراب الأكل أكثر من غيرهم.
يمكن أن يبدو اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط مختلفاً خلال المراحل العمرية المختلفة عند النساء، إذ يؤدي تغير الهرمونات في أوقات مختلفة من حياتها كـ البلوغ والحمل وانقطاع الحيض والتقلبات الهرمونية الشهرية إلى زيادة حدة الأعراض.
في الماضي، كان تشخيص النساء بهذا الاضطراب خاطئاً ويتداخل مع القلق أو الاكتئاب. ويعود الفضل في تصحيح هذا التشخيص إلى المعرفة المتزايدة والأبحاث المستمرة المتعلقة بأعراض اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط.
الجوانب الإيجابية لاضـطراب نقـص الانتباه وفرط النشاط
كثيراً ما يُنظر لهذا الاضطراب على أنه مسؤوليةٌ يحملها الفرد. لكن له جوانب إيجابية على حياته وخاصةً عندما يتم التعامل معها بالشكل السليم. إذ يقول بعض المصابين بأنّ:
لديهم طاقة هائلة، يمكن توجيهها في إنجاز المشاريع في العمل والرياضة والهوايات والأعمال الخيرية.
هم مبدعون بشكل كبير، إذ كان الكثير من روّاد الأعمال المشهورين مصابين به.
يملكون قدرةً فائقة على حلّ المشكلات، نظراً لما يتمتعون به من مَلَكة التفكير “خارج الصندوق”.
لديهـم حسّ دعابةٍ وفكاهةٍ جميلٌ جدا ما يجذب الآخرين نحوهم.
لديـهم فضول كبير لمعرفة وتعلم المزيد عن العالم حولهم.
يبدون أصغر من عمرهم البيولوجي، ويعود الفضل في ذلك للطاقة الكبيرة داخلهم، الحيوية والاندفاع للحياة والفضول لاستكشاف ما حولهم دائماً.
يتمتعون بحسّ مرهف وقدرة على الشعور بالآخرين والاستجابة لذلك بشكل جيد.
متسامحون، محبون ويمكن الوثوق بهم، ما يعني أنهم قادرون على تكوين علاقات اجتماعية وصداقات سعيدة وطويلة الأمد مع الشخص المناسب.
الحالات المرافقة لاضطراب نقـص الانتباه وفرط النشاط
يعاني ما يقرب ثلثي الأطفال المصابين بهذا الاضطراب من حالاتٍ نفسية أخرى مرافقة، أكثرها شيوعاً هي المشاكل السلوكية، القلق، الاكتئاب و عجز التعلم واكتساب اللغة.
أظهر البالغون ممن يعانون هذا الاضطراب دلائلَ أكبر على ترافق مثل هذه الحالات النفسية مع اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط. إذ يمكن أن يعاني البالغون أيضاً من الاكتئاب، اضطراب ثنائي القطب، اضطراب تعاطي المواد المخدرة، اضطرابات القلق واضطرابات الأكل.
اقرأ أيضاً: علاج اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط لدى الأطفال والبالغين
المصدر: Symptoms of Attention-Deficit Hyperactivity Disorder (ADHD)
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم
