ما هو الإجهاد وكيف أتعامل معه؟ وما تأثيره على الصحة العقلية؟

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

يواجه الجميع الإجهاد في مرحلة ما من حياتهم ولكن سببه قد يختلف من شخص لآخر، وقد يكون لكل منا أيضاً طريقته الخاصة للسيطرة عليه، إذ تعتمد شدة وفترة استجابة الإجهاد على العديد من العوامل التي تتراوح ابتداء من شخصية الفرد وصولاً إلى نظام الدعم الخاص به.

على الرغم من أن الإجهاد غالباً ما يكون مزعجاً، إلا أنه ضرورة تطورية، والأهم من ذلك أن بإمكانك إدارته، وبالمقابل إن لم تفعل ذلك، فقد يتحول الى اضطراب إجهاد حاد أو مزمن.

ما هو الإجهاد؟

الإجهاد هو استجابة الجسم الطبيعية للضغط (عامل الإجهاد) الذي قد يجعل الفرد يعاني إجهاداً جسدياً، عاطفياً، أو نفسياً إضافة إلى الضغط النفسي؛ بعبارة أخرى، الإجهاد هو إحساس بدني وشعور بالارتباك وعدم القدرة على التعامل مع الضغوط الناجمة عن عامل الإجهاد.

ردود الفعل العقلية والجسدية تجاه الضغط تخدم هدفاً معيناً

مثلا، عندما تواجه موقفاً خطراً، يبرمج التوتر الناجم جسمك ويضعه في وضع “القتال أو الهرب / الكرّ والفرّ”؛ وفي هذه الحالة المتصاعدة من التأهب، يبذل جسمك ودماغك قصارى الجهد لزيادة فرصك في النجاة من هذا التهديد المتصوّر أو الحقيقي.

قد يصيبك الإجهاد أيضاً بسبب أحداث قد لا تشكل خطراً على حياتك، مثل المواعيد النهائية لمشاريع العمل أو الفروض المدرسية، في هذه السيناريوهات؛ يساعدك التحكم الجيد بالإجهاد في التركيز وتحقيق أهدافك على المستوى الأمثل.

عندما يكون للإجهاد هذه الإمكانية لإحداث نتيجة إيجابية، يشار إليه عادة بـ “الإجهاد المفيد القادر على التكيف / eustress “وهو شكل من أشكال الإجهاد الذي يعود بالنفع على المرء الذي يختبره. في المقابل، عندما يؤدي إلى شعورك بالإرهاق وعدم القدرة على التأقلم، يشار إليه بـ الكرب (Distress) والذي يؤثر على صحتك النفسية وعافيتك على المدى القصير والطويل.

تأثير الإجهاد على الصحة العقلية

ينظر أخصائيو الصحة النفسية عادة إلى ثلاثة أنواع رئيسية من استجابات الإجهاد السلبية؛ لكل منها علاماته وأعراضه الخاصة، وقد تختلف في المدة أيضاً.

اضطراب الإجهاد الحاد (acute stress disorder)

للوصول إلى تشخيص اضطراب الإجهاد الحاد، يجب أن تستمر الأعراض من 3 أيام إلى شهر واحد. يكون المحفز لهذا النوع من الإجهاد عادة حدثاً صادماً يسبب رد فعل شديد.

تشمل أعراض اضطرابات الإجهاد الحاد ما يلي:

  • الشعور بالانفصال العاطفي (التجرد من المشاعر) أو الخَدَر.
  • فقدان الذاكرة الانفصالي
  • الابتعاد عن الواقع و تبدُّد الشخصية
  • ذكريات أو صور متكررة من الحدث الصادم
  • اليقظة المفرطة وحالة التأهب المستمرة

أعراض القلق، مثلاً بعد أن تتعرض لحادث سيارة عنيف، يمكنك أن تبدأ بـ :

  • تجنب المركبات تماماً
  • الشعور بتوتر العضلات عند ركوب السيارة
  • كوابيس حول حادث السيارة
  • نوبات ذعر مع أو بدون سبب واضح

إذا استمرت الأعراض لأكثر من شهر، يمكن تشخيصك بـ اضطراب ما بعد الصدمة.

اضطراب الإجهاد الحاد العَرَضيّ (Episodic acute stress disorder)

يعاني الأشخاص المصابون باضطراب الإجـهاد الحاد العَرَضي من ضيق شديد ومتزايد بسبب التحديات اليومية؛ وبعبارة أخرى، إذا كنت تعايش هذه الحالة فإنك تتعرض بشكل دوري لاستجابة (ردود فعل) على شكل إجـهاد شديد بسبب عامل ضغط بسيط نسبياً.

خلافاً لاضطراب الإجـهاد الحاد، الذي ينجم عن تجربة مؤلمة واحدة، فإن الإجـهاد الحاد العَرَضي هو استجابة للعديد من الضغوطات التي قد لا يعتبرها الناس (ممن لا يعانون هذه الحالة) تستحق الجلبة.

على سبيل المثال، إذا كنت مصاباً باضطراب إجهاد حاد عَرَضي، فقد تكون استجابة الإجـهاد الشديدة ناتجة عن التفكير في ما ستعدّه على الغداء اليوم، ثم مرة أخرى في وقت لاحق عند التفكير في تقرير مهم يتعين عليك تقديمه في الغد. تنشأ هذه الحالة عند بعض الأشخاص من الشخصية نوع أ.

قد تشمل أعراض اضطراب الإجـهاد الحاد العَرَضي ما يلي:

  • الانفعال وسوء السيطرة على الغضب
  • خفقان القلب وضيق التنفس
  • تصلب وألم عضلي
  • نوبات الهلع وغيرها من علامات القلق
  • الأمراض المزمنة

الإجهاد المزمن (chronic stress)

إذا لم يتم متابعة استجابات الإجـهاد، فيمكن أن يصبح حالة مزمنة مثل اضطراب القلق المعمم.

يُبقي التوتر المستمر جهازك العصبي في حالة قلق حيث تزداد مستويات الكورتيزول والأدرينالين لدرجات مرتفعة، و لا يحصل جسمك وعقلك على فرصة للاسترخاء و الهدوء.

في حين أن أعراض الإجهاد الحاد والعرضي سوف تخف في نهاية الأمر، إلا أن الإجـهاد المزمن يُبقي الجهاز العصبي الودي في حالة متصاعدة لفترة طويلة وغير محددة من الوقت.

قد تختلف مسببات الإجـهاد المزمن من شخص الى آخر، وقد تشمل المرض المزمن، إساءة المعاملة، العنصرية، عدم الراحة و قلة النوم.

تشمل بعض علامات وأعراض الإجـهاد المزمن ما يلي:

  • صعوبة في النوم
  • الصداع المتكرر
  • الهيجان
  • تشوش الدماغ
  • القلق
  • الاكتئاب
  • حالات فيزيائية مثل ارتجاع حمض المعدة ، أمراض القلب والأوعية الدموية، والاضطرابات الإدراكية/المعرفية.

أسباب الإجهاد

قد تتأخر عن موعدك في العمل، أو أنك أب جديد لم يحظَ بقسط كاف من النوم؛ فالحياة مليئة بالضغوطات المحتملة، وقدرتك على السيطرة على محفزات الإجـهاد هذه تعتمد على عدة عوامل.

فما يمكن أن يسبب لك التوتر ليس بالضرورة أن يسببه لغيرك، ينفرد كل منا في استجاباته و ردود أفعاله وفي كيفية تفسيره للأحداث. في حين أن بعض الناس يجدون التحدث في الأماكن العامة أمراً ممتعاً، قد يعاني آخرون من نوبة هلع في نفس الموقف. أيضاً، هناك بعض الأحداث المهمة في الحياة التي تميل إلى أن تكون أكثر إجهاداً للجميع.

من الأدوات المعروفة التي يستخدمها أخصائيو الصحة لقياس مقدار الإجـهاد الذي يعاني منه شخص ما، هو مقياس” Holmes-Rahe Life Stress Inventory“، ووفقاً لهذا المقياس، فإن أحداث الحياة الأكثر إجهاداً هي:

  • وفاة أحد الزوجين
  • الطلاق
  • الانفصال الزوجي
  • الحبس
  • وفاة أحد أفراد الأسرة المقربين
  • الأذية أو المرض الخطير
  • الزواج
  • الطرد من العمل
  • المصالحة الزوجية
  • التقاعد
  • التغيير الجذري في صحة أحد أفراد الأسرة
  • الحمل

التغيرات الشديدة في الحياة، مثل الوباء، على سبيل المثال، قد تؤدي أيضاً إلى ردود فعل على شكل إجـهاد شديد لدى العديد من الناس.

العوامل المساهمة في الإجهاد

إن المحفّز الذي تمر به طوال اليوم لديه القدرة على تنشيط استجابة الإجهاد، وقد تسبب المحفزات المختلفة استجابات إجـهاد بيولوجية مختلفة؛ ينجم عنها إجـهاد جسدي أو نفسي أو نفسيّ اجتماعيّ. في بعض الأحيان، قد يسبب نفس المحفز أكثر من نوع واحد من استجابات الإجـهاد.

على سبيل الافتراض، إذا ماطلت في عرض العمل الخاص بك و وجدت نفسك أمام رؤسائك غير مستعد، فقد تشعر بأنواع الإجهاد الثلاثة في آن واحد: الإجهاد البدني المتمثل بـ آلام المعدة و سببه الأعصاب ؛ الإجـهاد النفسي الناتج عن القلق من أن ذلك سيضع حداً لفُرصك في الترقية ، والإجـهاد النفسي الناجم عن الخوف من النبذ بسبب إخفاقك في تقديم الأداء المطلوب.

ما الذي يمكن أن يسبب استجابات الإجـهاد المحددة أيضا؟

مسببات الإجـهاد البدني

  • مرض حاد أو مزمن
  • الإصابة أو الأذية
  • سوء التغذية
  • نقص النوم الجيد

مسببات الإجـهاد النفسي

  • القلق
  • الذنب
  • حالات الصحة النفسية
  • نمط التعلق
  • الحزن

مسببات الإجـهاد النفسي الاجتماعي

  • العلاقات الاجتماعية
  • العمل
  • العزلة
  • العنصرية

لا يتفاعل الجميع بنفس الطريقة مع هذه الضغوطات المحتملة؛ فقد يتكيَّف جسمك بشكل أفضل من خلال ساعات نوم أقل، أو قد لا تجد العزلة مزعجة كما يجدها الآخرون.

إذا كان هذا يصف حالتك، فإن رد فعلك لهذه الضغوطات ليس شديداً، كما تلعب شخصيتك دوراً مهما في السرد العاطفي الذي تنسجه إزاء محفزات الإجهاد.

إن تركيبَك الوراثي، تجاربك السابقة، أنماط التفكير السلبية، التشوّهات المعرفية والميل إلى تهويل الأمور يمكن أن يساهم في مدى شدة تفاعلك مع موقف معين.

لا تنشأ الضغوطات من فراغ، ويمكن أن تتفاقم أو تخمد بسبب ظروف أخرى في حياتك. بشكل عام، توافر عوامل مثل شبكة دعم قوية قد يؤثر بشكل إيجابي على صحتك النفسية وقدرتك على التحكم في الإجهاد.

كما يمكنك أن تتغلب على عقبة مجهدة عندما لا تحدث إلا من حين الى آخر. لكن على سبيل المثال، عندما تواجه الضغط نفسه كل يوم، فمن المرجح أن تتعامل معه في اليوم الأول بشكل أفضل من تعاملك معه في اليوم الثاني والثمانين.

بكلمات أخرى، كلما طالت فترة تعرضك لعامل إجهاد ما، كلما تعاظَم تأثيره عليك.

من أمثلة عوامل الإجهاد طويلة الأجل ما يلي:

  • بيئة العمل السامة
  • المرض المزمن
  • الفقر
  • العنصرية والتمييز
  • الصراع في العلاقات الاجتماعية

خلاصة

الإجهاد هو استجابة طبيعية وبيولوجية لتحديات الحياة. لكن قد تستجيب لبعض هذه التحديات بشكل أشدّ، ما يجعلك تعاني أعراضاً حادة وطويلة الأمد.

كل أنواع الإجهاد يمكن السيطرة عليها. مع ذلك، إذا كنت تواجه صعوبة في التعامل مع الضغوطات أو مررت بحدث صادم، فكّر في التواصل مع أخصائي في الصحة النفسية.

اقرأ أيضاً: اضطراب الإجهاد الحاد، أعراضه، أسبابه، تشخيصه وعلاجه

المصدر: All About Stress

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: