يعاني الأشخاص المصابون باضطراب ثنائي القطب (bipolar disorder)، الهوس (mania)، الهوس الخفيف (hypomania) من أوهام وأعراض مختلفة، ابتداءً من الانفاق المتهور (reckless spending) وصولاً إلى الاختلاطية أو المجون الجنسي (sexual promiscuity)، إضافةً إلى احتمال حدوث بعض الأعراض الخفية والماكرة والأوهام المرجعية، مثل وهم السيطرة والأوهام الاكتئابية وغيرها من الأوهام الغريبة أو الأفكار المرجعية كالاعتقاد بأن كل ما يحدث من حولهم مرتبط بهم بطريقة أو بأخرى بينما في الحقيقة ذلك خاطئ تماماً.
يُعرف هذا العرض على أنه أفكار مرجعية (ideas of reference). ويعتبر وهم الإشارة أو الأوهـام المرجعية (delusions of reference) امتداداً لتلك الأفكار اللاعقلانية، والذي يمكن أن يتسبب في تغيير المرضى لسلوكهم بشكل كبير كنوع من الاستجابة لهذا الاعتقاد الخاطئ.
تختلف الطريقة التي يؤثر بها هذان العرضان – الأفكار المرجعية والأوهام المرجعية – على الأشخاص. على سبيل المثال، قد يعتقد أحدهم أن برنامجاً تلفزيونياً أسبوعياً يبث رسائل سرية عنه، لدرجة أنه يسجله ويعيد مشاهدته مراراً وتكراراً.
وكمثال آخر، قد تقتنع امرأة ما بأن جميع الإشعارات المشورة على الجدران خارجاً يستهدفها بشكل شخصي، ما يخيفها لدرجة أنها ترفض مغادرة المنزل.
الأفكار المرجعية مقابل الأوهام المرجعية
يستخدم بعض الأطباء والباحثين مصطلحات الأفكار المرجعية والأوهام المرجعية بالتبادل. إلا أن هناك مصادر أخرى تفرق بين الاثنين، إذ تقول أن الأفكار المرجعية ذات تأثير أقل على حياة الشخص ككل.
في حين أن الأفكار المرجعية هي أحداث حقيقية يتم استيعابها بشكل شخصي، فإن الأوهام المرجعية لا تستند إلى الواقع. ومع ذلك، قد تكون الأفكار المرجعية بمثابة تمهيد للأوهام المرجعية ونذيراً بها
يختبر العديد من الأشخاص أفكاراً عابرة أو أفكاراً مرجعية. على سبيل المثال، قد تذهب إلى حفلة، ثم لوهلة ما يراودك اعتقاد بأن الجميع يتهامسون عنك. في الحقيقة، هذا الأمر لا يزال ضمن نطاق السلوك البشري الطبيعي، باستثناء إذا كان يحدث لك باستمرار.
في حال تجاوزت هذه الأفكار الحدود الطبيعية للحقائق أو الأحداث الفعلية. كاعتقاد أن أشخاصاً لا تعرفهم حتى يتهامسون عنك، وتشرع في الاختباء في المنزل بسبب هذا، فإنها تتحول إلى أوهام.
المعايير الثلاث للوهم
وصف كارل جاسبرز (Karl Jaspers)، طبيب النفسي ألماني- سويسري، المعايير الرئيسية للوهم الحقيقي في كتاب رائد صدر عام 1913 بعنوان ” علم النفس العام/ General Psychology“. تشمل تلك المعايير ما يلي:
- اليقين (Certainty): اقتناع الشخص بأن الوهم حقيقي.
- عدم القابلية للإصلاح (Incorrigibility): لا يمكن إقناع الشخص بخلاف ما يعتقده أو حتى زعزعة ذاك الاعتقاد بأي شكل من الأشكال.
- الاستحالة (Impossibility): الوهم غريب وغير حقيقي على الإطلاق.
يعاني بعض الناس من أوهام مرجعية عرضية وعشوائية فقط، في حين أن البعض الآخر قد يعاني منها طوال الوقت.
إذا استمرت الأفكار الوهمية لأكثر من شهر وكانت تتضمن أحداثاً ممكنة الحدوث ( مثل الشعور بأنك مطارد أو مصاب بمرض أو بالحب عن بعد). في هذه الحالة فإن اضطراب الوهم هو التشخيص.
يوضح الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية – النسخة الخامسة معايير الاضطراب الوهامي (delusional disorder). الذي قد يظهر لدى الأشخاص المصابين بالاضطراب ثنائي القطب.
وعلى وجه التحديد، فإن أولئك المصابون بالاضطراب قد يعانون من أوهام غير غريبة، ما يعني أن ما يتخيلونه قد يحدث بالفعل (مثل أن هناك من يلاحقهم).
الفرق الجوهري بين الأوهام المرجعية والاضطراب الوهامي هو أن الأوهام المرجعية ليست حقيقية بالتأكيد. في حين أن الأفكار في الاضطراب الوهامي قد تكون حقيقية (على الرغم من أنها غير محتملة الحدوث تماماً).
أنواع أخرى من الأوهام
الأوهام الغريبة ( Bizarre delusions ): التي لا تملك إمكانية أو أساس لتحدث في الواقع.
وهم السيطرة ( Delusions of control ): أي أن أفكار المريض المصاب بوهم السيطرة ومشاعره وأفعاله ليست أفكاره ومشاعره وأفعاله هو، بل تنبع من قوة خارجية أو شخص ما آخر.
الأوهام الاكتئابية (Depressive delusions): تتميز بمزاج اكتئابي مهيمن. قد تشمل الأوهام الاكتئابية أيضاً على أوهام أخرى تنطوي على مرض خطير، فقر أو خيانة زوجية.
علاج الأوهام المرجعية
يمكن أن تساعد الأدوية المضادة للذهان في العلاج، كما يمكن أن تكون للاستشارة والعلاج النفسي فائدة أيضاً، إذ يستخدم العلاج المعرفي السلوكي لمساعدة الأشخاص على إعادة صياغة أفكارهم واستكشاف التفسيرات المنطقية وراء طريقة تفكيرهم.
اقرأ أيضاً: الفرق بين الهوس والهوس الخفيف في اضطراب ثنائي القطب
المصدر: Ideas and Delusions of Reference in Bipolar Disorder
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم
