اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، تشخيصه، أعراضه وهل له علاقة بالضغط العصبي؟

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

يعد اضطراب ما بعد الصدمة حالة صحية عقلية يعاني خلالها الفرد من مجموعة متنوعة من الأعراض التي تنتج عن التعرض لحدثٍ صادم أو فاجعة.

وتشمل هذه الأعراض استرجاع الذكريات القديمة، الكوابيس، توارُد أفكار دخيلة، القلق، العزلة، وتغير في الأفكار والحالة المزاجية.

كما يعاني حوالي 9.8% من البالغين في الولايات المتحدة من اضطراب ما بعد الصدمة.

وتتلخص أعراضه بإعادة تذكر الحدث الصادم، وتجّنب كل ما يذكِّر بالصدمة، بالإضافة إلى الشعور بالفزع بسهولة، وخلق أفكار ومعتقدات سلبية.

تكمن الأسباب وراء اضطراب ما بعد الصدمة في سوء المعاملة، العنف، الكوارث الطبيعية، الحوادث، الإرهاب، المرض أو الموت المفاجئ لشخص عزيز.

بالمقابل، يوجد العديد من العلاجات الفعالة لهذا الأمر، والتي يمكن أن تساعد في علاج هذا الاضطراب كالعلاج السلوكي المعرفي (CBT).

بالإضافة إلى إمكانية العلاج بالمواجهة، علاج التقبل والالتزام، وعلاج إزالة مشاعر الحساسية، وإعادة المعالجة عن طريق حركة العين (EMDR).

ويسمى هذا الاضطراب أيضاً باضطراب الكَرب التالي للرّضح، أو اضطراب الكَرب التالي للصدمة النفسية.إذ يحدث اضطراب ما بعد الصدمة بعد حدثٍ صادم وأليم، ويؤثر على قدرة الفرد على العيش.

يمكن أن تتساءل فيما إذا كنت أنت أو أحد الأشخاص الذين تهتم لأمرهم ممن يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة، وقد ترغب في معرفة مدى حاجتك إلى مساعدة متخصصة في ذلك.

إذا كنت تعاني من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، فمن المهم زيارة الطبيب للحصول على التشخيص والعلاج المناسبين.

الفرق بين الضغط العصبي واضطراب ما بعد الصدمة

ليس من الضروري التعرض لاضطراب ما بعد الصدمة لدى كل من عاش حدثاً صادماً، فمن الطبيعي للبعض، بعد المرور بتجربة صادمة، أن يشعروا بالكثير من القلق أو الحزن أو التوتر والضغط العصبي.

أيضاً، يمكن أن يعاني البعض من الكوابيس المتكررة والذكريات المرتبطة بالحدث، والأرق واضطراب النوم في الليل.

إذ تعتبر هذه الأمور من العلامات الشائعة لحدوث اضطراب ما بعد الصدمة. مع ذلك، هذه الأعراض لا تعني بالضرورة أنك مصاب باضطراب ما بعد الصدمة.

فكر في الأمر بهذه الطريقة، على سبيل المثال، يمكن أن يرتبط ألم الرأس بمشكلة أكبر كالتهاب السحايا، ولكن ليس بالضرورة أن يعني الشعور بالصداع أنك مصاب بالتهاب السحايا دائماً.

وينطبق الأمر ذاته على اضطراب ما بعد الصدمة، فالعديد من أعراض هذا الاضطراب تتطابق مع الضغط العصبي من حيث استجابة الجسم الطبيعية، لذا لايعني أن هذه الأعراض مرتبطة بالإصابة باضطراب ما بعد الصدمة.

هناك شروط مُحددَّة ويجب توافرها عند المصاب حتى يتمّ تشخيصه باضطراب ما بعد الصدمة.

هذه الشروط موضحة في النسخة الخامسة من الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية (DSM-5).

معايير اضطراب ما بعد الصدمة وفقاً للدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية

المعيار الأول، الضغوط وعوامل التوتر 

ويشمل صدمات مثل التعرض للموت أو التهديد به، حدوث إصابة خطيرة، أو التعرض للعنف الجنسي بواحدة أو أكثر من طرق التعرض للصدمة فيما يلي:

  • مواجهة الحدث بشكلٍ مباشر
  • كنت شاهداً حياً على حدث صادم واجهه شخص آخر
  • علمت أن أحد أصدقائك أو المقربين لك قد مرَّ بتجربة عنف أو موت عَرَضي أو تم تهديده به
  • تعرّضت بشكل متكرر وغير مباشر لتفاصيل مربكة لحدث أو عدة أحداث

إذ يمكن أن يحدث هذا الأمر في سياق الواجب المهني للفرد كأن تكون المستجيب الأول للحدث، أو المسؤول عن جمع أشلاء شخص قد تعرض لحادث ما، أو اختصاصي معرّضٍ بشكل متكرر لتفاصيل حول حوادث عنف الأطفال.

وهذا لا يتضمن التعرض الغير مباشر للصدمات، كمشاهدة الحدث عبر وسائل الإعلام الالكترونية، التلفزيون، الأفلام، أو الصور.

المعيار الثاني، أعراض اقتحامية

تشمل المعاناة من التأثر بالحدث الصادم بشكل مستمر ومتكرر بطريقة واحدة أو أكثر مما يلي:

  • ذكريات متكررة لا إرادية وذات صلة، إذ يمكن للأطفال الذين تزيد أعمارهم عن ست سنوات أن يعبّروا عن هذا العَرَض من خلال اللعب المتكرر بطريقةٍ تُظهر جوانب الصدمة التي تعرضوا لها.
  • رؤية كوابيس صادمة أو أحلام مقلِقة مرتبطة بالحدث، لكن من المُحتَمل أن يعاني الأطفال من أحلام مفزعة دون تفاصيل تتعلق بالصدمة.
  • ردود فعل انفصالية، مثل تذكر الماضي، إذ يشعر المصاب وكأن الحدث يتكرر مرة أخرى.

وتستمر هذه الذكريات وتكون متفاوتة بين النوبات القصيرة والفقدان الكامل للوعي، كما يمكن للأطفال أن يعيدوا تمثيل الأحداث بشكل لا إرادي أثناء اللعب.

  • ضغط وتوتر شديد ومطوَّل بعد التعرض لأمور من شأنها أن تذكِّر بالصدمة
  • تفاعلات جسدية ملحوظة، كازدياد معدل ضربات القلب بعد التعرض للعوامل المحفزة لتذكر الصدمة.

المعيار الثالث، التفادي والتهرب

ويشمل التهرب الدائم والمُتعمَّد من المحفزات المرتبطة بالصدمة، وذلك بعد التعرض للصدمة بالطبع ، ويتلخص الأمر بواحد أو أكثر مما يلي:

  • تجنب المشاعر والأفكار المتعلقة بالصدمة.
  • تجنب العوامل الخارجية المحفزة لتذكر الصدمة، كالأشخاص لهم علاقة بالأمر، أو الأماكن، الأحاديث، النشاطات، الأشياء، أو المواقف.

المعيار الرابع، تغير سلبي في الحالة المزاجية

ويشمل التغير السلبي في المزاج والإدراك الذي يزداد سوءاً بعد حدوث الصدمة، والذي يتجلى بواحد أو أكثر مما يلي:

  • عدم القدرة على تذكر الملامح الأساسية للحدث الصادم، وهو ما يسمى بفقدان الذاكرة الانفصامي، ولا علاقة للأمر بالإصابة في الرأس أو تناول المشروبات الكحولية أو المخدرات.
  • نشوء معتقدات وتوقعات سلبية مستمرة وأحياناً مشوَّهة عن الذات أو الآخرين، مثل التفكير الداخلي الذي يتلخص بالقول: “أنا شخص سيء”، أو” العالم الخارجي خطِر بشكلٍ كبير”.
  • الإلقاء المستمر للّوم المغلوط على الذات أو على الآخرين باعتبارهم السبب في الحدث الصادم أو مايتبعه من مؤثرات ناجمة عنه.
  • مشاعر سلبية مستمرة من الخوف، والهلع، والغضب، والشعور بالذنب أو العار.
  • تناقص الاهتمام بشكل ملحوظ بالنشاطات التي كانت ممتعة بالنسبة للمصاب قبل الصدمة.
  • الشعور بالعزلة والبعد أو الانسلاخ عن الآخرين.
  • العجز المستمر عن الشعور بمشاعر إيجابية كالفرح والحب والسعادة.

المعيار الخامس، تحولات في التفاعلية والحماس

تشمل التغيرات في التفاعلية والحماس المرتبطين بالصدمة والتي تبدأ أو تشتد بعد الحدث الصادم ما يلي:

  • السلوك العدواني
  • السلوك المتهور أو المدمر للذات
  • الشعور المستمر بالحذر والخوف، أو اعتبار أن الخطر موجود في كل مكان (فرط اليقظة)
  • الاستجابة للأمور على أنها مسبِّبة لرعب مبالَغ به
  • وجود مشاكل في التركيز
  • اضطراب النوم.

المعيار السادس، طول مدة التأثير

وتعني استمرارية التعرض لعوامل كل من المعيار الثاني والثالث والرابع لمدة تزيد عن شهر.

المعيار السابع، التأثير الوظيفي

وهو عبارة عن شعور واضح بالضغط الناجم عن التعرض للصدمة أو تِبعاً لضعف الأداء في إنجاز مهام الحياة المختلفة الاجتماعية والمهنية.

المعيار الثامن، الإقصاء

أي استبعاد ربط التشويش والاضطراب الحاصلين مع تناول الأدوية أو استخدام العقاقير أو وجود مرض آخر.

تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة

لكي يتم اعتبار التشخيص على أنه اضطراب ما بعد الصدمة، يجب أن يستوفي المصاب التعرض للعوامل التالية، وذلك وفقاً للدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية (DSM-5):

  • المعيار الأول.
  • عَرَض واحد أو أكثر من المعيار الثاني.
  • عَرَض واحد أو أكثر من المعيار الثالث.
  • عَرضَان اثنان أو أكثر من المعيار الرابع.
  • عَرضَان اثنان أو أكثر من المعيار الخامس.
  • المعيـار السادس.
  • المعيار السابع.
  • المعيار الثامن.

التغيرات في المعايير التشخيصية لـ اضطراب ما بعد الصدمة

حدثت بعض التعديلات على النسخة الأخيرة من الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية (DSM) فيما يتعلق بتشخيص اضطراب ما بعد الصدمة:

إذ تشمل التغييرات الأساسية ما يلي:

  • التحديد الأكثر دقة لنوع الأحداث المندرجة ضمن الأحداث الصادمة في المعيار الأول.
  • إضافة عَرَض رابع لأعراض المعيار الأول.
  • زيادة عدد فئات الأعراض من ثلاثة إلى أربعة، وذلك بفصل أعراض (التهرب) ضمن فئة خاصة (المعيار الثالث).
  • زيادة عدد الأعراض من 17 لتصبح 20.
  • تعديل الصياغة لبعض الأعراض في الدليل التشخيصي الرابع.
  • إضافة فئة جديدة للمعايير خاصة بالأطفال ذوو سن السادسة وما دون.
  • إقصاء المصطلحات: “حادّ” و “مزمن”.
  • إضافة مصطلح جديد وهو “الأعراض الانفصالية”.

يكمن التغيير الكبير الموجود في النسخة الخامسة في إزالة اضطراب ما بعد الصدمة من التصنيف ضمن اضطرابات القلق. ثم إعادة إدراجه تحت مسمى” الاضطرابات المتعلقة بالصدمة وعوامل الضغط العصبي”.

عوامل تشخيصية أخرى لـ اضطراب ما بعد الصدمة

بالإضافة إلى استخدام الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية (DSM-5) لتقييم معايير الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة، يرغب الطبيب المختص في استكمال التشخيص بفحص جسدي للتأكد من عدم وجود مشاكل صحية أخرى يمكن أن تساهم في حدوث الأعراض الحاصلة.




من المُرجَّح أن يُوصَى بإجراء استشارة نفسية، والتي تفسح المجال بأن يناقش المصاب بصراحة وانفتاح مع مختص الرعاية الصحية الحوادث التي قادت إلى معاناته هذه الأعراض.

وخلال جلسة التقييم، يمكنك مشاركة مختص الرعاية الصحية  بالعلامات والأعراض التي تمر بها، إضافةً إلى مدتها ومستوى شدتها.

إذ تساعد هذه الكمية من التفاصيل على فهم مختص الرعاية الطبية والصحة العقلية لحاجتك العلاجية للأمر وتزويدك بمستوى الرعاية المناسب.

متى تحتاج لزيارة مختص في الصحة العقلية؟

يمكن للأعراض المنهِكة التي يسببها اضطراب ما بعد الصدمة أن تجعل نمط الحياة والعمل والتفاعل مع الآخرين مشكلة وأمراً صعباً.

في الحقيقة، هناك احتمال كبير بأن من يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة سيغيّرون أسلوب حياتهم، ويتبعون مهارات غير صحيّة للتعامل والتأقلم مع مشكلة الاضطراب.

 مثل تعاطي المواد المخدرة، أو إيذاء النفس كمحاولة للتخفيف أو الهرب من الضغط العصبي والعاطفي الحاصل.

إذا كنت تعاني من الأعراض لمدة تزيد عن شهر، سيكون من الأفضل لك أن تتحدث مع مختص بالأمراض العقلية عن ذلك.

وعندما تراودك الكوابيس أو الذكريات والنظرة السلبية عن ذاتك وعن الآخرين، فمن المُحتَمل أن تشعر أن الأمور مستحيلة الحل.

إن اختيار لمختص مُؤهَّل للمساعدة في حل المشكلة أمرٌ أساسي ويمكن أن يُحدِث فرقاً، ويمكنه أن يعيد الشعور بالأمل لديك من خلال مشاركتك بما تعيشه وتعانيه، وسوف يقوم بمساعدتك على تعلم طرق صحية وفعالة للتأقلم والتعامل مع الأعراض.

تأثير الاعتقاد الخاطئ بترك الأمر ليتم حله مع الزمن

يعتقد البعض أنه مع مرور الزمن ستختفي الأعراض وتتلاشى في النهاية، إذ توجد احتمالية بسيطة بأن يحدث هذا التخفيف الكلي للأعراض المجهِدة لبعض الأشخاص، ولكن لا ينطبق الأمر على الجميع.

من الممكن أن تواجه الأعراض بعد مدة طويلة من حدوث الصدمة، مما يجعل من الصعب إعادة نسب الأعراض لاضطراب ما بعد الصدمة.

حتى لو مرت عدة أشهر أو سنوات على الحدث المؤلم، سيكون من المفيد التحدث إلى مختص مُؤهَّل للحصول على فهم دقيق لما تواجهه من مشاكل، ويجب أن يكون على صلة مع المصادر المناسبة التي يمكن أن تساعدك في استعادة نمط الحياة الأفضل.

حالات أُخرى ذات صلة بـ اضطراب ما بعد الصدمة

على الرغم من أن السمة المميزة لاضطراب ما بعد الصدمة هو المرور بتجربة صادمة، إلا أنه توجد عدة أعراض مؤلمة يمكن أن يعاني منها المصاب باضطراب ما بعد الصدمة، وذلك بعد الحدث الصادم.




إن فهم واستيعاب إمكانية تداخل بعض هذه الأعراض مع حالات نفسية أخرى يجعل التقييم الشامل للتأكد من دقة تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة أمراً مهماً للغاية.

تشمل الحالات النفسية الأخرى التي يمكن أن يتم استكشافها مع مقدم الرعاية الصحية تبعاً للأعراض التي يعانيها الفرد ما يلي:

  • اضطـراب الوسواس القهري.
  • اضطراب الإجهاد الحاد.
  • اضطراب التكيف.
  • اضطـراب الهلع.
  • اضطراب القلق العام.
  • الاكتئاب الحاد.
  • تعاطي المخدرات.
  • اضطراب الأكل.

الخلاصة

نظراً لإمكانية تداخل بعض الأعراض الصادمة والمؤلمة مع حالات نفسية وعقلية أخرى، من المهم التحدث إلى أخصائي أمراض عقلية مؤهَّل للتأكد من حصولك على التشخيص الدقيق وتزويدك بالمصادر المناسبة للعلاج والرعاية.

من المهم للغاية أن تكون منفتحاً، صادقاً وصريحاً مع مقدم الرعاية الصحية فيما يتعلق بالأعراض التي تعانيها.

إذ يشكل الصدق أمراً جوهرياً في مساعدتك على فهم ما تعاني منه للتمهيد لطريق صحيح في شفاء.

اقرأ أيضاً: علاج اضطراب ما بعد الصدمة

المصدر: Symptoms and Diagnosis of PTSD

تدقيق: رهام شلغين

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: