الشخص العدواني السلبي هو الذي يتصرف بعدوانية بشكل غير مباشر بدلاً من أن يكون عدوانياً بشكل مباشر. مثلاً، يمكن أن تظهر آثار السلوك العدواني السلبي على شكل مقاومة طلبات شخص آخر عن طريق المماطلة أو العبوس والتجهم أو التصرف بعناد. سنتعرّف في هذا المقال على العدوانية السلبية وأسباب السلوك العدواني السلبيي وكيفية التعامل مع شخص ذو سلوك عدواني سلبي.
ماذا تعني العدوانية السلبية؟
يميل الشخص العدواني – السلبي إلى أن يترك السيطرة للآخرين بينما يكون الشخص العدواني أكثر مواجهة أو استخداماً للقوة مباشرة. بالتالي، يمارس الشخص العدواني السلبي سيطرته على المواقف بطريقة أقل مباشرة أو وضوحاً.
تُعرّف الجمعية الأمريكية لعلم النفس العدوانية السلبية (passive-aggressiveness) بأنها: “سلوك غير ضار، عرضي أو محايد ظاهرياً ولكنه يكشف عن دافع عدواني غير واع بشكل غير مباشر.”
يمكن أن يتجلى السلوك العدواني السلبي في عدة أشكال، إذا كان شخص عدوانياً سلبياً، فقد:
- “يلاحقك مثل شبح” أو يختفي.
- يقول إطراء غير مباشر “رأيتك تغسل الصحون، لقد تفاجأت”.
- يتبع طريقة المعاملة الصامتة معك.
- يرفض طلبك بشكل غير مباشر (لا ينطق الرفض ولكن لا يفعل ما طلبته).
- يختلق الأعذار بدلاً من قول ما يدور في ذهنه.
- يماطل عندما تطلب منه القيام بأمر ما.
- يستجيب لطلباتك بسخرية أو كيد بارع.
قد يزعم الشخص العدواني السلبي مراراً وتكراراً أنه ليس غاضباً أو أنه بخير حتى لو كان يبدو عليه العكس بشكل واضح. من خلال إنكار ما يشعر به ورفضه الانفتاح عاطفياً، يقطع أي نوع من التواصل ويرفض مناقشة المشكلة.
أمثلة على السلـوك العدوانـي السلبـي
يمكن أن يظهر السلوك العدواني السلبي من خلال عدة طرق مختلفة. مثلاً في المواقف الشخصية، يختلق الشخص العدواني السلبي الأعذار مراراً وتكراراً لتجنب بعض الأشخاص كطريقة للتعبير عن كراهيته أو غضبه تجاه هؤلاء الأفراد.
من الأمثلة على السلوك العدواني السلبي في الحياة الزواجية أن تطلب من زوجك تنظيف الصحون وإخباره بالقيام بالأمر، ولا يفعل ذلك إطلاقاً أو ينظفهم في اللحظة الأخيرة. أو قد يرد بتعليق ساخر مثل “لماذا أقوم بذلك، أحب تنظيف الأطباق من أجلك”.
إذا كان شخص ما عدوانياً سلبياً في العمل، فقد يكون ساخراً مع زملائه في العمل أو لا ينهي عمله في الوقت المحدد. مثال آخر على السلوك العدواني السلبي المرتبط بالعمل هو الاحتفاظ بالمعلومات المهمة كطريقة لمعاقبة الفريق بعدم إعطائهم البيانات اللازمة لاستمرار العمل.
آثار السلوك العدواني السلبي
عندما يكون شخص ما عدوانياً سلبياً، فقد يؤثر ذلك بشكل سيء على علاقاته. نظراً لعدم تعبيره عن مشاعره بشكل علني، فقد لا يفهم الأشخاص الذين يتفاعلون معه سبب المعاملة الصامتة (Silent treatment) معهم أو سبب تجاهل طلباتهم، مما يخلق جواً من التوتر والحيرة حول ما يجري.
بمرور الوقت، يمكن أن تؤثر هذه السلوكيات سلباً على العلاقة وقد يبدأ شريك الشخص السلبي العدواني بالشعور بالتعب من الطلب عدة مرات لفعل شيء ما أو بالاستياء من الردود الساخرة، مما يخلق نوعاً من الشرخ في العلاقة.
بالإضافة إلى ذلك، بسبب عدم انفتاح الشخص الذي يتصرف بعدوانية سلبية نحو ما يشعر به، لا يتم التعامل مع الغضب أو الإحباط الكامنين أبداً ويستمر الوضع في التفاقم بدلاً من حل المشكلات وتجاوزها.
قد يواجه الموظفون الذين يتسمون بالعدوانية السلبية إجراءات تأديبية في العمل أو الفصل حتى. قد يحصل الطالب العدواني السلبي على درجات منخفضة في المدرسة بسبب التغيب عنها أو التأخر في إنجاز الوظائف مما يضر بدرجاته ويؤدي إلى ضعف الأداء الأكاديمي.
أسباب السلوك العدواني السلبي
يمكن أن تؤثر السلوكيات العدوانية السلبية تأثيراً سلبياً على العلاقات في الأسرة و العلاقات الرومانسية وحتى في مكان العمل والمدرسة. فلماذا يشيع السلوك المدمر جداً أحياناً؟ هناك بعض الأشياء التي يمكن أن تساهم في العدوان السلبي:
التنشئة الأسرية قد تكون أحد أسباب السلوك العدواني السلبي
يفترض بعض الباحثين أن السلوك العدواني السلبي يمكن أن ينبع من نشأة الفرد في بيئة لا تشجع على التعبير عن المشاعر أو تمنعه. نتيجة لذلك، قد يشعر الناس أنهم لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم الحقيقية بشكل أكثر انفتاحاً؛ وبدلاً من ذلك، يجدون قنوات للتعبير عن غضبهم أو إحباطهم بشكل سلبي.
الحالة الصحية النفسية قد تكون أحد أسباب السلوك العدواني السلبي
وجدت الأبحاث علاقة بين الاكتئاب والسلوك العدواني السلبي تجاه الذات، إذ يعتقد أن هذا يرجع إلى مزيج من موقف الشخص وكيف يفسر المواقف السلبية (الطريقة التي ينسب بها الأمر)، وكيف يستجيب للإجهاد.
الظروف الموضوعية
قد يكون للموقف أيضاً تأثير على السلوك العدواني السلبي. إذا كنت في مكان لا تعد فيه مظاهر العدوان مقبولة اجتماعياً، كما هو الحال في العمل أو وظيفة من وظائف الأسرة، فقد تكون أكثر ميلاً للرد بطريقة مخفية عندما يغضبك أحدهم.
عدم الارتياح مع المواجهة
أن تكون حازماً ومنفتحاً عاطفياً ليس بالأمر السهل دائماً. عندما يصعب الدفاع عن نفسك أو يكون الأمر مخيفاً، يبدو العدوان السلبي طريقة أسهل للتعامل مع مشاعرك دون الاضطرار إلى مواجهة مصدر غضبك.
بإيجاز، تتعدد أسباب السلوك العدواني السلبي،يمكن أن تكون السلوكيات العدوانية السلبية نتيجة التنشئة أو حالة صحية نفسية أو الموقف أو عدم الارتياح لطريقة المواجهة.
كيفية التعرف على السلـوك العدوانـي السلبـي
إذا كان هذا النوع من السلوك مخفياً وحذقاً غالباً، كيف تعرف إذا كان شخص ما يتصرف معك بعدوانية سلبية؟ فيما يلي بعض العلامات التي يجب البحث عنها:
- أن تطلب منه فعل شيء ما ثم يوافق على ذلك، لكنه ينسحب ولا يقوم به في النهاية، أو يرد بشكل ساخر.
- يتبع المعاملة الصامتة دون سبب واضح، ولا يخبرك عما يزعجه عندما تحاول التحدث بالأمر.
- يبدو عليه الغضب، لكن عندما تسأله ما الذي يضايقه ، يجيب: “أنا بخير” أو “لا شيء يزعجني”.
- العبوس أو التنهد بصوت عالٍ أو إظهار سلوكيات تدل على الانزعاج، مثل سلوكيات إغلاق أبواب الخزانة بقوة، ولا يعبر عن تعاسته بشكل لفظي.
- الشكوى من مواقف تزعجه مع أشخاص آخرين كوسيلة غير مباشرة للقول أنه حزين أو تعيس عندما تحدث نفس المواقف معك.
- يبدو أنه “يسجل الدرجات” عندما يتحدث عن تقديم وفعل العديد من الأشياء للآخرين دون مقابل.
كيفية التعامل مع السلوك العدواني السلبي
ماذا يمكنك أن تفعل عندما تواجه صديقاً أو زميلاً في العمل أو شريكاً عاطفياً ينخرط دائماً بالعدوان السلبي؟ الخطوة الأولى هي التعرف على علامات مثل هذا السلوك. التملص، الإطراءات المبطنة (لها دلالات أخرى)، التسويف (المماطلة)، الانسحاب ورفض التواصل كلها سلوكيات عدوانية سلبية.
عندما يبدأ الشخص الآخر في التصرف بهذه الطريقة، حاول إخفاء غضبك والإشارة إلى مشاعر الشخص الآخر بدون إطلاق الأحكام، لكن بواقعية.
إذا كنت تتعامل مع طفل مستاء بشكل واضح من القيام بالأعمال المنزلية، يمكنك أن تقول: “يبدو أنك غاضب مني لأني طلبت منك تنظيف غرفتك”. قد يسهّل التعامل مع السلوكيات دون توجيه أصابع الاتهام أو إلقاء اللوم عليه الانفتاح، كما أنه يتيح له معرفة أنك تدرك العدوانية السلبية لديه فلن يتجاهلها دون حل الخلاف.
أخيراً، امنح الشخص ذو السلوك العدواني السلبي الفرصة للعمل على ما يشعر به، وأعطه المساحة التي يحتاج، لمعرفة مشاعره والتعامل معها وفقاً لذلك.
التعرف على السلـوكيات العدوانيـة السلبيـة لديك
قد يكون من الأسهل أحياناً التعرف على العدوانية السلبية لدى الآخرين أكثر من رؤية أنماط السلوك هذه في نفسك. إذا كنت تعتقد أنك قد تكون شخصاً عدوانياً سلبياً، عندها تراجع خطوة إلى الوراء وانظر إلى سلوكك بعين محايدة. يمكن أن تساعد هذه الأسئلة:
هَل تجد نفسك أحياناً عابساً عندما لا تكون سعيداً بقضاء الوقت مع شخص ما؟
هـل تتجنب الأشخاص الذين تنزعج منهم؟
هَل توقفت يوماً عن التحدث إلى الناس عندما تكون غاضباً منهم؟
هـل تؤجل فعل الأشياء كوسيلة لمعاقبة الآخرين؟
هل تستخدم السخرية لتجنب الانخراط في محادثات هادفة؟
إذا شعرت أن سلوكياتك العدوانية السلبية تضر بعلاقاتك، فهناك خطوات يمكنك اتخاذها لتغيير طريقة علاقتك بالآخرين:
تنمية وعيك الذاتي
تنبع الأفعال العدوانية السلبية أحياناً من عدم وجود فهم جيد لما تشعر به. لذا، ابدأ في الانتباه إلى ما يحدث معك من الناحية العاطفية خلال التفاعل مع الأشخاص والمواقف المختلفة.
امنح نفسك الوقت الكافي لإجراء تغييرات
يعد التعرف على سلوكياتك أول خطوة جيدة نحو التغيير، لكن تغيير أساليبك واستجابتك قد يستغرق بعض الوقت. تحلّ بالصبر مع نفسك خلال عملك على تقليل ردات الفعل العدوانية السلبية.
تدرب على التعبير عن نفسك
يعد فهم مشاعرك وتعلم التعبير عنها بشكل مناسب خطوة مهمة نحو إنهاء السلوكيات العدوانية السلبية. النزاع جزء لا مفر منه من الحياة؛ لكن معرفة كيفية تأكيد مشاعرك بشكل فعال يمكن أن يؤدي إلى حلول أفضل.
خلاصة
يمكن أن يكون السلوك العدواني السلبي مدمراً؛ ومع ذلك، قد نظهر جميعاً رد فعل بهذه الطريقة أحياناً. من خلال فهم أسباب العدوانية السلبية وكيفية التعامل مع السلوك العدواني السلبي، لا يمكنك معالجة هذه السلوكيات مع الأشخاص في حياتك فحسب ولكن أيضاً تقليل الضرر المحتمل ضمن علاقاتك الشخصية.
اقرأ أيضاً: تحليل السلوك في علم النفس، تاريخه، أنواعه، تقنياته وفوائده
اقـرأ أيضاً: مراحل تغيير السلوك الستة، كيف تبدأ بتغيير سلوكك؟
اقرأ أيضاً: السلوك الداخلي السلبي عند الأطفال، أمثلة عنه وعوامل الخطر
المصدر:? What Is Passive-Aggressive Behavior
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم