كيفية التعامل مع طفل يجيب بشكل فظ

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

رد الأطفال بشكل فظ عليك قد يكون مزعجاً، وتشعر على الفور وكأن كرة من النار تندفع نحو قلبكَ، ويأتيك صوتٌ في رأسك يقول بأن طفلك لا يستطيع أن يتحدث إليك بهذه الطريقة. إذا كنت بحاجة لمعرفة كيف تتعامل مع طفل يجيب بشكل فظ (أو ما يعرف بالحديث العكسي) تابع المقال.

هل لديك طفل يجيب بشكل فظ؟

“أنت لا تستطيع أن تكلمني بهذه الطريقة! أنا أباك يجب أن تظهر لي الاحترام“. لعلّ هذه العبارة هي أول ما يتبادر إلى ذهنك عند تعاملك مع طفل يجيب بشكل فظ.

لكن دعنا أن نتخيل السيناريو الآتي. لنقفز للأمام، بعد عشرين عاماً، تخرجَ ستيف مؤخراً من الجامعة وبدأ وظيفة جديدة، سار كل شيء على ما يرام، وكان سعيداً بحياته الجديدة، باستثناء أنه يفتقر لأساليب النقاش حول خلافه مع مديره.

حاول ستيف جاهداً تقديم فكرة جديدة لرئيسه الذي ظل يرفضها، وفي أحد الأيام شعر ستيف بإحباطٍ شديد وثار غضبه في المكتب وهو يصرخ في وجه مديره لأنه رفض فكرته مرة أخرى.

وفي مكان عمل آخر، عُيِّنت ماري، التي كانت هي أيضاً خريجة جديدة وكُلّفت بعدة مشاريع؛ وقد أنجزتْهم جميعاً وبشكلٍ جيدٍ أيضاً وكلفها مديرها أداء مشاريع أكثر أي أصبحت تزداد المسؤولية باستمرار.

بدا ذلك أمراً جيداً إلا أن راتبها ظلَّ راكداً وأقل من معاشِ نظرائها الذكور. وظلت تحصل على أكثر المشاريع مللاً وصعوبةً والتي لم يرغب أي شخص آخر القيام بها.

بالإضافة إلى ذلك، رغم كلمات التقدير التي تلقتها من الإدارة، لم تحصل على ترقية ومع ذلك لم تقل شيئاً على الرغم من أنها كانت بائسة.

ما القواسم المشتركة بين هذين الشخصين؟

حسناً، كلاهما خريج جديد من الجامعة. ماذا أيضاً..؟ لم يكن مسموحاً لهما بالحديث العكسي (أو ما قد نسميه هنا الرد بشكل فظ أو وقاحة) عندما كانوا صغار.

بالنسبة لستيف، لم تسنح الفرصة أبداً لتعلمهِ كيفية الاختلاف مع الآخرين باحترام، لأن تفوّهه بأي إجابة عند تعبيره عن رأيه كان يعد رداً فظاً ولم يسمح له أبداً بالتعبير عن عدم موافقته.

كان لديه أيضاً الكثير من الغضب المكبوت بسبب شعوره سابقاً أنَّ لم يسمَعه أحد قَط. نتيجة لذلك انفجر في وجهِ مديره عندما كان محبطاً في العمل ولم يعلم كيف يعالج الخلاف.

أما ماري فلم تسنح لها الفرصة لتعلّم الحزم ولم يسمح لها بالحديث بحزم وثقة مع البالغين. وأي محاولة لتكون حازمة كان ينظر إليها على أنها بمثابة الرد الفظ (الحديث العكسي).

عندما يجيب الطفل بوقاحة، يسهل على الوالدين أن يركِّزوا اهتمامهم على طريقة كلامه لا على ما يقوله.

نحن كآباء عند شعورنا بعدم الاحترام، نقوم برد الفعل كمحاولة للقضاءِ على مصدر المشاعر التي جُرِحت. وبهذا فإننا نتخلى عن الفرصة لتعليم أطفالنا المهارات القيمة لأننا نقوم بالتركيز فقط على مشاعرنا الخاصة.

كيفية التعامل مع طفل يجيب بشكل فظ

إن الاعتقاد أنه لا ينبغي السماح للأطفال بالرد على الآباء هو موقف استبدادي مرتبطٌ بمشاكل السلوك أكثر لدى الأطفال.

هناك طريقة أفضل للتعامل مع الرد الفظ (الحديث العكسي) والسلوك الفظ. إذ إن السماح للأطفال بالتعبير عن الرفض أو عدم القبول له في الواقع العديد من المزايا التي تساهم في إبطال السلوك السلبي. 

أولاً: علِّمهم كيفية التعبير عن اختلافهم مع الآخرين باحترام

خذ نفساً عميقاً لتهدئ من روعك عند سماعك إجابة طفلك الفظة. وتذكر أن السماح للأطفال بالحديث وإن كان بشكلٍ فظ يعني بأن يكون لهم صوت ورأي. لكن بالطبع لا يجب عليك تشجيع السلوكيات الوقحة أو الإساءة اللفظية.

مع ذلك، لا يجب على الآباء أيضاً أن ينظروا لكلِ شيء على أنه رد فظ أو حديث عكسي. ليست كل التعليقات الفظة ناتجة عن الاختبار المحدود أو السعي للفت الانتباه بشكل سيء أو عدم الانضباط.

إنّ الأطفال وخاصة الأصغر سناً ليس لديهم مهارات تنظيم عاطفي جيدة. لذلك عندما يعترضون على أمرٍ مهم في نظرهم، من الطبيعي أن تتغلب مشاعرهم القوية على تفكيرهم.

معظم الأولاد لا يتعمدون عدم الاحترام، بل يتكلمون بعواطفهم ولا يعرفون بعد كيفية التحكم بها. إذا قمنا بالتركيزِ على اللهجة غير المحترمة لوحدها وتجاهلنا الرسالة التي خلفها، فلن نتمكن من مساعدتهم أو سدّ حاجاتهم. 

وإذا رفضنا بصرامة أي ّ نبرة سلبية، فلن يتمكن الأولاد من التدرب على إيصال رسائلهم بطريقة محترمة. تذكر أن التدريب يعني أنهم سيرتكبون أخطاء ولا تتوقع من طفلك فهم الأمر بشكلٍ صحيح من المرة الأولى. 

الخطوة الأولى هي تقديم التوجيه وفرصة لممارسة ماتعلمه. علينا أن نحافظ على هدوئنا وأن نشير إلى الإساءات اللفظية باحترام وأن نطلب منهم أن يكرروا رسالتهم بطريقة مؤدبة ومناسبة.

فإذا أشرنا لهم بهدوء الاختيار غير اللائق للكلمات وأظهرنا لهم الطريقة المناسبة للتعبير عن حاجاتهم، فمن المرجح أكثر أن يجيبوا بالطريقة الصحيحة في المرة القادمة.

يساهم التدريب في تقديم الأداء الأفضل وإذا لم تسنح لهم فرصة التدرب، لن يتعلموا وقد يكبروا ليصبحوا ستيف آخر؛ لا يمكنه الاعتراض بطريقة سلمية إلى أن يقوم بتخريب حياته المهنية. في النهاية أنت لا تريد ذلك لطفلك.

ثانياً: ساعدهم أن يتمرنوا على التصرف بحزم

السلوك غير المحترم لا يجب أن يؤخذ دائماً على أنه قلة احترام، قد يبدو الأطفال فظّين في خِضّم اللحظة ولكن من السهل إصلاح هذا بالكثير من الممارسة (والصبر).

أما فيما يتعلق بالقلق، فليس من السهل علاجه ومن المهم للأطفال أن يتعلموا أن يكونوا حازمين وألّا يخشوا التحدث، إذ أن الحزم أمر بالغ الأهمية بشكل خاص للفتيات اللواتي كثيراً ما يقالُ لهن أن يكنّ “لطيفاتٍ”.

مثل ماري، العديد من النساء لا يستطعن التحدث عن آرائهنّ أو المطالبة بحقهنّ.

النبرة المحترمة والتواصل الحازم والمحترم هو تقنية بسيطة تتطلب الممارسة حتى يتمكن الأطفال من تأكيد أنفسهم بكفاءة و بطريقة بناءة. لا تدع طفلتك تصبح مثل ماري.

ثالثاً: كن نموذجاً لاحترام الآخرين

عند السماح لطفلك بأن يتكلم وتصغي لآرائهِ عندها أنت تُعد مثالاً يُحتذى به عن احترام الآخرين.

تقديم قدوة جيدة هي أفضل طريقة لتعليم الأطفال الاحترام، فالعقاب والصراخ لن يُلهِمَ طفلك لأداء سلوك جيد. 

رابعاً: علِّموا أطفالكم مهارات الحياة

السماح لولدك بأن يتفوه بكلامٍ معاكسٍ (غير لائق) يعني السماح له بالتفاهم معك، أي يدرب التفكير المنطقي الطفل على التفكير النقدي وحل المشكلات والإبداع ومهارات التفاوض وهي مهارة مهمة ستساعد ولدك على التقدم في حياته.

وإذا كنت غاضباً أو منزعجاً جداً بحيث لا تستطيع ان تكن قدوة جيدة، فابتعد عن المكان لفترة وجيزة لتهدأ، وبهذا تحاكي مهارات التأقلم أمام طفلك أيضاً. وتذكر التحلي بالهدوء والالتزام قبل خوض النقاشِ مجدداً مع طفلكَ.

خامساً: تدريب طفلك على تنظيم عواطفه

في بعض الأحيان قد يتجاوز الأطفال الحدود المسموحة وقد يرغبون في الدخول في صراعات على السلطة، هذا يحدث عادةً في حالة الغضب.

يحدث الغضب عندما يشعر الناس وحتى الأطفال أو البالغين بأن هناك شيء خاطئ أو غير عادل. عندما يتغلب الغضب على الطفل، يتم إفراز هرمون الإجهاد وينقطع الدماغ المفكر عن الاتصال وتخرج الكلمات بطرق غير مقبولة.

امتلاك دماغ تفكيري فعّال أمر أساسي لمنع نوبات الغضب وتنظيم العواطف، فاستخدام التفكير الاستقرائي لتأديب طفلك قد يساعده على التفكير في مشكلة ما وتنشيط دماغه الفكري.

سادساً: إدراك أن السلطة ليست دائماً على حق

كما أن تعليم طفلك «إطاعة السلطة دائماً وعدم التفوّه بالإجابة أي عدم التعبير عن الرأي أبداً» هو تدريب الولد على قبول الإساءة إليه.

لا يخلوا الآباء من ارتكاب الأخطاء مثلاً “أنا أرتكب الأخطاء طوال الوقت وأنا أُفضّل أن يعرف طفلي الصواب من الخطأ في أي ظرف على أن يتفق معي ويتبعني طوال الوقت مثل الخروف”.

السلطة الأبوية ليست دائماً على حق، إنهم بشر والبشر يخطئون كما أن بعض السلطات تسيء استخدام سلطتها وعندما يحدث ذلك (أكثر مما تظن)، سوف يتحلى ولدك بالثقة لرفض الإساءة.

إذا تعلق الآباء بكونهم “السلطة الأبوية” بدلاً من التركيز على نمذجة السلوكيات الإيجابية، فمن المحتمل أن يكون لديهم قضايا غير محلولة قد تحتاج المساعدة المهنية.

سابعاً: بناء علاقة قوية بين الآباء والأطفال

عندما تعامل ولدك كإنسان عاقل لا تابع، أنت تبني علاقة وثيقة به، وسوف يشعرُ طفلك بأنه مسموع وفي نهاية المطاف سوف يتعلم أن يثق بك ويستمعَ إليك ويتوقف عن التفوّه بردٍ فظّ.

عندما لا تركز على العواقب المترتبة على الردّ الفظ لطفلك، بل العمل على تشجيعه على التعلم عندها يتحسن سلوك كلٍّ منكما وتعيش في بيتٍ أكثرَ سلاماَ وضمن عائلةٍ أكثر سعادة.

الخلاصة

صحيح أن التربية صعبة وغالباً مُرهِقة وأنه عند شعور الآباء بالتعب والاستياء من السهل عليهم نسيان تأثير سلوكهم أيضاً على رد فعل أطفالهم. 

قول العبارة الأبوية الشهيرة: “لأنني قلت ذلك”، كإجابة لكل خلاف هو اختصارٌ عن قيامك بالتربية ولن يعود بالنفع على طفلك.

الآن وبعد أن تعلمت كيف تتعامل مع طفل يجيب بشكل فظ، يجب أن تسمح لطفلك بالتحدث وصوتهُ مسموع (الحرية في التعبير) وألا يتفق معك على كل شيء هما طريقتان من طرق تعليمه أن يكون قائداً لا تابعاً أعمى.

اقرأ أيضاً: طفلك يجادلك في كل شيء تقوله؟ كيف تتعامل معه؟

اقرأ أيضاً: كيف تجعل طفلك يصغي إليك؟ إليك خمس حيل ونصائح مفيدة

اقرأ أيضاً: كيفية تأديب الطفل الغاضب الذي لا يحترم الآخرين ونصائح للوالدين

المصدر: How To Deal With Kids Talking Back

تدقيق: هبة محمد

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: