حسب بعض التقديرات، تحدُث متلازمة الانقطاع عن مضادات الاكتئاب عند حوالي 20% من الناس ممن تناولوا مضادات الاكتئاب بانتظام لمدة شهرٍ على الأقل و توقفوا عن تناولها فجأةً. أو خفّضوا الجرعة المتناولة بشكلٍ كبير.
يمكن أن يكون مضاد الاكتئاب، بالنسبة لشخصٍ يعاني من اكتئابٍ شديد، مُنقذا للحياة حقاً، مجازياً وحرفياً. ولكن قد يأتي وقتٌ يشعر فيه هذا الشخص بتحسّنٍ ما وبأنه مستعدٌ لتجربة الحياة بدونه.
إن كان هذا يصف حالتك، فاحرص على التحدث إلى طبيبك أولاً. لماذا؟ لأنه، وبالإضافة إلى الحاجة لمراقبة أيّ تكرارٍ للأعراض. فإن مضادات الاكتئاب يمكن تسبب أعراضَ متلازمة الانقطاع عن مضادات الاكتئاب (Antidepressant Discontinuation Syndrome). وذلك إذا كانت هناك تقلباتٌ كبيرة في كمية الدواء في نظامك العلاجي، أو إذا توقفت فجأة عن تناولها تماما.
على الرغم من أن هذه الأعراض لا تُهدد الحياة، إلا أنها قد تكون غير مريحة الى حدّ بعيد. بإمكان طبيبك أن يضع لك برنامجاً للتخفيف التدريجي من تناول الدواء بغية المساعدة على تقليل أو تجنّب الإصابة بمتلازمة الانقطاع.
أسباب متلازمة الانقطاع عن مضادات الاكتئاب
يبدو أن بعض أنواع مضادات الاكتئاب من المرجح أن تُسبب هذه المتلازمة أكثر من غيرها. ولكنك قد تصاب بها جراء تناول أيّ نوع.
على الرغم من أن التوقف عن تناول مضاد للاكتئاب ينطوي على نوعٍ من الانسحاب. إلا أن هذا لا يعني أنك مدمن على تناول مضاد الاكتئاب هذا.
يسبب الإدمان على مادةٍ مثل المخدرات أو الكحول تغييرات في الدماغ تؤدي إلى الرغبة الشديدة في تناولها وزيادة كمية الجرعة، رغم أنها غالباً ما تسبب نتائج سلبية.
لا تسبب مضادات الاكتئاب هذه التغيرات طويلة الأمد في الدماغ، كما أنها لا تؤدي إلى الميل الشديد لتناولها أو إلى الإدمان.
أعراض متلازمة الانقطاع عن مضادات الاكتئاب
تكون أعراض المتلازمة خفيفة غالباً. وتبدأ عادةً في غضون يومين إلى أربعة أيام، وتستمر لمدة أسبوع أو أسبوعين فقط، وتشمل ما يلي:
- أعراض تشبه الإنفلونزا، مثل الإرهاق ،التعرق، الدوار، الصداع والشعور بالكسل
- الأرق، الذي قد يرافقه كوابيس أو أحلام شبيهة بالواقع
- الغثيان، الشعور بالإعياء واحتمال التقيؤ
- مشاكل في التوازن، مثل الشعور بدوّار ،الإحساس بالدوران
- الاضطرابات الحسية، مثل الوخز (التنميل) أو الحرق أو الشعور وكأنك تعرضت لصعقة
- المشاكل الانفعالية، مثل سرعة الهياج، العصبية والقلق
مقارنة بين أعراض متلازمة الانقطاع عن مضادات الاكتئاب والاكتئاب/الانتكاس
بالنسبة لبعض الناس، قد تؤدي أعراض التوقّف عن مضادات الاكتئاب إلى الشعور بأن اكتئابهم أو قلقهم قد عاد. في الواقع، إن إيقاف مضادات الاكتئاب قد يزيد من خطر الانتكاس. لهذا، من المهم التمييز بين متلازمة الانقطاع والانتكاس.
يكمن الاختلاف الأكبر بين الاثنين في أن أعراض الانقطاع تبدأ عادةً في غضون أيامٍ قليلة بعد إيقاف مضادات الاكتئاب، في حين أن الانتكاس يستغرق عادةً وقتاً أطول لحدوثه وتتطور الأعراض فيه تدريجياً.
متلازمة الانقطاع عن مضادات الاكتئاب
- تبدأ الأعراض في غضون بضعة أيام
- الدوخة، الغثيان، الصداع، أو أوجاع في الجسم
- تختفي الأعراض خلال 1-3 أسابيع
الاكتئاب/انتكاس القلق
- تتطور الأعراض تدريجيا بمرور الوقت
- لا تظهر أعراض جسدية حادة عادة
- تستمر الأعراض في التفاقم مع مرور الوقت
هناك فرقٌ آخر بين الاثنين وهو أن متلازمة الانقطاع غالباً ما تشمل أعراضاً جسدية لا ترتبط بالاكتئاب أو القلق، مثل الدوار أو الغثيان أو الأعراض الشبيهة بالإنفلونزا.
في حالة متلازمة الانقطاع، تختفي الأعراض في نهاية المطاف، في غضون 1-3 أسابيع عادةً. ولكن في حالة الانتكاس، فلن تزول الأعراض بل قد تزداد سوءاً.
بالإضافة إلى ذلك، إن تناولت مضاداً للاكتئاب مجدداً، فسوف تزول أعراض الانقطاع سريعاً، لكنّ الكآبة أو القلق يستغرقان وقتاً أطول للاستجابة.
علاج متلازمة الانقطاع عن مضادات الاكتئاب
إليك بعض النصائح التي تساعدك على تجنب متلازمة الانقطاع و الشفاء إن تعرضتَ لها:
الالتزام بمواعيد تناول العقار الدوائي
يتخلص الجسم من بعض مضادات الاكتئاب، مثل إفيكسور (فنلافاكسين) (Effexor / Venlafaxine) بسرعة وبالتالي فهي أكثر عرضةً للتسبب في أعراض الانسحاب، ويمكن أن يحدث هذا الأمر حتى عند التأخر قليلاً عن تناول الجرعة المنتظمة.
إن حدث و نسيت تناول جرعتك، فلا بأس في أن تمضي و تتناولها بمجرد إدراكك بأنك نسيتها. ولكن إن كان موعد الجرعة التالية قريباً؛ في هذه الحالة، انتظر حتى ذلك الحين وعُد إلى مسار تناول الدواء المعتاد.
فكّر في تغيير الدواء
لنقل أنك تتناول أحد المثبطات الانتقائية لإعادة امتصاص السيروتونين (SSRI)، لكنه ليس فعالاً بالنسبة لك، أو أنه يسبب تأثيراتٍ جانبية لا يمكنك التعايش معها. بدلاً من إيقاف تناول هذا النوع من الدواء؛ وبالتالي التسبب في حدوث هذه المتلازمة، تحدّث إلى طبيبك بشأن تغيير نوع الدواء، خاصةً إذا كنت لا تتناوله منذ فترة طويلة.
على سبيل المثال، بروزاك (فلوكسيتين) (Prozac / fluoxetine)، لديه نصفُ عمرٍ طويلٌ جداً، وهذا يعني أنه بعد التوقف عن تناوله، فإن الجسم يتخلص منه ببطءٍ أكثر من معظم مثبطات إعادة الامتصاص. لهذا السبب، فإن الإصابة بأعراض انسحابٍ شديدة مع البروزاك غير محتملة.
تذكّر أنه عندما تناقش أنت وطبيبك تجربةَ أي مضاد للاكتئاب أو إذا كنت تفكر في تغيير مضاد الاكتئاب الذي تتناوله، ينبغي أن تكون قادراً على الانتقال مباشرةً من دوائك الحالي إلى مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية الأخرى دون التسبب في هذه المتلازمة، ما يعني أن ترك الدواء الأول فترة من الزمن قبل البدء بالدواء الثاني ليس له داعٍ.
ينطبق الشيء نفسه على التغيير من مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية إلى مثبط انتقائي لإعادة امتصاص السيروتونين – نورابينفرين (SNRI)، مثل إيفيكسور (فنلافاكسين) (Effexor / venlafaxine).
في الواقع، لابد أن تكون قادراً بسهولة على الانتقال مباشرة من البروزاك (فلوكستين) إلى أي مضاد اكتئاب آخر باستثناء واحدٍ من فئة مثبطات الأكسيداز أحادي الأمين (monoamine oxidase inhibitors/MAOIs) .
إن هذه الأدوية تحمل قدراً أكبر من المخاوف فيما يخص سلامة المريض، وربما تترك تأثيرات جانبية أكثر من العقاقير الأحدث، لذا فمن غير المرجح أن يعطيك الطبيب واحداً من هذه العقاقير ما لم تكن التجارب على مضادات الاكتئاب الأخرى فعّالة بالقدر الكافي.
قلّل من كمية الدواء ببطء
إذا قررت أنت والطبيب أن الوقت قد حان للتوقف عن تناول مضاد الاكتئاب، فمن الممكن أن تتجنبوا متلازمة التوقف كلياً. حتى لو كنت ترغب في ذلك، فالمفتاح هو ألا تتوقف على حين غَرّة، بل أن تخفف جرعة الدواء شيئاً فشيئاً.
يعني التخفيف خفضَ الجرعة تدريجياً خلال فترة طويلة من الزمن، وتعتمد طريقة القيام بذلك على مدة تعاطي الدواء في السابق، ومقدار الجرعة (إذا كنت تتناول جرعةً منخفضة فسوف تتمكن من خفضها بسرعةٍ أكبر)، وعلى أي عوامل أخرى قد يضعها طبيبك في الاعتبار.
ضع تناول عقار بروزاك في عين الاعتبار
من الممكن أن تعاني في بعض الأحيان من أعراض متلازمة الانقطاع، حتى ولو كان الانقطاع متعمّداً وبشكل بطيء. من بين الطرق الممكنة للشعور بالراحة هو تناول جرعة من عقار بروزاك (فلوكستين) إلى جانب أدويةٍ مثل زولفت (سيرترالين) (Zoloft /sertraline) وليكسابرو (إسيتالوبرام) (Lexapro/ecitalopram) والتي تحاول التخفيف منها.
ستزول الأعراض على الأرجح في غضون ساعات قليلة و بفضل نصف عمره الطويل، سوف يساعدك عقار بروزاك على التخفيف من الدواء؛ اسأل طبيبك عن هذا الخيار إذا كانت الأعراض التي تعانيها تسبب لك الانزعاج.
إذا كنت تتناول جرعةً عاليةً جداً من باكسيل (باروكسيتين) أو إفيكسور (فنلافاكسين)، فقد تحتاج إلى تناول جرعات متكررة من بروزاك.
إن دواء الحساسية بينادريل (ديفينهيدرامين) (Benadryl / diphenhydramine) مُتاحٌ دون وصفة طبية و اعتُبر دواءً مساعدا في إيقاف الأعراض أيضاً، على الرغم من أن له تأثير منوّم.
حدّد موعداً لمتابعة حالتك
بعد أن تتوقف عن تناول مضاد الاكتئاب، ينبغي أن تأخذ موعداً مع طبيبك كي يتمكن من تقييم صحتك النفسية والتأكد من زوال أي أعراضِ انقطاع.
قد تكون المتابعة المتكررة ضرورية في بداية المرحلة الانتقالية للتأكد من عدم الانتكاس. لذلك تأكد أن تحافظ على مواعيدك وأخبر الطبيب إذا كنت تظن أن الكآبة أو القلق قد عاد إليك.
ابقَ على نشاطٍ دائم
إذا لم تكن تمارس التمارين الرياضية بانتظام، فحدِّد البداية لذلك عندما تتوقف عن تناول مضاد الاكتئاب. قد يكون الأمر صعباً، لأن الاكتئاب يستنزف دوافعك بسهولة، لكنه ممكنٌ و سيشعرك بالتحسن.
ابدأ بخطواتٍ صغيرة وببطء وحافظ على منطقيّة توقعاتك. على سبيل المثال، فكّر في الالتزام بالسير 20 دقيقة يومين في الأسبوع. قم بهذا الأمر بشكل جماعي واستعن برفيقٍ ليساعدك على تحمّل المسؤولية.
إذا كنت تمارس الرياضة دائماً، فاستمر في ذلك على الأقل ثلاث مرات في الأسبوع.
إحدى طرق تحسين مزاجك هي إطلاق هرمون الأندورفين الذي يعزز مشاعر الراحة ويوفر لك منفذاً للتخفيف من التوتر.
كل ذلك يمكن أن يساعد على كبح الاكتئاب عندما تخفّف جرعة مضاد الاكتئاب وتتوقف عن أخذه في نهاية المطاف.
اقرأ أيضاً: ما هي متلازمة انعدام الحافز؟ وكيف نفرقها عن الاكتئاب؟
المصدر: Antidepressant Discontinuation Syndrome
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم