مثبتات المزاج (mood stabilizers) هي أدوية نفسية تباع في الصيدليات وتوصف للمساعدة في ضبط تقلبات المزاج المرافقة لاضطرابات ثنائية القطب، إذ تسيطر على حدة ارتفاع وانخفاض المزاج التي تصيب الفرد عن طريق استعادة التوازن الكيميائي في الدماغ.
يشيع استخدام مثبتات المزاج لمعالجة المصابين باضطراب ثنائي القطب. لكن، يمكن استخدامها أيضاً لمعالجة الاضطراب الفصامي العاطفي (schizoaffective disorder)، اضطراب الشخصية الحدية (BPD) وفي بعض الأحيان لمعالجة الاكتئاب.
أنواع مثبتات المزاج
توجد حالياً ثلاثة أنواع رئيسية من أدوية مثبتات المزاج والتي تستخدم في العديد من الحالات وهي الليثيوم، مضادات الاختلاج ومضادات الذهان.
الليثيوم (Lithium)
يتوافر الليثيوم في الطبيعة، وهو العنصر الثالث في الجدول الدوري. اكتُشف بدايةً في المناجم الأسترالية والتشيلية عام 1817، لكن لم تُعرف خصائصه المثبتة للمزاج حتى أواخر القرن ولم توافق إدارة الغذاء والدواء (FDA) عليه حتى عام 1970.
لم تُعرف بعد الآلية الدقيقة لعمل الليثيوم كمثبت للمزاج بشكل كامل، لكن أشارت الأبحاث إلى أنه يتفاعل مع عدة نواقل عصبية ومواد كيميائية ومستقبلات عصبية في خلايا الدماغ ولهذا تأثير كلي على خفض النشاط غير الطبيعي في الدماغ.
أكثر التسميات التجارية لـ الليثيوم هي إيسكاليث (Eskalith)، ليثوبيد (Lithobid) وليثونات (Lithonate). كما تنطوي الآثار الجانبية الشائعة لليثيوم على زيادة الشعور بالعطش والحاجة إلى التبول، آلام الرأس، الغثيان، الجفاف، الإسهال، النعاس أو الدوخة وتغيرات في الشهية، لكن مع الاستعمال المتواصل قد تنخفض حدة بعض هذه الأعراض.
مضادات الاختلاج (anticonvulsants)
تستخدم مضادات اختلاج معينة والتي يشار إليها بالأدوية المضادة للصرع، كمثبتات مزاج. على الرغم من أنها كانت تستخدم في البداية لعلاج نوبات الصرع، تبين أنها مفيدة في علاج اضطراب ثنائي القطب نظراً لقدرتها على تهدئة فرط النشاط في الدماغ.
وتشمل مضادات الاختلاج الأكثر شيوعاً والتي تستخدم كمثبتات مزاج كلاً من ديباكوت (حمض الفالبوريك)، لاميكتال (لاموتريجين)، تجريتول وإيكويترو (كاربامازيبين).
في حين أن الديباكوت والتجريتول مفيدان على وجه الخصوص في علاج الهوس، تبين أن اللاميكتال أكثر فعالية في علاج ومنع الأعراض الاكتئابية في الاضطراب ثنائي القطب. ومع ذلك اتضح أنها مفيدة جداً في تثبيت المزاج عموماُ.
تختلف الآثار الجانبية لمضادات الاختلاج اعتماداً على الدواء المحدد. قد تشمل الآثار الجانبية الشائعة آلام الرأس، جفاف الفم، الدوخة والنعاس، الإرهاق وزيادة الوزن. ومع ذلك، قد تقل هذه الآثار أيضاً بمرور الوقت ومع الاستخدام المستمر.
مضادات الذهان (Antipsychotics)
بالنسبة لأولئك الذين يعانون من الاضطراب ثنائي القطب، يمكن أن تؤدي النوبات الحادة من الهوس إلى الذهان عند حوالي 53% منهم. لذلك توصف مضادات الذهان أحياناً لعلاج الهوس بشكل مستعجل. بالإضافة إلى ذلك، فإن الفئة الأحدث من مضادات الذهان “غير النمطية” تحمل أيضاً خصائص مثبتة للمزاج خاصة بها.
أكثر مضادات الذهان المستخدمة كمثبتات للمزاج شيوعاً هي:
- أبيليفاي ( أريبيبرازول)
- جيودون (زيبرازيدون)
- ريسبيردال (ريسبريدون)
- سيروكويل (غويتيابين)
- زيبريكسا (أولانزيبين)
- لاتودا (لورازيدون)
على الرغم من أن مضادات الذهان غير النمطية أقل احتمالاً بالتسبب في الآثار الجانبية خارج الهرمية مقارنة بالجيل الأقدم من مضادات الذهان، لها بعض الآثار الجانبية مثل النعاس، تشوش الرؤية، زيادة الوزن ومشاكل في الاستقلاب.
آلية عمل مثبتات المزاج
لم يُعرف بدقة كيف تعمل هذه الأدوية على تثبيت مزاج الفرد. اتضح أنها تؤثر على وظائف متنوعة ضمن الخلايا العصبية في الدماغ، ويشمل ذلك تعديل الإنزيمات والتأثير على القنوات الأيونية، أغشية الأعصاب، البروتينات والمستقبلات.
من المهم الانتباه إلى أن العلاج بالصدمات الكهربائية (ECT) والذي يعمل على تحفيز نوبة صرع خفيفة في الدماغ تحت التخدير ويشابه بتأثيره مثبتات المزاج، يستخدم لنوبات المزاج عندما لا تجدي الأدوية نفعاً.
الحالات التي تستخدم فيها مثبتات المزاج
تستخدم هذه الأدوية عادة لمعالجة الحالات التالية:
- اضطراب ثنائي القطب (Bipolar disorder): أكثر الاستخدامات شيوعاً لمثبتات المزاج هي في الاضطراب ثنائي القطب، وتناولت معظم الأبحاث تأثيرها عليه. نتيجة ذلك، يشيع وصفها وتعد جانباً أساسياً من جوانب علاجه. تختلف الاستجابات عليها باختلاف أنواعها والأشخاص، لذا تكون الخطط العلاجية التي تنطوي عليها فردية وتبعاً لكل مريض.
يمكن أن تعالج مثبتات المزاج نوبات المزاج وتمنع عودتها على حد سواء. عندما يتم الجمع بينها وبين استراتيجيات التأقلم وخيارات حياة صحية والعلاج النفسي، يجد الكثير من المرضى أن ما يعانونه من أعراض قد انخفضت بشكل ملحوظ من حيث حدتها. - الاضطراب الفصامي العاطفي (Schizoaffective disorder): هو حالة صحية نفسية مزمنة حيث يعاني الفرد من مزيج من الأعراض الذهانية (الهلوسات والأوهام) وأعراض اضطراب المزاج (الهوس، الهوس الخفيف و/أو الاكتئاب). وجد أن مثبتات المزاج فعالة في تثبيت ومنع تقلبات المزاج التي تصيب الأفراد الذين يندرجون تحت “المحدِّد – ثنائي القطب” للاضطراب الفصامي العاطفي.
- اضطراب الشخصية الحدية (Borderline personality disorder): اُستخدمت مثبتات المزاج على الدوام لمعالجة الأشخاص الذين يعانون من خلل التنظيم العاطفي والاندفاعية.
الآثار الجانبية لمثبتات المزاج
لكل نوع من مثبتات المزاج آثار جانبية فريدة تختلف من شخص لآخر، أكثرها شيوعاً:
- آلام الرأس.
- الغثيان.
- الإقياء.
- الدوخة.
- الإمساك.
- الإسهال.
- زيادة الوزن أو فقدانه.
- جفاف الفم.
- الإرهاق.
تميل الكثير من هذه الآثار الجانبية إلى الزوال مع الاستخدام المتزايد للدواء نظراً لتكيف الجسم. لكن، يجب استشارة الطبيب أو الأخصائي في حال بدأت الأدوية تتداخل مع حياة الفرد المهنية والشخصية.
التحذيرات والتفاعلات الدوائية
يمكن أن يصاب الأشخاص الذين يستخدمون الليثيوم بانتظام بتسمم الليثيوم (Lithium Toxic) وهي حالة خطرة. تفرز الكليتان الليثيوم عادة لكن يمكن أن يزداد تركيزه في الجسم إذا فشلت هذه الآلية أو ازداد امتصاصه بشكل مفرط.
في معظم الحالات، يمكن تحديد علامات هذا التسمم وإدارتها بسهولة. بالإضافة إلى ذلك، يراقب مقدمو الرعاية الصحية بانتظام مستويات تركيز الليثيوم من خلال اختبارات دم روتينية.
يوصى الأشخاص الذين يتناولون الليثيوم بالتأكد من أن السوائل في الجسم كافية للحفاظ على مستوى مصل دم صحي. يمكن أن يؤدي الاستخدام المطول لليثيوم إلى أمراض مزمنة في الكليتين وخلل في الغدة الدرقية، لذا فإن الطبيب المسؤول سوف يفحص الكليتين ووظيفة الغدة الدرقية بالتوازي مع العلاج.
تتطلب مثبتات المزاج الأخرى مثل تجريتول وديباكوت اختبارات مستوى الدم لضمان استقرار مستوى تركيز المصل. تتم مراقبة وظائف الكبد وتعداد كريات الدم عموماً عند استخدام هذه الأدوية، وينصح أيضاً أن يقلل المرضى من تناول الكحول في هذه الحالة نظراً لقدرتها على زيادة تأثيره.
من المهم الانتباه إلى أن كل أدوية مضادات الذهان تحمل تحذيرات على العلب نظراً لارتباطها بارتفاع احتمال الوفاة عند المرضى كبار السن المصابين بالخرف.
اقرأ أيصاً: أنواع الاضطراب ثنائي القطب
اقرأ أيصاً: أدوية اضطراب ثنائي القطب وفعاليتها العلاجية
اقرأ أيصاً: الأعراض خارج السبيل الهرمي، أسبابها، تشخيصها وعلاجها
المصدر: ?What Are Mood Stabilizers
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم