من منا لم يسبق له أن أخفى مشاعره الحقيقية وغطى تعابير وجهه بأخرى مزيفة تماماً كما لو أنه ارتدى قناعاً. تساعد أقنعة الشخصية بالفعل في التواري عن نظرات الناس وإخفاء الشخصية، لكنها مرهقة وقد تسبب ضغوطاً أنت بغنى عنها إذا كنت تلجأ لها دائماً. ومن أمثلة أقنعة الشخصية قناع الهدوء، قناع الانطواء، قناع جلد الذات وقناع الضحية.

تساعد أقنعة الشخصية من يرتديها على إخفاء ذاته الحقيقية عن الآخرين، إذ تعمل بمثابة حاجز لحماية تقدير الذات ولتجنب أذيتها، لكنها قد تكون ذات آثار سلبية أيضاً منها ·التوتر، القلق، الاكتئاب والإرهاق.

تُعتبر أقنعة الشخصية آلية للدفاع عن النفس أحياناً، إذ تساعد في  الحماية من الأذى الناجم عن الرفض المجتمعي أو المسيئين أو المتنمرين.

أنواع أقنعة الشخصية

إخفاء شخصيتك يعني أن تتخذ خطوات أو تدابير معينة لحجب ذاتك الحقيقية أمام الآخرين في التفاعلات الاجتماعية، المهنية أو الشخصية.

يمكن أن تخفي شخصيتك بالكلمات، تعابير الوجه، لغة الجسد والأفعال.

قناع الضحية أو المعذَّب (martyr or victim mask)

لا يتقبل من يتخفى خلف هذا القناع أن يتحمل اللوم وذلك لحماية تقديره لذاته. بدلاً من ذلك، يلقي اللوم على كل شيء من حوله ويُحمّله مسؤولية المشاكل والإخفاقات التي يواجهها.

قناع التنمر (bully mask)

إذا شعر شخص ما بعدم الثقة في نفسه أو تعرض لسوء المعاملة، فقد يلجأ إلى التنمر كوسيلة لإبعاد الناس عنه.

يتخذ هذا التنمر شكل تصرف جسدي، السخرية من الآخرين أو إجبارهم على قبول رأيه عنوةً ليعوض عن تدني تقديره لذاته.

قناع الفكاهة (humor mask)

يستعين البعض بهذا القناع لتجنب سخرية الآخرين منهم أو لإخفاء مشاعر الحزن. على أي حال، لا أحد يستطيع أن يهزأ منك إن سخرت أنت من نفسك، ولن يدرك الآخرون مشاعرك الحقيقية إذا أخفيت ألمك وراء قناع من الفكاهة.

قناع الهدوء (calm mask)

يتخفى بعض الناس خلف قناع الهدوء في أي ظرف كان. يكتم الشخص الذ يرتدي قناع الهدوء ردوده العاطفية ويبدي رباطة الجأش فقط، عندها لن يكون هناك منفذ للتنفيس عن المشاعر، وغالباً ما ينتهي الأمر بمن يرتدي قناع الهدوء بانفجاره أو اضطرابه عاطفياً.

قناع الإنجاز العظيم (overachieving mask)

يسعى صاحب هذا القناع بجهد للكمال، ويأمل بالحصول على القبول والثناء لفعل الأشياء بشكل مثالي. في هذه الحالة، يكون تقدير الذات معتمداً بشكل كبير على مدى مثالية الفرد، مما يعني أنه عليه استيعاب أي خطأ. يمكن أن تسبب الحاجة إلى المثالية أو الكمال حالة مستمرة من القلق.

قناع جلد الذات (self-bashing mask)

يتحدث الشخص الذي يرتدي قناع جلد الذات عن نفسه بأسلوب استهزاء، حتى لو كان ذلك مزاحاً، فهو بالنهاية آلية دفاعية تهدف إلى حماية الشخص من الأذى أو من أن يتعرض للسخرية.

يمكن أن يكون جلد الذات أيضاً طريقة دفاعية ضد تدني تقدير الذات، وقد يُستخدم كآلية حماية سبّاقة يحبط بها الشخص نفسه قبل أن يفعل شخص آخر ذلك.

قناع الانطواء أو التجنب (avoidant mask)

ينطوي على انسحاب الفرد وانفراده بنفسه خوفاً من الرفض أو الحكم على أخطائه، إذ يتجنب الشخص الذي يرتدي قناع الانطواء الحديث إلى الآخرين أو التواجد حولهم.

يمكن أن يصل الأمر بمن يرتدي قناع الانطواء إلى الابتعاد والعزلة الاجتماعية.

قناع التحكم (controlling mask)

يسعى من يضع هذا القناع إلى نوع مختلف من الكمال، إذ يُحاول التحكم بكل شيء من حوله حتى يبلغ الشعور بالأمان الذي يرغب به.

فمثلاً، قد يخطط لكل تفاصيل نزهة ما ويطلب التقيد بها حرفياً. كما أنه يتصف بالترتيب المفرط، إذ يبقي غرفته أو منزله أو مكان عمله أنيقاً ومرتباً للغاية.

قناع إرضاء الناس (people-pleasing mask)

يعتمد تقدير الذات في هذا القناع على قبول الآخرين لمرتديه، وقد يتصرف ضد قناعاته ومبادئه ليجعل من حوله سعداء، إذ يمنحه ذلك إحساساً باستحقاق الذات، ويمكن أن يؤدي إلى قلق زائد مرتبط بسعادة الآخرين.

قناع الاجتماعي (socializer mask)

يخفي هذا القناع انعدام الأمان الذي يشعر به من يرتديه مستخدماً قدرته على التحدث مع أي شخص. على الرغم من وجود العديد من المعارف حوله، ليس لديه أصدقاء حقيقيون لأنه يتجنب الغوص عميقاً في النقاشات والأحاديث معهم.

قناع التماشي أو الامتثال (conformist mask)

يسعى من يرتدي قناع التماشي إلى اتباع وتقليد ما يفعله أي شخص آخر من حوله، إذ يكون بحاجة ماسة إلى الشعور بالقبول ويلاحق كل ما يتعلق بمن ينتمون إلى فئات اجتماعية يرغب هو أيضاً أن يكون جزءاً منها.

ما الذي يدفع الناس لارتداء أقنعة الشخصية؟

قد يحدث ذلك كرد فعل على الضغوط الاجتماعية، التنمر، سوء المعاملة والخوف.

بغض النظر عن السبب أو الدافع المباشر، فإن هذا التخفي يعتبر وسيلة حماية لذاتك الحقيقية إذ أنها تمنع تعرضك للمزيد من الأذى العاطفي وتدني تقدير الذات. لكن تذكر، لا يمكن للناس رفض من أنت في الحقيقة إذا لم يعرفوك أبداً في المقام الأول. 

قد يؤدي ذلك إلى الإرهاق نظراً لأنه يتطلب الكثير من الطاقة لإخفاء ذاتك الحقيقية. قد يصل الأمر حتى إلى الاكتئاب أو مشاعر الوحدة أو القلق من أن يكتشف أحد ما تخفيه.

التنوع العصبي (Neurodivergent) مقابل النمط العصبي (neurotypical)

قد يرتدي الأشخاص ذوو التنوع العصبي (الاختلاف في الدماغ البشري في ما يتعلق بالتواصل الاجتماعي والتعلم والانتباه والمزاج والوظائف العقلية الأخرى بطريقة غير مَرَضية مثل طيف التوحد) أقنعة لمساعدتهم على الاندماج في المجتمع.

وفقاً لدراسة نوعية أجريت عام 2017، يميل أولئك الأشخاص إلى الانخراط في المزيد من التمويه الاجتماعي. 

ينطوي هذا النوع من الأقنعة على محاولة محاكاة ما يفعله الآخرون من حولهم في العمل، المدرسة، المجتمع وعلى هدف العثور على ما يثير الحب.

قد يطور كل من ذوي التنوع العصبي والنمط العصبي (مصطلح يصف الأشخاص الذين لديهم قدرات نمائية وفكرية ومعرفية نموذجية، أي لا يتم استخدامه لوصف الأفراد المصابين بالتوحد أو بعض الاختلافات النمائية الأخرى) أقنعة شخصية كرد فعل عكسي على التنمر أو سوء المعاملة، وقد يجدون أن إخفاء أفكارهم أو مشاعرهم قد يحميهم من المزيد من الإساءة أو التنمر.

خلاصة

إحدى الخطوات الأولى والأساسية التي يمكنك اتخاذها هي تحديد الأسباب التي تدفعك لارتداء أحد هذه الأقنعة أمام الآخرين. بذلك ستكون قادراً على استخدام هذا الوعي الذاتي الجديد لتسقط أقنعتك وتكشف عن ذاتك الحقيقية.

قد يساعد هذا الآخرين على الاقتراب منك، لكن يجب أن تكون على استعداد تام للرفض. فالتغيير ليس سهلاً دائماً، والحقيقة هي أنك لن تتلقى الحب من الجميع لما أنت عليه. في الواقع، لا بأس في ذلك؛ فأنت لا تحتاج أن يحبك الجميع. كل ما تحتاجه هو أشخاص يحبونك بصدق لما أنت عليه دون أن تخفي عيوبك.

إذا وجدت أنك بحاجة إلى مساعدة في معالجة السبب الأساسي وراء التخفي خلف هذه الأقنعة أو التخلي عنها، يمكنك التحدث مع استشاري أو أحد أفراد أسرتك، إذ يساعدك ذلك في تطوير استراتيجيات تأقلم جديدة مع مخاوفك وقلقك.

اقرأ أيضاً: تحليل السلوك في علم النفس، تاريخه، أنواعه، تقنياته وفوائده

اقـرأ أيضاً: مراحل تغيير السلوك الستة، كيف تبدأ بتغيير سلوكك؟

اقرأ أيضاً:  السلوك الداخلي السلبي عند الأطفال، أمثلة عنه وعوامل الخطر

المصدر: Personality Masks We Wear

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم