تأثير عقار إكستاسي على الدماغ

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

MDMA (اختصار لميثيلين ديوكسي ميثامفيتامين) وهو عقار منشط ومخدر يؤثر على الدماغ بعدة طرق، ويُعرف أيضاً باسم عقار النشوة  إكستاسي (Ecstasy) أو مولي (Molly).

والجدير بالذكر أنه يطلق نواقل عصبية من شأنها خلق أحاسيس ممتعة، منها الاسترخاء ومشاعر الحب والأمان وزيادة الود. عموماً، غالباً ما تكون هذه المشاعر هي السبب وراء استخدام الأشخاص لعقاقير مثل MDMA لتغيير حالتهم النفسية، أو تحسين مزاجهم، أو إحداث تغييرات في الإدراك.

ومع ذلك، عند استخدامه للترفيه، قد يصحبه تأثيرات سلبية على أجزاء أخرى من الدماغ ضرورية للعمل أو التعلم أو التذكر. ويمكن أن يسبب هذا العقار مجموعة متنوعة من العيوب المعرفية والآثار الجسدية غير المرغوب فيها.

في هذا المقال سنتطرق إلى تأثير عقار إكستاسي على الدماغ، فضلاً عن التأثير المحتمل على المدى الطويل لاستخدامه. كما سنناقش أيضاً طريقة اختبار عقار إكستاسي كعلاج طبي محتمل لبعض حالات الصحة النفسية.

لماذا يستخدم الناس MDMA؟

يشتهر عقار إكستاسي كعقار للحفلات وذلك لأنه يُسفر عن تأثيرات “اجتماعية إيجابية”. وتشير الأبحاث حول تأثير عقار إكستاسي على الدماغ؛ أنه يغير استجابة الدماغ للمنبهات، ويزيد من الاستجابة للمثيرات الإيجابية، ويقلل من الاستجابة للمنبهات السلبية.

غالباً ما يشعر الناس بالود، وزيادة القدرة على التواصل الاجتماعي، وحتى النشوة إثر استخدام هذا العقار. ويتم قمع المشاعر مثل الغضب والخوف.

في حين أن بعض الأشخاص قد يأخذون عقار إكستاسي لتحسين تجربة الذهاب إلى حفلة عادية أو حفلة صاخبة على وجه التحديد. قد يستخدمه آخرون ذاتياً (أي يستخدمونه بغرض التخفيف من شعور الانزعاج مثلاً وليس بغرض الشعور بالنشوة). 

فإذا كان شخص ما يعاني من أعراض الاكتئاب أو القلق على سبيل المثال، فقد يستخدم العقاقير الترويحية مثل MDMA من أجل الشعور بتحسن مؤقت في الحالة المزاجية، ورغبةً في التفاعل مع الآخرين. وذلك بسبب تأثير عقار إكستاسي على الدماغ.

وجدت إحدى الدراسات أن احتمال تعاطي المراهقين الذين يعانون من اضطراب تعاطي المخدرات والذين ظهرت عليهم أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) للإكستاسي، أعلى من احتمال تعاطيه من قبل المراهقين الذين يعانون من اضطراب تعاطي المخدرات ولم يشخصوا اضطراب ما بعد الصدمة. ويعتقد الباحثون أن سبب استخدامه من قبل المراهقين يعود لتجنب أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.

عموماً، من الشائع جداً أن يستخدم الأشخاص العقاقير الترويحية للتخلص من أعراض الصحة النفسية غير المريحة. لكن استخدامها بشكل غير منظم دائماً ما يكون محفوفاً بالمخاطر.

تنشيط النواقل العصبية

عندما يأخذ شخص ما عقار إكستاسي، فإنه يتسبب في إفراز السيروتونين والدوبامين والنورأدرينالين من مواقع تخزين الخلايا العصبية الخاصة بهم. وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة نشاط النواقل العصبية في الدماغ.

ينقل السيروتونين والدوبامين والنورأدرينالين المعلومات في جميع أنحاء الدماغ، إضافةً إلى الإشارات بين الخلايا العصبية بالطرق التالية:

  • السيروتونين: يساعد في الحفاظ على مزاج مستقر وتنظيم العواطف. يشارك أيضاً في تنظيم دورة النوم والتحكم في الألم والشهية والعديد من الوظائف الأخرى.
  • الدوبامين: يشارك في تنظيم الحالة المزاجية والتركيز وعمليات التعلم والذاكرة ونظام المكافأة، بالإضافة إلى وظائف الجهاز العصبي المركزي الأخرى.
  • النورأدرينالين: يعد جزءاً من استجابة الكّر والفّر (fight-or-flight)، وله دور في تنظيم الحالة المزاجية والقلق والنوم والطاقة والتركيز.

يعتقد الباحثون أن إطلاق كميات مفرطة من السيروتونين، هو المسبب في تحسن المزاج لدى متعاطي الإكستاسي.

الجدير بالذكر، هو أن إطلاق كميات مفرطة من هذه النواقل العصبية نتيجةً لتعاطي المخدرات، قد يؤدي إلى استنفاد الدماغ من هذه الناقلات الكيميائية مصحوباً بالعديد من النتائج السلبية.

العجز المعرفي

يتناول الأشخاص عقار إكستاسي بغرض تحسين الحالة المزاجية أو الحصول على حالة نفسية إيجابية. لكن هناك آثار خطيرة محتملة مرتبطة باستخدامه. إذ وبسبب تأثير عقار إكستاسي على الدماغ فإنه قد يتسبب بـ:

  • صعوبة الحكم عندما تكون الأشياء في حالة حركة.
  • الشعور بالأمان حتى في المواقف الخطرة.
  • ضعف الذاكرة.
  • عدم القدرة على معالجة المعلومات.
  • صعوبة في التركيز.

وعلى اعتبار أن هذا العقار يخلق شعوراً بالأمان، فقد يكون الأشخاص أكثر عرضةً للانخراط في سلوكيات محفوفة بالمخاطر مثل الجنس غير الآمن. أو خلط عقار إكستاسي مع الكحول أو غيره من العقاقير.

وفي موضوع القيادة، قد يشعر الشخص عند تعاطيه للعقار بالشجاعة وبأنه قادر على قيادة سيارته. وهذا يعد أمراً خطيراً لأن تصوره للحركة من المحتمل أن يتغير.

آثار طويلة الأمد على الدماغ

أظهرت الأبحاث التي أجريت على الحيوانات أن الضرر الذي يسببه عقار إكستاسي للعصبونات المحتوية على السيروتونين يمكن أن يكون طويل الأمد.

وثبت أن قياس التأثير طويل الأمد لاستخدامه على البشر أكثر صعوبةً بالنسبة للعلماء. ولكن وجدت بعض الدراسات أن الأشخاص الذين يستخدمون الإكستاسي بكثافة قد يعانون من:

  • اكتئاب.
  • ضعف الانتباه.
  • ضعف الوظيفة الحركية.
  • ضعف الذاكرة العاملة (Working Memory).
  • صعوبة في تنظيم المشاعر.

تأثير الأدوية الأخرى

من الصعوبات الأخرى التي واجهها الباحثون في تقييم آثار استخدام عقار الإكستاسي على الدماغ أن أقراص النشوة هذه التي يشتريها الناس في الشارع ليست نقية مئة بالمئة. بل تحتوي على عقاقير أو مواد أخرى، من ضمنها الكوكايين أو الكيتامين أو الميثامفيتامين أو أدوية السعال أو الكاثينونات الاصطناعية، والمعروفة أيضاً باسم “أملاح الاستحمام”.

أملاح الاستحمام هذه تُسفر عن مجموعة من الآثار الضارة. مثل زيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم وألم الصدر والجفاف والفشل الكلوي.

بالإضافة إلى أنها قد تسبب الهلوسة والبارانويا أو ما يعرف بجنون الارتياب (paranoia) والهذيان والسلوك العنيف. وفي بعض الحالات، يكون استخدامها قاتلاً.

هناك أيضاً احتمال أن أولئك الذين يتعاطون الإكستاسي يستخدمونه بالترافق مع عقاقير أخرى مثل الماريجوانا أو الكحول، والتي لها آثارها الخاصة على الدماغ.

لذلك، يصعب على الباحثين تحديد ما إذا كانت التأثيرات التي يلاحظونها ناتجة عن عقار MDMA وحده، أم عن الأدوية الأخرى، أم مزيجاً من الاثنين.

العوامل المؤثرة الأخرى 

إلى جانب الاستخدام المحتمل للأدوية الأخرى، تشمل العوامل الأخرى التي يمكن أن يكون لها دور في بعض حالات العجز الإدراكي والتي لوحظت لدى أولئك الذين يستخدمون عقار إكستاسي ما يلي:

  • سن الاستخدام الأول.
  • الجرعة.
  • مدى تكرار الاستخدام.
  • الجنس.
  • العوامل الوراثية والبيئية.

تأثيرات إضافية لعقار MDMA على الدماغ

هناك دراسات عن استخدام الإكستاسي على المدى الطويل والتي أشارت إلى العديد من الآثار الأخرى للاستخدام المكثف له، وهي:

  • معالجة النماذج العامة: وجدت إحدى الدراسات أن استخدام الإكستاسي الترفيهي يؤثر في قدرة الشخص على معالجة أنواع معينة من المعلومات المرئية. مثل القدرة على دمج معلومات التوجيه الخاصة في تصور نموذج عام.
  • ضعف السيطرة على الانفعالات: يعتقد باحثون آخرون أن عقار MDMA مثله كمثل العديد من الأدوية الأخرى يؤثر على منطقة الدماغ المسؤولة عن التحكم في الانفعالات. وبالتالي يمكن أن يساهم في تطور اضطراب تعاطي المخدرات.
  • ضعف الإثارة الجنسية: نظراً إلى أن عقار MDMA يؤثر على مستويات السيروتونين أكثر من مستويات الدوبامين لدى بعض الأشخاص،.يعتقد بعض الباحثين أن الاستخدام طويل الأمد قد يؤثر على الإثارة الجنسية.

تأثير عقار إكستاسي على الجنين

هناك بعض الأبحاث التي تشير إلى أنتأثير عقار إكستاسي على الدماغ لا يقتصر على أولئك الذين يتعاطون الدواء فقط، بل تصل تداعياته إلى أدمغة الأجنة عند الحوامل اللاتي يستخدمونه.

فقد أظهرت الأبحاث أن الحيوانات التي كانت في فترة نمو (بما يُعادل الثلث الثالث من الحمل عند البشر) وتعرضت لـ MDMA عانت من آثار ضارة جسيمة على التعلم والذاكرة.

ويشعر الباحثون بالقلق إزاء الآثار الضارة المحتملة لعقار MDMA على الأجنة، في حال استمرار الحوامل باستخدامه لاعتقادهن أنه  “عقار آمن”.

الاستخدامات الطبية لعقار MDMA

برز اهتمام الباحثين بالاستخدامات الطبية المحتملة لعقار MDMA مع العلاج النفسي لعلاج حالات الصحة النفسية في فترة السبعينيات.

ومع ذلك، لم تعطي إدارة الغذاء والدواء (FDA) حتى عام 2017 تصنيفاً ل MDMA كعلاج اختراقي (Breakthrough Therapy) لاضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

لكن هذا يعني أنه تمت إعطاء الموافقة للباحثين لإجراء دراسات تستكشف فعالية عقار MDMA في علاج اضطراب ما بعد الصدمة. بالإضافة إلى ذلك، تم إجراء دراسات حول تأثيرات العقار على اضطراب القلق الاجتماعي لدى البالغين المصابين بالتوحد، والقلق لدى الأشخاص المصابين بأمراض مستعصية.

بالمجمل، هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم فعالية عقار الإكستاسي في هذه الحالات بشكل كامل.

تذكر أن العلاج الذاتي باستخدام عقار MDMA الذي يتم بيعه في الشارع ليس آمناً على الإطلاق. إذ يخضع عقار MDMA الطبي للتنظيم بدرجة عالية ويشرف على استخدامه أخصائيون في الرعاية الصحية وضمن بيئة خاضعة للرقابة.

اضطراب ما بعد الصدمة

العلاج النفسي هو أحد البنود الرئيسية لعلاج الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة. ومع ذلك، غالباً ما يعاني الأشخاص المصابون بهذه الحالة من الذكريات المؤلمة وقد يجدون صعوبة في تكوين علاقات ثقة مع المعالجين.

وعلى اعتبار أن عقار MDMA يعزز الاسترخاء ويحسن الحالة المزاجية، فقد أظهرت الأبحاث أنه يقلل من القلق واليقظة المفرطة لدى المصابين باضطراب ما بعد الصدمة، وذلك ينطبق تحديداً على الجرعات الخاضعة للرقابة وتحت إشراف طبي. وهذا بدوره سمح لهم بمعالجة الذكريات دون تنشيط استجابة الخوف، وزاد ثقتهم بمعالجيهم بطرق قد يستغرق تحقيقها أسابيع أو شهور دون العقار.

وتجدر الإشارة إلى أن استخدام عقار MDMA لمواجهة الذكريات المؤلمة وتكوين علاقة ثقة مع معالج ليس أمراً محتوم الأهمية. فالبعض يفعلون ذلك بشكل طبيعي، ومع ذلك، بالنسبة لأولئك الذين يعانون من صراع طويل مع هذه الأشياء، قد يكون MDMA خياراً فعالاً.

اضطراب القلق الاجتماعي عند البالغين المصابين بالتوحد

اضطراب القلق الاجتماعي (SAD) والتوحد حالتان مختلفتان، ولكن قد يزيد التوحد من فرصة إصابة الشخص باضطراب القلق الاجتماعي. ويعاني الأشخاص المصابون باضطراب القلق الاجتماعي ضعفاً في المشاعر الإيجابية أثناء التفاعلات الاجتماعية، ويشعرون بمستويات أعلى من التهديد الاجتماعي، ويظهرون أنماطاً من النقد الذاتي.

عقار MDMA له تأثير على الهرمونات، مثل الأوكسيتوسين (oxytocin) والفازوبريسين (vasopressin) والبرولاكتين (prolactin) والكورتيزول (cortisol)، التي بدورها تؤثر على السلوك الاجتماعي.

في إحدى التجارب التي أجريت على الأفراد المصابين بالتوحد واضطراب القلق الاجتماعي، أفاد هؤلاء الأشخاص بعد تلقيهم جرعات من MDMA بشعورهم بمشاعر مثل السلام والحب والتعاطف عند التفاعل مع أشخاص آخرين، ما زاد من رغبتهم في التواصل الاجتماعي.

القلق لدى المصابين بأمراض مزمنة

تظهر الأبحاث نتائج واعدة لاستخدام عقار الإكستاسي لدى الأشخاص الذين يعانون من القلق نتيجة مرض عضال. وغالباً ما تترافق تلك الأمراض المهددة الحياة بالغضب والقلق والاكتئاب واليأس.

قد يعاني الأشخاص المصابون بأمراض مستعصية أيضاً من أفكار مزعجة تتعلق بحالتهم، ويصابون بأعراض تشبه اضطراب ما بعد الصدمة.

ووجدت إحدى الدراسات أن المشاركين المصابين بأمراض مميتة والذين تلقوا علاجاً نفسياً بمساعدة الإكستاسي، ظهر عليهم انخفاض القلق والخوف والاكتئاب وتحسين النوم، مقارنةً بالمشاركين الذين تلقوا علاجاً وهمياً.

الخلاصة

في حال كنت تستخدم عقار MDMA بغرض الترفيه، فمن المهم أن تتذكر الآثار السلبية المحتملة لتناوله، خاصةً إذا كان ممزوجاً بعقاقير أخرى مثل أملاح الاستحمام.

إذا كنت تتطلع إلى أن تكون اجتماعي أكثر أو تخفف أعراض حالة مرتبطة بالصحة النفسية لديك، فهناك خيارات علاج أكثر أماناً وفعالية يمكنك تجربتها، مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، والتأمل، وتقنيات الاسترخاء، والكثير من الخيارات الأخرى.

وفي حال كنت تعاني أنت أو أحد أفراد أسرتك من أي آثار سلبية نتيجة تناول عقار MDMA، فيجب طلب الرعاية الطبية على الفور.

اقرأ أيضـاً: تاريخ استخدام المهلوسات

اقـرأ أيضاً: 4 عقاقير غير مشروعة قد تكون أدوية

اقرأ أيضـاً: الفرق بين تعاطي العقاقير وسوء تعاطي العقاقير

المصدر: ?What Is Ecstasy (Molly)

تدقيق: لبنى حمزة

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: