نظرية التوسع والبناء، المشاعر الإيجابية والقدرة على التحمل والصمود

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

هل سبق وعانيت من رد فعل عاطفي سلبي تجاه موقف طارئ؟ في تلك اللحظة، هل كانت غريزتك تدفعك نحو التفكير الحذر بكل مسارات الفعل أو نحو التفاعل غريزياً باستجابة الكر أو الفر؟ ما علاقة نظرية التوسع والبناء بهذا الأمر؟ وما ارتباطه بالمشاعر الإيجابية والقدرة على التحمل والصمود؟

يسلط الاختلاف بين ردي الفعل هذين الضوء على طريقة توجيه العواطف السلبية مقابل العواطف الإيجابية لتجاربك في الحياة.

تساعد نظرية التوسع والبناء في شرح كيف يمكننا الانتقال بعيداً من أسلوب “وضع البقاء” في الاستجابة للمواقف إلى نهج أكثر اتساعاً وتفكيراً في الحياة.

تلقي هذه النظرية الجديدة في مجال علم النفس الإيجابي الضوء على تلك الفائدة من المشاعر الإيجابية.

ما هي نظرية التوسع والبناء (Broaden and Build Theory)؟

طُرحت نظرية التوسع والبناء بداية من قبل باربارا فريدريكسون (Barbara Frederickson) كطريقة لمواجهة النقص في الأبحاث التي تتناول المشاعر الإيجابية والتشديد الكبير على السلبية منها.

هي نظرية ترتبط بمجال علم النفس الإيجابي، والذي يستكشف وظيفة المشاعر الإيجابية في بناء القدرة على التحمل والصمود.

تستند هذه النظرية على مفهوم أن المشاعر الإيجابية يمكن أن تؤثر على توسيع الوعي والاستجابة للأحداث، بالإضافة إلى بناء المرونة والقدرة على التحمل والصمود ومهارات التأقلم.

قُدمت نظرية التوسع والبناء للتوسع في العمل الذي قام به علم النفس وتناول المشاعر الإيجابية وعدم القدرة على التكيف النفسي (سوء التكيف النفسي).

بهذه الطريقة، يعد علم النفس الإيجابي وبشكل أكثر تحديداً، نظرية التوسع والبناء، مكملان لدراسة المشاعر والانفعالات العاطفية السلبية وكيفية إصلاحها.

نظرية التوسع والبناء وأنواع الانفعالات العاطفية الإيجابية

فيما يلي قائمة بالمشاعر والانفعالات العاطفية الإيجابية التي يمكنك التعرف عليها في حياتك اليومية. كم عدد تلك التي تنتابك يومياً؟ هل يمكنك التفكير في غير تلك المذكورة في القائمة أدناه؟

تذكر أن المشاعـر الإيجابية هي المشاعر التي تعتريك عند التفاعل مع شيء ما والتي يمكن أن تستحضرها حينما تريد على حد سواء.

  1. الاستمتاع (Enjoyment): شعور المتعة والفرح في لحظة القيام بشيء ما
  2. السعادة (Happiness): شعور الرضا والقناعة باللحظة
  3. السرور (Joy): شعور أقوى للسعادة
  4. الإثارة والاهتمام (Interest): الشعور بالانجذاب لفعل شيء ما أو الافتتان بشيء ما
  5. الترقب (Anticipation): انتظار شيء ما
  6. الامتنان (Gratitude): الإحساس بأنك شاكر لحدوث شيء ما
  7. السكينة (Serenity): الشعور بالسلام الهدوء والاسترخاء
  8. الحب (Love): الإحساس بالعاطفة نحو الشريك، الطفل، الصديق أو حتى الشخص الغريب
  9. التفاؤل (Optimism): الشعور بالأمل بالمستقبل
  10. الارتياح (Relief): الشعور بإحساس من الهدوء إزاء تغيير ما حدث لك
  11. المودة (Affection): الشعور الإيجابي نحو شخص ما
  12. البهجة (Cheerfulness): التفاؤل أو امتلاك نظرة إيجابية إزاء موقف ما
  13. الأمل (Hope): التطلع نحو المستقبل، وتوقع حدوث الأفضل
  14. الترفيه (Amusement): اعتبار شيء ما فكاهياً، ممتعاً ومسلياً
  15. الفخر (Pride): الشعور وكأنك أنجزت عملا جيدا
  16. الذهول (Awe): الدهشة من شيء ما ( أخذ الوقت الكافي لتقدير الطبيعة حولك)
  17. الإلهام (Inspiration): الشعور بأن هناك سبب أو هدف يدفعك للقيام بشيء ما
  18. الثقة (Confidence): الشعور بأنك فخور بنفسك، جريء، متفائل ومسيطر
  19. الدهشة (Surprise): في المعنى الإيجابي، الشعور بالسعادة إزاء نتيجة غير متوقعة
  20. الإيثار (Altruism): الشعور بالمتعة عند مساعدة الآخرين
  21. الإعجاب (Admiration): النظر إلى شخص يروق لك شيء ما فيه
  22. الحماس (Enthusiasm): الشعور بالإثارة أو باندفاع عاطفة إيجابية داخلك
  23. النشوة (Euphoria): اندفاع مشاعر إيجابية ترتبط بشخص، مكان أو شيء ما.

بالإضافة إلى فهم أنواع المشاعر الإيجابية، من المهم أيضاً النظر إلى فوائد هذه المشاعر

 فوائد المشاعر الإيجابية بحسب نظرية التوسع والبناء

تفترض نظرية التوسع والبناء أن المشاعر الإيجابية تقود إلى توسيع التجارب وبناء الموارد والمصادر والقدرة على التحمل والصمود.

حاول أن تكون واعياً لطريقة شعورك وردات فعلك في كل لحظة، وضع خطة للتعامل مع المشاعر السلبية بحيث لا تدوم طويلاً وتحوَّل إلى ذهنية إيجابية عند الإمكان.

يُعتقد أن المشاعر الإيجابية قادرة على تعزيز البقاء على المدى الطويل من خلال توفير مصادر تأقلم أكثر. وزيادة الإبداع من خلال السماح لك بالخروج من وضع البقاء واعتبار خيارات أخرى.

كما أنها تجعلك ترى ” الصورة الأكبر والأشمل” من خلال التفكير بوضوح أكبر. باللإضافة إلى زيادة مصادر التأقلم بين يديك عبر بناء مجموعة أدواتك الخاصة من مهارات التأقلم.

كما أن المشاعر الإيجابية قادرة على تحسين الصمود والمرونة النفسية عبر تقديم المزيد من الأدوات لإدارة المشاعر السلبية. وإتاحة فرصة الازدهار بدلاً من البقاء فقط ( أي عيش الحياة التي تحلم بها بدلاً من مجرد تجنب الحياة تي تؤرقك).

تأثير المشاعر الإيجابية على الرفاهية وتقليل تأثيرات الإجهاد

بحسب نظرية التوسع والبناء تقوم المشاعر الإيجابية بتسهيل التطلع إلى الإيجابية في المواقف المستقبلية، من خلال ملاحظة أن الأشياء تتغير وأنك تستطيع دائماً إيجاد بعض الإيجابية في المواقف السلبية.

كما تزيد الشعور بالرفاهية والتي تتحسن وتتعاظم ضمن دورة من الإيجابية المتصاعدة. وتقوم بتحسين القدرة على النهوض من جديد في وجه العراقيل من خلال تقديم أدوات السيطرة على المواقف الصعبة.

وتساعادك أيضاً على النظر إلى نفسك على أنك شخص “حكيم” وقادر على العمل انطلاقاً من عقلك الحكيم هذا بدلاً من رد الفعل النابع من المشاعر السلبية.

كما أنها قادرة على تحقيق اندماج اجتماعي أكبر في دورة متصاعدة أيضاً. توحمّل أكبر للإجهاد ما يساعد في القدرة على التفاعل بهدوء في وجه مشاعر الضيق.

مقاومة الاكتئاب والقدرة على الانتقال إلى ما هو أبعد من المشاعر السلبية، وتنظيم أفضل للمشاعر ما يساعد في القدرة على إدارة المشاعر السلبية.

تشعرك أيضاً برضا متزايد في العمل، خاصةً إذا كنت تشعر بمشاعر إيجابية في الوظيفة. كما تقوم بتحسين الأداء الوظيفي في العمل أو المهنة من خلال تقديم أدوات تطوير وتحسين العمل ومجابهة المعوقات والعراقيل بشفافية ووضوح.

كما ترى، هناك مجموعة متنوعة من الفوائد المحتملة للمشاعر الإيجابية. ومع ذلك، فمن المهم أيضاً فهم تطور المشاعر السلبية وكيفية ارتباطها بالمشاعر الإيجابية.

المشاعر الإيجابية مقابل المشاعر السلبية

ما هو الفرق بين المشاعر الإيجابية والسلبية؟ تختلف المشاعر الإيجابية مثل المرح، الإثارة والمزاح عن الخوف، القلق والحزن من ناحية واحدة مهمة: 

ترتبط المشاعر السلبية بالصراع من أجل البقاء وتجعل من التفكير أبعد من حدود الموقف الحالي أمراً صعباً وتحد من القدرة على الصمود. أما من جهة ثانية، تعزز المشاعر الإيجابية التوسع وانفتاح الموارد في حياتنا.

بحسب نظرية التوسع والبناء تساعد المشاعر الإيجابية أيضاً على معالجة المشاعر السلبية والنهوض من المواقف السلبية. وتجعلنا أكثر انفتاحاً أمام التجارب الإيجابية في المستقبل وتساعد في إيجاد معنى في التجارب السلبية.

طرق للشعور بالمزيد من الإيجابية

هل سبق وسمعت بـ “التكيّف المتعي/ Hedonic Treadmill“؟ ما يشير إليه هذا المصلح هو فكرة أنك إذا مررت بتجربة إيجابية أو اختبرت مشاعر إيجابية في حياتك فيمكن أن تكون عابرة. وبالتالي، ربما تمضي حياتك في محاولة اللحاق ومطارة تلك المشاعر.

لكن، تكون المشاعر الإيجابية أفضل عندما تقود إلى بناء المصادر وزيادتها بحيث لا تبقى في حالة ” التكيف المتعي / المشي وراء اللذة”.  إنه شبيه إلى حد ما بالفرق بين العمل يومياً لكسب المال، أو توفير بعضه للمستقبل حتى لا تضطر إلى العمل كل يوم.

أفضل شيء يمكنك فعله إزاء ما تشعر به من سلبية هو البدء في إضافة جرعات صغيرة من الطاقة الإيجابية إلى يومك. في نهاية المطاف وبمرور الوقت، سوف تتطور ذهنية ونظرة أكثر إيجابية نحو الحياة.

فيما يلي بعض الطرق التي يمكنك من خلالها جلب واستحضار المزيد من المشاعر الإيجابية إلى حياتك اليومية والتي تؤدي إلى زيادة القدرة على المقاومة والتحمل. حاول ممارسة المزيد منها كل يوم أو إضافة أحداث إيجابية أكثر كلما سنحت الفرصة:

شاهد أفلاماً طريفة أو برامج تلفزيونية مسلية تعلم أنها تثير الضحك.

مارس التأمل كل يوم وفي نفس الوقت حتى تدخل في إيقاع في حياتك.

اكتب عن الذكريات الإيجابية للأشياء التي حدثت في الماضي واستذكرها إلى أن تشعر بأنها واقعية وحقيقية وبأن المشاعر الإيجابية تنتابك من جديد

شارك في طقوس دينية أو روحية تنسجم مع معتقداتك وقيمك (تساعد في إيجاد معنى في الأحداث السيئة)

كن ممتناً دائماً من خلال كتابة خمسة أشياء تشعر بالشكر لحدوثها في مذكرة يومية أو التفكير بها كل صباح ( الكتابة في مذكرة امتنان)

أقم المزيد من الروابط الاجتماعية عبر الحديث مع الناس في متجر البقالة، الكلام مع الجيران أو زيادة التواصل مع الأشخاص الذين تعرفهم.

سواء وجهاً لوجه، أو الاتصال الصوتي عبر البريد الإلكتروني أو إرسال الرسائل النصية أو غيرها وذلك بهدف الحصول على الأثر الكلي للتزامن وانعكاس لغة الجسد بينك وبين الشخص الآخر).

نصائح إضافية للشعور بالمزيد من الإيجابية

تنزه في الطبيعة وأصغ إلى زقزقة العصافير أو انظر إلى الأعلى نحو السماء ( كن ممتناً للحظة الحالية وواعياً لها بعمق، ولا تحمل معك هاتفك الذكي أثناء المشي في الغابات أو أي شيء يشتت أفكارك).

تعاون مع معالج نفسي لتبعد عنك مشاعر الماضي وتختبر مشاعر أكثر إيجابية في الحياة.

اكتشف واعمل لتحسين مواقف الحياة المجهدة بحيث يقل ما يثير ويحفز المشاعر السلبية لديك.

ابحث عن الجانب المشرق في المواقف التي تتعرض لها حتى وإن بدا كل شيء خاطئاً وعلى غير ما يرام.

تمتع بالغيرية والإيثار وساعد الآخرين من خلال تقديم الهدايا لهم. وعرض المساعدة في إنجاز مهامهم وما يترتب عليهم أو فقط اتصل هاتفياً بالأشخاص الوحيدين.

مارس رعاية الذات من خلال أخذ حمام طويل ساخن، الرسم أو قراءة رواية رومانسية ممتعة.

من المحتمل أن تعمل الاستراتيجيات التي تحددها وتختارها بنفسك بشكل أفضل ويسهل الحفاظ عليها لأنها تتناسب مع ما تقوم به للتو.

من المفيد أيضاً أن يكون التعرف على المشاعر السلبية وإدراكها حاضراً دائماً، حتى وإن كنت تسعى لبناء المشاعر الإيجابية الخاصة. يكمن الهدف هنا في تطوير مجموعة من الأدوات لإدارة وتأقلم أفضل مع المشاعر السلبية عندما تظهر وليس التخلص منها وإزالتها.

من خلال عملية بناء المصادر طويلة الأمد هذه، بدلاً من البحث عن سعادة قصيرة المدى، ستكون قادراً على العيش برضا ومتعة.

خلاصة

ربما يبدو مغرياً التفكير بأنك لا تستطيع استخدام المشاعر الإيجابية إذا كنت عالقاً في حلقة من المشاعر السلبية. لكن مجرد اتخاذ خطوات صغيرة كل يوم يمكن أن يكون مفيداً.

لا تهدف نظرية التوسع والبناء إلى إظهار أنك لن تشعر بأي شيء سلبي. بل تكمن الفكرة منها في أنك قادر على بناء قدرة مقاومة وتحمل من خلال أفعال إيجابية بسيطة كل يوم.

من المهم أيضاً تذكر أنه من المفيد التحدث إلى أخصائي صحة نفسية كالمعالج النفسي، الطبيب النفسي أو عالم النفس في حال أصبحت المشاعر السلبية نمطاً في حياتك. وذلك لاستبعاد احتمال الاكتئاب أو الأسباب الأخرى.

في بعض الحالات، من الضروري معالجة الحالات النفسية الكامنة كالاكتئاب من خلال العلاج النفسي والدوائي قبل العمل على بناء المشاعر الإيجابية.

في حين أن نظرية التوسع والبناء تستند إلى مفهوم بناء المشاعر الإيجابية مع الوقت بهدف بناء التحمل والمقاومة. إلا أن هناك قيمة في تغيير المسارات العصبية السلبية التي قمت ببنائها مع الوقت واستبدالها بطرق أكثر واقعية إزاء العالم حولك.

بمعنى آخر، يمكنك استخدام أنماط التفكير الجديدة كنقطة ارتكاز ومنطلق نحو المشاعر الإيجابية.

اقرأ أيضاً: المشاعر والاستجابات العاطفية والعناصر الأساسية التي تؤدي لتكونها

اقـرأ أيضاً:

اقرأ أيضاً: ذتفكير الإيجابي، وما علاقته بالعيش حياة أطول؟

المصدر: An Overview of Broaden and Build Theory

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: