الأوهام، أنواعها، اسبابها وعلاجها

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

الأوهام (Delusions) معتقدات خاطئة ثابتة تتعارض مع الواقع. إذا كان الشخص في حالة توهم، فلا يمكنه التخلي عن قناعاته غير الصحيحة رغم وجود أدلة مناقصة. تتعدد أسباب وأنواع الأوهام والتفكير الوهمـي. فمثلاً تنتشر أوهام العظمة وأوهـام الغيرة بشكل شائع بينما قد تكون أنواعاً أخرى أقل انتشاراً.

تتعزز الأوهام من خلال سوء تفسير الأحداث أحياناً، كما ينطوي بعضها على درجة ما من الارتياب (paranoia). إليك مثال، قد يجادل شخص موهـوم بأن الحكومة تتحكم في كل تحركاتنا عبر موجات الراديو، حتى مع عدم وجود دليل يدعم هذا الاعتقاد.

الأوهـام هي أعراض شائعة لبعض الاضطرابات الذهانية، وقد تترافق مع الهلوسة والتي تتضمن تصور أو إدراك شيء غير موجود بالفعل. مثل سماع أصوات أو الشعور بأن حشرات تزحف على جسم الفرد. 

مقارنة بين الأوهام والهلوسة

في حين أن كلاهما ينطوي على تشويه للواقع، إلا أن هناك اختلافات بين الأوهام والهلوسات. مثلاً، يعني التفكير الوهمي أن العملية المعرفية للشخص مشوهة (أفكاره مشوهة)؛ أما في الهلوسة، يكون التشوه في الحواس (حاسة السمع أو اللمس).

علامات التفكير الوهمي

كيف يمكنك معرفة ما إذا كنت أنت أو أي شخص تحبه يعاني من أفكار وهمية؟ تتميز الأوهام باعتقاد لا يتزعزع بأشياء غير صحيحة، وفي كثير من الحالات، يكون هناك إيمان مستمر بالوهم على الرغم من الأدلة المعاكسة لذلك.

من المهم أيضاً إدراك أن الأوهـام ليست كلها متشابهة، قد يتضمن بعضها معتقدات مألوفة (غير غريبة) يمكن أن تحدث نظرياً في الحياة الواقعية؛ مثل الاعتقاد بأن زوجك يخونك. ويكون بعضها الآخر غريباً أو خيالياً أو مستحيل الحدوث مثل التفكير في أنك مسؤول عن مصير العالم. 

قد تلعب طبيعة الأعراض الوهمية دوراً رئيسياً في التشخيص، فالاضطراب الوهامي مثلاً يتميز بأوهام ليست غريبة تتضمن سوء تفسير تجربة أو تصور ما على عكس أوهام الفصام التي قد تكون غريبة ولا أساس لها في الواقع.

أنواع الأوهـام

هناك عدة أنواع مختلفة من الأوهام التي تميز تشخيص الاضطراب الوهامـي. تعد أوهام العظمة مثالاً عن الأوهام المنتشرة بشكل شائع لدى البعض.

يتم تحديد الاضطراب المشخص من خلال نمط الأوهام التي تظهر ومنها الأنواع التالية.

الأوهـام الجنسية (Erotomanic Delusions) 

يعتقد الأفراد الذين تنتابهم أنواع الأوهـام الجنسية أنّ شخصاً ممن له مكانة اجتماعية أعلى عادة قد وقع في حبهم.

مثال على ذلك هو اعتقاد الشخص أن ممثلة معينة تحبه وأنه يتواصل معها عبر إيماءات اليد السرية خلال ظهورها في برنامج تلفزيوني. 

أوهام العظمة (Grandiose Delusions) 

يعتقد المصابون بأوهام العظمة أنهم يتمتعون بموهبة، شهرة، ثروة، قوة غير عادية رغم أن المعطيات في الواقع تعاكس أوهام العظمة.

كمثال على أوهام العظمة، اعتقاد الشخص أن الله أعطاه القوة لإنقاذ الكون. ويكمل مهاماً معينة يومياً من شأنها أن تساعد الكوكب على الاستمرار.

أوهام الاضطهاد (Persecutory Delusions) 

يعتقد الأفراد الذين يعانون من أوهام الاضطهاد أنه يتم التجسس عليهم، تخديرهم، ملاحقتهم، الافتراء عليهم، خيانتهم أو إساءة معاملتهم بطريقة ما.

قد يتضمن التفكير الوهمي هذا على اعتقاد شخص ما أن رئيسه يخدر الموظفين عن طريق إضافة مادة معينة إلى مبرّد المياه تجعل الناس يبذلون جهداً أكبر خلال عملهم. 

أوهام الغيرة (Jealous Delusions) 

قد يعتقد الأفراد الذين يعانون من أوهام الغيرة أن شريكهم غير مخلص وخائن.

مثل اعتقاد شخص يعاني من أنواع الأوهام أن شريكه يلتقي بعشيقه في كل مرة يستخدم فيها الحمام في الأماكن العامة. ويعتقد أيضاً أنه يرسل رسائل سرية له من خلال أشخاص آخرين (مثل أمين الصندوق في محل بقالة). 

أوهـام جسدية (Somatic Delusions) 

يعتقد الأفراد المصابون بهذا النوع من الأوهام أنهم يعانون من أحاسيس أو اختلالات جسدية تحت الجلد أو من حالة طبية عامة أو قصور.

على سبيل المثال، اعتقاد الشخص بأن هناك طفيليات تعيش داخل جسمه.

أوهـام مختلطة أو غير محددة (Mixed or Unspecified Delusions) 

عندما لا تندرج المعتقدات الوهمية في فئة واحدة (ضمن أنواع الأوهام السابقة) ولا يهيمن نمط واحد عليها؛ تعد أوهاماً “مختلطة”.

قد يشير أخصائي الصحة النفسية إلى الاضطراب بأنه “غير محدد” عندما لا تندرج الأوهام ضمن فئة معينة أو لا يمكن تحديد نوع الوهم بوضوح.

أسباب الأوهام

لم يتأكد الباحثون تماماً من مسببات السلوك والحالات الوهامية. إذ يبدو أن مجموعة عوامل جينية، بيولوجية، نفسية وبيئية يمكن أن تلعب دوراً فيها. 

أسباب جينية: يبدو أن الاضطرابات الذهانية متوارثة في العائلات، لذلك يعتقد الباحثون أن هناك عامل وراثي للأوهام. على سبيل المثال، أكثر الأطفال عرضة للإصابة هم ممن يعاني أحد ذويهم من الفصام.

أسباب بيولوجية: قد تساهم اضطرابات الدماغ في الأفكار والسلوكيات الوهمية. وقد يزيد عدم توازن الناقلات العصبية (المرسلات الكيميائية في الدماغ) من احتمالية إصابة الفرد بأوهام.

أسبـاب نفسية: قد تسبب الصدمة والتوتر الأوهام، ويبدو أن الأفراد ممن يميلون إلى العزلة أكثر عرضة للإصابة بالاضطراب الوهامي أيضاً.

أسـباب بيئية: يتشارك الناس الأوهام أحياناً (الاضطراب الوهامي المشترك). هذه الحالة أكثر شيوعاً بين الأفراد المقيمين معاً وليس لديهم اتصال كبير بالعالم الخارجي.

حالات نفسية مترافقة بأعراض وهامية

قد تكون الأوهام أعراض مشكلة نفسية أو اضطراب في الدماغ، فيما يلي بعض الحالات المرتبطة بالأفكار أو السلوكيات الوهامية:

اضطراب ذهاني وجيز (Brief psychotic disorder):  يمكن أن يعاني الأشخاص من نوبات قصيرة من الهلوسة أو الأوهـام أو الكلام غير المنظم إذا تعرضوا لحدث مجهد وتستمر الأعراض لمدة شهر أو أقل في هذا الاضطراب. 

الاضطراب الوهامـي (Delusional disorder): يعاني الأشخاص المصابون بالاضطراب الوهامي من أنواع “غير غريبة” من الأوهام. ويمكنهم التصرف بشكل طبيعي مع عدم ظهور خلل واضح في الأداء. يستوفي ما يقارب 0.2% من العامة هذه المعايير، لذلك يعد الاضطراب الوهامـي مرضاً نفسياً نادراً نسبياً.

الخرف (Dementia): على الرغم من اختلاف التقديرات، فإن ما يقرب من ثلث الأفراد المصابين بالخرف قد يعانون من الأوهـام وأغلبها جنون الشك (بارانويا). مثل التفكير في أن أفراد الأسرة أو القائمين على رعايتهم يسرقون منهم.

اضطرابات المزاج (Mood Disorders): يعاني المصابون باضطرابات المزاج مثل الاكتئاب أو الاضطراب ثنائي القطب من التفكير الوهمي أحياناً.

حالات نفسية أخرى قد تترافق مع أعراض وهامية

داء باركنسون (Parkinson’s Disease): يتفاوت معدل انتشاره بشكل كبير ولكن يعاني العديد من المرضى المصابين بمرحلة متقدمة منه من الهلوسة والأوهـام. 

ذهان ما بعد الولادة (Postpartum Psychosis): قد تؤدي التغيرات الهرمونية بعد الولادة إلى حدوث ذهان ما بعد الولادة لدى بعض النساء.وأحد أعراض هذه الحالة هو الأوهـام.

إذ تشير بعض الأبحاث إلى أن ذهان ما بعد الولادة قد يكون مرتبطاً بالاضطراب ثنائي القطب (bipolar disorder). 

الاضطراب الفصامي العاطفي (Schizoaffective disorder): ينطوي هذا الاضطراب على أعراض الفصام. بما فيها التفكير الوهمي والهلوسات بالإضافة إلى مشكلات المزاج مثل الاكتئاب والهوس.

الفصام (Schizophrenia): يظهر على مصاب الفصام “أعراض إيجابية” مثل الهلوسة أو الأوهـام و”أعراض سلبية” بما في ذلك التأثير المسطح، انخفاض الشعور بالمتعة في الحياة اليومية، صعوبة في البدء بالأنشطة واستدامتها وقلة الكلام.

اضطراب فصامي الشكل (Schizophreniform): ينطوي هذا الاضطراب على أعراض مشابهة لمرض الفصام. ولكن في هذه الحالة تظهر الأعراض لمدة تقل عن ستة أشهر.

اضطراب ذهاني ناتج عن عقار مخدر أو دواء (Substance/medication-induced psychotic disorder): قد يتسبب التسمم بالمخدرات أو الكحول أو انسحابهما من الجسم في إصابة بعض الأفراد بالأوهام، وتكون الأعراض الوهامية قصيرة عادة وتميل إلى الشفاء بمجرد تخلص الجسم من الدواء. لكن قد يستمر الذهان الناتج عن الأمفيتامينات والكوكايين و الفينسيكليدين (PCP) لأسابيع.

تشخيص الأوهام

إذا كان الشخص يعاني من أعراض وهامية، يبدأ مقدم الرعاية الصحية الخاص به بأخذ التاريخ الطبي وإجراء فحص بدني. يمكن أيضاً طلب فحوصاً مخبرية لاستبعاد أي أمراض جسدية قد تسببها. 

إذا لم تكن هناك حالة طبية تثير الأعراض، فقد يحيل مقدم الرعاية الصحية الفرد إلى طبيب نفسي لإجراء تقييم إضافي. يمكن لأخصائيي الصحة النفسية استخدام مجموعة متنوعة من التقييمات النفسية لمعرفة المزيد عن أعراض الشخص. ويمكن بعدها إجراء التشخيص بناءً على معايير التشخيص في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية – النسخة الخامسة (DSM-5)

علاج الأوهام

من المهم لأي شخص يعاني من التفكير الوهامي أن يطلب المساعدة المتخصصة. قد يشكل هذا تحدياً بشكل خاص، لأن من يعانون من الأوهام لا يفكرون في كثير من الأحيان أن معتقداتهم تسبب مشكلة.

يعتقد الشخص الذي يعاني من الأوهام أن تجربته حقيقة، وبالتالي، يأتي دور الأحباء والمقربين الذين يجب أن  يستعينوا بأخصائي الرعاية الصحية عند ظهور هذه المشكلة.

يتضمن علاج الأوهـام غالباً مزيجاً من الأدوية والعلاج النفسي.

العلاج الدوائي

قد تتضمن الأدوية التي يمكن استخدامها للمساعدة في علاج عمليات التفكير الوهمي والسلوكيات الناتجة عنها مثل:

مضادات الذهان النمطية (النموذجية): تستخدم أدوية الجيل الأول هذه لمنع مستقبلات الدوبامين في الدماغ، علماً أن الدوبامين هو ناقل عصبي يعتقد أنه ذو صلة في تطور الأوهام.

مضادات الذهان غير النمطية: تعمل هذه الأدوية على منع مستقبلات الدوبامين والسيروتونين في الدماغ، يؤدي هذا إلى ظهور آثار جانبية مختلفة عن مضادات الذهان من الجيل الأول.

المهدئات: تستخدم المهدئات أحياناً لمعالجة القلق أو الهيجان أو مشاكل النوم الشائعة لدى الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات الوهامية.

مضادات الاكتئاب: يمكن استخدام هذه الأدوية الموصوفة إذا كان الشخص الذي يعاني من المعتقدات الوهمية يعاني أيضاً من مشكلة مزاجية مثل الاكتئاب.

العلاج النفسي

قد يشمل علاج الأوهـام العلاج المعرفي السلوكي (CBT) الذي يساعد الفرد ممن لديه معتقدات وهمية على تعلم التعرف على الأفكار والسلوكيات غير المفيدة وتغييرها.

غالباً، يكون العلاج الأسري جزءاً من علاج الأوهـام أيضاً، فمن خلاله يمكن لأفراد الأسرة تعلم كيفية دعم أحبائهم الذين يعانون من أنماط التفكير أو السلوك الوهمـي.

في بعض الحالات، قد تكون الإقامة في مشفى نفسي ضرورية لمساعدة الفرد الذي يعاني من الأوهـام في استقرار حالته، خاصة إذا أصبح يشكل خطراً على نفسه أو الآخرين

التأقلم مع الأوهام

يمكن أن يساعد ضبط البيئة التي يعيش فيها الشخص المصاب بالأوهام، مثلاً إذا كان الشخص يعتقد أن الحكومة تتجسس عليه من خلال التلفاز، من الأفضل تجنب مشاهدته. أو إذا اعتقد أن هناك من يلاحقه عندما يكون وحيداً، من الأفضل أن يرافقه شخص ما معه عندما يكون في الخارج.

خلاصة

يمكن علاج معظم الاضطرابات التي تنطوي على الأوهـام، مما يمكّن الأشخاص الذين لديهم هذه المعتقدات الوهمية من عيش حياة صحية ومنتجة مع أعراض قليلة نسبياً.

يكافح آخرون ممن يعانون من الأوهـام من أجل العمل، الحفاظ على علاقات صحية أو المشاركة في الأنشطة المرتبطة بالحياة اليومية. إذا كنت تعاني أنت أو أحد أفراد أسرتك من مشكلات نتيجة التفكير الوهمـي، يمكن لأخصائيي الصحة النفسية توفير المساعدة والدعم اللذين تحتاجهما. 

اقرأ أيضاً: الذهان، كيف يبدو وما هو الشعور المرتبط به؟

اقـرأ أيضاً: الهلوسة والأوهام والفرق بينهما

اقرأ أيضاً: الأفكار التطفلية، ما أنواعها؟ وما علاقتها باضطراب الوسواس القهري؟

المصدر: ?What Are Delusions

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: