ترتبط اضطرابات التواصل عند الأطفال بصعوبات في معالجة مهارات التواصل اللفظي وغير اللفظي. تتضمن أعراض اضطرابات التواصل بمختلف أنواعها ضعفاً في استيعاب اللغة، الكلام، الإشارات والتلميحات الاجتماعية، تعابير الوجه، الإيماءات أو الإدراك العاطفي. بالإضافة إلى ذلك، لا تتطور هذه الإشارات اللفظية وغير اللفظية خلال مرحلة الطفولة كما هو متوقع في العادة.
تتراوح شدة أعراض اضطرابات التواصل بدءاً من الخفيفة وصولاً إلى الأكثر عمقاً، ويمكن أن تكون هذه الاضطرابات نتيجة حالات أخرى أو تمثل هي الاضطراب الأساسي، وتميل إلى التعايش مع بعضها البعض إذ يتم تشخيص الفرد في هذه الحالة بأنواع متعددة من اضطرابات التواصل (Communication Disorders).
أعراض اضطرابات التواصل
لاضطرابات التواصل أنواع متعددة. على الرغم من اختلافها، فإن معظمها يتشارك ضعفاً في التواصل اللفظي وغير اللفظي، إذ تظهر لدى الفرد صعوبات في المجالات التالية:
- استيعاب اللغة
- الكلام
- السمع
- الإشارات الاجتماعية
- تعابير الوجه
- الإيماءات
- الإدراك العاطفي
أسباب اضطرابات التواصل
لا يوجد سبب محدد وراء اضطرابات التواصل. لكن، فيما يلي بعض الأسباب المحتملة:
الاضطرابات النمائية: مثل الشلل الدماغي والذي يمكن أن يسبب تأخيرات في التواصل والمهارات الاجتماعية.
الإعاقات السمعية: والتي تعد عرضاً شائعاً لاضطرابات التواصل إلا أنها يمكن أن تسببه. وفقاً لدراسة حديثة شملت أطفالاً يعانون من اضطرابات التواصل، فإن ضعف السمع كان أكثر الأسباب انتشاراً.
تأخر النطق: وهو إعاقة أو ضعف آخر يمكن أن ينتج عنه حواجز أمام التواصل ما يحفز نشوء اضطرابات التواصل.
صعوبات اللغة: وهي عرض من أعراض اضطرابات التواصل إلا أنها يمكن أن تكون سبباً محتملاً له.
الإعاقات الذهنية: وهي اضطرابات نمائية عصبية تترافق أحياناً مع اضطرابات التواصل إلا أنها يمكن أن تكون السبب وراءها. من الصعب تحديد ذلك أحياناً نظراً لتداخل أعراض الحالتين، لذا فإن تحديد أي الاضطرابين بدأ أولاً يعد أمراً صعباً.
أنواع اضطرابات التواصل
ستجد أدناه الأنواع المختلفة لاضطرابات التواصل.
اضطراب التواصل الاجتماعي (Social communication disorder )
يتكون اضطراب التواصل الاجتماعي أو ما يسمى أيضاً الاضطراب البراغماتي من ضعف في فهم الإشارات اللفظية وغير اللفظية؛ خاصة تلك التي ينطوي عليها التفاعل الاجتماعي. لا يؤثر اضطراب التواصل الاجتماعي على فهم اللغة واستيعابها؛ مثل النحو وعلامات الترقيم.
يعاني الأشخاص الذين يظهر لديهم هذا الاضطراب من صعوبات في مجالات التواصل الاجتماعي التالية:
- البراغماتية: تعني تفسير وتأويل ما يحيط بالفرد لاستخلاص وتبيان معنى السياق اللغوي.
- تصور الجمل غير المباشرة أو غير الحرفية مثل “الاستعارات، الفكاهة والأمثال”.
- التواصل اللفظي: وذلك جراء الافتقار للقدرة على فهم الإشارات والسلوكيات الاجتماعية؛ مثل عدم معرفة متى وكيف يلقي الفرد التحية أو التدخل في الحديث قبل الوقت المناسب.
- التواصل غير اللفظي مثل الإيماءات، التواصل بالعين وتعابير الوجه والتي يمكن أن تكون صعبة الفهم والاستيعاب لدى المصاب باضطراب التواصل الاجتماعي.
- فهم العواطف: يواجه المصابون باضطراب التواصل الاجتماعي مشاكل في التعبير عن مشاعرهم الخاصة أو وصفها أو السياق أو الموقف العاطفي.
اضطراب اللغة (Language Disorder)
تنطوي اضطرابات اللغة على صعوبات في إدراك اللغة، سواء كانت صوتية، مكتوبة أو في صيغة رموز، ومن المرجح أن يجد الأفراد صعوبة في صياغة المحتوى الذي ينطوي على:
- بناء الجملة
- المعاني
- علم الأصوات (نظام الأصوات)
- علم الصرف (نظام الكلمات)
- البراغماتية (استعمال اللغة)
تشبه اضطرابات اللغة اضطرابات التواصل الاجتماعي إلى حد كبير، إلا أنها تؤدي إلى معاناة الفرد أيضاً من مشاكل في “معرفة الكلمات، النحو، القواعد والخطاب”.
نظراً لأن هذين الاضطرابين يتميزان بخصائص متداخلة، فإن اضطرابات اللغة يتم تضمينها أحياناً في الدراسات التي تبدو موجهة بشكل صارم نحو اضطراب التواصل الاجتماعي.
يمكن أن يؤدي ذلك إلى خلط في فهم الاختلافات بين هذين الاضطرابين وفي تطوير معايير تشخيصية محددة وملموسة، ما يمكن أن يسبب صعوبات في تشخيص وتثقيف الأفراد حول هذين الاضطرابين.
اضطرابات الكلام (Speech Disorders)
تنطوي اضطرابات الكلام عادة على معاناة الفرد من صعوبات في نطق الكلمات بطلاقة. لاضرابات الكلام ثلاثة أنواع مختلفة:
- اضطراب النطق: صعوبة في الحديث الواضح والمترابط، والذي يمكن أن يخلق تحديات في التواصل الاجتماعي مع التأثير على مدى احتفاظ الفرد بالمعلومات.
- اضطراب الطلاقة أو اضطراب الطلاقة الطفولي (Childhood-onset fluency disorder): عندما يكون تدفق أو إيقاع الكلام غير متسق أو متقطع والذي يعتبر أيضاً “تلعثماً”. يمكن أن تكون صعوبات الطلاقة مرتبطة بمشاكل سلوكية.
- اضطراب الصوت (Sound Disorder): ظهور عجز في “جودة الصوت” أو درجته، سواء على شكل صراخ غير ضروري، مدة حديث غير اعتيادية أو غياب الكلام. يمكن اعتبار مثل هذه الاضطرابات سلوكاً غير ملائم اجتماعياً.
اضطرابات السمع (المعالجة السمعية)
تنشأ اضطرابات السمع من خلل في نظام السمع والذي يؤثر على تفسير الفرد لـ “المعلومات السمعية” إضافة إلى الكلام و/ أو اللغة. يعتبر الشخص الذي يعاني من عجز في السمع إما أصماً أو لديه صعوبة في السمع.
تشخيص اضطرابات التواصل
يجب أن يستوفي الفرد معايير التشخيص التي نص عليها الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية – النسخة الخامسة وغيره من كتب التصنيف الخاصة بالصحة النفسية حتى يتم تشخيصه باضطراب التواصل.
يعتبر اضطراب التواصل الاجتماعي أحدث نوع من أنواع اضطرابات التواصل المضمنة في الكتب التشخيصية، ويرجع السبب بشكل رئيسي إلى التغيرات التي تم إجراؤها على المعايير التشخيصية لاضطراب طيف التوحد والتي اعتبرت أن بعض الأفراد لم يعودوا يستوفوا معايير اضطراب طيف التوحد ولكن أعراضهم تتوافق مع معايير اضطراب التواصل الاجتماعي الآن.
معايير تشخيص اضطراب التواصل الاجتماعي وفقاً للدليل
حسب الدليل، يستوفي الفرد معايير تشخيص اضطراب التواصل الاجتماعي إذا أبدى الأعراض التالية:
مشاكل اجتماعية في التواصل اللفظي وغير اللفظي المتعلق بـ:
- التحية
- الانتقال في الحوارات، اعتماداً على الموقف
- القواعد الاجتماعية خلال الحوار، مثل التريث حتى يحين دوره في الكلام
- استيعاب التواصل غير المباشر
ظهور الأعراض منذ الطفولة وتسببها بصعوبات في:
- الأداء
- التواصل والمشاركة الاجتماعية
- الأداء الأكاديمي أو الوظيفي
- العلاقات الاجتماعية
والمعيار الأخير هو لزوم ألا يستوفي الفرد معايير اضطراب طيف التوحد.
الاضطرابات المصاحبة لاضطرابات التواصل
في بعض الأحيان، تترافق اضطرابات التواصل مع الاضطرابات النمائية العصبية. لكن، شرح الدليل أنه وعلى الرغم من أوجه التشابه العديدة، لا يمكن أن يترافق حدوث اضطرابات التواصل مع اضطراب طيف التوحد، نظراً لأن الضعف الاجتماعي وعجز التواصل هما معياران لاضطراب التواصل الاجتماعي بالأصل.
يتشارك أولئك الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد تحديات مشتركة على وجه الخصوص فيما يتعلق بالإشارات الاجتماعية مع الذين تم تشخيصهم باضطراب التواصل الاجتماعي.
على الرغم من أوجه التشابه، فإن المصابين باضطراب طيف التوحد لا يُظهرون سوى صعوبات في إشارات لفظية وغير لفظية معينة، على عكس اضطراب التواصل الاجتماعي والذي يجب أن يستوفي فيه الفرد معايير أخرى حتى يتم التشخيص به.
يشيع اقتران اضطراب التواصل الاجتماعي بشكل كبير مع الاضطرابات النمائية العصبية مثل نقص الانتباه وفرط النشاط واضطراب السلوك.
يتم التشخيص باضطرابات التواصل في الغالب خلال مرحلة الطفولة
يمكن التشخيص باضطرابات التواصل في مرحلتي الطفولة والبلوغ. لكن، شملت أغلب أبحاث العجز الاجتماعي دراسات أجريت على الرضع الصغار والمراهقين.
في مرحلة البلوغ، يصبح اكتشاف الضعف ومعالجته أمراً صعباً، نظراً لأنه لم يعد مشكلة نمائية، بل عادات اجتماعية تتداخل مع التواصل والمعايير الاجتماعية.
تقييم اضطرابات التواصل
يمكن أن يواجه الخبراء صعوبة في تقييم العجز الاجتماعي أو ضعف التواصل عند الأفراد لأنه لا يظهر إلا خلال تفاعلات اجتماعية حقيقية.
لا توجد أبحاث كثيرة تشرح كيفية تقييم اضطرابات التواصل عند البالغين، لكن هناك معلومات حول تقييمه عند الأطفال.
الإفادات والتقارير الخاصة باضطرابات التواصل
نظراً لصعوبة فحص تفاعل الأطفال العادي خلال المواقف الاجتماعية، يمكن الاعتماد على إفادات الأهل والمدرسين بشكل كبير.
يقيّم الأهل والمدرسون تواصل الطفل والإشارات الاجتماعية خلال التفاعلات اليومية ويقدمون إفاداتهم الخاصة بسلوكه إلى الطبيب
يتبع كل من الأهل والمدرسين القوائم المرجعية التي تناسب الأطفال من سن الرابعة وحتى السابعة وذلك لتقييم التفاعل الاجتماعي لديهم.
يقيس الطبيب مهارات التواصل والحوار عند الطفل. يصعب الحصول على بيانات محددة وعملية من خلال هذا التقييم لأنه يتطلب الوقت والصبر. يجب أن يكون جمع البيانات من قبل الأهل والمدرسين متسقاً ومنتظماً.
خلال هذه الجلسات، يستطيع الطبيب تقييم أوجه العجز الاجتماعي الموجودة. وبعد ذلك، يحدد خطة العلاج الضرورية. يمكن ألا يكون التقييم على قدر كبير من الفعالية، خاصة عند الأطفال الصغار، لأنهم يتفاعلون مع بالغين غير مألوفين بالنسبة لهم
التقييمات المتبعة في اضطرابات التواصل
يستخدم الأطباء السريريون إجراءات تقييم محددة لتقييم مهارات الطفل البراغماتية من خلال الطلب منه تحديد عوامل معينة من القصص وتفسيرها والتعبير عما يسرده بشكل مترابط ومتسق. تستكشف هذه الإجراءات كيفية تفسير الفرد اللغة المجازية وغير المباشرة؛ مثل الاستعارات، الدعابة والمصطلحات.
يخشى بعض الأطباء والباحثين أن تكون هذه المقاييس غير قادرة على تقييم العجز الاجتماعي وضعف التواصل بشكل ناجح لأن التفاعلات غير حقيقية.
علاج اضطرابات التواصل
يتضمن علاج اضطرابات التواصل عادة جلسات علاجية تركز على تطوير المهارات الاجتماعية والتواصلية التي تساعد على تعزيز وفهم القواعد الاجتماعية خلال المحادثات والمشاركة الاجتماعية.
توسع هذه الجلسات أيضاً معرفة الفرد بالكلمات وتساعد في معالجة وفهم اللغويات، المفاهيم وسرد القصص.
تسعى أغلب التدخلات العلاجية إلى تطوير الوعي الميتا براغماتي والذي يعني “القدرة على التماهي بشكل واضح والتفكير بالقواعد البراغماتية / استخدام اللغة/ “.
التدخلات العلاجية
لا توجد الكثير من الدراسات التي تقيّم التدخلات العلاجية لاضطرابات التواصل، لكن شرحت دراسة على وجه الخصوص والتي تناولت التدخلات في الكلام واللغة عند الأطفال المصابين باضطرابات التواصل الاجتماعي أن المعالجين يجرون عادة سلسلة مكونة من 20 جلسة، ويستخدمون أيضاً تقارير وإفادات الأهل والمدرسين، الملاحظات السردية، والتقييمات للمساعدة في إحداث تقدم في العلاج.
على الرغم من أن علاج الكلام – اللغة يبدو فعالاً في نهاية الجلسات، فإن هناك مخاوف بأنه، ومع تقدم الطفل بالعمر ودخوله مراحل مختلفة من الحياة، تغدو الجلسات القصيرة غير كافية.
مع استمرار توسع الأبحاث التي تتناول اضطرابات النمو، لا بد من استكشاف المزيد من خيارات العلاج لتقديم خطط علاجية محددة خلال مراحل نمو الطفل وتطوره وعلاجات محتملة للبالغين الذين لم يتم تشخيصهم في مرحلة الطفولة.
اقرأ أيضاً: اضطرابات التعلم (إعاقات التعلم)، ما هي وما أنواعها وتأثيراتها؟
اقـرأ أيضاً: عشرة اضطرابات نفسية يمكن أن تصيب الفرد في مرحلة الطفولة
اقرأ أيضـاً: اضطراب السلوك عند الأطفال، أسبابه، تشخيصه وطريقة العلاج
المصدر: Types of Communication Disorders
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم