يمكن لأفكارنا الخاصة أن تحملنا نحو الأمان أو حتى البقاء. لكن عندما تنبثق الأفكار السلبية بوتيرة متكررة، ستؤدي إلى شعورنا بالإرهاق أو حتى الوحدة. وإن كنت ممن لديهم أفكار كارثية، فهذا يعني أنك غالباً ما تتوقع السيناريو الأسوأ لأي موقف يصادفك. فيما يلي سنوجز قائمة بعدة تقنيات تساعد في كبح هذه الأفكار السلبية والمساعدة في إيقاف التفكير الكارثي (التهويل).
التفكير الكارثي (Catastrophic thinking)، والمعروف أيضاً باسم التهويل (catastrophizing)، هو تفكير غير منطقي يقود نحو افتراض حدوث نتائج عكسية للنتائج التي تطمح لها. يوجد العديد من الأسباب التي يعزى لها هذا التفكير، مثل القلق واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) والألم المزمن.
تسبب النوبات المتكررة من التهويل المزيد من التوتر، وذلك لأنها تبقي جسدك في حالة كر أو فر أو تجمد (قتال أو هروب أو تجمد) مستمر. ويؤدي الإجهاد المزمن إلى مجموعة متنوعة من المشكلات الصحية.
ما هو التفكير الكارثي؟
في حال كنت ممن تراودهم الأفكار الكارثية، فهذا يعني أنك قد تواجه مشكلات في التعامل مع المشاعر السلبية عموماً.
رغم ذلك، باعتمادك التهويل وإيلاء المزيد من الاهتمام للأفكار السلبية، أنت تساعد نفسك على تنظيم تلك المشاعر. لكن بنفس الوقت هذه العملية تجهد عقلك وجسدك.
هذا النوع من التشويه المعرفي يرتبط إلى حد ما بالاعتقاد الجوهري الدفين لديك. وفهمك لهذا الرابط يساعدك في تنظيم أفكارك غير المنطقية حالما تطفو أعلى الأفكار الأخرى.
طرق لإيقاف التفكير الكارثي
يمكن أن يكون التهويل (التفكير الكارثي) عادةً عقليةً يصعب التخلص منها. ومع ذلك، ومن خلال الممارسة من الممكن تغيير طريقة التفكير هذه، وإليك الطرق التي من شأنها أن تساعدك في ذلك:
ممارسة اليقظة الذهنية
تم طرح فكرة ممارسة اليقظة الذهنية، كالتأمل أو اليوجا، في دراسة أُجريت عام 2018 لتقليل التفكير الكارثي المرتبط بالألم المزمن الذي كان يعاني منه المشاركين في تلك الدراسة. وبتركيز المشاركين على الأفكار بالنظر إليها على أنها تخص شخصاً آخر، أدركوا الوقت الذي كانت فيه أفكارهم المتعلقة بالألم غير منطقية.
بينت دراسة تجريبية أُجريت عام 2019 نجاح جهود الممرضات ومقدمي الرعاية في معالجة الألم لدى مرضى الخلية المنجلية عبر تعليمهم أساليب اليقظة الذهنية. ويمكن لطبيبك أو فريق الرعاية مساعدتك في تحديد ما إذا كانت هذه الممارسات مناسبة لك أم لا.
العلاج المعرفي السلوكي يساعد في إيقاف التفكير الكارثي
يساعد العلاج المعرفي السلوكي (CBT) على تعلم طرق تساعد في التعرف على محفزات الأفكار السلبية وتحويل تلك الأفكار بعيدة عنها.
وفي دراسة أجريت عام 2017 على 16 مريضاً مصاباً بالألم العضلي الليفي أو المعروف بـ “الفيبروميالغيا”، تبيّن أن العلاج السلوكي المعرفي أدى إلى انخفاض طويل الأمد في الأعراض.
وتوصلت دراسة أخرى عام 2020 أجريت على المصابين باضطراب ما بعد الصدمة، أن أعراض الاضطراب قد خفّت بعد أن شاركوا في العلاج المعرفي السلوكي لوقف التهويل (التفكير الكارثي).
كتابة اليوميات
يمكنك التدوين على دفتر ملاحظات، أو استخدام مذكرة صوتية على شكل تطبيق إذا كنت لا تهوى الكتابة على الورق، وذلك لتسجيل أفكارك حالما تبدأ في التهويل. سيساعدك هذا على تتبع أنماط التفكير وبالتالي التوقف عن التهويل.
ضع في اعتبارك جدولة الوقت خلال الأسبوع لمراجعة ما دونته على دفتر يومياتك، وتدوين الموضوعات المتكررة التي تلاحظها. يمكنك جني العديد من الفوائد الأخرى من كتابة اليوميات.
هل تقول أفكارك السلبية لشخص آخر؟
قد يكون من المفيد التعبير عن أفكارك السلبية بصوت عالٍ بدلاً من تركها تتخبط في رأسك.
فقولك بصوت عالٍ مثلاً، “يريد مديري رؤيتي ليطردني، أنا فاشل” أو “أشعر بالألم، لا بد أني أحتضر”، يمكن أن يكون كافياً لجعلك ترى أن أفكارك يُحتمل أن تكون غير عقلانية.
ربما لن تقول ما تفكر فيه لشريكك أو ابنك أو زميلك. إذا كان الأمر كذلك، فكر في سؤال نفسك عن السبب الذي يدفعك لذلك.
تحدى نفسك
يمكن أن يساعدك تعلم التعرف على الوقت الذي تبدأ فيه بالتهويل (التفكير الكارثي) في تحدي نفسك لإيقاف تلك الدوامة. ويمكنك ممارسة لحظات من الهدوء لتعي تماماً ما تشعر به في تلك اللحظة. وبمرور الوقت، يمكن أن تساعدك هذه الممارسة على تطوير وعيك بكيفية إدارة أفكارك.
ضع في اعتبارك أن تأخذ دقيقة واحدة للتريث، ومراقبة محيطك، والتركيز على الطريقة التي تؤثر بها بيئتك الحالية على نمط تفكيرك. إذا كنت مرتاحاً، تدرب على قول ما تراقبه بصوت عالٍ لمساعدتك في التعبير عما تخوضه.
ممارسة التمارين الرياضية
في دراسة أُجريت عام 2020 على الأشخاص المصابين بالفيبروميالغيا، تبين أن ممارسة التمارين الرياضية البسيطة التي تركز على زيادة القدرة على التحمل والتنسيق، يمكنها المساعدة في إيقاف التفكير الكارثي.
وقد تساهم التمارين الرياضية أيضاً في تقليل أعراض القلق ومسببات الضغط الخارجية، ومن ثم زيادة مقاومتك لحلقة التفكير الكارثي.
يمكن إضافة تمارين معينة إلى الروتين اليومي، مثل:
- المشي.
- اليوجا.
- التمارين الرياضية المائية.
- تمارين اللياقة البدنية.
الخلاصة
عندما تبدأ بالتهويل، قد يبدو من المستحيل كسر دائرة الأفكار السلبية التي قد تقودك إلى متاهات من الأفكار. قد تكون هذه هي طريقتك في التعايش مع الصدمة أو الألم المزمن أو المرض المزمن.
لكن التوتر الناجم عن حلقة التفكير الكارثية هذه يمكن أن يكون له عواقب جسدية ونفسية جسيمة.
من الممكن أن تتعلم كيفية استعادة تركيزك عندما تنبثق الأفكار الكارثية وتجنب السلبية التي تنتج عنها. كما أن تحدي نفسك عندما تبدأ في التهويل والتعبير عن أفكارك يساعدانك في إدراك أنك لم تعد تفكر بعقلانية وأن تكبح جماح عملية التهويل (التفكير الكارثي).
اقرأ أيضاً: ما هي التشوهات المعرفية؟ وما هي أنماط التشوهات المحددة في العلاج السلوكي المعرفي؟
اقرأ أيضاً: التفكير ثنائي التفرع واضطراب الشخصية الحدية
اقرأ أيضاً: التفكير الإيجابي، ما هو وما علاقته بالعيش حياة أطول؟
المصدر: How to Stop Catastrophic Thinking: 6 Ways
تدقيق: لبنى حمزة
تحرير: جعفر ملحم