يشير مصطلح التنمر الإلكتروني (Cyberbullying) إلى استخدام التكنولوجيا الرقمية بهدف إيذاء الآخرين ويُعرف أيضاً باسم التسلط الإلكتروني. يتنشر التنمر عبر الانترنت بشكل واسع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنه يمكن أن يحدث عن طريق الهواتف النقالة (أي التنمر القائم على الرسائل النصية).
تعد وسائل التواصل الاجتماعي واحدة من القنوات الرئيسية التي يحدث عبرها التنمر أو التسلط الإلكتروني بما فيها مواقع فيس بوك، إنستجرام، تيك توك، سناب شات وغيرها الكثير.
لطالما اعتُبر التنمر الإلكتروني (سواء عبر الانترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي) مشكلة صحية عامة، مع تضاعف انتشاره بين عامي 2007 و 2019، وإفادة 59% من المراهقين في الولايات المتحدة الأمريكية بتعرضهم للتنمر أو المضايقة الإلكترونية (harassment).
عموماً، يعد التنمر الإلكتروني مشكلة حديثة مع تزايد عدد مستخدمي الإنترنت. لهذا السبب، لا يزال أمراً غير مفهوم بشكل جيد. بالإضافة إلى ذلك، يتمحور الكثير من التركيز فيه حول كيفية تأثير التنمر الإلكتروني على الضحية دون طريقة التأقلم معه، الحد منه أو ما يمكن فعله إذا كان الفرد متنمراً إلكترونياً.
ما هو التنمر الإلكتروني؟
التنمر الإلكتروني، التنمر عبر الإنترنت أو التسلط الإلكتروني هو الاستخدام المتعمد والمتكرر للتكنولوجيا الرقمية بهدف تهديد شخص آخر أو مضايقته أو إهانته أمام العلن.
يستعين المتنمر الإلكتروني بالتكنولوجيا الرقمية، ما يعني أن معظم الأشخاص يتنمرون أو يتعرضون للتنمر عبر أجهزة الخليوي، الأجهزة اللوحية أو الحواسيب.
يمكن أن يظهر المتنمرون إلكترونياً في وسائل التواصل الاجتماعي، داخل التطبيقات، في المنتديات، أثناء اللعب وأكثر. لكن، يعمل المتنمر الإلكتروني الأكثر شخصية من خلال البريد الإلكتروني، الرسائل النصية والرسائل المباشرة.
جادل الباحثون أن التنمر الإلكتروني (التسلط الإلكتروني)يظهر في ضوء خمسة معايير: النية، التكرار، اختلال توازن القوى، السرية والشهرة.
النية أو القصد (Intention)
ينوي المتنمرون الإلكترونيون عموماً الأذى عندما ينخرطون في التنمر عبر الإنترنت. لكن، لا يزال من الممكن أن يحدث التنمر دون نية إذا رأى الضحية أن الأفعال ضارة.
التكرار (Repetition)
يعد التكرار السمة المميزة للتنمر الإلكتروني، ويشير إلى الأفعال المتكررة من جانب الشخص المتنمر، وأيضاً إلى حقيقة أن المواد التي يتم مشاركتها عبر الإنترنت يمكن أن تدوم مدة أطول من التنمر الأصلي. هذا الأمر صحيحاً بشكل خاص في حالة مشاركة معلومات أو صور شخصية كشكل من أشكال التنمر الإلكتروني.
اختلال توازن القوى (Power Imbalance)
السمة المميزة الأخرى للتنمر الإلكتروني هي اختلال توازن القوى بين الضحية والمتنمر. يمكن أن يكون ذلك الأمر صحيحاً بشكل خاص إذا حدث التنمر في منتدى عام على الإنترنت.
السرية (Anonymity)
يستعين بعض المتنمرين بأسماء مستعارة يخفون من خلالها هويتهم الحقيقية خلف شاشات حواسيبهم عند التنمر على الآخرين. في هذه الحالة، لا حاجة لحالة اختلال توازن القوى في العلاقة بين المتنمر والضحية.
الإشهار (Publicity)
أخيراً، تنطوي إحدى السمات الأخرى للتنمر الإلكتروني على استخدام الإشهار. هذا صحيح بشكل خاص بالنسبة لأولئك الذين يختارن إهانة أو تعييب شخص آخر على الملأ باعتباره شكلاً من أشكال التنمر الخاصة بهم.
أشكال التنمر الإلكتروني
فيما يلي قائمة بأنواع التنمر الإلكتروني (التسلط الإلكتروني) المنتشرة:
- المضايقة (Flaming): تشير المضايقة إلى استخدام لغة مؤججة لمشاعر شخص ما أو نشر رسائل مهينة حوله بهدف إغضابه. على سبيل المثال، استخدام دونالد ترامب لعبارة ” هيلاري الفاسدة” أو “بايدن النّعس”.
- التشهير (Outing): يتضمن مشاركة معلومات شخصية محرجة عن شخص ما على الإنترنت، يحدث هذا النوع من التنمر الإلكتروني عادة على نطاق أوسع أكثر من شخص لشخص أو ضمن مجموعة صغيرة.
- الشتم (Name Calling): يتضمن الشتم استخدام لغة مهينة للإشارة إلى أشخاص آخرين. أظهرت الأبحاث أن 42% من المراهقين أفادوا بأنهم تعرضوا لهذا النوع من الإهانة عبر هواتفهم المحمولة أو الإنترنت.
- التصيد (Trolling): يشير التصيد إلى نشر محتوى أو تعليقات بهدف تحريض الناس على إبداء ردود أفعال محرجة عبر الإنترنت. بمعنى آخر، يقول المتصيد شيئاً مهيناً أو مسيئاً عن شخص أو مجموعة ما، مدفوعاً بنية إغضاب الناس ضد الشخص أو المجموعة. يستمتع هذا النوع من المتنمرين بخلق الفوضى ومشاهدة ما يحدث بعدها.
- نشر إشاعات كاذبة: يختلق المتنمرون عبر الإنترنت الذين ينشرون إشاعات كاذبة قصصاً عن أفراد آخرين ثم ينشرونها عبر الإنترنت. في ذات التقرير، أفاد 32% من المراهقين بأن شخصاً نشر إشاعات كاذبة عنهم على الإنترنت.
- إرسال صور أو رسائل فاضحة: قد يرسل المتنمرون عبر الإنترنت صوراً فاضحة أو رسائل خادشة للحياء دون رضا الضحية.
- التعقب (Stalking) /التحرش (Harassing)/ التهديد الجسدي الإلكتروني: يستهدف بعض هؤلاء المتنمرين بشكل متكرر نفس الأشخاص عن طريق تعقبهم، التحرش بهم أو تهديدهم جسدياً عبر الإنترنت. أفاد التقرير أن 16% من المراهقين أبلغوا عن أنهم كانوا ضحية التهديد الجسدي من خلال الإنترنت.
أسباب التنمر الإلكتروني
يمكن أن تلعب عوامل مختلفة دوراً في انخراط الفرد في هذا النوع من التنمر بما فيها:
المشاكل الصحية النفسية
قد يعاني المتنمر عبر الإنترنت من مشكلات صحية نفسية تتعلق بالتنمر أو تفاقمه بما في ذلك العدوانية، فرط النشاط أو الاندفاع إضافة إلى تعاطي المواد المخدرة.
علاوة على ذلك، أولئك الذين يمتلكون ميزات شخصية تشبه من يمتلك صفات حاقدة أو ما يعرف بـ “رباعي الظلام/dark tetrad” للنرجسية أو السايكوباتية قد يكونون في خطر أكبر للانخراط في التنمر الإلكتروني (التسلط الإلكتروني)، إذ يميل هؤلاء الأشخاص إلى أن يكونوا أقل تعاطفاً مع الآخرين ويلجأون إلى التنمر عليهم كوسيلة لزيادة إحساسهم بالسلطة والجدارة.
ضحايا التنمر
يصبح ضحايا التنمر متنمرين أحياناً وذلك بعد مرورهم بتجربة التنمر الإلكتروني هم أنفسهم. بهذه الطريقة، قد يبحثون عن الشعور بالسيطرة أو يغضبون بعد أن كانوا ضحية للتنمر وغير قادرين على الانتقام من المتنمر الأصلي.
الصراعات أو الانفصال
قد تؤجج الصراعات بين الأصدقاء أو الانفصال بين الشريكين التنمر الإلكتروني بينهم. بهذه الطريقة، يُعتبر هذا النوع من التنمر مساقاً بالرغبة في الانتقام أو بالغيرة.
الملل أو تجربة شخصية جديدة
اقترح البعض أن الناس قد ينخرطوا في التنمر الإلكتروني بسبب الملل أو الرغبة في الدخول في تجربة شخصية جديدة على الإنترنت، ويكون هذا النوع من التنمر الإلكتروني مجهول الهوية عادة.
الوحدة والعزلة
يمكن أن يصارع المتنمرون عبر الإنترنت شعور العزلة والوحدة في المجتمع. إذا شعروا بإهمال الآخرين ورفضهم لهم، قد يهاجمون الآخرين كطريقة لتحسين شعورهم أو التنفيس عن غيظهم من المجتمع حولهم.
لماذا يصبح الناس متنمرين إلكترونياً؟
في حين أن البعض يتنمر في الحقيقة والعالم الافتراضي على حد سواء، هناك آخرون يصبحون أشخاصاً متنمرين عبر الإنترنت فقط. لماذا؟ هناك عدة تفسيرات لذلك.
السرية والخوف من المواجهة
يتعلق السبب الأول في كون البعض متنمراً عبر الإنترنت فقط (ليس في الحياة الواقعية) بطبيعة الإنترنت، إذ يستطيع الفرد التنمر على الآخرين عبره مع البقاء مجهول الهوية تماماً؛ وهو أمر مستحيل في الحياة الواقعية.
بالإضافة إلى ذلك، يحدث التنمر الإلكتروني (التسلط الإلكتروني) دون مواجهة؛ خاصة إذا كان المتنمر مجهول الهوية، ما يعني أن المتنمر يمكن أن يترك تعليقات سلبية في أي موقع إلكتروني دون أن يكلف نفسه عناء رؤية الردود عليها.
لا حاجة لأن يكون الفرد ذو شعبية أو أقوى جسدياً
حتى يتنمر الفرد في الواقع، فإنه يحتاج عادة لأن يمتلك بعض الامتيازات على الضحية، جسدياً أو اجتماعياً على سبيل المثال.
في المقابل، يمكن لأي شخص أن يصبح متنمراً عبر الإنترنت؛ فلا حاجة لأن يهيمن جسدياً أو أن يكون أكثر شعبية من الضحية؛ ما يعني أنه يستطيع التنمر بسهولة بغض النظر عن وضعه في الحياة الواقعية.
سهولة الدخول إلى الإنترنت أحد أسباب التنمر الإلكتروني
على غرار مفهوم عدم الحاجة للهيمنة أو الشعبية، لا وجود لعوائق تمنع أن يصبح الفرد متنمراً عبر الإنترنت. إذ أن دخول إليه متاح أمام الجميع، ولا يمكن تحديد من هم الأصدقاء فعلياً، ما يخلق حالة تسمح للجميع بالتنمر.
عدم وجود رد من الضحية يغذي حالات التنمر الإلكتروني
أخيراً، يرتبط السبب في سهولة التنمر الإلكتروني بالافتقار لردود الفعل من الضحية على عكس الحال وجهاً لوجه حيث يستطيع المتنمر رؤية الأثر على الضحية والتراجع عن تصرفه. ينخرط المتنمرون عبر الإنترنت في التنمر عادة على مدى فترة زمنية طويلة، ويعود السبب الأكبر في ذلك إلى عدم وجود ردود من الضحية أو مواجهة معهم وجهاً لوجه.
الاختلاف بين التنمر الإلكتروني والتنمر في العالم الحقيقي (وجهاً لوجه)
في التنمر الإلكتروني، لا مفر أمام الضحية من الإساءة أو المضايقة. على عكس المواجهة في العالم الواقعي، لا يتوقف التنمر عبر الإنترنت فعلياً وقد يستمر بلا هوادة.
هذا ما يُشعر الضحية بأن لا سبيل للهروب، خاصةً، إذا كان التنمر ينطوي على مشاركة معلومات شخصية عن الضحية أو إذا انتشر ما تم نشره عنها بشكل سريع، لذا فإن هذا النوع من التنمر قد يكون مستمراً على مدى وقت طويل.
تأثير التنمر الإلكتروني
للتنمر الإلكتروني آثار يمكن أن تظهر على أولئك الذين يتعاملون مع المتنمرين وخاصة في حالة التنمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي. قد يكون مفيداً معرفة ما يمكن توقع رؤيته على الضحية، إذ يمكن أن يكون هذا أحد الطرق للتعرف على أن الشخص يتعرض للتنمر الإلكتروني.
تكون بعض آثار التنمر الإلكتروني (التسلط الإلكتروني) أقوى من تلك التي يسببها التنمر العادي، نظراً لأن الضحية لا تستطيع الهروب من حالة الإساءة هذه أحياناً. قد تشمل آثار التنمر الإلكتروني ما يلي:
- الشعور بالإجهاد من التنمر
- ازدياد الشعور بالاكتئاب وتقلبات المزاج
- تفاقم الشعور بالقلق
- مشاكل في النوم ( الأرق)
- الأفكار الانتحارية أو محاولة الانتحار
- شعور متزايد بالخوف
- انخفاض تقدير أو جدارة الذات
- العزلة الاجتماعية، الانسحاب من مجموعات الأصدقاء أو قضاء الكثير من الوقت وحيداً
تجنب القيام بالأشياء التي كانت تبعث على المتعة في السابق
- انخفاض الأداء الأكاديمي
- مشكلات في العلاقات مع أفراد العائلة والأصدقاء
- أعراض اضطراب ما بعد الصدمة
- أذية النفس.
- تعاطي المواد المخدرة
- ازدياد الشعور بالغضب، الانفعال أو تفاقم حدوث نوبات الغضب.
صفات ضحايا التنمر الإلكتروني
في الحقيقة، هناك بعض الجوانب الشائعة التي يتكرر ظهورها لدى ضحايا التنمر الإلكتروني :
- المراهقون والبالغون الشباب هم الأكثر عرضة لخطر التنمر الإلكتروني.
- الفتيات هم أكثر عرضة لنشر إشاعات كاذبة عنهم وصور فاضحة لهم.
- قد يكون المثليون، ثنائيو الجنس أو المتحولون جنسياً ضحايا التنمر أحياناً.
- الأشخاص ذوو الدخل المادي القليل أكثر عرضة للتنمر من غيرهم.
- الأشخاص الذين يستخدمون الإنترنت بشكل مستمر أكثر عرضة لأن يكونوا ضحايا التنمر الإلكتروني (التسلط الإلكتروني).
أي شخص يمكن أن يكون ضحية التنمر الإلكتروني، حتى أولئك الذين يعتبرون شخصيات مشهورة. ويميل الأشخاص الذين يمتلكون عدداً كبيراً من المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي إلى أن يكونوا هدفاً للتنمر الإلكتروني.
كيفية التعامل مع التنمر الإلكتروني كوالد
إذا كان طفلك يتعرض للتنمر عبر الإنترنت، فإن أفضل مسار تتخذه هو تعليمه عدم الرد على المتنمر. بالإضافة إلى ذلك، أخبره أن يوثق كل حالة من حالات التنمر الإلكتروني عن طريق حفظ الرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني والصور و عبر وسائل منصات التواصل الاجتماعي وأي أشكال أخرى.
يمكن القيام بذلك باستخدام لقطات الشاشة إذا لزم الأمر. اطلب من طفلك إرسال هذه المعلومات إليك حتى يكون لديك سجلات لكل شيء.
بعد ذلك، إذا كان التنمر من أحد ما في المدرسة، فأبلغ المعلم أو المدير أو الموظفين الإداريين فيها. في حالة التنمر الشديد أو التهديدات، يجب عليك أيضاً إبلاغ الشرطة.
أخيراً، من المهم طمأنة طفلك بأنه ليس مسؤولاً عن التنمر الذي يتعرض له. قد يشعر بعض الضحايا أن سلوكهم خلق المشكلة أو أنهم مُلامون بطريقة ما. لهذا السبب، من المهم التأكد من أن طفلك يعرف أن ما حدث ليس خطأه.
كيفية التعامل مع التنمر الإلكتروني كشخص بالغ
تنطبق العديد من المبادئ المذكورة أعلاه على وضعك كشخص بالغ يتعامل مع متنمر إلكتروني.
بادئ الأمر، تأكد من الاحتفاظ بسجلات لجميع حالات التنمر ، سواء كانت تأتي عبر رسائلك النصية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل محادثات المراسلة أو في مجموعات فيس بوك أو إنستغرام أو مصادر أخرى عبر الإنترنت. خذ لقطات شاشة واحتفظ بمجلدات على جهاز الكمبيوتر الخاص بك مع دليل على ما تتعرض له من تنمر.
بعد ذلك، إذا كنت تعرف مصدره، حدد ما إذا كان هناك مسار عمل يمكنك اتخاذه فيما يتعلق بهذا الشخص.
على سبيل المثال، إذا كان زميلاً أو مشرفاً في العمل، فهل يوجد شخص في قسم الموارد البشرية في العمل يمكنك التحدث إليه؟ إذا كان أحد أفراد الأسرة، فهل هناك طريقة لطرح هذه القضية على أفراد الأسرة الآخرين لطلب دعمهم؟
أخيراً، إذا كان شخص ما تعرفه عبر الإنترنت فقط، فهل يمكنك حظره وحذفه من جميع وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بك؟
سيكون أفضل ما تقوم به هو تجاهل التنمر قدر الإمكان. مع ذلك، إذا كنت تتلقى تهديدات، يجب إبلاغ الشرطة بذلك، إلى جانب الأدلة التي جمعتها.
كيف يجب أن يتعامل المجتمع مع التنمر الإلكتروني؟
لا يكفي أن يتعامل ضحايا التنمر الإلكتروني مع المتنمرين ويحاولون التوصل إلى حلول. في كثير من الأحيان، يكون هؤلاء الضحايا في حالة ذهول عاطفي وغير قادرين على إيجاد المساعدة (هذه الحالات منتشرة بكثرة بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي).
مهمّتنا كمجتمع هي العمل نحو إنشاء أنظمة تمنع حدوث التنمر عبر الإنترنت تماماً. فيما يلي بعض الأفكار الممكنة لمبادرة تصب في نفس الهدف.
لا يزال الأطفال والمراهقون الذين يتعرضون للتنمر عبر الإنترنت يتعلمون كيفية تنظيم المشاعر والتعامل مع المواقف الاجتماعية. يمكن أن يكون للتنمر الإلكتروني في هذا العمر آثار دائمة. يجب توفير مصادر الصحة النفسية لمساعدة ضحايا التنمر عبر الإنترنت على إدارة صحتهم النفسية.
يتغذى التنمر الإلكتروني ويزدهر تبعاً للحالة وموافقة الضحية، سيتوقف التنمر عبر الإنترنت عندما يتوسع وينتشر الرفض الاجتماعي له لدرجة أنه لم يعد هناك ما يحققه. هذا يعني أنه لا يجب تجاهل أي حالة من حالات التنمر عبر الإنترنت. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون هناك حملات توعية بأن التنمر عبر الإنترنت ليس غير مقبول فحسب، بل هو علامة على ضعف الوضع الاجتماعي.
المدارس هي نقطة الاتصال للأهل الذين يحاولون مساعدة أطفالهم الذين يتعرضون للتنمر عبر الإنترنت. لهذا السبب، يجب أن يكون لدى المدارس برامج وبروتوكولات للتعامل الفوري والسريع مع التنمر عبر الإنترنت، ويجب ألا يضطر الآباء إلى طلب المساعدة عدة مرات دون تلقيها.
ماذا لو كنت أنت متنمراً إلكترونياً؟
ماذا يحدث إذا كنت أنت نفسك متنمراً؟ إذا كنت تشارك في التنمر عبر الإنترنت وترغب في التوقف، فستحتاج إلى تقييم أسبابك للانخراط في التنمر، لأن هذا سيفيد أفضل مسار عمل لك. لنفكر في كل مما يلي وما يمكنك القيام به.
أنت تعاني من مشكلة صحية نفسية
إذا كنت تشعر أن صحتك النفسية ليست جيدة وأن ذلك قد يساهم في سلوكك في التنمر عبر الإنترنت، فقم بتحديد موعد مع طبيبك لمناقشة خياراتك. على سبيل المثال، إذا كنت تعاني من الغضب أو العدوانية، فقد تستفيد من برنامج إدارة الغضب.
إذا كان لديك تعاطف منخفض مع الآخرين أو تتوافق بعض أوجه شخصيتك مع سمات السيكوباتية (الاعتلال النفسي)، فسيكون من الصعب عليك إيجاد رؤية أعمق والتغيير. ومع ذلك، يمكنك محاولة توجيه طاقتك إلى مساعي مختلفة.
على سبيل المثال، إذا كنت تتنمّر عبر الإنترنت على شخص ما لأنه يمنحك إثارة، فهل هناك هواية يمكنك القيام بها أو عمل يمكنك البدء فيه من شأنه أن يمنحك إثارة دون عواقب على شخص آخر ؟
إن كنت أنت ضحية للتنمر
إذا كنت في يوم من الأيام ضحية للتنمر الإلكتروني، وهذا هو السبب في أنك تشارك الآن في التنمر الإلكتروني، فقد حان الوقت لإلقاء نظرة على خياراتك للتغيير. قد يكون لديك غضب لم يتم حله ويجب إزالته بطريقة مختلفة.
قد تشعر أيضاً بمزيد من القوة عندما تتنمر، مما يساعدك على التوقف عن الشعور وكأنك ضحية. في هذه الحالة، قد تحتاج إلى العمل على طرق أخرى لتحسين إحساسك بالذات حتى تتمكن من التوقف عن الشعور بالعجز والخروج عن السيطرة. على كل حال، كنت ذات مرة ضحية بنفسك، وأنت تعرف ماهية الشعور في هذا الموقف.
بدلاً من الاستمرار في دورة التنمر والضحية، لديك فرصة لكسر الحلقة وتجاوز ماضيك. من المحتمل أن تحتاج إلى مساعدة للقيام بذلك، على الأرجح في شكل مساعدة مختصة للعمل على ماضيك ومعالجته.
كان لديك صراع أو انفصال
إذا كنت تطارد شخصاً ما عبر الإنترنت بسبب صراع معه أو انفصال سيء عنه، فقد حان الوقت لإعادة تقييم سلوكك. ما الذي تأمل في تحقيقه من مطاردتك له عبر الإنترنت؟ مرة أخرى، قد تحتاج إلى مساعدة مختصة للعمل من خلال مشاعرك التي أدت إلى هذا السلوك.
أنت وحيد أو منعزل
ماذا لو كنت وحيداً فقط، وهذا هو سبب لجوئك إلى التنمر عبر الإنترنت ؟ يقع هذا النوع من التنمر ضمن نظاق الأشخاص الذين قد يشعرون أن العالم قد تجاوزهم، أو أن الجميع هناك يستمتعون بالحياة وهم وحدهم.
في هذه الحالة، ابحث عن طرق لبدء بناء علاقاتك الاجتماعية الشخصية. انضم إلى نادٍ، أو تطوع في مكان ما، أو مارس هواية لمقابلة أشخاص آخرين مثلك.
أنت تشعر بالملل
إذا كنت تتنمر عبر الإنترنت لأنك تشعر بالملل (ولست سايكوباتياً)، ففكر في سبب اعتقادك أنه من المقبول إيذاء شخص آخر مقابل جعل نفسك أقل شعوراً بالملل.
بالتأكيد، يشعر الكثير من الناس بالملل في العالم لكنهم ليسوا متنمرين أبداً. مارس هواية أو تعلم لغة ثانية أو ابحث عن شيء تفعله.
خلاصة
إذا كنت ضحية للتنمر عبر الإنترنت سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها، فاعلم أنك لست وحدك وأن هناك خيارات للمساعدة. أخيراً، إذا كنت أنت المتنمر، فلن يفوت الأوان أبداً للتغيير. افحص الأسباب وراء ذلك، واكتشف ما إذا كان بإمكانك العثور على بعض البدائل لوقف هذا السلوك.
اقرأ أيضاً: خمسة أنواع للتنمر عبر الإنترنت
اقـرأ أيضاً: تأثير قراءة التعليقات السلبية عبر الإنترنت على الصحة النفسية
اقرأ أيضاً: ما علاقة الهاتف المحمول ووسائل التواصل الاجتماعي بالضغط النفسي؟
المصدر: The Psychology of Cyberbullying
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم