الذكاء العام (العامل G)، ما هو وما آلية عمله وتأثيراته؟

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

يشير الذكاء العام (General Intelligence)، والمعروف أيضاً باسم “العامل G” إلى وجود إمكانية عقلية واسعة تؤثر على الأداء في مقاييس القدرة المعرفية. تستخدم مصطلحات أخرى بشكل متبادل مع الذكاء العام مثل “الذكاء”، “حاصل الذكاء IQ”، القدرة المعرفية العامة والقدرة العقلية العامة.

ما هو الذكاء العام؟

يمكن تعريف الذكاء العام بأنه بناء مكون من قدرات معرفية مختلفة تتيح أمام الناس اكتساب المعرفة وحل المشكلات. هذه القدرة العقلية العامة (القدرة المعرفية العامة) هي ما ترتكز عليه المهارات المعرفية المرتبطة بمجالات مثل القدرات المكانية، العددية، الميكانيكية واللفظية. الأهم أن الذكاء العام يؤثر على الأداء في المهام المعرفية كافة.

آلية عمل الذكاء العام

يمكن تشبيه الذكاء العام بالرياضة؛ قد يكون شخص ما عدّاء ماهراً جداً، لكن لا يعني هذا بالضرورة أنه سيكون أيضاً متزلجاً بارعاً.

في المقابل، ونظراً لأن هذا الشخص رياضي ويتمتع باللياقة البدنية، من المحتمل أن يكون أداؤه أفضل في المهام الجسدية الأخرى مقارنة بشخص قليل الحركة ولا يتمتع بتناسق عضلي.

ساهم عالم النفس تشارلز سبيرمان (Charles Spearman) في تطوير تقنية إحصائية عرفت باسم تحليل العوامل تتيح للباحثين استخدام عدد من عناصر الاختبار المختلفة لقياس القدرات الشائعة.

على سبيل المثال، قد يجد الباحثون أن أولئك الذين يحصلون على درجات جيدة في الأسئلة التي تقيس حصيلة المفردات اللغوية يكون أداؤهم أفضل أيضاً في الأسئلة المتعلقة باستيعاب القراءة.

عام 1904، اقترح سبيرمان أن “العامل G” (حاصل الذكاء IQ) كان المسؤول عن الأداء الكلي في اختبارات القدرة العقلية. لاحظ أنه وفي حين يتفوق الناس أحياناً في نواح معينة، فإن الذين أبلوا حسناً في أحد المجالات يميلون إلى الأداء الجيد في مجالات أخرى.

تأثرت كل المهام في اختبارات الذكاء بـ “العامل G” الأساسي، سواء كانت تتعلق بالقدرات اللفظية أو الحسابية

مكونات الذكاء العام

هناك عدد من العناصر المهمة التي يُعتقد أنها تشكل الذكاء العام، وتتضمن:

  • التفكير السائل (Fluid reasoning): وينطوي على قدرة التفكير بمرونة وحل المشكلات.
  • المعرفة (Knowledge): تشير إلى الفهم العام لدى الشخص لمجموعة واسعة من المواضيع، ويمكن أن يعتبر نظيراً للذكاء المتبلور (crystallized intelligence).
  • التفكير الكمّي (Quantitative reasoning): وينطوي على قدرة الفرد على حل المشكلات التي تتضمن أرقاماً.
  • المعالجة البصرية – المكانية (Visual-spatial processing): وترتبط بقدرات الفرد على تفسير المعلومات البصرية (المرئية) واستخدامها، مثل تركيب الألغاز ونسخ الأشكال المعقدة.
  • الذاكرة العاملة (Working memory): وتتضمن استخدام الفرد الذاكرة قصيرة الأمد مثل القدرة على تكرار عناصر قائمة ما.

قياس الذكاء العام

تقيس العديد من اختبارات الذكاء الحديثة بعض العوامل المعرفية التي يُعتقد أنها تشكل الذكاء العام. تقترح مثل هذه الاختبارات أن الذكاء يمكن قياسه والتعبير عنه من خلال رقم وحيد مثل درجة حاصل الذكاء (IQ).

يهدف اختبار ستانفورد – بينيه، وهو واحد من أشهر اختبارات الذكاء وأوسعها انتشاراً، إلى قياس العامل (G). بالإضافة إلى إعطاء درجة كلية، تقدم النسخة الحالية من الاختبار أيضاً مجموعة درجات مركبة ودرجات فرعية في عشرة مجالات مختلفة.

ماذا تعني درجات حاصل الذكاء؟

في حين يختلف نظام الدرجات، إلا أن الدرجة المتوسطة في الكثير من الاختبارات هي 100، وغالباً ما تستخدم التسميات التالية للدلالة على نطاقات مختلفة من الدرجات:

  • 54-40: ضعف أو تأخر معتدل.
  • 69-55:  ضعف أو تأخر طفيف.
  • 79-70: ضعف أو تأخر حدّي.
  • 89-80: متوسط ذكاء منخفض.
  • 109-90: ذكاء متوسط.
  • 119-110: متوسط ذكاء مرتفع.
  • 129-120: متفوق.
  • 144-130: ذكي أو متقدم جداً.
  • 160-145: ذكاء استثنائي (عبقري) أو متقدم جداً.

تأثير الذكاء العام

على الرغم من أن مفهوم الذكاء لا يزال موضع جدل بين أوساط علم النفس، يعتقد الباحثون أن الذكاء العام يرتبط بالنجاح في الحياة بشكل عام. تتضمن المجالات التي يمكن أن يؤثر فيها الذكاء العام في الحياة ما يلي:

التحصيل الدراسي 

أحد أكثر المجالات التي يظهر فيها تأثير الذكاء العام بشكل جلي هو الأداء الأكاديمي. في حين أن الذكاء يلعب دوراً في الحياة الأكاديمية، إلا أن مدى تأثيره على التحصيل الدراسي كان موضع جدل كبير.

أظهرت الأبحاث أن هناك رابطاً قوياً بين القدرة العقلية العامة (القدرة المعرفية العامة) والتحصيل الدراسي، إلا أنه لا يعمل بمفرده. بينت بعض الأبحاث أن 50-75 بالمئة من التحصيل الأكاديمي لا يمكن نسبه إلى الذكاء العام لوحده.

يعني هذا أنه وفي حين يؤثر الذكاء العام بالفعل على أداء الطفل في المدرسة، إلا أن عوامل أخرى يمكن أن تلعب دوراً في ذلك

النجاح في العمل

لطالما اعتُقد أن درجة حاصل الذكاء ترتبط بالنجاح المهني. ذلك هو ما ساهم في انتشار الاختبارات النفسية في فحوصات ما قبل التوظيف والتنسيب الوظيفي. لكن، يتساءل الكثيرون ما إذا كانت القدرة العقلية العامة (القدرة المعرفية العامة) أكثر أهمية بالفعل من القدرات العقلية الخاصة.

خلصت دراسة نُشرت عام 2020 في مجلة علم النفس التطبيقي (Applied Psychology) إلى أن كلاً من الذكاء العام والقدرات العقلية المحددة يلعبان دوراً مهماً في تحديد النجاح الوظيفي بما في ذلك الدخل والإنجاز المهني.

وتزداد أهمية العامل (G) في النجاح الوظيفي كلما زاد تعقيد العمل. بالنسبة للمهن ذات الدرجة العالية من التعقيد، يصبح امتلاك ذكاء عام أعلى ميزة أكبر.

الصحة وطول العمر

ينظر حقل علم الأوبئة المعرفي في ارتباطات الذكاء العام بالصحة، ومثلما تلعب الصحة دوراً في التأثير على الذكاء، يمكن أن يؤثر ذكاء الفرد على صحته. وجدت الدراسات أن الأفراد ممن يحصلون على معدلات حاصل ذكاء مرتفعة أقل عرضة لخطر:

  • أمراض القلب التاجية.
  • ارتفاع الضغط الشرياني.
  • البدانة.
  • السكتة الدماغية.
  • بعض أنواع السرطان.

وجدت الأبحاث أن الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة ذكاء عام أعلى يميلون أيضاً إلى أن يكونوا أكثر صحة ويعيشون مدة أطول، على الرغم من أن الأسباب الكامنة وراء ذلك لا تزال غير واضحة

الدخل

تشير الأبحاث أيضاً إلى أن الذكاء العام المرتفع يؤدي إلى قدرة أكبر على جني دخل أعلى. لكن، من المهم ملاحظة أن عوامل أخرى تلعب دوراً وسيطاً في ذلك مثل مستوى التعليم، طبيعة المهنة وخلفية الفرد الاجتماعية – الاقتصادية.

على الرغم من أن للـذكاء العـام عدة تأثيرات، فإن متغيرات أخرى ذات أهمية بالغة أيضاً. على سبيل المثال، يمكن أن تتفاعل عوامل مثل الحالة الاجتماعية – الاقتصادية والذكاء العاطفي مع الذكاء العام وتلعب دوراً كبيراً في تحديد مدى نجاح الفرد.

التحديات التي تواجه مفهوم الذكاء العام

 تحدى بعض علماء النفس أمثال لويس ليون ثورستون (L.L. Thurstone) مفهوم العامل (G)، إذ حدد بدلاً منه عدداً من الأمور والتي أشار إليها بـ القدرات العقلية الأساسية (primary mental abilities):

  • الذاكرة الترابطية (Associative memory).
  • المهارة العددية (Number facility).
  • السرعة الإدراكية (Perceptual speed).
  • التفكير المنطقي (Reasoning).
  • التصور المكاني (Spatial visualization).
  • الاستيعاب اللفظي (Verbal comprehension).

أشار ثورستون إلى أن جميع الناس يمتلكون هذه القدرات العقلية، وإنْ بدرجات متفاوتة. يمكن أن تكون هذه القدرة منخفضة في بعض المجالات ومرتفعة في مجالات أخرى.

الذكاء المتعدد (Multiple Intelligences)

في الآونة الأخيرة، جادل علماء النفس مثل هوارد غاردنر (Howard Gardner) ضد فكرة أن ذكاء عاماً واحداً يمكن أن يحيط بدقة بكل القدرة العقلية البشرية. بدلاً من ذلك، اقترح غاردنر وجود ذكاء متعدد.

يمثل كل ذكاء قدرات في مجال معين مثل الذكاء البصري المكاني، الذكاء اللغوي اللفظي والذكاء المنطقي الرياضي (الحسابي).

خلاصة

تشير الأبحاث اليوم إلى وجود قدرة عقلية أساسية تساهم في الأداء في مهام معرفية عدة. يُعتقد أيضاً أن درجات حاصل الذكاء، والتي صممت لقياس الـذكاء العـام، تؤثر على نجاح الفرد في الحياة بشكل عام.

لكن، على الرغم من أن الذكاء العام يمكن أن يلعب دوراً في الدراسة والنجاح في الحياة، فإن عوامل أخرى مثل تجارب الطفولة، الخبرات التعليمية والثقافية، الحالة الاجتماعية الاقتصادية، الدافع والتحفيز، درجة النضج والشخصية دوراً جوهرياً في تحديد النجاح ككل.

اقرأ أيضاً: نظريات الذكاء في علم النفس

اقرأ أيضاً: الذكاء العاطفي، تعريفه، مكوناته، أهميته وكيف تقوم بتحسينه؟

اقرأ أيضاً: ما هي اختبارات الكفاءة؟ وما أنواعها؟ وما الفرق بين اختبار الكفاءة واختبار الذكاء؟

المصدر: ?What Is General Intelligence (G Factor)

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: