نستخدم غالباً كلمتي الشخصية والطبع للإشارة إلى سلوكيات معينة أو مجموع سلوكيات الفرد، وذلك بشكل متبادل ما يُعتبر خطأ كبيراً، فهما لا يعبّران عن ذات المعنى. سنقوم في هذا المقال بالتعريف بمصطلحي الشخصية (Personality) والطبع (character) وتحديد الاختلافات والفرق بينهما كما سنقوم بتوضيح أنواع الشخصية.
ما هي الشخصية؟
“الشخصية هي الخصائص أو مجموع الخصائص التي تجعل المرء فريداً من نوعه” (واينبرغ و غولد، 1999). هي مجموعة من الصفات والخصائص الفطرية التي تحدّد طريقة الشخص في الوجود، وتنشأ منذ الولادة.
يمتلك الطفل شخصيته الخاصة مسبقاً، وعلى الرغم من أنه لم يتم تحديدها بشكل جيد بعد، فإنها ستتطوّر مع نموه وازدياد تفاعله الاجتماعي والثقافي؛ وخاصة مع بيئته.
يعتمد تطوير الشخصية خلال السنوات الخمسة الأولى من حياة الإنسان على تفاعل الغريزة مع البيئة. تشير الشخصية إلى الفروق الفردية في الأنماط المميزة للتفكير والشعور والسلوك.
ينص المنظور الإيديوغرافي (Ideographic)، وهو وصف الأحداث المنفردة وما تحمله من صفات خاصة للشخصية، على أن لكلّ شخص تركيبة نفسية فريدة وأن بعض السمات يمكن أن يمتلكها شخص واحد فقط، على عكس المنظور النوموثوني (Nomothetic)، والذي يبحث عن القوانين العامة التي تسهم في حدوث العمليات، إذ يؤكد على إمكانية مقارنة الأفراد مع بعضهم البعض.
القول بأن الأشخاص المختلفين يمتلكون الشخصية نفسها فقط لأن لديهم خصائص سلوكية متشابهة هو اعتبارٌ خاطئ لأن كل شخص فريدٌ وغير متكرر؛ تماماً مثل شخصيته.
يمكن تصنيف أنواع مختلفة من الشخصيات اعتماداً على سمات الفرد: مضحك، منفتح، نشيط، متفائل، متشائم، واثق، قليل الثقة، جادّ، كسول، خجول، عصبي، حساس، غير حساس، عاطفيّ من بين سمات أخرى.
الشخصية عند فرويد
تتطور الشخصية بالنسبة لفرويد من خلال التفاعل بين الطبيعة (الغرائز الفطرية) وعمليات اللاوعي والبيئة (التأثيرات الأبوية). “بينما ينتقل الطفل خلال المراحل المختلفة من التطور، فإن موقع الرغبة الجنسية (libido) يتغير؛ وبالتالي تتغير مصادر المتعة.” (فرويد، 1905).
تظهر الشخصية في مرحلة البلوغ كمجموعة من تجارب الطفولة المبكرة، وتتشكل من خلال طريقة معالجة هذه التجارب بالوعي واللاوعي خلال مراحل التطور البشري.
يفشل بعض الأشخاص في تلبية الحاجات المطلوبة في كل مرحلة من مراحل التطور، وينتج عن هذا الفشل أمراض نفسية مثل اضطرابات الشخصية؛ وهي حالات نفسية تعطّل أنماط الشخصية الطبيعية.
مراحل تكوّن الشخصية عند فرويد
وضع فرويد خمس مراحل للشخصية وفقاً لنظريته في التطور الجنسي العاطفي:
المرحلة الفموية (الولادة-18 شهراً): يكون التركيز فيها على كل ما هو فموي. يوجد احتمال تطوير عادات وسلوكيات فموية سلبية إذا لم يتم إشباع هذه المرحلة.
المرحلة الشرجية (18 شهراً- 3 سنوات): ترتبط هذه المرحلة بشكل أساسي بتطوير عادات التدرب على استخدام المرحاض.
المرحلة القضيبية (3 – 5 سنوات): تصبح الأعضاء التناسلية للطفل موضوع تركيزه ومصدر المتعة.
مرحلة الكُمون (5 – 12 عاماً): تتطور المشاعر الجنسية الكامنة للجنس الآخر.
المرحلة التناسلية (من 12 عاماً): حيث تم دمج جميع مهام المراحل السابقة في العقل ممّا يسمح ببدء المشاعر والسلوكيات الجنسية الصحية.
أنواع الشخصية
أجريت بعض الدراسات لفك رموز أنواع مختلفة من الشخصيات. تم التمييز بين 16 نوعاً من أنواع الشخصية حتى الآن، وهي:
المفتش (inspector)
يميل صاحب هذه الشخصية إلى أن يبدو مخيفاً ورسمياً وخطراً للغاية للوهلة الأولى، وعادة ما يكون متحفظاً، هادئاً، صامتاً وعلى حق.
العقل الذكيّ (Bright mind)
أقل أنواع الشخصية شيوعاً ويمثل 3% فقط من سكان العالم. يكون الفرد في هذا النوع انطوائياً، هادئاً، متحفظاً ومكتفياً ذاتياً، ويميل إلى الشعور بالراحة في العزلة، وذو اهتمام بالنظريات والأفكار. يفخر بنفسه، إبداعاته، منظوره الفريد وفكره النشط ويكون متفوقاً في وضع الخطط والاستراتيجيات، ولا يحب عدم اليقين.
القائد (Leader)
يفيضُ صاحب هذا النوع جاذبية وهيبة وثقة بالنفس، لذا فهو يعرض السلطة بطريقة تجذب الجماهير خلف هدف مشترك.
الاستشاري (counselor)
شخص مثالي ينضح بالخيال الإبداعي والأفكار الرائعة، ولديه طريقة مختلفة بالنظر إلى الأمور، والتي عادة ما تكون أعمق من غيره. تَهربُ أفكاره من سطحية العالم حوله وتتجاوز دائماً ما هو مرئي.
المتبرع أو المعطي (The donor)
منفتح، مثالي، جذاب وذو أخلاق عالية ويعرف كيفية التواصل مع الآخرين بشكل عام، بغض النظر عن الاختلافات الثقافية أو الشخصية. يملك مستوى عال من التعاطف وقدرة كبيرة على مساعدة الناس.
المغامر (The adventurer)
فنان حقيقي ولكن ليس بالضرورة بالطريقة النموذجية التي نعرفها، بل بتلك التي يستخدم فيها القيم الجمالية والتصميم وأفعاله وعواطفه لكسر حدود المجتمع. هو شخص منفتح ومبهج ويحاول بشكل عام الفرار من الحواجز السياسية والمجتمعية.
الحرفيّ (The craftsman)
شخص غامض ويكون عادة منطقياً وعقلانياً للغاية، ولكنه عفوي تماماً ومتحمس ولا يمكن التنبؤ به. يحب استكشاف العالم من حوله بيديه وعينيه ولمس وفحص كلّ شيء بعقلانية وبفضول مفعم بالحيوية.
الداعم (The provider)
اجتماعي ومنفتح، وما يجعله ذا شعبية ومحبوباً هو حاجته للتفاعل مع الناس وجعلهم يضحكون. يكون دائماً محط الأنظار وهو يضحك ويطلق الدعابات اللطيفة والقريبة من قلوب الناس. يحبُّ حامل هذه الشخصية أن يكون مركز الاهتمام.
لعل أنواع الشخصية قد تفيدك في معرفة الاختلاف أو الفرق بين الشخصية والطبع.
ما هو الطبع؟
يشير الطبع إلى مجموعة من القيم والمعتقدات التي تحدد سلوك الشخص تجاه الآخرين وتجاه نفسه، ويعتمد على التجارب والخبرات المكتسبة التي يعيشها الفرد في العلاقات المبكرة.
يأتي التعلم الذي يؤدي إلى تكوين الطبع من تفاعل الذات مع البيئة القريبة والاجتماعية. يمكن افتراض أن الطبع هو العامل الذي يحدد سلوك الفرد ويتحكم به.
إن تعريف الشخصية الذي اقترحه فرويد مشابه بشكل ملحوظ لما سيشكّل طبع الفرد، وذلك لأن الطبع هو الذي يشكل الشخصية ولذلك نجد علاقة محددة بين المفهومين.
تجدر الإشارة إلى أن الفرق أو الاختلاف الأكبر بين الطبع والشخصية هو أن الشخصية فطرية بينما يتشكل الطبع مع نمو الفرد وتزايد خبراته.
اقرأ أيضاً: العملية الأولية في الشخصية، كيف تُستخدم وما علاقتها بإشباع الرغبات؟
اقـرأ أيضاً: ما هو مقياس مايرز وبريجز؟ وكيف يصنّف أنماط الشخصية؟
اقرأ أيضاً: كيفية التأقلم مع اضطراب الشخصية في مجالات الحياة المختلفة
المصدر: Personality and character: concepts and differences
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم
