يزداد شيوع العلاقات ذات الشركاء المتعددين (العلاقة العاطفية الثلاثية أو العلاقة العاطفية متعددة الأطراف) في أيامنا هذه، إذ تنتشر بشكل كبير. ولكن الكثيرين ما زالوا يمتلكون اعتقاداً ثابتاً بأنّ هذه العلاقة محكومٌ عليها بالفشل منذ بدايتها (خاصة في حال العلاقات الهرمية) والعديد لا يميز بين هذا النوع من العلاقات (علاقة ثلاثية – علاقة رباعية) وتعدد الأزواج.
ولكن الواقع هو أنّ هذا النوع من العلاقات هو علاقة حالها كحال أي علاقة أخرى ولكنها تجمع أكثر من شخصين. وكما هو الحال في العلاقات الأحادية، يعد التواصل والاحترام أمران ضروريان لنجاحها.
يمكن أن يفضل البعض العلاقة متعددة الأطراف (Polyamorous) بينما يحبذ آخرون العلاقة الأحادية. ولكننا لا نستطيع القول أنّ أحد هذين النوعين أفضل من الآخر.
على غرار العلاقات الأحادية، يمكن أن تكون العلاقة متعددة الأطراف صحية، مرضية أو حتى سامة وذلك بناءً على الظروف المختلفة للعلاقة بالضرورة وسلوكيات الشركاء فيها.
ما هي العلاقة العاطفية متعددة الأطراف
كتعريف يمكن أن نقول أنّها علاقة “غير أحادية أخلاقية” تتضمن الالتزام وتجمع بين شخصين أو أكثر.
بشكل أساسي، كونك ضمن علاقة عاطفية متعددة الأطراف يمنح لك ولشريكك خيار مواعدة أشخاص آخرين أثناء وجودكم في العلاقة.
تختلف العلاقة العاطفية متعددة الأطراف عن تعدد الأزواج (polygamy). فتعدد الأزواج يعني الزواج بأكثر من شخص في ذات الوقت. بينما قد لا تتضمن العلاقة العاطفية متعددة الأطراف الزواج بالضرورة ولا تشترط وجود علاقة جنسية؛ لكنها قد تكون موجودة أيضاً.
ماهية العلاقات متعددة الأطراف
عموماً، تنطوي العلاقات العاطفية متعددة الأطراف وجود خيار مواعدة شخصين أو أكثر في نفس الوقت وتختلف بشكل جذري عن تعدد الأزواج.
يمكن أن تبدو العلاقات الرومانسية متعددة الأطراف مختلفة من شخص لآخر. كما يمكن أن تكون هناك “هيكلية” مختلفة وحدود متنوعة ضمن هذا النوع من العلاقات. إذ يضع أفرادها ما يناسبهم ويشعرهم بالراحة.
بعض أشكال العلاقات العاطفية متعددة الأطراف الأكثر شيوعًا هي:
- العلاقات متعددة الإخلاص “Polyfidelity”: حيث يتفق فيها الشركاء في المجموعة على عدم إقامة علاقات جنسية أو عاطفية مع أشخاص خارجها وتسمى أيضاً العلاقة الثلاثية (throuple).
- علاقة ثلاثية (Triad): في العلاقة الثلاثية يواعد ثلاثة أشخاص بعضهم البعض.
- علاقة رباعية (Quad): على غرار سابقتها، فإن العلاقة الرباعية تضم أربعة أشخاص يواعدون بعضهم البعض.
- علاقة V: أي علاقة (Vee)، وهي علاقة يواعد فيها شخص ما شخصين مختلفين، لكن هذان الشخصان لا يتواعدان.
في واقع الأمر، لا يتبع الكثيرون ممن يعيشون هذا النوع من العلاقات هيكلية معينة. فهم ببساطة ينخرطون في علاقات عاطفية متعددة تتغير بشكل مستمر مع مقابلة أشخاص جدد، كما يمكن أن تكون العلاقات المتعددة هرمية أو غير هرمية.
يُقصد بالعلاقة الهرمية (hierarchy) إعطاء أولوية لعلاقة ما على حساب علاقة أخرى. مثلاً عندما تكون متزوجاً وتعتبر أن علاقتك مع زوجتك هي “علاقتك الأساسية”، في حين أن بقية العلاقات ثانوية.
هناك الكثير من مواضع الجدل فيما إذا كانت العلاقات الهرمية عادلة أم لا. فقد أكدت إحدى الدراسات عام 2021 أن الأشخاص الذين يقيمون علاقات متعددة غير هرمية يشعرون بذات المقدار من الرضا الموجود في العلاقات الهرمية.
تتغير هيكلية وبنية العلاقات الرومانسية متعددة الأطراف بمرور الوقت غالباً، وذلك بتغير مشاعر الناس وعلاقاتهم وظروف حياتهم الشخصية. وهذا ما يجعل التواصل شيئاً يتم التأكيد عليه في المجموعات متعددة العلاقات في أغلب الأحيان.
لذا، يعد التواصل مع الأطراف الأخرى ومناقشة احتياجاتك، حدودك ومشاعرك خطوة هامة وأساسية للحفاظ على صحة وسعادة مثل هذه العلاقات.
هل الخيانة ممكنة في العلاقة متعددة الأطراف؟
حال هذا النوع من العلاقات كحال جميع العلاقات، هناك حدود وضوابط. فإذا تجاوزت أحد هذه الحدود، قد يعتبرها شريكك خيانة أو خرقاً لاتفاقية العلاقة بينكما.
إن كنت تتساءل كيف تبدو الخيانة في العلاقات متعددة الأطراف، فالإجابة تعتمد على طبيعة العلاقة.
مثلاً، لنفترض أنك وشريكك اتفقتما على عدم مواعدة أشخاص آخرين دون إخبار بعضكما البعض مسبقاً، لكن شريكك بدأ بمواعدة شخص ما دون علمك؛ يمكن اعتبار ذلك انتهاكاً لاتفاقية العلاقة وشكلاً من أشكال الخيانة.
لنفترض أيضاً أنك ضمن مجموعة أشخاص متعددي العلاقات (polycule) واتفقتم على الإخلاص لبعضكم، يعني أنك توافق على عدم إقامة علاقات رومانسية أو جنسية مع أشخاص من خارج المجموعة. لكن بعد ذلك بدأت علاقة جنسية مع شخص من خارج المجموعة، فقد يعتبر ذلك نوعاً من الخيانة تجاه الآخرين في مجموعتك.
كما هو الحال مع جميع العلاقات، الصدق والتواصل هما سر نجاح العلاقة، وقد يؤدي تجاوز الحدود أو تجاهلها إلى إلحاق ضرر جسيم بها.
هل العلاقات العاطفية متعددة الأطراف صحية؟
قد تكون العلاقات متعددة الأطراف (سواء علاقة ثلاثية أو علاقة رباعية أو أي نوع آخر) صحية بعكس ما يعتقده الكثير من الناس بأنها محكومة بالفشل. إذ من الممكن جداً أن تكون مُرضية وسعيدة.
وأيضاً، كما هو الحال مع العلاقات الأحادية، قد تكون العلاقات متعددة الأطراف صحية أو غير صحية، سعيدة أو غير سعيدة، بحسب سلوكيات وأفعال الأشخاص الذين ينخرطون فيها.
في الحقيقة، أجريت دراسة عام 2018 على أشخاص في علاقات أحادية وأشخاص آخرين تربطهم علاقة متعددة الأطراف. ولم تجد أي اختلاف في مقدار الرضا عن العلاقة بين المجموعتين.
تعدد العلاقات العاطفية والصحة النفسية
أياً كان نوع العلاقة، أحادية أو متعددة، فإن الموضوع الأكثر أهمية هو صحتك النفسية عند الالتزام بعلاقة مع شخص ما.
وجد العديد من الناس أن العلاقات متعددة الأطراف أكثر متعة ومرونةً في إدارتها من العلاقات الأحادية. رغم ذلك، قد يشكل تعدد العلاقات بعض التحديات أيضاً.
على سبيل المثال:
محدودية الوقت: قد تكون العلاقات متعددة الأطراف أمراً صعباً لأن كل علاقة تتطلب تخصيص وقت لها، فيشكل “ضيق الوقت” بذلك عبئاً متعباً.
محدودية الطاقة: تتطلب كل علاقة مقداراً من الطاقة العاطفية والنفسية والجسدية. قد يكون هذا تحدياً بحد ذاته، خاصةً إذا كنت تواجه صعوبات في تجميع طاقتك بشكل عام.
الغيرة: لا يشعر بعض الأشخاص متعددي العلاقات بالغيرة تجاه شركائهم، بينما يعاني البعض الآخر منها. الشعور بالغيرة ليس أمراً سيئاً بطبيعته، لكن عليك تعلم كيفية التعبير عنه وإدارته بطريقة صحية.
أخيراً، يمكن أن يؤثر التمييز على الصحة النفسية. إذ يعاني العديد من الأشخاص متعددي العلاقات من مشاكل الرفض الاجتماعي المرتبطة بالعلاقة غير الأحادية.
قد تكون مواجهة عدم القبول من الأصدقاء، العائلة والمجتمع أمراً مرهقاً، إذ أشارت الأبحاث إلى أن العديد من الأشخاص غير الأحاديين (ذوي العلاقة المتعددة) يتشربون رسائل سلبية تتعلق بالعلاقة غير الأحادية، مما قد يؤثر على علاقاتهم وإحساسهم بهويتهم. في نهاية المطاف، الأمر متروك لك لتحديد ما إذا كان تعدد العلاقات هو ما يناسبك أم لا.
ليس من الضروري أن تكون العلاقة متعددة الأطراف أفضل من العلاقة الأحادية، فهي مناسبة لبعض الأشخاص لكنها لا تصلح مع البعض الآخر. ولا يوجد مقياس واحد يناسب الجميع عندما يتعلق الأمر بالعلاقات، لأن جميع الأفراد لديهم احتياجاتهم الخاصة بهم.
ما يجب معرفته قبل إقامة علاقة عاطفية متعددة الأطراف
قبل الدخول في علاقة متعددة الأطراف (علاقة رباعية أو أي نوع آخر)، من الجيد قضاء بعض الوقت في تثقيف نفسك بخصوص تعدد العلاقات وعدم الالتزام بالعلاقة الأحادية.
في حين أن معظم الناس على دراية عامة بالعلاقات الأحادية، فإنه من الصعب جداً العثور على نموذج محدد للعلاقات متعددة الأطراف.
هذا يعني أن هناك جملة من التحديات التي تنفرد بها هذه العلاقات والتي يمكن أن يكون التعامل معها أكثر صعوبة كالخوض في مشكلة إدارة الوقت أو التعامل مع الغيرة عند مقابلة شريك شريكك. قد يشعر الكثيرون بالوحدة أو بالحيرة عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع هذا النوع من التحديات.
هناك الكثير من المصطلحات المستخدمة في العلاقات العاطفية متعددة الأطراف، إذ تساعد كلمات مثل “metamour” (تعني الشريك العاطفي) أو “compersion” (تصف حالة السعادة لرؤية الـ “شريك” مسروراً مع شخص آخر وهي معاكسة للغيرة) الأشخاص في وصف علاقاتهم وتجاربهم التي تتفرد بها العلاقات غير الأحادية.
قد تبدو هذه المصطلحات غير ضرورية، لكنها مفيدة للغاية للتواصل مع شركائك. لذا، قبل إقامة علاقة متعددة الأطراف، لا بد من القيام بالقليل من البحث، فهو طريقة جيدة لتحضير نفسك للدخول في مثل هذا النوع من العلاقات.
اقرأ أيضاً: تعدد العلاقات العاطفية، حقائق وأفكار مغلوطة عنها ونصائح مهمة
اقرأ أيضاً: مراحل العلاقات العاطفية ونصائح مهمة لنجاح العلاقة
اقرأ أيضاً: العلاقات العاطفية السابقة، لماذا يصعُب على البعض تجاوزها؟
المصدر: Throuple, Quad, and Vee: All About Polyamorous Relationships
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم