طُور عدد من العلاجات من أجل مساعدة الأشخاص على التأقلم مع اضطراب ما بعد الصدمة (post-traumatic stress disorder PTSD) والتعافي منه، من ضمنها العلاج المعرفي السلوكي (cognitive behavioral therapy) والعلاج النفسي الديناميكي (psychodynamic therapy). فإذا كنت تبحث عن علاج لأعراض اضطراب ما بعد الصدمة، يجب فهم الفرق بين هذين العلاجين.
العلاج المعرفي السلوكي لاضطراب ما بعد الصدمة
يعتمد على فكرة أن الطريقة التي يفسر بها الناس أو يقيّمون المواقف والأفكار والمشاعر هي أساس ظهور المشكلات، إضافة إلى الطرق الإشكالية التي تقود هذه التقييمات من خلالها تصرفات الناس، على سبيل المثال، من خلال التجنب.
من أمثلة العلاجات السلوكية المعرفية لاضطراب ما بعد الصدمة ما يلي:
- علاج القبول والالتزام (Acceptance and commitment therapy): علاج نفسي يؤكد على القبول كطريقة للتعامل مع الأفكار أو المشاعر أو حتى الظروف السلبية.
- العلاج بالتنشيط السلوكي (Behavioral activation treatment): علاج سلوكي يركز على تغيير السلوكيات لمعالجة المشاكل التي من الممكن مواجهتها.
- العلاج بالمعالجة المعرفية (Cognitive processing therapy): علاج معرفي سلوكي يركز على مساعدة الأشخاص العالقين في سجن أفكارهم.
- العلاج بالتعرض (Exposure therapy): تقنية تقوم على تعريض الشخص لما يثير مخاوفه.
- تدريب تلقيح الإجهاد (Stress-inoculation training) وهي طريقة تبنى على مقاومة الضغوط عن طريق برنامج مخصص لذلك
وُجد أن العلاج المعرفي السلوكي ناجح في الحد من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.
العلاج النفسي الديناميكي لاضطراب ما بعد الصدمة
تركز المقاربات النفسية الديناميكية لاضطراب ما بعد الصدمة بشكل أساسي على عدد من العوامل المختلفة التي قد تؤثر أو تسبب أعراضه، مثل:
- تجارب الطفولة المبكرة (خاصة مستوى التعلق بالوالدين).
- العلاقات الحالية.
- آليات التأقلم غير الواعية التي يتم اعتمادها كوسيلة حماية من الأفكار والمشاعر المزعجة التي تنتج إثر تجربة حدث صادم.
خلافاً للعلاج المعرفي السلوكي، يركز العلاج النفسي الديناميكي على العقل اللاواعي، حيث توجد المشاعر المزعجة، الإلحاحات، الرغبات والأفكار المؤلمة جداً بالنسبة لنا والتي لا يمكننا مواجهتها بشكل مباشر.
صحيح أن هذه المشاعر والإلحاحات والأفكار المؤلمة خارجة عن نطاق وعينا، فإنها لا تزال تؤثر على سلوكنا.
على سبيل المثال، قد تقودك المشاعر اللاواعية لتجنب بدء علاقة جديدة مع شخص ما، وذلك خوفاً من احتمالية أن تثير هذه العلاقة تلك المشاعر المؤلمة. هذا بحد ذاته مثال على علاقة الأفكار والمشاعر بالسلوك.
آلية عمل العلاج النفسي الديناميكي
كخطوة أساسية لإحداث تغيير في الأعراض أو السلوك، من المهم التواصل مع تلك المشاعر اللاواعية المؤلمة و “العمل من خلالها”.
وللقيام بذلك، سيساعد المعالج النفسي الديناميكي المريض في التعرف على آليات الدفاع المستخدمة، والسبب وراء استخدامها (والذي هو تجنب المشاعر المؤلمة في العقل اللاواعي الناتجة عن تجربة مؤلمة)، إضافة إلى التواصل مع تلك المشاعر والأفكار التي سبق وتم تجنبها وتحريرها بشكل مناسب.
على مدى عدة جلسات، قد يلاحظ المعالج النفسي الديناميكي إحدى آليات الدفاع التالية:
- التنصل أو الإنكار (Disavowal): عندما ينكر المريض مدى تأثير الحدث الصادم على حياته. يستخدم كآلية شائعة للحماية من شيء لا يمتلك الفرد القدرة على التعامل معه.
- الإزاحة (Displacement): عندما يفرغ المريض غضبه على أفراد أسرته ويلومهم على الرغم من أنهم لم يفعلوا أي شيء يستحق ذلك. في هذه الحالة، قد يفسر المعالج هذا السلوك على أنه علامة استياء من قبل المريض وأنه يلوم نفسه بالفعل على الحدث الصادم، ولكن بسبب صعوبة التعامل مع هذا الغضب والشعور بالذنب، فإنه يلجأ لتنفيس غضبه نحو الآخرين حوله.
الأهم أنه في كلتا الحالتين، سيفسر المعالج سلوك المريض ويشارك هذا التفسير مع المريض.
يمكن للمعالج والمريض تحطيم آليات الدفاع غير الصحية هذه وتقديم نظرة أعمق حول المشكلة الأساسية، التي ستمكّن المريض بدورها من التعامل مع تلك المشاعر المؤلمة بطريقة أكثر صحة وملاءمة.
فعالية العلاج النفسي الديناميكي
لم تتم دراسة العلاج النفسي الديناميكي على نطاق واسع كما هو الحال مع العلاج المعرفي السلوكي لاضطراب ما بعد الصدمة.
ولكن من بين الدراسات التي أجريت، أثبتت إحداها أن العلاج النفسي الديناميكي يمكن أن يكون له عدد من الفوائد.
على سبيل المثال، بعد فترة من الخضوع للعلاج النفسي الديناميكي لاضطراب ما بعد الصدمة أبلغ بعض الأشخاص عن تحسن فيما يلي:
- العلاقات الشخصية.
- قلة مشاعر العداء وعدم الكفاية.
- المزيد من الثقة والحزم.
- انخفاض في أعراض اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب.
أي نوع من العلاج يجب أن يُستخدم؟
هذا يعتمد تماماً على تفضيلاتك الشخصية، فالعلاجان يحملان فوائد لشخص مصاب باضطراب ما بعد الصدمة.
ومع ذلك، فإن المعالجين في كلا النهجين يتبعون طرقاً مختلفة لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة، وقد تفضل أنت أحدها على الآخر.
تذكر أن فعالية العلاج القصوى تعتمد أيضاً على الثقة في النهج الذي تتبعه والعلاقة الجيدة مع المعالج. لذلك، من المهم أن تبحث وتجد الأنسب لك.
اقرأ أيضاً: اضطراب ما بعد الصدمة المعقد، أعراضه، تشخيصه وعلاجه
اقرأ أيضاً: علاج اضطراب ما بعد الصدمة PTSD، والأدوية المستخدمة لهذا الغرض
اقرأ أيضاً: نمو ما بعد الصدمة، فوائده، وكيفية بلوغه
المصدر: Psychodynamic Therapy in the Treatment of PTSD
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم