تصف متلازمة التكيف العام (GAS) التغيرات الفيزيولوجية التي تطرأ على الجسم أثناء استجابته للتوتر. الإجهاد الناجم عن التوتر, التأقلم مع التوتر, استجابة الجسم للتوتر.
تحدث هذه التغيرات على ثلاث مراحل وهي: مرحلة التنبيه أي إبداء رد فعل تجاه التنبيه (تدعى أيضاً استجابة الكرّ أو الفرّ) ومرحلة المقاومة أو التعافي من التنبيه ومرحلة الإرهاق.
للإجهاد المستمر آثار جسدية وعقلية سيئة على الجسم، فكلما مر جسمك بدرجات أعلى من التكيّف العام زاد خطر الآثار السلبية طويلة الأمد، قد يساعدك فهم المتلازمة ومعرفة كيفية التحكم بها في تقليل التوتر.
المراحل الثلاث لمتلازمة التكيف العام
تم طرح فكرة المتلازمة لأول مرة من قبل “هانز سيلي” في عام 1936 لكن أبحاثه لم تحدد المراحل الثلاث حتى خمسينيات القرن الماضي لتكون كالتالي:
- مرحلة الاستجابة للتنبيه. الإجهاد الناجم عن التوتر, التأقلم مع التوتر.
- مرحلة المقاومة. الإجهاد الناجم عن التوتر, التأقلم مع التوتر.
- مرحلة الإرهاق. الإجهاد الناجم عن التوتر, التأقلم مع التوتر.
مرحلة الاستجابة للتنبيه
تُعد هذه المرحلة بمثابة استجابة الجسم الأولية للتوتر، إذ يتم تنشيط الجملة الودية للجهاز العصبي وهي جزء من الجهاز العصبي اللاإرادي الذي ينظم وظائف القلب والمعدة والمثانة والأمعاء والعضلات وهذا النظام يستجيب بشكل تلقائي للمنبهات عن طريق التحرير المفاجئ للهرمونات في الدم، وقد تعرف هذه المرحلة على أنها استجابة الكرّ أو الفرّ.
عندما يتم تنشيط الجملة الودية للجهاز العصبي، تتحفز الغدة الكظرية، كما تحفز بدورها إفراز هرمونات معينة بما في جملتها الأدرينالين والنورأدرينالين، الأمر الذي تسبب بظهور أعراض جسدية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب ومعدل التنفس وأيضاً ارتفاع ضغط الدم.
تشمل العلامات الجسدية ل”مرحلة الاستجابة للتنبيه” ما يلي:
- اتساع حدقة العين. الإجهاد الناجم عن التوتر, التأقلم مع التوتر.
- زيادة معدل ضربات القلب.
- التنفس السريع.ز
- الرجفان.
- شحوب واحمرار الجلد.
- ارتفاع حدة الأحاسيس.
وفقاً لـ”سيلي”، تختفي معظم أعراض مرحلة الاستجابة للتنبيه أو تنعكس في المرحلة التالية (المقاومة) ثم تعاود الظهور في المرحلة النهائية (الإرهاق).
مرحلة المقاومة
مرحلة المقاومة لمتلازمة التكيّف العام هي عملية إصلاح الجسم نفسه بعد الاستجابة الأولية للإجهاد، فإذا لم يعد الموقف المجهد موجوداً وبإمكانك التخلص من التوتر؛ إن قلبك وضغط الدم سيبدأن بالعودة إلى المستويات التي كانت عليها قبل الإجهاد.
لكن إذا استمرت المشكلة لفترة أطول أو لم تتخلص من التوتر بعد، فلن يتلقى الجسم إشارة واضحة للعودة لمستويات الأداء الطبيعية، هذا يعني أن الجسم سيستمر في إفراز هرمونات التوتر وسيظل ضغط دمك مرتفعاً.
قد يسبب التعرض لإجهاد عالي خلال فترات طويلة اضطرابات عدة في الجهاز المناعي والجهاز الهضمي والقلب والأوعية الدموية والنوم والجهاز التناسلي، ربما تظهر لديك أعراض مثل:
يؤدي الضغط المستمر الذي لم يتم حله إلى الانتقال للمرحلة الثالثة (الإرهاق).
مرحلة الإرهاق
يؤدي الإجهاد المطول أو المزمن إلى الانتقال للمرحلة الأخيرة من متلازمة التكيّف العام ألا وهي الإرهاق؛ إذ يستنزف تحمل الضغوطات دون تخفيفها، موارد الإنسان الجسدية والعاطفية والعقلية إلى الحد الذي يصبح فيه الجسم غير قادر على تحمل الإجهاد.
تشمل علامات مرحلة الإرهاق ما يلي:
- التعب
- الإنهاك أو الاحتراق النفسي
- انخفاض القدرة على تحمل الإجهاد
قد تُضعِف الآثار الجسدية بسبب التعرض للتوتر لفترات طويلة، جهاز المناعة لديك وتزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسكري والحالات الصحية المزمنة الأخرى، مثل اضطرابات الصحة العقلية كالاكتئاب أو القلق.
أمثلة على متلازمة التكيّف العام
فيما يلي مثال عن حدث قد يؤدي إلى متلازمة التكيّف العام والمشاكل التي قد تواجهها في كل مرحلة:
- الاستجابة للتنبيه: لديك اختبار مهم ويداك ترتجفان ومعدتك تؤلمك.
- المقاومة: انتهيت من الاختبار لكنك تواجه مشكلة في تجميع شتاتك والتركيز على أشياء أخرى.
- الإرهاق: امتحانك أصبح من الماضي لكنك ما زلت تشعر بالقلق والاكتئاب كما أنك تواجه مشكلة في النوم وتتساءل كيف ستمضي بقية الفصل الدراسي.
ما الذي قد يسبب متلازمة التكيّف العام؟
قد يؤدي أي نوع من الضغوطات – سواءً كانت مزعجة أو خطيرة أو حتى مثيرة -لحدوث متلازمة التكيّف العام. في الحقيقة، اكتشف العالم “سيلي” هذه المتلازمة بعد دراسته لكيفية تفاعل جسم الإنسان مع الضغوطات الجسدية، كالتعرض لدرجات الحرارة الباردة والإجهاد البدني المفرط.
أما الآن، فقد أصبح من الواضح أن هناك العديد من المواقف التي قد تسبب متلازمة التكيّف العام بما في ذلك تلك التي تسبب ضغوطاً نفسية وليست جسدية فقط.
تتضمن أمثلة الضغوطات التي قد تؤدي لحدوث متلازمة التكيّف العام ما يلي:
- الضغوطات اليومية (كالضغط في المدرسة أو العمل أو في المنزل فيما يتعلق بأسرتك).
- تغيير مفاجئ في حياتك (كفقدان الوظيفة أو الطلاق أو المرض).
- تجارب مؤلمة (كسوء المعاملة، حادث كبير أو الحروب).
الضغوط الإيجابية
لا تحدث متلازمة التكيّف العام بسبب الضغوطات التي تسبب الضيق والتوتر فحسب بل تحدث بسبب المواقف التي يُعد فيها عامل الضغط إيجابياً أو ممتعاً أيضاً.
مثلاً، قد يرى بعض الأشخاص أن الضغط الناتج عن التقدم للامتحانات هو أمر إيجابي لأنه يساعدهم على البقاء متحمسين وقد يستمتع آخرون بالخوف الذي يشعرون به أثناء مشاهدة فيلم مخيف.
في الحقيقة، قد يُنظر لشيء معين على أنه تهديد لشخص ما بينما يمثل تحدياً إيجابياً وممتعاً لدى شخص آخر؛ أي إن استجابة كل شخص للضغط الناتج عن الحافز نفسه ستكون مختلفة.
الحالات المرتبطة بمتلازمة التكيّف العام
إن متلازمة التكيّف العام (GAS) ليست حالة طبية يمكن تشخيصك بها، لكنها العملية التي تطرأ على جسمك تلقائياً عندما يتعرض للإجهاد أو يستجيب للخطر، لكن إذا كنت تعاني من ضغوط مزمنة تؤثر سلباً على حياتك فمن المهم أن تحصل على بعض المساعدة.
تشمل حالات الصحة العقلية التي لها أعراض مرتبطة بالتعرض للإجهاد لفترات طويلة ما يلي:
- اضطرابات القلق (كاضطراب القلق المعمم، واضطراب الهلع، والاضطرابات المرتبطة بالرّهاب)
- اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)
- اضطراب الوسواس القهري (OCD)
كيفية التحكم بالإجهاد
هناك العديد من تقنيات تخفيف التوتر والتي يمكن أن تساعد في التعامل مع متلازمة التكيف العام وتخفيف الإجهاد ومنها:
- التنفس العميق
- تمارين الاسترخاء التدريجي للعضلات
- تقنية الصور الموجهة
- تركيز كامل للذهن
- النشاط البدني
- الحد من التعرض لما قد يثير التوتر
الخلاصة
تصف متلازمة التكيّف العام العملية التي يمر بها جسمك عندما تتعرض لأي نوع من الإجهاد، إيجابياً كان أم سلبياً، لها ثلاث مراحل: التنبيه والمقاومة والإرهاق.
وإذا لم تتخلص من التوتر الذي تسبب في حدوث متلازمة التكيّف العام فقد يؤدي ذلك إلى مشكلات صحية جسدية وعقلية.
التغييرات الجسدية التي يمر بها جسمك استجابةً للتوتر ليست ضارة بحد نفسها لكن استمرار التوتر لفترة طويلة يدخل جسمك في مرحلة الإرهاق ما قد يسبب مشكلات طويلة الأمد.
يمكن أن يساعدك فهم عوامل الضغط التي تؤثر عليك وتعلم استراتيجيات التعامل مع التوتر على تجنب عواقب التوتر المزمن، وإذا كنت تواجه صعوبة في التأقلـم مـع التوتـر، فمن المهم أن تتواصل مع طبيبك أو أخصائي الصحة العقلية للحصول على الدعم.
اقـرأ أيضاً: اضطراب الإجهاد الحاد، أعراضه، أسبابه، تشخيصه وعلاجه
اقرأ أيضـاً: التوتر النفسي الجيد والتوتر النفسي السيء والفرق بينهما
اقـرأ أيضاً: استراتيجيات لمدة خمس دقائق تساعد في تخفيف التوتر
المصدر: ?What Is General Adaptation Syndrome (GAS)?
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم