يشكّل تطور الإحساس بالهوية عنصراً مهماً في نضج كل فرد. ويعد كل من الإيمان، الهوية الاجتماعية والثقافة أمثلة قليلة عن طريقة تحديد الشخصية أو عناصر الهوية. تتحدد الكثير من الخصائص الشخصية، مثل العرق، بشكل مسبق قبل الولادة. ويمكن أن تتغير بعض الخصائص مثل اللغات المحكية أو الميول الدينية في وقت لاحق من حياة الفرد.
من الشائع والعادي أن يصارع الفرد مع أوجه كثيرة من شخصيته الفردية، وربما يستغرق تطوير الهوية أو الإحساس بالذات وقتاً وجهداً طويلين بالإضافة إلى الخصال التي يتمنى أن يمتلكها الفرد؛ كل ذلك يمكن أن يؤدي إلى أزمة الهوية.
إذا كانت لديك هويتك الشخصية بالفعل، فإنك ستستمر في فعل ما تعتقد أنه صحيح بالنسبة لك، وستدرك أيضاً الخطوة التالية التي ستتخذها.
تكمن الفكرة هنا أنه في حال لم يكن هناك فهمٌ لذاتنا الحقيقية، كيف نشعر وما أكثر ما يؤثر علينا، فمن غير المرجح أن نجد الأشياء التي تسعدنا على الإطلاق.
سوف نقضي حياة تتمثل في التسوية مع الأشياء التي ستجعلنا نشعر بأننا أحياء لفترة من الزمن دون معرفة أين نتوقف وما الذي نلتزم به، هذا ما يمكن أن يجعلنا نشعر بالضياع المترافق مع العديد من الأسئلة المحيرة مثل “من أنا؟ ” والتي قد لا نعرف كيف نحدد إجابتها أبداً.
ما هي الهوية؟
الهوية ليست مجرد المعلومات التي تفهمها، بل أيضاً كيف تفهمها. فالناس لا يولدون مع إحساس بالذات. والهوية، من جهة أخرى، هي شيئ متغير عبر الزمن.
يمتلك الأطفال الرضع هويات أساسية ويرون الأشياء بشكل فطري وبسيط بطريقة مذهلة. تتشكل هويات الأشخاص من خلال ما يمثّلونه أو من خلال ما يرتبطون به.
ولأن كل هوية مرتبطة بالمطلق بشيء آخر، فما يربط الشخص نفسه به هو بالمطلق ماهية هذا الشخص. إذ يمكن أن يرى الناس أنفسهم فاشلين و عاجزين عن تغيير أسلوب وجودهم، أو كأشخاص يشعرون بأنهم مجبرون على التقليل من شأن مجموعة دينية معينة لمجرد أن ذلك ما يجب أن يفعله من يتبعون مجموعتهم الدينية الشخصية.
هؤلاء الذين يحملون وجهة النظر المحددة هذه يأخذونها بشكل سطحي على الرغم من أن لا أساس لها في الواقع. أزمة الهوية أمرٌ حتمي.
يصبح الناس أكثر تعقيداً في تماهيهم و ارتباطهم مع الآخرين، الأماكن والأشياء ويغدون أكبر سناً ونضجاً، وهكذا يبدؤون بالخروج من الأنا الأصلية.
يمكن أن يتصور الطفل المولود حديثاً والديه ببساطة ككيان يعيش ليرعاه، ومع نموه وتقدمه بالسن، يبدأ بإدراك أن والديه لديهما احتياجاتهما الخاصة ويتصرف بطريقة أقل أنانية.
يمكن أن تحبط ظروف الحياة هذا الانسياب السلس من الأنا إلى اليقظة الذهنية مسببة ركوداً في هويات الأشخاص.
بعض الأفراد يمكن أن يكون كبيراً في السن من الناحية العملية، لكنه يتعامل مع الآخرين بطريقة أنانية تشبه طريقة الأطفال الصغار مسبباً مشاكل لنفسه وللآخرين عندما تتعارض وتتضارب توقعاته الأنانية مع تلك المنشودة لأشخاص غيره.
خصائص الهوية المستقرة
على عكس قطرة الماء التي تضيع هويتها عندما تلتحم مع المحيط، لا يفقد المرء ذاته في المجتمع الذي يعيش فيه؛ فحياته مستقلة. لم يولد ليطور المجتمع فقط بل نفسه أيضاً.
في سبيل الحصول على هوية قوية، يجب علينا أن نكون قادرين على إدراك أننا كنا شخصاً واحداً في الماضي وفي الحاضر والمستقبل. لا يهم أين نحن، جميعنا نملك ذات المشاعر.
هذا لا يوحي أننا نتصرف دائماً بنفس الطريقة، إذ يمكن أن تكون أفعالنا مختلفة تحت الضغط أو متباينة اعتماداً على مع من نكون. لكن، هذا يمكن أن يؤدي إلى أزمة الهوية.
إذا كنت تنتمي لكل أو معظم ما يلي، فإنك تتمتع بهوية مستقرة إلى حد ما:
- تعلم ما تريد
- تعلم ما لا تحب
- تدرك حدودك
- تعلم متى تتوقف أو تستمر
- تملك مبادئ
- الأخلاق والقيم والمعايير واضحة بالنسبة لما يجب عليك التسامح أو عدم التسامح معه
- تضع أهدافاً واضحة
- تتمتع بالمسؤولية تجاه كل ما تفعله
- تتصرف انطلاقاً من فهم كامل لكل ما تفعله
- تكون صادقاً وحقيقياً في كل قرار تأخذه ولماذا تأخذه
- من الصعب أن يؤثر ما يقوله الآخرين عليك
- تعلم من أنت أكثر من أي شخص آخر
أعراض أزمة الهوية
أزمة الهوية ليست مرضاً قابلاً للتشخيص، إذ ليس لها أعراض واضحة كالحمى أو سيلان الأنف؛ هي تتطلب من الفرد أن يدرك أنه يشعر بالارتباك والحيرة حيال هويته حتى يطلب المساعدة.
لكن، فيما يلي بعض المؤشرات التي من شأنها مساعدتك في فهم ما إذا كنت تعاني من أزمة الهوية:
- لست متأكداً ممن تكون، سواء بشكل عام أو بما يرتبط بمنحى محدد من حياتك، مثل العلاقات، العمر أو المهنة.
- في داخلك الكثير من الفوضى لأنك غير متأكد ممن تكون أو ما هي مكانتك في المجتمع.
- تشك في قيمك، إيمانك، معتقداتك، اهتماماتك أو خياراتك المهنية وكلها تؤثر بشكل ملحوظ على رؤيتك لذاتك.
- تبحث عن إحساس أعمق بالهدف، السبب أو الشغف في حياتك.
- من الطبيعي جداً أن تتساءل عن ماهيتك و من تكون، وخاصة فيما يتعلق بمقدار تغيرك خلال حياتك. لكن عندما يبدأ ذلك بعرقلة حياتك اليومية سواء من ناحية التفكير أو الأداء، فأنت في الأرجح تعاني من أزمة هوية.
- عدم اليقين إزاء جزء أو أجزاء من هويتك الشخصية أو الجمعية.
- عدم الرضا حيال عملك وعلاقاتك مع الآخرين.
- انخفاض الدافع والشعور باللامبالاة تجاه التعلم، العمل والحياة عموماً.
- تشعر بالارتباك والحيرة عندما يتعلق الأمر بأهداف العمل، الصداقات أو الروابط الأخرى طويلة الأمد.
- الشعور بأنك لا تنتمي أو تناسب أصدقاءك، عائلتك أو زملاء العمل.
- تعاني من هواجس إزاء المستقبل.
- تشعر بالإحباط والذي يمكن أن يشمل الحزن، تغير في الشهية و المزاج و القدرة على التركيز والاهتمام على النشاطات الممتعة سابقاً.
أسباب أزمة الهوية
هل من الشائع أن تعاني من مشكلة تتعلق بالهوية في أيام عصر وسائل التواصل الاجتماعي الحالي؟ بالطبع، فالكثير منا يستخدم الـ فيس بوك والانستغرام لخلق هوية زائفة في الملف الشخصي، مسلطين الضوء على الجانب الإيجابي و متجاهلين العيوب.
يكمن السؤال هنا.. هل حقيقةُ أن عدم قدرتنا على أن نكون حقيقيين وصادقين محدود فقط بالإنترنت؟ وهل يشير هذا إلى أننا نتخبط في كل جانب من جوانب حياتنا؟
من الممكن أن يراودك الشك إزاء إحساسك بذاتك أو هويتك في حال كنت تعاني من أزمة هوية. فذلك يمكن أن يكون نتيجة أحداث الحياة وضغوطاتها الكبيرة، بالإضافة إلى العمر أو تقدمك في مرحلة ما (المدرسة، العمل أو الطفولة).
على الرغم من أن أزمة الهوية يشيع ارتباطها بعمر محدد، إلا أنها يمكن أن تؤثر على أي فرد في أي مرحلة عمرية وأية لحظة في حياته.
تثير صدمات الحياة المختلفة أزمة الهوية وغيرها من المشاكل النفسية غالباً، ولا يجب أن تكون العوامل مروّعة بحد ذاتها، إلا أنها تبقى قادرة على التسبب بالكثير من القلق؛ ما يؤدي إلى شك الفرد في ماهيته ومن يكون وفي قيمته أيضاً.
فيما يلي بعض الأمثلة على مثل هذه المواقف التي من شأنها أن تدفع الفرد إلى أزمة في الهوية:
- الارتباط
- الطلاق أو الانفصال عن شريك حياتك
- الانتقال
- معايشة تجربة رهيبة
- موت أحد الأحباء
- الحصول على عمل أو فقدانه
- مشاكل صحية جديدة
يمكن أن تؤثر هذه العوامل وغيرها على حياتك اليومية وتصورك لذاتك بشكل كبير، إلا أنها ليست العوامل الوحيدة المؤثرة.
معالجة أزمة الهوية
هل أزمة الهوية قابلة للعلاج؟ بكل تأكيد. فلمساعدة الأخصائيين كالاستشاريين وتوجيههم لك القدر ذاته من الفائدة للكثير من الأشياء التي يمكنك ممارستها بهدف التعامل مع أزمة الهوية.
استكشِف ذاتك ومن تكون و جِدْ هويتك
يعد المراهقون أكثر الأشخاص استكشافاً لهويتهم، إذ يعيش العديد منهم تجارب مع شخصيات ومجموعات قيمٍ أخرى مختلفة عن التي شبّوا عليها. يشكل هذا الشيء عنصراً مهماً في النضج، وبدونه يمكن أن يجد البالغ نفسه فاقداً للهوية المختارة عن وعي.
هل سبق وفكرت في هذا؟ حسناً، الآن هو أفضل الأوقات على الإطلاق. يمكنك تجربة الخطوات الآتية:
- ما هي الخصائص التي تعبّر عن شخصيتك اليوم؟
- ما هي خصالك المميزة؟
- فكر في ما تعتبره قيّماً ومهماً. ولماذا؟
- تأمّل كيف تغيرت هذه العوامل خلال حياتك. لماذا حدث هذا؟ وما هو تأثير هذا التغيير عليك عموماً؟
- كن مدركاً للعوامل التي تجعلك ثابتاً
- عندما تشعر وكأنك على وشك الغرق، ما الذي يرفعك و ينقذك؟ هل هم من حولك؟ فكر في هذه الأشياء، لأنها جزء كبير من هويتك بلا شك.
- فكر في روابطك مع من تحب؟ كيف غيرت منك؟ وهل أنت شخص أفضل بسببها ؟
- هل هذه الروابط مهمة لك؟ وكيف تؤثر عليك؟
- إذا كانت علاقاتك غير مفيدة. فكر إذاً بماهيتها وسببها؟ هل لا تحبذ العلاقات؟ هل كنت كذلك؟ وإذا كان جوابك لا، ففكر منذ متى؟
أَدرِك الأشياء التي َتحبها
ليست العلاقات فحسب بل حتى المواهب أيضاً هي ما تُبقي الفرد يستمر في الحياة . خارج نطاق العمل أو المدرسة، فإن علاقاتك الاجتماعية ومواهبك هي من تأخذ الحيّز الأكبر من وقت فراغك؛ يمكن أن يحدث ذلك بعلمك أو دون أن تدري .
تشكل المواهب والاهتمامات جزءاً كبيراً من تكوينك ومن تكون. فكر في هواياتك، لماذا تحبها وكيف يشكلون كيانك. فعدم فهم هذا الأمر يمكن أن يؤدي إلى أزمة الهوية.
كن أكثر موضوعية لتجنب أزمة الهوية
تأمل طويلاً وبعمق بما ستقوله أو تُقدم على فعله قبل أن تتفاعل. هل هذا حقاً ما تريد قوله أو فعله؟ هل يمثل شخصيتك وما أنت عليه؟ أم أنك تتظاهر مجدداً؟ خذ وقتاً كافياً لتفحّص نفسك واسألها بعض الأسئلة عن الأشياء التي تحبها أو لا تحبها بعد الآن.
افرض أسئلة على نفسك وانظر إذا كان باستطاعتك الإجابة عليها مع الوقت، وفيما إذا كانت الأجوبة تساعدك على اكتشاف الأشياء ومعرفتها.
تذكر أنك لست مجبراً على معرفة كل شيء، وأن أجوبتك يمكن أن تتبدل من سنة لأخرى أو أكثر، و أنك لست مضطراً إلى أن تتبع شيئاً ما لمجرد أنك بلغت سناً معيناً أو وفقاً لنوعك الاجتماعي أو مجموعتك العرقية إذا كنت غير مؤمن بما تتبعه.
ابحث وامض قدماً
غيّر طريقة تفكيرك بالمواقف والأحداث الصعبة، وامنح نفسك الوقت الكافي لمعرفة ما الذي يعكر صفوك ويزعجك.
يمكن أن يكون الفقدان والأحداث الانتقالية في الحياة أموراً مؤلمة، إلا أنها تمنحنا فرصة جديدة لتأمل أنفسنا، من نحن وماذا حققنا.
ربما تكون أهدافك وأحلامك الآن مختلفة عما كانت عليه منذ خمس أو عشر سنين انقضت، إلا أن العادة والظروف هي من أعمتك عن هذا التغيير والتحول.
تأمل في الفقدان الذي تعاني منه، كيف أثر عليك وإذا كان لهذا الحدث تأثير على أحلامك وأهدافك؟ هل لا زلت الشخص القديم ذاته؟ وفي حال تغيرت فكّر… كيف حدث هذا؟
عبّر عن نفسك
من الجيد أن تتمرن على التعبير عن الأشياء، المُثل والقيم المهمة لك. إن توقعات الآخرين، مثلها مثل توقعات الفرد ذاته، يمكن أن يكون لها الأثر الكبير على طريقة شعورنا. لكن لا تجعل توقعات المجتمع تحدد من تكون أو ماذا يجب أن يجعلك سعيداً.
كن منفتحاً أمام التغيير والتحديات
قلّما يعود الخوف من التغيير بما هو جيد، وغالباً ما يخاف الأشخاص من التغييرات خاصة تلك الكبيرة منها والتي تبدل من مجرى حياة الفرد.
إلا أن التغيير لا يكون سلبياً بالضرورة. في الواقع، من الطبيعي والجيد أن تتحول ظروفنا وتتغير، وينصح بعض الخبراء أن الاشخاص بإمكانهم تكييف وتعديل هوياتهم عوضاً عن الوقوف في وجه التغيير ومعارضته.
رعاية الذات مهمة جداً لتجنب أزمة الهوية
حاول دائماً أن ترفع من مستوى قبول ووعي ذاتك، واعلم أن الحكم عليها أمرٌ طبيعي و متكرر. ذكّر نفسك أنه في الوقت الذي يقرر فيه شخص ما تحمّل أزمة الهوية، أنت تعمل باتجاه تغييرها.
حدد ما تحب، تكره، قيمك، الأدوار المتعددة التي تلعبها في الحياة ( مع العائلة والأصدقاء) التجارب الإيجابية والسلبية السابقة التي أثرت على تفكيرك وشعورك الحالي تجاه ذاتك وفكر في تطوير الحدود لتحسين وعيك الذاتي .
اعترف بطريقة شعورك وكن على إدراك تام بأن ما تحسه من عواطف هو أمرٌ طبيعي. عامل نفسك كصديق تكنّ له الاحترام والتقدير.
أحط نفسك بنظام دعم
التمس المساعدة من الأصدقاء، الأقارب أو أي شخص أو شيء يساعدك في تعلم المزيد عن أوجه ذاتك أو اهتماماتك.
إذ يمكن أن يساعد وجود دعم اجتماعي مناسب في التأقلم بشكل أفضل مع التغييرات الكبيرة، الضغوطات أو المخاوف إزاء الهوية.
تتوفر العديد من المصادر القادرة على تقديم العون لك، وتشمل:
- أفراد العائلة، الشركاء والأصحاب
- الجيران أو الأماكن الدينية
- مجموعة جديدة تعرفت عليها وتشاركك شغفك
- مجموعة دعم، خاصة إذا كنت تعاني من مشكلة صحية جديدة
- العلاج الفردي أو الجماعي من أجل الصحة النفسية
- الرياضة التي تنطوي على الجماعة
شارك في هوايات جديدة
إذا كنت لا تحقق أي شيء في حياتك، فيمكن أن تشعر بأزمة الهوية. التطوع وتجربة هواية جديدة والتواصل مع الآخرين أو أي مجموعة من النشاطات خارج نطاق عملك يمكن أن توفر لك الرضا. وبدلاً من ذلك، من الممكن أن تكتشف أن العمل الجديد مناسب لشخصيتك أكثر.
إن جودة حياتك ككل تعتمد على تصورك لذاتك، وهدر الوقت والطاقة في التفكير القائم على إطلاق الأحكام لن يفيد إلا في إبعادك عن هذا الشيء.
ربما يستغرق الناس الذين تهتم لأمرهم وقتاً لتقبل أي تعديلات تقوم بها، لكن أن تكون صادقاً مع نفسك سيجعلك سعيداً على المدى الطويل.
إذا أصبح التوتر غير محتمل، اطلب المساعدة المختصة والتي يمكن أن يوفرها لك صديق أو قريب تثق به أو عن طريق خبير صحة نفسية قادر على مساعدتك في حل هذا الموقف والتأقلم معه.
لا تشعر أبداً بالرهبة من التماس المساعدة؛ فالحياة والتغيرات الكبيرة يمكن أن تبعث على الذعر بشكل أساسي؛ لكن كلنا نمر بهذه الظروف.
هل يساعد العلاج النفسي في أزمة الهوية؟
تعد أزمة الهوية مشكلة مرتبطة بالمشاعر وتؤثر على نفسية الفرد أكثر من غيرها. لذا فإن الاستشاريين والمعالجين يمكنهم مساعدتك في أن تكون بمنأى عن هذه الأزمة.
إذاً، نحن كما نحن لأسباب كثيرة، وربما لن نعرف إلا القليل منها. لكن حتى وإن كنا لا نملك القوة في اختيار المكان الذي قدمنا منه، إلا أننا لا نزال قادرين على اختيار وجهتنا انطلاقاً من ذلك المكان، ولا زلنا نستطيع القيام بالكثير من الأشياء ونحاول أن نشعر بالتصالح معها.
عندما تعاني من أزمة هوية، فإن الحديث مع معالج نفسي يعد أعظم طرق المساعدة، إذ يتيح لك العلاج فرصة السؤال والتعامل مع أي من الاستفسارات التي تراودك، بالإضافة إلى اكتشاف نقاط قوتك وما تحمله من قيم، والعمل على رفع مستوى تقديرك لذاتك، ومعالجة الأسباب المحتملة التي أدت إلى نشوء أزمة الهوية في المقام الأول.
عندما يتعلق الأمر بأزمة الهوية، توجد الكثير من النهج التي يمكن اتباعها من خلال العلاج النفسي. العلاج بالكلام يساعد في ذلك عموماً، إلا أن هناك علاجات محددة أكثر قائمة على الأدلة والتي تستخدم بشكل شائع مثل العلاج المعرفي السلوكي، العلاج المرتكز على الفرد وعلاج القبول والالتزام، ويمكن أن يكون العلاج الجماعي مفيداً أيضاً.
تختلف مدة العلاج تبعاً لنوعه، إلا أن معظمها يستغرق من 8 إلى 12 جلسة . لكن يمكن أن يوصي المعالجون أحياناً بالمزيد من الجلسات اعتماداً على احتياجاتك المحددة، كيف يتظاهر المرض النفسي الذي تعانيه وعلى هدف العلاج.
أهمية طلب العلاج
يمكن أن تؤدي مشاكل الهوية إلى الحزن، التشاؤم، الإدمان وغيرها من العواقب السلبية. يوفر العلاج النفسي مساحة آمنة للأشخاص ليتكلموا عن الصعوبات التي يواجهونها عندما يتعلق الأمر بالهوية.
ويستطيع الأفراد التقليل مما يشعرون به من إحباط وتطوير تقنيات السيطرة على المشاكل المرتبطة بهوياتهم، ويجدون أنفسهم يخضعون للعلاج النفسي في نهاية المطاف.
يمكن أن تؤدي بعض الاضطرابات النفسية المحددة إلى تغيير في هوية الفرد مثل:
- الشخص الذي يعاني من الاعتماد المفرط على الآخرين يمكن أن يبني إحساسه بذاته على أساس آراء الآخرين.
- يمكن أن يشعر أي شخص يعاني من الاكتئاب بأنه غير مرغوب به
- يمكن أن يتخيل المرء الذي يعاني من أوهام العظمة أنه شخصية أسطورية أو مشهورة
- يمكن أن ينسى الشخص المصاب بفقدان الذاكرة واسع النطاق من هو تماماً
- يمكن أن يطوّر من يعاني من اضطراب الهوية الانفصالية هويات متعددة تسمى بـ “البدائل”، وتكون هذه البدائل أحياناً ذات شخصيات، سلوكيات وخصائص أخرى مختلفة ومميزة.
يمكن أن تحوي ذاكرة الفرد على ثغرات تنتج عندما تكون هوية أخرى نشطة. يسعى علاج اضطراب الهوية الانفصالية أحياناً إلى توحيد البدائل في ذات واحدة.
تشير الأبحاث إلى أن أولئك الذي يتخذون خطوات باتجاه علاج أزمة الهوية هم أكثر سعادة ممن يحاولون تجاهلها. جد لنفسك الرعاية المتخصصة المعترف بها، فرحلتك باتجاه حياة ذات جودة تبدأ من هناك.
اقرأ أيضاً: نظرية الهوية الاجتماعية وتأثيرها على السلوك
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم