تُعرف الاضطرابات العاطفية على أنها مجموعة من الاضطراباتِ النفسية التي يشكل تغير المزاج والعاطفة العرض الأساسي المشترك فيها وقد يكون ذلك بإتجاه الاكتئاب (مع أو بدون حالة قلق مرافقة) أو بإتجاه المزاج المرتفع (الهوس). غالباً ما تترافق هذه الحالة بتغير في مستوى النشاط وتميل للنكس. تطرأ هذه التغيرات بسرعة (بشكل حاد) أو ببطء (بشكل مزمن) أو بشكل دوري على شكل نوبات. أنواع الاضطرابات العاطفية النوبة الهوسية، الاكتئابية، اضطرابات المزاج المستمرة
يمكن أن تحدث في هذا السياق أيضاً اضطرابات التفكير الشكلية والموضوعية والاختلالات المعرفية والتجارب الذُهانية أحيانًا في نفس الوقت. لوضع التشخيص يتم النظر في جوانب مختلفة على سبيل المثال: الدافع, العفوية, الحاجة إلى النوم, الشهية, الاهتمام الجنسي والحياة الاجتماعية للشخص المعني.
أنواع الاضطرابات العاطـفية، النوبة الهوسية، الاكتئابية، اضـطرابات المزاج المستمرة
أقسام الاضطرابات العاطفية
- نوبة هوسية.
- اضطراب ثنائي القطب.
- نوبة اكتئابية.
- نوبة اكتئابية ناكسة.
- اضطرابات المزاج المستمرة.
نظرة تاريخية
بداية استخدام فلسفة المشاعر وجدت عند ما قبل السقراطيين وقد وصف أرسطو المشاعر بأنها تحركات الروح المترافقة بالرغبة أو الألم. ذكر مصطلح الميلانخوليا (السوداوية / الاكتئاب) ضمن نظرية الأخلاط الأربعة القديمة في مدونة ابقراطيوم 500 ق.م (corpus hippocraticum). حيث وصف حالة عقلية أو روحية قانطة وحزينة يتموضع سببها في الجسم بسبب زيادة العصارة السوداء.
كما تصف النظرية التوازن بين الأخلاط الأربعة (الدم, البلغم, العصارة السوداء, العصارة الصفراء). حيث يلعب كل منهم دوراً مميزاً ويتميز التوازن بينها بكونه فردياً. يلعب الميلانخولين دوراً مهماً في الأدب الغير طبي، حيث يتمتعون في نظر ارسطو بتقدير خاص، لكونهم غير اعتيادين و نابغين.
ظهر في عام 1621 كتاب روبرت بيرتون “تشريح الميلانخوليا” والذي يشرح فيه عن الوجود المطلق للكآبة, حيث يُعتبر الكتاب الكلاسيكي عن الميلانخوليا.
أنواع الاضطرابات العاطفية، النوبة الهوسية، الاكتئابية، اضطراباتِ المزاج المستمرة
الهوس (Mania)
وتعني اساساً الكون خارج الذات بمعنى النشوة والجذل. وصفها سقراط بأنها اضطراب حُمّيّ (من الحُمّى) في الروح. ولم يتم استخدام الميلانخوليا والهوس في العصر القديم بشكل متضاد، فقد تم وصفهم بأنهم جوانب مختلفة لحالات روحية بارزة. تغير ذلك في العصور الوسطى، حيث أصبحت الميلانخوليا تتميز بالحزن والوسواس، بينما يتميز الهوس بالجنون وغياب الحزن. وتم فهم كلا الحالتين حينها ضمن إطار أمراض جسدية، حيث استمر الاعتقاد القديم بأن سبب الميلانخوليا هو العصارة السوداء (Black Bile).
أنواع الاضطرابات العاطفية، النوبة الهوسية، الاكتئابية، اضطراباتِ المزاج المستمرة
هُجرت القناعة القائلة بالأسباب الجسدية للميلانخوليا والهوس في الأجزاء المتأخرة من العصور الوسطى، حيث ساد الاعتقاد بالمس الشيطاني.
في عام 1913 قسم الطبيب النفسي الألماني كريبيلين الميلانخوليا إلى تصنيفات اكتئابية اسماها “الجنون الهوسي الاكتئابي”. و في عام 1961 وصف الطبيب النفسي الألماني “هوبيرتوس تيلينباخ” بنية معينة للشخصية والتي تؤهب لتطور الميلانخوليا (الترتيب، الدقة والاحتراز) واسماها بالنمط الميلانخولي (Typus Melancholicus).
اُستخدم مصطلح الاكتئاب سابقاً لوصف حالة غير محددة من الاستنزاف والاعتلال العام للوظائف النفسية كمصطلح عام. بعد ذلك تم تقسيم الاكتتاب حسب كونه جسدي، نفسي أو داخلي المصدر. حيث يعتبر هذا التقسيم الآن قديماً وينظر حالياً إلى الاكتئاب كونه حالة متعددة الأسباب والعوامل ويقسم إلى اكتئاب احادي أو ثنائي القطب.
أنواع الاضطرابات العاطفية، النوبة الهوسية، الاكتئابية، اضطرابات المزاج المستمرة
نظرة وبائية حول الاضطرابات العاطفية
تعد الاضطراباتِ العاطفية من أكثر الأمراض النفسية انتشاراً. تختلف الأرقام حسب الدراسات والبلدان والثقافات، لكن يعاني 5-10% من سكان ألمانيا (4 مليون شخص) من الاكتئاب المستلزم للمعالجة. حيث يصاب10-20% من السكان بالاكتئاب على الأقل مرة خلال حياتهم، وترتفع النسبة إلى 42% في حال وجود أمراض جسدية مرافقة.
تصاب النساء بالاكتئاب أحادي القطب مقارنة بالرجال بنسبة تصل للضعف، لكن لا يوجد اختلاف في حالة الاكتئاب ثنائي القطب.
متوسط عمر الإصابة الأولى بالاكتئاب أحادي القطب هي 30-45 سنة، بينما يكون 17-30 سنة في حال الاكتئاب ثنائي القطب. كما يعد اكتئاب الحياة المتأخرة (عند من تجاوز سن الـ 65) أكثر الأمراض النفسية انتشاراً عند هذه الفئة.
264 مليون شخص مصابون بالاكتئاب حول العالم وقد يؤدي في أسوأ الحالات إلى الانتحار. حيث ينتحر 800 ألف شخص سنوياً حول العالم. يعتبر الانتحار السبب الثاني للوفاة عند الشباب في عمر 15-29 ويحصل 79% من حالات الانتحار في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
على الرغم من وجود علاجات فعالة للأمراض النفسية والاضطرابات العاطفية. فإن 76-85% من الناس في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط لا يتلقون أي معالجة بسبب نقص الموارد والطواقم المدربة بالاضافة للوصمة الاجتماعية المرتبطة بهذه الأمراض.
في ألمانيا لا يراجع نصف المصابين بالاكتئاب الطبيب، كما لا يتم اكتشاف نصف الحالات من قبل طبيب الأسرة.
في ألمانيا ارتفعت نسبة الإجازات المرضية بسبب الاضطرابات العاطفية والأمراض النفسية من 14,6% في عام 2013 إلى 17,1% في عام 2019. لتحتل بذلك المرتبة الثانية بعد أمراض العضلات والجهاز الحركي، ومن خلال ذلك يمكن رؤية التأثير الاقتصادي لهذه الأمراض.
المصدر: كتاب Duale Reihe Psychiatrie, Psychosomatik und Psychotherapie، لتحميل الكتاب انقر هنا.